علاوي والصدر يقللان من أهمية إصلاحات العبادي ونياته بتشكيل حكومة «تكنوقراط»

برلمانيون يطالبون رئيس الوزراء بالجدية وكشف معايير الاختيار

جندي عراقي يزور ملجأ العامرية في بغداد كان حوالي 400 مدني عراقي قتلوا فيه نتيجة قصفه بالطائرات الاميركية عام 1991 (أ.ف.ب)
جندي عراقي يزور ملجأ العامرية في بغداد كان حوالي 400 مدني عراقي قتلوا فيه نتيجة قصفه بالطائرات الاميركية عام 1991 (أ.ف.ب)
TT

علاوي والصدر يقللان من أهمية إصلاحات العبادي ونياته بتشكيل حكومة «تكنوقراط»

جندي عراقي يزور ملجأ العامرية في بغداد كان حوالي 400 مدني عراقي قتلوا فيه نتيجة قصفه بالطائرات الاميركية عام 1991 (أ.ف.ب)
جندي عراقي يزور ملجأ العامرية في بغداد كان حوالي 400 مدني عراقي قتلوا فيه نتيجة قصفه بالطائرات الاميركية عام 1991 (أ.ف.ب)

لم تمضِ 24 ساعة على إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي نيته تشكيل لجنة لاختيار وزراء «تكنوقراط» لإدارة الحكومة، إلا وجاءت ردود الفعل الغاضبة والمهاجمة له من بعض رموز الشارع السياسي العراقي، حيث أمهل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر العبادي 45 يومًا للقيام بالإصلاحات المطلوبة، أما زعيم ائتلاف الوطنية إياد علاوي أعلن تحفظه على دعوة العبادي. وقال علاوي في بيان له أمس إن الحكومة الحالية بحاجة لإصلاحات عميقة، مستغربًا من نيات رئيس الوزراء تشكيل لجنة لاختيار وزراء «تكنوقراط» رغم أن العبادي نفسه وصف الحكومة الحالية بـ«حكومة تكنوقراط».
وأضاف علاوي في بيانه: «مؤشرات الاختلالات البنوية والوظيفية للحكومة القائمة والحاجة إلى معالجات عميقة وشاملة تسجل يوميًا، والعبادي كان قد وصف حكومته الحالية بأنها حكومة تكنوقراط، وجلهم من حملة الشهادات العليا لدى عرضها على مجلس النواب»، وجاء علاوي في بيانه متسائلاً عن التوقيت المفاجئ لنية العبادي للإصلاحات، بقوله: «سبب تسجيل العبادي فشل حكومته، وطلبه استبدال بها بحكومة تكنوقراط جديدة».
وأكد رئيس ائتلاف الوطنية، ومعالجة الاختلالات وتصويب المسارات لا يرتبط بتغيير الوزارة. ودعا العبادي إلى وضع خريطة طريق تعدل انحرافات العملية السياسية (كما وصفها)، وتفتح الطريق أمام الخروج من الطائفية السياسية، وتحقيق المصالحة الوطنية، وبناء المؤسسات المهنية الناجزة بما يفضي إلى تعزيز سلطة الدولة لا سلطة الجهة.
وشدد علاوي على ضرورة «تحرير المناطق المغتصبة وكبح جماح الميليشيات، وإعادة النازحين ومحاسبة المفسدين، وتصحيح الأوضاع الاقتصادية للعراق وغيرها، وملاحظة الوضع الإقليمي والدولي المعقد»، عادا أن «ذلك يستلزم وقفة سياسية استثنائية ومقتدرة لوضع خريطة الشروع لتحقيق الإصلاحات، والإتيان بحكومة قادرة على التنفيذ وليس الهروب من الاستحقاقات وشراء الوقت».
أما مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري، فقد دعا من جهته لتشكيل حكومة تكنوقراط «بعيدة عن حزب السلطة والتحزب» برئاسة رئيس الحكومة الحالي حيدر العبادي، وفريق سياسي يضم سياسيًا وطنيًا مستقلاً وقاضيًا معروفًا بحياديته».
