«زيكا» يثير مخاوف العالم.. والبرازيل تنشر 200 ألف جندي للتوعية

السعودية تكثف جهودها في مكافحة البعوض برش المبيدات خارج النطاق العمراني

الرئيسة البرازيلية ديلماروسيف في احد لقاءاتها ضمن حملة لمكافحة فيروس {زيكا} في ريو دي جانيرو أمس (رويترز)
الرئيسة البرازيلية ديلماروسيف في احد لقاءاتها ضمن حملة لمكافحة فيروس {زيكا} في ريو دي جانيرو أمس (رويترز)
TT

«زيكا» يثير مخاوف العالم.. والبرازيل تنشر 200 ألف جندي للتوعية

الرئيسة البرازيلية ديلماروسيف في احد لقاءاتها ضمن حملة لمكافحة فيروس {زيكا} في ريو دي جانيرو أمس (رويترز)
الرئيسة البرازيلية ديلماروسيف في احد لقاءاتها ضمن حملة لمكافحة فيروس {زيكا} في ريو دي جانيرو أمس (رويترز)

كشف خبراء أميركيون أن فيروس زيكا، الذي ينقله البعوض، يمكن رصده في السائل المنوي لمدة 62 يوما بعد إصابة الشخص به، علاوة على إمكانية الكشف عنه في أنسجة دماغ الجنين والمشيمة والسائل المحيط بالجنين.
وتشير الدراسة إلى أن الفيروس قد تكون له خاصية إخفاء نفسه في أجزاء من الجسم محمية من جهاز المناعة، مما يجعل من الصعب محاربته وربما إطالة الفترة الزمنية التي يمكن أن ينتقل خلالها. وعن الاكتشاف الأخير، قال الطبيب ايان ليبكين، من مركز الأمراض المعدية والمناعة في جماعة كولومبيا بنيويورك، إن القلق الرئيسي إزاء اختباء فيروس زيكا في الأماكن المحمية من جهاز المناعة يتمثل في إمكانية انتقاله أثناء ممارسة الجنس عن طريق السائل المنوي.
إلى ذلك، قال الطبيب أنتوني فاوسي، مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية: «حاليا نعلم أنه يبقى في الدم لفترة محدودة للغاية ما بين أسبوع إلى نحو عشرة أيام. نعلم ونحن نجمع المعلومات أنه يمكن رصده في السائل المنوي. لسنا متأكدين تماما أين يمكن رصده أيضا بعد أن تتضح الإصابة به».
والكثير من أعضاء الجسم بما في ذلك الخصيتان والعينان والمشيمة والمخ محمية من محاولات جهاز المناعة صد أي أجسام خارجية. وهذه الأعضاء محمية من الأجسام المضادة لمنع جهاز المناعة من مهاجمة الأنسجة الحيوية، وإذا دخل فيروس هذه الأعضاء يكون من الصعب محاربتها.
كما قال الطبيب ويليام شافنر، الخبير في الأمراض المعدية بالمركز الطبي في جامعة فاندربيلت بناشفيل: «يمكن للفيروس الاستمرار والتكاثر». وقال فاوسي إنه ليس مفاجئا أن يكمن الفيروس زيكا في السائل المنوي.
والعمل الذي يقوم به الباحثون جزء من سباق دولي لفهم المخاطر المرتبطة بالفيروس الذي ينقله البعوض ويعتقد أنه مرتبط بآلاف الحالات من تشوه الأجنة في البرازيل.
وفي جهود للوقاية من زيكا، قامت وزارة الزراعة في السعودية بالرش الأرضي والجوي بالمبيدات لمكافحة البعوض خارج النطاق العمراني كإجراء احترازي للوقاية من الفيروس. كما قامت بالاستكشاف الحشري للبعوض الناقل وغيره من أنواع البعوض قبل تنفيذ أعمال الرش وبعد التنفيذ لتقييم فعالية الرش، وذلك بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.
وأوضح الدكتور علي آل سرار، المستشار المشرف العام على الوقاية والخدمات الزراعية بوكالة الوزارة للزراعة، أن الإصابة بفيروس زيكا في أفريقيا والأميركيتين تنتشر في المناطق المدارية التي ينتشر فيها البعوض الناقل للفيروس، حيث يصاب الناس بهذا المرض نتيجة للتعرض للدغ البعوض الحامل للفيروس من نوع الأيدس إجيبتاي (الزاعجة المصرية)، وهو البعوض نفسه الناقل للعديد من الأمراض مثل حمى الضنك، والحمى الصفراء، ومرض الشيكونجونيا، مشيرا إلى زيادة عدد الإصابات في الآونة الأخيرة بهذا الفيروس في أميركا الجنوبية وعلى وجه الخصوص في البرازيل.
