ملك الأردن يدعو لوقف القتال في سوريا ومحاربة الجماعات الإرهابية في أفريقيا وآسيا

أكد أن الانتصار في الحرب على «داعش» يتطلب مزيدًا من الجهد

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني وحديث جانبي مع وزيرة الدفاع الألمانية في ميونيخ (أ.ف.ب)
العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني وحديث جانبي مع وزيرة الدفاع الألمانية في ميونيخ (أ.ف.ب)
TT

ملك الأردن يدعو لوقف القتال في سوريا ومحاربة الجماعات الإرهابية في أفريقيا وآسيا

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني وحديث جانبي مع وزيرة الدفاع الألمانية في ميونيخ (أ.ف.ب)
العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني وحديث جانبي مع وزيرة الدفاع الألمانية في ميونيخ (أ.ف.ب)

أكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ضرورة انتصار التحالف الدولي في سوريا والعراق؛ للقضاء على تنظيم داعش وهي مصلحة استراتيجية أساسية وتتطلب تكاملا في جهودنا، وهو الأمر الذي يمثل أولوية في المنطقة العربية.
وقال الملك عبد الله الثاني أمس الجمعة، في خطاب أمام المشاركين في أعمال الدورة الثانية والخمسين لمؤتمر ميونيخ للأمن إن الانتصار في هذه الحرب من أجل المستقبل يتطلب منا أن نبذل المزيد وعلينا أن نعترف أن هذه العصابة ليست سوى جزء من تهديد عالمي أكبر.
وأكد في حديثه بقوله: «علينا أن ندرك أننا بدأنا فعلا خوض الحرب القادمة، وهي صراع جديد ومعقد من أجل المستقبل» واصفا الأمر بأنه «حرب عالمية ثالثة ولكن بوسائل أخرى» مشيرا إلى حجم التهديد الذي يأخذ طابعا عالميا يؤثر على المجتمع الدولي بأسره، وأن ما تشترك به مثل هذه الحروب، هو قدرتها على أن تكون عاملا في إحداث تغييرات هائلة. فالنصر أو الهزيمة في هذه الحرب سيشكل منظومة القيم العالمية، ويحدد طبيعة أمننا وأسلوب حياتنا لفترة طويلة قادمة، وعلى امتداد القرن الحادي والعشرين.
وحمل العاهل الأردني في كلمته في مؤتمر ميونيخ للأمن العرب والمسلمين مسؤولية تصدر مجابهة ومواجهة من وصفهم بـ«الخوارج» مضيفًا: «فهذه حرب لحماية ديننا الحنيف، وقيمنا، ومستقبل شعوبنا في النهاية، إن هذا الجهد يتطلب شراكات دولية واسعة، لأنه عالمي الطابع من حيث اتساع مداه لأن جميع الشعوب مهددة من فكر هؤلاء الخوارج، القائم على العنف وازدراء قيمة الحياة البشرية».
وقال الملك عبد الله بأنه لمواجهة هذا التهديد، يجب على الدول أن تلتزم وتتمسك بالأفكار التي توحدها في هذه الحرب وقال مضيفًا: «إن أزمة اللاجئين السوريين تعد قضية ملحة تستحق الاهتمام، فهي من أكبر المآسي الإنسانية في عصرنا، وقد رأينا آثارها على شواطئنا وحدودنا» مؤكدا أن على العالم أن يوحد جهوده على المسار الدبلوماسي ووقف القتل في سوريا إذا أردنا أن نمضي قدما نحو حل سياسي للأزمة هناك، يحمي استقلال ووحدة سوريا، ويمكن الشعب السوري من العيش بكرامة والتمتع بالحقوق التي يستحقها مشيرا إلى أن التوصل لهذا الحل السياسي هو المفتاح لنكسب هذه الحرب، وهو ما سيمكننا من تركيز جهودنا على التهديد العالمي للإرهاب.
وأكد العاهل الأردني عبد الله الثاني على ضرورة دعم الحكومة العراقية في جهودها لتحرير المدن والقرى من سيطرة تنظيم «داعش»، وهو أمر يتطلب دعم خطوات جادة نحو تحقيق المصالحة الوطنية في العراق وأضاف: «إذ لا ينبغي أن نسمح باستغلال الاختلافات الطائفية والدينية لتنفيذ أجندات سياسية أو كسب النفوذ والسلطة».
وبالنسبة للقضية الفلسطينية قال: «لا يمكن للمجتمع الدولي الحديث عن الحقوق والعدالة العالمية، فيما يستمر حرمان الفلسطينيين من حقهم في إنشاء دولتهم لقد أدى هذا الفشل إلى حالة من الظلم والقهر، تستغلها داعش وأمثالها من العصابات الإرهابية.. إن ترك الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، دون حل، سيحوله إلى صراع ديني على نطاق عالمي. وهي مسألة وقت فقط، قبل أن نواجه احتمال اندلاع حرب جديدة في غزة أو في جنوب لبنان، لذلك، يبقى حل الدولتين الأولوية لنا جميعا».
ودعا الملك عبد الله إلى عدم تجاهل التحديات في منطقة البلقان، وقال: «تلك المنطقة والتي تستحق دولها، ذات الأغلبية المسلمة، دعمنا لاستباق خطر التطرف وأن تنفتحوا على دول البوسنة والهرسك وألبانيا وكوسوفو بحيث تكون هذه الدول، إضافة إلى دول أخرى في منطقة البلقان، جزءا رئيسيا من تكوين أوروبا، وإحدى دعائم أمنكم وازدهاركم، ونماذج للتعايش والاعتدال والتسامح، وليكونوا بذلك الجبهة المدافعة عن استقراركم في أوروبا».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.