وقال الصدر في كلمة تلفزيونية له، أمس، تزامنت معها تظاهرات في ساحة التحرير وسط بغداد لأنصاره تأييدًا له: «المواطن استبشر خيرًا حينما سمع بالإصلاحات الأخيرة التي حظيت بوافر الدعم من لدن المرجعية والشعب والمتظاهرين المدنيين والإسلاميين بل وحظيت بالدعم البرلماني والحكومي ولو على مضض، كما حصل في الدعم الدولي بجميع توجهاته الشرقية والغربية التي عجزت عن الوقوف ضد الإصلاحات ولم تتمكن إلا من تأييده بطبيعة الحال».
وأمهل الصدر رئيس الحكومة 45 يومًا لتنفيذ الإصلاحات وتقديم برنامج ومنهج حكومي يطبق خلال سنة، مهددا بـ«سحب الثقة من العبادي داخل قبة البرلمان في حال عدم تطبيق تلك الإصلاحات خلال تلك المدة». وفي هذا السياق أكد عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون صادق اللبان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «العبادي طرح مشروعًا للإصلاح وقد أيدناه لا سيما أنه يشمل تغييرًا وزاريًا شاملاً، لكن المعايير تغشوها الضبابية» وقال: «ما نريد معرفته منه هو ما المعايير التي سوف يتبعها، سواء في اختيار الوزراء أو خطة الإصلاح وما الآليات، إذ إن الكتل السياسية بمن فيها كتلتنا التي ينتمي إليها العبادي نفسه بحاجة إلى معرفة كل ذلك لكي نباشر بالفعل بعملية التغيير التي باتت مطلوبة بقوة من قبل الشعب والمرجعية الدينية».
وأضاف اللبان: «المطلوب من الكتل السياسية أن لا تواجه إصلاحات العبادي بمجموعة من الشروط والعراقيل بل يفترض بها التصويت على الحكومة، ومن ثم القيام بمراقبة أدائها، لا سيما أن هذه الدعوة إلى الإصلاح تكاد تكون هي الطلقة الأخيرة، فإما أن تكون رصاصة الرحمة على هذه الحكومة أو منطلقًا للنجاح».
أما عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية انتصار الجبوري فقد دعت إلى أن تكون هناك معارضة داخل البرلمان أو حكومة ظل برلمانية من خلال عدم المشاركة في الحكومة والقيام بمراقبة أدائها وسحب الثقة منها، في حال لم تقتنع بهذا الأداء. وقالت الجبوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «كتلة تحالف القوى العراقية طالبت منذ البداية بأن يتم تشكيل الحكومة على أساس الخبرة والنزاهة والكفاءة، علما بأن العبادي كان أعلن عند تشكيله الحكومة أنه سيلجأ إلى التكنوقراط، لكن المحصلة كانت الفشل التام، وهو ما جعلنا نُصاب باليأس، والمفروض أن يتولى رئيس الوزراء لا الكتل السياسية اختيار الوزراء حتى يكون قادرا على محاسبتهم وهو ما لم يحصل لأن الوزير يقوم بتمويل جزء مما يرد الكتلة التي ينتمي إليها من أموال».
وفي الشأن ذاته، أكدت عضو البرلمان العراقي عن التحالف الكردستاني أشواق الجاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المشكلة أننا ندور في حلقة مفرغة»، مضيفة: «حيث جميعنا يريد حكومة تكنوقراط ونزاهة وكفاءة، ولكن المحصلة شكاوى متبادلة بين الكتل السياسية مرة وبين رئيس الوزراء، في وقت لا يبدو فيه الشارع راضيًا عن الطرفين».
وأضافت الجاف أن «العبادي تعهد منذ البداية بأنه سيشكل حكومة تكنوقراط، لكنه في النهاية قبل بترشيحات الكتل السياسية، وهو أمر لا بد أن تكون نتيجته الفشل في تلبية ما يريده الشارع من إصلاحات حقيقية».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.