رئيس موريتانيا يجري تعديلاً جزئيًا في الحكومة.. ويطيح بوزير الخارجية

طال 5 وزارات.. ودمج وزارتي الاقتصاد والمالية

رئيس موريتانيا يجري تعديلاً جزئيًا في الحكومة.. ويطيح بوزير الخارجية
TT

رئيس موريتانيا يجري تعديلاً جزئيًا في الحكومة.. ويطيح بوزير الخارجية

رئيس موريتانيا يجري تعديلاً جزئيًا في الحكومة.. ويطيح بوزير الخارجية

أجرى الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، مساء أول من أمس، تعديلاً وزاريًا جزئيًا في حكومة الوزير الأول يحيى ولد حدمين، أنهى من خلاله مهام وزير الشؤون الخارجية والتعاون حمادي ولد اميمو، فيما تضمن تغييرًا في هيكلة الحكومة، يعد الأول من نوعه منذ عدة سنوات.
وبحسب ما أعلن عنه في مرسوم صادر عن رئاسة الجمهورية، وبناء على اقتراح من الوزير الأول، فإن التعديل شمل 5 وزارات، بالإضافة إلى استحداث منصب وزاري جديد مكلف بالميزانية العامة للدولة، وذلك بعد دمج وزارتي المالية والشؤون الاقتصادية والتنمية، كما أطاح التعديل بـ5 وزراء فيما تم تعيين 5 آخرين.
وشمل التعديل الجزئي الجديد الذي يأتي بعد أقل من ستة أشهر على آخر تعديل في الحكومة، تعيين إسلكو ولد أحمد إيزيد بيه في منصب وزير الشؤون الخارجية والتعاون، ليعود بذلك إلى الفريق الحكومي بعد أن غادره في التعديل الجزئي الذي أجري في شهر سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، حين أطيح به من وزارة التجهيز والنقل، فيما خرج وزير الخارجية السابق ولد اميمو من الحكومة التي دخلها في تعديل شهر سبتمبر، وهو المرشح السابق للانتخابات الرئاسية عام 2007.
والبارز في التعديل الحكومي الجديد ما تضمنه من تغييرات هيكلية، شملت الوزارات ذات الطابع الاقتصادي، حيث تم دمج وزارتي المالية والشؤون الاقتصادية والتنمية، ليعهد بهما إلى وزير المالية المختار ولد أجاي، الذي يعد أحد أبرز الوجوه الشابة في الفريق الحكومي، حيث استطاع في فترة وجيزة أن يحجز مقعدًا متقدمًا في الحكومة، وأن ينال ثقة الرئيس والوزير الأول من خلال سياساته الضريبية الصارمة، وما يقول البعض إن «حساباته الدقيقة»، باعتباره مختصا في مجال الإحصاء.
ويشير مراقبون إلى أن تولي ولد أجاي لحقيبتي الاقتصاد والمالية يعد «مكافأة» على بروزه القوي في الفترة الأخيرة، كما يدخل ضمن «خطة تقشفية» لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي تعيشها موريتانيا، خصوصًا بعد تراجع أسعار المواد الأولية، كالحديد والذهب والنحاس، التي يعتمد عليها الاقتصاد الموريتاني بشكل كبير.
وأسفر دمج وزارتي المالية والاقتصاد عن خروج وزير الشؤون الاقتصادية والتنمية السابق سيد أحمد ولد الرايس من الفريق الحكومي، وهو المحافظ السابق للبنك المركزي، ويُعدّ أحد المقربين من الرئيس الموريتاني، حيث سبق أن مثله في مفاوضات دكار عام 2009 مع المعارضة الرافضة للانقلاب الذي قام به على الرئيس المدني السابق سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله.
كما شملت التعديلات في هيكلة الحقائب الحكومية استحداث منصب وزاري جديد منتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية مكلف الميزانية، وهو المنصب الذي عُين فيه موظف حكومي سابق يدعى محمد ولد كمبو، يدخل الفريق الحكومي للمرة الأولى.
وأطاح المرسوم الرئاسي بوزير الصحة أحمدو ولد حدمين ولد جلفون، ليعين مكانه البروفسور كان ببكر، الذي يعد أحد أشهر الجراحين في موريتانيا والطبيب الخاص للرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، حيث تولى علاجه من الرصاصة التي أصابته في 13 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2012، قبل أن ينقل إلى العاصمة الفرنسية باريس.
وأثارت الإطاحة بوزير الصحة السابق موجة ردود فعل واسعة، خصوصًا في الأوساط الصحية التي كانت تخوض معارك نقابية كثيرة مع ولد جلفون، وتتهمه بالفساد والعجز عن تسيير قطاع الصحة في البلاد، بينما كان ولد جلفون واحدًا من أقدم الوزراء في الحكومة الحالية، وكان يحظى بثقة الرئيس والوزير الأول.
من جهة أخرى، أطاح التعديل الوزاري الجزئي بوزير التهذيب الوطني باعثمان، وهو الوزير الذي واجه مشكلات كثيرة في الفترة الأخيرة، خصوصًا بعد حادثة تسريب امتحانات الباكالوريا العام الماضي، التي أثارت ضجة كبيرة وتحولت إلى قضية رأي عام، أجبرت الحكومة على فتح تحقيق وإعادة امتحان مادة الرياضيات، كما اشتهر الوزير المطاح به بصدامه الدائم مع نقابات التعليم الثانوي والأساسي.
وخلف عثمان في وزارة التهذيب الوطني إسلم ولد سيد المختار، الذي كان يعمل إداريًا ماليًا، وسبق أن شغل منصب مدير مساعد للتمويلات أواخر تسعينات القرن الماضي، ويعد أحد الوجوه الجديدة التي لم يسبق لها أن تقلدت أي منصب وزاري، والشيء ذاته بالنسبة لسيدنا عالي ولد سيدي ولد الجيلاني، القاضي السابق في محكمة الحسابات، الذي دخل الحكومة للمرة الأولى في التعديل الجديد ليحمل حقيبة الإسكان والعمران والاستصلاح الترابي، خلفًا للوزير المقال سيدي ولد الزين، الذي يعد واحدًا من أقدم أعضاء الفريق الحكومي، حيث تقلد عدة مناصب كان آخرها وزارة العدل، ثم وزارة الإسكان والعمران والاستصلاح الترابي.
إلا أن التعديل الحكومي الجزئي الذي أجراه الرئيس الموريتاني خلا من أي إشارات ذات طابع سياسي خارج معسكر الأغلبية الداعمة للرئيس، حيث خرج من الحكومة أطر في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، وجرى استبدال آخرين بهم من الحزب نفسه، فيما يرى مراقبون أن التعديل غلبت عليه ملامح الصراع الخفي بين أجنحة الموالاة، خصوصًا ما بين جناح محسوب على الوزير الأول الحالي يحيى ولد حدمين، وجناح آخر محسوب على الوزير الأول السابق والوزير الأمين العام لرئاسة الجمهورية الحالي مولاي ولد محمد لقظف.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».