4 اتحادات عمالية مغربية تشن إضرابًا عامًا يوم 24 فبراير

احتجاجًا على سياسة حكومة ابن كيران.. وطلبًا لحوار حقيقي

4 اتحادات عمالية مغربية تشن إضرابًا عامًا يوم 24 فبراير
TT

4 اتحادات عمالية مغربية تشن إضرابًا عامًا يوم 24 فبراير

4 اتحادات عمالية مغربية تشن إضرابًا عامًا يوم 24 فبراير

أعلنت أربعة اتحادات عمالية مغربية، هي الاتحاد المغربي للشغل، والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والاتحاد العام للشغالين بالمغرب، والفيدرالية الديمقراطية للشغل، أمس، عن شن إضراب عام وطني في جميع القطاعات العامة والخاصة في 24 من فبراير (شباط) الحالي.
وأوضحت الاتحادات العمالية الأربعة خلال لقاء صحافي، عقدته أمس في الدار البيضاء، أنها صدمت بحكومة غير مدركة لوضع البلاد في محيطها العربي، مشيرة إلى أنها استنفدت كل المبادرات والخطوات لحمل الحكومة على تنظيم تفاوض جماعي ثلاثي التركيبة، واتهمت رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران بالتملص من كل التزاماته، التي وعد فيها بالرد على مطالب الحركة النقابية.
وقال الميلودي مخارق أمين عام الاتحاد المغربي للشغل، إن الإضراب العام سيكون في كل القطاعات المهنية والوظيفة العمومية والقطاع الخاص، وفي جميع القطاعات الاستراتيجية كالنقل والصحة والتعليم، مؤكدا أنه سيكون إضرابًا من أجل احتجاج قوي على الحكومة وسياستها، وأضاف مخارق أنه «إذا أقدمت الحكومة على دعوة الحركة النقابية إلى ما يمكن أن تطلق عليه حوارا، فإن الإضراب سيكون نافذا لا رجعة فيه»، مشيرًا إلى أن الحكومة ضد الحوار والتفاوض الحقيقي، وأنه لم يبقَ من سلاح سوى القيام بإضراب عام.
وحملت الاتحادات العمالية الحكومة المغربية كل المسؤولية فيما قد يترتب على ذلك من تداعيات ناجمة عن الاحتقان الاجتماعي، وعن إرادة تغييب الحوار كطريق أسلم لمعالجة كل المشكلات والقضايا، التي تهم الطبقة العاملة وعموم المغاربة، معتبرة أن ما يميز المرحلة الحالية هو الانفراد الحكومي باتخاذ القرارات، وضرب الحريات النقابية وقمع الاحتجاجات، والإجهاز على المكتسبات الاجتماعية، وفي مقدمتها صندوق المقاصة (صندوق دعم المواد الأساسية) وصندوق التقاعد، وقالت بهذا الخصوص: «الحكومة تعتبر نفسها فوق المجتمع وقضاياه، ولا تعترف بالدستور الذي ينص على الديمقراطية التشاركية»، مستنكرة ما سمته بـ(تبخيس الحكومة لمهنة التدريس وقمع نساء ورجال التعليم)»، مؤكدة إصرارها على خوض كل الأشكال النضالية والكفاحية لمواجهة نهج الحكومة، وحماية الطبقة العاملة والمجتمع.
كما دعت النقابات الحكومة إلى إعمال العقل والحس الوطني لاستيعاب طبيعة اللحظة التاريخية، واعتماد الرؤية الاستباقية، ليس فقط في تطويق المشكلات واحتوائها، بل أيضًا في إيجاد الحلول الاستراتيجية لمواجهة المستقبل المليء بالمخاطر، حسب رأيها.
وحول الأسباب التي أدت إلى اتخاذ قرار الإضراب، قالت النقابات إنها تتمثل في المطالبة بفتح تفاوض اجتماعي واحترام كلي للحريات، وزيادة عامة في الأجور، والزيادة في معاشات المتقاعدين، وتعميم الحماية الاجتماعية وحماية الحريات والحقوق النقابية والقوانين الاجتماعية، وتطبيق مدونة (قانون) الشغل، وكذا سن سياسة اجتماعية لمعالجة ظاهرة التشغيل والبطالة، وخصوصًا في أوساط حاملي الشهادات العليا.



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.