وأكد الدكتور آل سرار أن السعودية لم تسجل أي حالات إصابة بفيروس زيكا، مؤكدا ضرورة الحذر واتخاذ الاحتياطات اللازمة بتكثيف مكافحة البعوضة الناقلة لهذا الفيروس الموجودة في معظم مناطق المملكة، وينتشر العديد من أنواع البعوض الناقل للأمراض الوبائية في مناطق ومحافظات المملكة.
وأفاد بأن أول حالات سجلت لحمى الوادي المتصدع في منطقة جازان كانت في سبتمبر (أيلول) من عام 2000، وينقل هذا المرض نوعين من البعوض (الكيولكس والأيدس)، وهو مرض مشترك يصيب الإنسان والأغنام والإبل والماعز. وبعد ذلك بعدة سنوات في عام 1427هـ سجل تفشي مرض حمى الضنك في مدينة جدة، وانتشر حتى وصل إلى العاصمة المقدسة، والطائف، والقنفذة، والليث، وجازان، ونجران، والمدينة المنورة، ووجود الناقل الحامل للفيروس في منطقة ما يجعل انتشار المرض أمرا محتملا.
وأشار آل سرار إلى أن وزارة الزراعة السعودية تعد من أول القطاعات الحكومية التي أسهمت في مكافحة أنواع البعوض عن طريق قيامها بالرش الأرضي والجوي بالمبيدات لمكافحة البعوض خارج النطاق العمراني والقيام بالاستكشاف الحشري للبعوض الناقل وغيره من أنواع البعوض قبل تنفيذ أعمال الرش وبعد التنفيذ لتقييم فعالية الرش، مبينا أن التنسيق قائم بين الوزارة والجهات الأخرى ذات العلاقة من خلال اللجان المشتركة في العديد من مناطق المملكة، التي يتم من خلالها توزيع وتحديد المهام المنوطة بكل جهة مثل وزارة الشؤون البلدية والقروية، ووزارة الصحة، وأمانات المدن.
ونوه آل سرار بجهود وزارة الزراعة التي تسهم في المكافحة داخل النطاق العمراني عند حاجة الأمانات للدعم بالرش الأرضي من خلال فرق أرضية، كما تقوم الوزارة بأعمال الرش الجوي لمكافحة العديد من نواقل الأمراض مثل البعوض الناقل لمرض حمى الوادي المتصدع في جازان منذ عام 2000 وحتى الآن، بالإضافة للرش الأرضي ومكافحة البعوض الناقل للملاريا.
وتقوم الوزارة بدعم الأمانات والبلديات في بعض مناطق المملكة بالرش الجوي لبحيرات الصرف الصحي لمكافحة أنواع البعوض المنتشرة في مناطق مثل الجوف، وتبوك، والمدينة المنورة، كما تقوم بنشر المصائد لعمل تقييم لأعمال الرش وللتعرف على التغير في أعداد البعوض خلال الموسم، حيث توجد في محافظة جدة 8 فرق للاستكشاف الحشري وفي مكة المكرمة 5 فرق.
وبدورها، نشرت السلطات البرازيلية ما يزيد على 200 ألف جندي في أنحاء البلاد في إطار إجراءاتها لمواجهة فيروس زيكا. ومن المقرر أن يزور الجنود ملايين المنازل للتوعية بأخطار المرض.
وكانت رئيسة البرازيل ديلما روسيف قد أعلنت «حربا على المرض» في وقت سابق، مطالبة المواطنين بالمشاركة بفعالية في إجراءات الحد من انتشاره. وقالت إن هذا هو السبيل الوحيد لإيقاف المرض لحين التوصل إلى لقاح فعال. وأجرى مسؤولو الصحة زيارات ميدانية لأكثر من 20 مليون منزل لإزالة مصادر المياه الراكدة، حيث يتكاثر البعوض.
يذكر أن معهد الصحة الوطني في كولومبيا أعلن أمس عن رصد أكثر من خمسة آلاف سيدة كولومبية حامل أصبن بالفيروس. إذ أوضح المعهد في نشرته الخاصة بالأوبئة أن حالات الإصابة بالمرض في كولومبيا وصلت إلى 31555 حالة من بينها 5013 امرأة حاملا.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.