جدل بعد إعدام القسام أحد قادتها «لأخطاء أخلاقية وسلوكية»

عائلته الحمساوية تتهم الكتائب بتصفية ابنها للتغطية على فضائح

جدل بعد إعدام القسام أحد قادتها «لأخطاء أخلاقية وسلوكية»
TT

جدل بعد إعدام القسام أحد قادتها «لأخطاء أخلاقية وسلوكية»

جدل بعد إعدام القسام أحد قادتها «لأخطاء أخلاقية وسلوكية»

خلفت واقعة إعدام كتائب القسام التابعة لحماس، أحد قادتها، وهو محمود شتيوي (34 عاما)، في قطاع غزة، بسبب ما وصفته أخطاء سلوكية وأخلاقية، جدلا فلسطينيا واسعا. وأثار ذلك الكثير من الأسئلة، حول أسباب الإعدام وخلفياته وطريقة عمل الكتائب، خصوصا بعد اتهامات غير مسبوقة للقسام، من عائلة «المغدور» المعروفة بانتمائها الكبير لحماس، بتصفيته للتغطية على فضائح.
وكانت كتائب القسام، أعلنت في بيان رسمي، إعدام محمود شتيوي مساء الأحد الماضي، بعد اعتقاله مدة عام كامل لأسباب لم تفصح عنها. وقالت عائلة شتيوي، بأن الإعدام جرى بسبب خلافات شخصية وتصفية حسابات.
واعتقل شتيوي، وهو مسؤول كبير في القسام، في يناير (كانون الثاني) من العام الماضي، من دون إبداء الأسباب. ونشرت عائلته مرارا، مناشدات وبيانات، ونظمت اعتصامات، وأعلنت عن تطمينات متعددة تتعلق بإطلاق سراحه، إلى أن تفاجأت بإعدامه.
واكتفت القسام بإصدار بيان جاء فيه: «تم تنفيذ حكم الإعدام الصادر بحق العضو في الكتائب، محمود رشدي أشتيوي، من قبل القضاء العسكري والقضاء الشرعي التابعين لكتائب القسام، وذلك لتجاوزاته السلوكية والأخلاقية التي أقر بها».
ولأل مرة تعلن القسام إعدام أحد عناصرها منذ نشأتها عام 1991.
وأثار هذا السلوك، الكثير من الجدل، إضافة إلى سبب إعدام شتيوي، الذي كان معروفا كقائد في الكتائب، وله شقيق قضى كذلك على يد إسرائيل وكان ينتمي للقسام.
وبخلاف عائلة أيمن طه، الذي اعتقلته القسام إلى أن أعلن عن مقتله العام الماضي، لم تلتزم عائلة شتيوي الصمت، بل هاجمت كتائب القسام، وقالت: إن مسؤولين فيها أعدموا ابنهم نتيجة خلافات داخلية. وقالت العائلة في بيان، إن نجلها قتل «غدرا» و«ظلما» بسبب خلافات شخصية.
وأرفقت العائلة في بيانها، رسالة موجهة إلى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، تستعرض فيها ظروف الحادثة، وتضمنت رسائل صغيرة مصورة من ابنهم، يتهم شخصيات متنفذة في حماس والقسام، بالوقوف خلف اعتقاله وتعذيبه حتى الموت، لوجود خلافات شخصية. كما نشرت العائلة فيديو مصورا لوالدة محمود، تتحسب فيه على قيادات في كتائب القسام. وأشارت العائلة، إلى أنها تلقت وعودا بالإفراج عن ابنها، ثم فوجئت بإعدامه. وقالت: إن ابنها تعرض للإعدام على الرغم من عدم وجود أي أدلة تدينه في أي قضية كانت. وتساءلت العائلة عن السبب وراء إعدام ابنها بهذه الطريقة، والتشهير به، فيما إذا كانت القسام وفصائل من المقاومة، أعدمت سابقا، عناصر تابعة لها، و«أعلنت عن مقتلهم في مهام جهادية لتشريفهم»، متهمة القسام بتعمد «التشفي والتشهير» بالشاب شتيوي.
وكانت مصادر محلية في غزة، تعمدت تسريب أنباء لوسائل إعلام بأنه شتيوي قتل بسبب تعاونه مع إسرائيل، لكن أي جهة رسمية لم تؤكد ذلك. ولم تتوان شقيقة الشاب المغدور، بثينة شتيوي، عن شن هجوم غير مسبوق على قادة القسام، وذكرت بالاسم بعض القادة الذين يقفون وراء إعدام شقيقها، ووصفتهم بـ«فريق التشهير والقتل المعتدي على القانون». ونشرت شتيوي على «فيسبوك»، صورة لشقيقها بعد مقتله، وسألته: «قل لي بربك ما سر ابتسامتك؟؟ أي راحة قد نلتها من أيد الخونة؟».
وكتبت أيضا تتهم إسماعيل هنية، (مسؤول حماس في غزة)، بشكل مباشر، بالاعتداء على القانون، وتنفيذ جريمة قتل بعيدة عن القانون وأبجدياته. ودعت جمعيات حقوق الإنسان في الداخل والخارج، إلى التدخل العاجل والتحقيق في هذه الجريمة النكراء، التي يرتكبها قادة حماس في غزة، لكي يغطوا على فضائح الاقتتال داخل جهاز القسام العسكري.
وتم إعدام شتيوي من دون عرضه على النيابة أو المحاكم في قطاع غزة، على الرغم من أنها جميعا بيد حماس.
ودانت مؤسسات حقوقية الأمر. وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية الدولية: «إنه إذا كانت حماس تهتم فعلا بالدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، فيتعين عليها معاقبة الفاعلين، ومنع قتل أي فلسطيني بموجب إجراءات وحشية مجردة عن كل مظاهر القانون والعدالة».
كما عبرت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان «ديوان المظالم» عن بالغ صدمتها لما قامت به كتائب القسام وإعلانها رسميًا إعدام المواطن محمود رشدي اشتيوي 34 عامًا من مدينة غزة.
وقالت الهيئة في بيان «إن إعدام المواطن محمود اشتيوي على هذا النحو، انتهاك للحق في الحياة، وإعدام خارج إطار القانون، واعتداء على اختصاص القضاء، ومساس بهيبته. كما أنه يمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، وفي مقدمتها الاحتجاز التعسفي من طرف جهة لا تتمتع بصفة الضبطية القضائية، وانتهاكًا لمعايير المحاكمة العادلة، وفي مقدمتها وجوب تقديم لائحة اتهام، وتوافر حق الدفاع من خلال محامٍ، وشفوية المحاكمة وعلنيتها، والحق في استنفاد طرق الطعن القانونية كافة أمام هيئة قضائية مستقلة ومحايدة ومشكلة وفقا للقانون، وبأنه كان يتوجب تسليم المواطن المذكور، في حال وجود أي مخالفات قانونية للجهات القضائية المختصة، وعرضه على قاضيه الطبيعي، لينظر في قضيته، وينطق بالعقوبة التي يقررها القانون حال ثبوت التهم بحقه».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.