كلينتون تتفوق على منافسها ساندرز خلال المناظرة السادسة للحزب الديمقراطي

ركزت على كسب أصوات السود والمهاجرين الإسبان.. وتطوير الخدمات الصحية

كلينتون تتفوق على منافسها ساندرز خلال المناظرة السادسة للحزب الديمقراطي
TT

كلينتون تتفوق على منافسها ساندرز خلال المناظرة السادسة للحزب الديمقراطي

كلينتون تتفوق على منافسها ساندرز خلال المناظرة السادسة للحزب الديمقراطي

بعد خسارتها في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في ولاية نيو هامشير الثلاثاء الماضي، اعتمدت المرشحة الجمهورية المحتملة هيلاري كلينتون على خطة هجومية ضد منافسها السيناتور بيرني ساندرز، تهدف إلى التقليل من الشعبية التي اكتسبها خلال الأسابيع الماضية، حيث وجهت إليه انتقادات لاذعة بخصوص مقترحاته للسياسة الداخلية فيما يتعلق بنظم الرعاية الصحية والعدالة الجنائية. وتألقت كلينتون بشكل كبير خلال المناظرة السادسة للحزب الجمهوري حينما اتجه النقاش إلى السياسة الخارجية، حيث بدت أكثر تمكنا ووعيا بالقضايا الخارجية مقارنة بمنافسها، في محاولة لإقناع الديمقراطيين بأنها الأكثر قدرة وكفاءة للفوز بترشيح الحزب في الانتخابات الرئاسية.
وخلال المناظرة، التي استضافتها شبكة «بي بي إس» مساء أول من أمس، من جامعة ويسكونسن بمدينة ميلووكي، هاجمت كلينتون مقترحات ساندرز فيما يتعلق بالرعاية الصحية ونظم العدالة الجنائية، وبدت أكثر حدة في مواجهة خصمها الاشتراكي، الذي يدعو إلى ثورة سياسية، وبدت أكثر هدوءا في مناقشاتها.
وانتقدت كلينتون مقترحات ساندرز حول التأمين الصحي الشامل، وقالت في هذا الصدد إن «كل رجال الاقتصاد الذين حللوا الاقتراح رأوا أنه مكلف للغاية»، مشيرة إلى أن برنامجها، في المقابل، يعتمد على إصلاح نظام التأمين الصحي بشكل تدريجي.
وفي مداخلتها سعت كلينتون إلى سحب البساط من تحت أقدام منافسها ساندرز، الذي اجتذب الكثير من أصوات الشباب، بمقترحات حول فرض التعليم المجاني في الجامعات، والتخلي عن النفقات الجامعية الباهظة، وقالت بهذا الخصوص إن «مقترحات ساندرز غير واقعية ومحاولة لإخفاء الحقيقية، وستؤدي إلى تحميل الحكومة الفيدرالية زيادة 40 في المائة من حجمها لتطبيقها.. لذلك علينا ألا نقطع وعودا لا نستطيع تحقيقها».
من جهته، دافع ساندرز عن فكرته القاضية بتوسيع حجم الحكومة الفيدرالية بقوله: «من وجهة نظري فإن الحكومة لديها في مجتمع ديمقراطي دور أخلاقي في لعب دور حيوي للتأكد من أن كل فرد من أفراد الشعب الأميركي يحصل على مستوى معيشي لائق»، مركزا في ذلك على دعوته إلى تفتيت البنوك الكبيرة، وتقليل نفوذ المؤسسات المالية في «وول ستريت»، وإصلاح نظام تمويل الحملات الانتخابية التي يسيطر عليها الأغنياء، وقال في هذا الشأن إن حملته تركز على تبرعات الناخبين العاديين المتضررين من سطوة كبار الاقتصاديين.
وخلال المناظرة سعى كل من ساندرز وكلينتون إلى كسب دعم الناخبين السود، وذوي الأصول الإسبانية، خاصة أن الانتخابات التمهيدية القادمة ستجرى في ولايات نيفادا وشمال كارولينا وولايات أخرى، يشكل فيها الناخبون السود وذوو الأصول الإسبانية قوة تصويتية كبيرة. وفي هذا السياق كرر بيرني ساندرز مقترحاته الاشتراكية لإصلاح نظام العدالة الجنائية، منتقدا الصورة الذهنية ضد السود، وإيداع الكثير من الأقليات في السجون، وقال إنه في نهاية ولايته الأولى «لن يكون لدينا عدد أكبر من المسجونين مقارنة بأي بلد آخر».
