لم تمضِ 24 ساعة على إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي نيته تشكيل لجنة لاختيار وزراء «تكنوقراط» لإدارة الحكومة، إلا وجاءت ردود الفعل الغاضبة والمهاجمة له من بعض رموز الشارع السياسي العراقي، حيث أمهل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر العبادي 45 يومًا للقيام بالإصلاحات المطلوبة، أما زعيم ائتلاف الوطنية إياد علاوي أعلن تحفظه على دعوة العبادي. وقال علاوي في بيان له أمس إن الحكومة الحالية بحاجة لإصلاحات عميقة، مستغربًا من نيات رئيس الوزراء تشكيل لجنة لاختيار وزراء «تكنوقراط» رغم أن العبادي نفسه وصف الحكومة الحالية بـ«حكومة تكنوقراط».
وأضاف علاوي في بيانه: «مؤشرات الاختلالات البنوية والوظيفية للحكومة القائمة والحاجة إلى معالجات عميقة وشاملة تسجل يوميًا، والعبادي كان قد وصف حكومته الحالية بأنها حكومة تكنوقراط، وجلهم من حملة الشهادات العليا لدى عرضها على مجلس النواب»، وجاء علاوي في بيانه متسائلاً عن التوقيت المفاجئ لنية العبادي للإصلاحات، بقوله: «سبب تسجيل العبادي فشل حكومته، وطلبه استبدال بها بحكومة تكنوقراط جديدة».
وأكد رئيس ائتلاف الوطنية، ومعالجة الاختلالات وتصويب المسارات لا يرتبط بتغيير الوزارة. ودعا العبادي إلى وضع خريطة طريق تعدل انحرافات العملية السياسية (كما وصفها)، وتفتح الطريق أمام الخروج من الطائفية السياسية، وتحقيق المصالحة الوطنية، وبناء المؤسسات المهنية الناجزة بما يفضي إلى تعزيز سلطة الدولة لا سلطة الجهة.
وشدد علاوي على ضرورة «تحرير المناطق المغتصبة وكبح جماح الميليشيات، وإعادة النازحين ومحاسبة المفسدين، وتصحيح الأوضاع الاقتصادية للعراق وغيرها، وملاحظة الوضع الإقليمي والدولي المعقد»، عادا أن «ذلك يستلزم وقفة سياسية استثنائية ومقتدرة لوضع خريطة الشروع لتحقيق الإصلاحات، والإتيان بحكومة قادرة على التنفيذ وليس الهروب من الاستحقاقات وشراء الوقت».
أما مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري، فقد دعا من جهته لتشكيل حكومة تكنوقراط «بعيدة عن حزب السلطة والتحزب» برئاسة رئيس الحكومة الحالي حيدر العبادي، وفريق سياسي يضم سياسيًا وطنيًا مستقلاً وقاضيًا معروفًا بحياديته».
وقال الصدر في كلمة تلفزيونية له، أمس، تزامنت معها تظاهرات في ساحة التحرير وسط بغداد لأنصاره تأييدًا له: «المواطن استبشر خيرًا حينما سمع بالإصلاحات الأخيرة التي حظيت بوافر الدعم من لدن المرجعية والشعب والمتظاهرين المدنيين والإسلاميين بل وحظيت بالدعم البرلماني والحكومي ولو على مضض، كما حصل في الدعم الدولي بجميع توجهاته الشرقية والغربية التي عجزت عن الوقوف ضد الإصلاحات ولم تتمكن إلا من تأييده بطبيعة الحال».
وأمهل الصدر رئيس الحكومة 45 يومًا لتنفيذ الإصلاحات وتقديم برنامج ومنهج حكومي يطبق خلال سنة، مهددا بـ«سحب الثقة من العبادي داخل قبة البرلمان في حال عدم تطبيق تلك الإصلاحات خلال تلك المدة». وفي هذا السياق أكد عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون صادق اللبان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «العبادي طرح مشروعًا للإصلاح وقد أيدناه لا سيما أنه يشمل تغييرًا وزاريًا شاملاً، لكن المعايير تغشوها الضبابية» وقال: «ما نريد معرفته منه هو ما المعايير التي سوف يتبعها، سواء في اختيار الوزراء أو خطة الإصلاح وما الآليات، إذ إن الكتل السياسية بمن فيها كتلتنا التي ينتمي إليها العبادي نفسه بحاجة إلى معرفة كل ذلك لكي نباشر بالفعل بعملية التغيير التي باتت مطلوبة بقوة من قبل الشعب والمرجعية الدينية».
وأضاف اللبان: «المطلوب من الكتل السياسية أن لا تواجه إصلاحات العبادي بمجموعة من الشروط والعراقيل بل يفترض بها التصويت على الحكومة، ومن ثم القيام بمراقبة أدائها، لا سيما أن هذه الدعوة إلى الإصلاح تكاد تكون هي الطلقة الأخيرة، فإما أن تكون رصاصة الرحمة على هذه الحكومة أو منطلقًا للنجاح».
أما عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية انتصار الجبوري فقد دعت إلى أن تكون هناك معارضة داخل البرلمان أو حكومة ظل برلمانية من خلال عدم المشاركة في الحكومة والقيام بمراقبة أدائها وسحب الثقة منها، في حال لم تقتنع بهذا الأداء. وقالت الجبوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «كتلة تحالف القوى العراقية طالبت منذ البداية بأن يتم تشكيل الحكومة على أساس الخبرة والنزاهة والكفاءة، علما بأن العبادي كان أعلن عند تشكيله الحكومة أنه سيلجأ إلى التكنوقراط، لكن المحصلة كانت الفشل التام، وهو ما جعلنا نُصاب باليأس، والمفروض أن يتولى رئيس الوزراء لا الكتل السياسية اختيار الوزراء حتى يكون قادرا على محاسبتهم وهو ما لم يحصل لأن الوزير يقوم بتمويل جزء مما يرد الكتلة التي ينتمي إليها من أموال».
وفي الشأن ذاته، أكدت عضو البرلمان العراقي عن التحالف الكردستاني أشواق الجاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المشكلة أننا ندور في حلقة مفرغة»، مضيفة: «حيث جميعنا يريد حكومة تكنوقراط ونزاهة وكفاءة، ولكن المحصلة شكاوى متبادلة بين الكتل السياسية مرة وبين رئيس الوزراء، في وقت لا يبدو فيه الشارع راضيًا عن الطرفين».
وأضافت الجاف أن «العبادي تعهد منذ البداية بأنه سيشكل حكومة تكنوقراط، لكنه في النهاية قبل بترشيحات الكتل السياسية، وهو أمر لا بد أن تكون نتيجته الفشل في تلبية ما يريده الشارع من إصلاحات حقيقية».
علاوي والصدر يقللان من أهمية إصلاحات العبادي ونياته بتشكيل حكومة «تكنوقراط»
برلمانيون يطالبون رئيس الوزراء بالجدية وكشف معايير الاختيار
علاوي والصدر يقللان من أهمية إصلاحات العبادي ونياته بتشكيل حكومة «تكنوقراط»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة