أوبئة خطيرة في الرقة.. وإصابات بإنفلونزا الخنازير وسط «داعش»

لاشمانيا وسل وسحايا.. والتنظيم يمنع دخول المنظمات الإغاثية

أوبئة خطيرة في الرقة.. وإصابات بإنفلونزا الخنازير وسط «داعش»
TT

أوبئة خطيرة في الرقة.. وإصابات بإنفلونزا الخنازير وسط «داعش»

أوبئة خطيرة في الرقة.. وإصابات بإنفلونزا الخنازير وسط «داعش»

على وقع الحصار الذي يفرضه تنظيم داعش على منطقة الرقة الخاضعة لسيطرته، يأتي انتشار الأوبئة والأمراض ليفتك بالأهالي والأطفال في غياب أي رقابة صحية وطبية أو حتى إمكانية لتشخيص الأمراض وعلاجها، لا سيما أن التنظيم يمنع حتى المنظمات الدولية من الدخول إلى المنطقة للاطلاع على أوضاع السكان والمرضى منهم.
وقد سجّل لغاية الآن عشرات المصابين إضافة إلى نحو 35 حالة وفاة نتيجة أعراض يرجّح أنها ناتجة عن إنفلونزا الخنازير، وفق ما أكّد الناشط في «تجمع الرقة تذبح بصمت» أبو محمد الرقاوي لـ«الشرق الأوسط»، لافتا كذلك إلى معلومات أشارت إلى إصابة عدد من عناصر التنظيم بهذا المرض، وفق ما نقل شهود عيان كانوا موجودين في المستشفى الذي نقلوا إليه. في غضون ذلك يسجّل قدوم المزيد من عناصر التنظيم في الفترة الأخيرة إلى الرقة، حيث باتت المكان الأكثر أمنا لهم في ظل استبعاد إمكانية شن أي هجوم بري عليها في المدى القريب، وفق أبو محمد، لافتا إلى أن عدد هؤلاء بات يقارب نحو 4 آلاف.
وأكّد «تجمّع الرقة تذبح بصمت» أنّ محافظة الرقة تشهد بوادر أزمة صحية خطيرة ناتجة عن انتشار أمراض وأوبئة عدة تهدد حياة السكان، بينها داء السحايا الذي يصيب الأطفال بصورة رئيسية يعدّ من الأمراض المعدية، حيث ارتفعت أعداد المصابين به فتمّ تسجيل نحو 90 حالة ظهرت عليها أعراض ارتفاع حرارة مفاجئ وصداع وتشنّج عنق وبكاء مستمر عند الأطفال، فيما يمكن الوقاية منه بغسل الأيدي جيدًا والعناية بالنظافة العامة.
ولفت التجمّع إلى أن انتشار إنفلونزا الخنازير بشكل واسع خلال الأسابيع القليلة الماضية، فتركزت الإصابات به في المناطق الغربية والشمالية، حيث سجل أكثر من 40 حالة، فيما يحاول الأهالي الذهاب للعلاج إلى مناطق سيطرة النظام التي يمنعهم التنظيم من السفر إليها، وهو ما لفت إليه أبو محمد، مشيرا إلى أنّه لم يعد أمام المرضى إلا الذهاب إلى مناطق النظام إذا سمح لهم التنظيم بذلك، مع ما يتطلبه الأمر من خطر الاعتقال.
ولفت إلى أنه سجل وفاة أكثر من 20 شخصا في تل أبيض وستة أشخاص في المدينة ونحو 5 أشخاص في الريف الشرقي معظمهم من الأطفال بعد إصابتهم بالأعراض نفسها المرتبطة بإنفلونزا الخنازير، إنما تكمن المشكلة أن في ظل غياب الوسائل اللازمة يتم إعطاء نفس الأدوية لكل الحالات.
وأشار التجمع إلى أنّ الأوبئة الأخرى التي تنتشر في الفترة الأخيرة في الرقة، تتمثل بشكل أساسي، بـ«داء السلّ» الذي يشكّل النازحون نسبة 35 في المائة من المصابين به، في ظل موجات النزوح الكبيرة من مناطق ريف حلب الشرقي وخاصة مدينتي تادف والباب، حيث وصلت مئات العائلات تحمل معها المرض خلال فترة قصيرة، وتمثّلت أعراضه بسعال حاد يستمر ثلاثة أسابيع أو أكثر ترافق مع خروج دم مع السعال ونقص في الوزن وتعرق ليلي.
كذلك، تشهد الرقة وريفها وبخاصة المناطق الشمالية انتشارًا كبيرًا لـ«اللاشمانيا»، حيث سجل خلال العام الفائت قرابة خمسة آلاف حالة إصابة، أكثر من ثلثيها كانت في منطقة سلوك وقراها شمالاً، فحاولت إحدى المنظمات التدخل لوقف انتشاره وعلاج المصابين لكن التنظيم أوقف عملها بشكل كامل، الأمر الذي أدى إلى ظهور المرض مجددًا، في وقت توافدت فيه عائلات كثيرة من الريف الشمالي إلى مناطق أخرى في المحافظة لتنقل المرض معها، وفق «الرقة تذبح بصمت».
وتتجسد أعراض اللاشمانيا بظهور جروح متقرحة على الجلد بشكل دائري غالبًا، إذ تنشط الحشرة المسؤولة عن نقله في الفترة ما بعد الظهر حتى الصباح، ما يتطلب حماية المناطق المكشوفة من الوجه واليدين من لسعات الحشرات.
ويؤكد التجمع، أنه «وفي ظل تدهور الوضع الصحي في الرقة، تقف المنظمات الدولية عاجزة أمام انتشار هذه الأمراض، حيث يمنع التنظيم عملها ويكفّرها، في وقت لا يتدخل فيه هو للحد من انتشار هذه الأمراض، فاهتمامه ينصب في جمع الأموال وكسب المزيد من المقاتلين في صفوفه.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.