واتفقت كلينتون مع منافسها في ضرورة إصلاح نظام العدالة الجنائية، لكنها زايدت عليها بالتأكيد على أن برنامجها يدعو إلى مكافحة كافة أشكال عدم المساواة العرقية بمعنى أكثر وضوحا واتسعا، وقالت بهذا الخصوص: «علينا أيضا الحديث عن فرص متساوية في العمل والتعليم والسكن، وليس فقط فيما يتعلق بالعدالة الجنائية والسجون».
وبخصوص قضية الهجرة التي تشغل بال عدد كبير من الأميركيين، تعهد المرشحان الديمقراطيان بمتابعة وإجراء إصلاح شامل لنظم الهجرة، وحاولا اللعب على وتر حساس لدى ذوي الأصول الإسبانية لكسب أصواتهم لصالح الحزب الديمقراطي، مقابل المرشحين الجهوريين الذين يعارضون السماح لملايين المهاجرين غير الشرعيين للبقاء في الولايات المتحدة. وحول هذه النقطة تحديدا قال ساندرز: «علينا الوقوف ضد الأبواق التي تحاول تقسيمنا وبناء جدار عازل»، في إشارة غير مباشرة لتصريحات دونالد ترامب، المرشح الجهوري الأوفر حظا، الذي يريد ترحيل المهاجرين غير الشرعيين إلى خارج الولايات المتحدة، وبناء جدار على طول الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك.
من جهتها، قالت كلينتون حول نفس الموضوع: «علينا ترحيل المجرمين وليس الأسر المهاجرة، التي تعمل بشكل دؤوب، وتبذل أقصى جهدها في العمل»، وحاولت إظهار نفسها بأنها تسير على نفس نهج الرئيس أوباما، وأنها الوريث الشرعي لإرثه.
واشتبكت كلينتون مع ساندرز حول تصريحات سابقة له، انتقد فيها سياسات أوباما بقوله إن الرئيس لم ينجح في سد الفجوة بين الكونغرس والشعب الأميركي، وقد سددت ضربه قاصمة حينما قالت له: «هذا النوع من الانتقادات التي أسمعها من السيناتور ساندرز أتوقعها من الجمهوريين، وليس من شخص يسعى للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي».
وركزت كلينتون على إظهار خبرتها في السياسة الخارجية، وعلى تجربتها الدبلوماسية خلال عملها وزيرة للخارجية في الولاية الأولى للرئيس أوباما، وسردت جزءا من النقاشات التي جرت حول تصفية زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وتصريحاتها القوية فيما يتعلق بمكافحة تنظيم داعش، وتصوراتها لشكل التعامل مع روسيا وطموحاتها في شرق آسيا.
لكن ساندرز انتقدها لمواقفها المساندة للحرب في العراق عام 2003، معتبرا أن موقفها يشير إلى خطأ في التقدير، كما انتقد تدخل الولايات المتحدة، وتغيير النظام في ليبيا بما أدى إلى ظهور تنظيم داعش.
وتشهد ولاية نيفادا انتخابات تمهيدية في العشرين من فبراير (شباط) الحالي، تليها الانتخابات التمهيدية في ولاية كارولينا الجنوبية، وهما ولايتان تلعب فيهما أصوات السود وذوي الأصول اللاتينية دورا رئيسيا في ترجيح المرشح لخوض السباق الرئاسي. وخلال شهر مارس (آذار) ستجري الانتخابات التمهيدية في عدد كبير من الولايات، هي أركنساس وأوكلاهوما وتنيسي، وتكساس ولويزيانا وفلوريدا، وألينوي وشمال كارولينا وأوهايو وأريزونا.
وقال روبي مووك، مدير الحملة الانتخابية لهيلاري كلينتون، في بيان إنه «بالنسبة لهيلاري كلينتون وحملتها الانتخابية فإن الولايات التي ستشهد انتخابات تمهيدية خلال شهر مارس تعد فرصة جيدة لنا لبناء تحالف، والحصول على دعم المرشحين من تلك الولايات المتنوعة لتلعب دورا حاسما في الانتخابات لصالح الحزب الديمقراطي، الذي يعد انعكاسا لهذا التنوع الذي يشكلنا كحزب، ويشكل هوية الولاية المتحدة كأمة»، مشددا على أن الشعب «بحاجة إلى رئيس يسير على نفس الخطى ويبني على كل ما قام به الرئيس أوباما، الذي أعطى ثقته لهيلاري كلينتون لتكون وزيرة للخارجية، ونحن نعرف أن هيلاري كلينتون تملك رؤية وشجاعة لبناء اقتصاد قوي».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.