في المناظرة الجمهورية ..المرشحون يؤيدون استخدام القوة العسكرية ضد «داعش»

هيمنت على النقاش قضايا الهجرة ومكافحة الإرهاب والسياسة الخارجية

المرشح المحتمل للرئاسة الأميركية دونالد ترامب خلال المناظرة الجمهورية في نيوهامشير أول من أمس («أ. ف. ب»)
المرشح المحتمل للرئاسة الأميركية دونالد ترامب خلال المناظرة الجمهورية في نيوهامشير أول من أمس («أ. ف. ب»)
TT

في المناظرة الجمهورية ..المرشحون يؤيدون استخدام القوة العسكرية ضد «داعش»

المرشح المحتمل للرئاسة الأميركية دونالد ترامب خلال المناظرة الجمهورية في نيوهامشير أول من أمس («أ. ف. ب»)
المرشح المحتمل للرئاسة الأميركية دونالد ترامب خلال المناظرة الجمهورية في نيوهامشير أول من أمس («أ. ف. ب»)

شهدت المناظرة التلفزيونية لمرشحي الحزب الجمهوري مساء السبت في الجامعة الكاثوليكية «سانت انسلم» في مدينة مانشستر بولاية نيوهامشير، منافسة حادة قبل عقد الانتخابات التمهيدية الثانية في الولاية نفسها مساء الثلاثاء.
وأدارت شبكة «إيه بي سي» المناظرة التي شهدت جدلا وتوترا واحتداما في النقاش بين المرشحين الجمهوريين السبعة. ودار النقاش حول قضايا الهجرة ومكافحة الإرهاب وبصفة خاصة تنظيم داعش، وقضايا السياسة الخارجية والجيش والمحاربين، وقضايا زواج المثليين، والإجهاض.
وأخذت قضية مكافحة الإرهاب وكيفية هزيمة تنظيم داعش جانبا كبيرا من النقاش حيث أجمع المرشحون الجمهوريون السبعة على ضرورة استخدام القوة البرية لهزيمة «داعش». ودعا السيناتور تيد كروز (الفائز في الانتخابات التمهيدية بولاية أيوا الأسبوع الماضي) إلى إبادة العدو (داعش) وإلقاء القنابل بما يقضي على الأخضر واليابس بصورة نهائية. وقال: «علينا استخدام القوة المفرطة وقتل العدو والخروج بسرعة ولا نقوم بإعادة البناء»، فيما دعا دونالد ترامب إلى تفجير مواقع النفط وتدمير مصادر دخل الجماعة الإرهابية.
وأيّد السيناتور ماركو روبيو إلحاق الهزيمة بـ«داعش» من خلال استخدام قوات برية يتم تشكيلها من العرب السنة، مع مساندة قوات العمليات الخاصة الأميركية. وقال: «نحن بحاجة إلى فهم ما هو تنظيم داعش، فهو ليس مجرد جماعة قتالية، وإنما جماعة مروعة وأعتقد أنه لا بد من هزيمتهم على الأرض وقيام العرب السنة برفض أيديولوجياتهم فكريا وإلحاق الهزيمة بهم عسكريا».
ولفت جيب بوش إلى ارتفاع نفوذ «داعش» ووقوع هجمات في 17 دولة بإيحاء ودعم من فكره الهدام، وهاجم سياسات أوباما في التعامل مع الإرهاب وقال: «المشكلة مع إدارة أوباما أنهم يترددون ولا يقودون والجميع يشكك في مدى جدية الإدارة في محاربة الإرهاب»، وأضاف: «الولايات المتحدة يجب أن تكون أكثر عدوانية مما تقوم به في الوقت الراهن».
وفي سؤال حول تكتيكات التعذيب ضد المعتقلين في قضايا الإرهاب، دافع المرشح الجمهوري دونالد ترامب عن استخدام أسلوب الإيهام بالغرق كوسيلة للتحقيق مع المعتقلين الإرهابيين، مشيرا إلى أنه مستعد لاتخاذ أساليب أكثر قسوة من الإيهام بالإغراق ضد الإرهابيين. وقال ترامب «سأعيد استخدام الإيهام بالغرق وسأستخدم أساليب أسوأ من محاكاة الغرق».
وأيد السيناتور تيد كروز (الفائز في الانتخابات التمهيدية في ولاية ايوا) استخدام الإيهام بالغرق، لكنه أشار إلى أنه سيسمح بالاستخدام المحدود لهذا التكتيك في استجواب المعتقلين. وقال السيناتور تيد كروز بأنه لا يعتقد أن الإيهام بالغرق يتوافق مع التعريف الدولي للتعذيب، وقال: «سأستخدمه إذا كان ضروريا في منع هجوم إرهابي وشيك، وعليكم أن تتأكدوا أنني عندما أصبح القائد العام، سأقوم بكل ما يلزم من أساليب استجواب لحماية الولايات المتحدة». فيما أعلن كل من السيناتور ماركو روبيو وحاكم ولاية فلوريدا السابق جيب بوش أنهما لن يستخدما تكتيك الإيهام بالغرق.
وكانت إدارة الرئيس أوباما قد منعت استخدام هذا التكتيك بعد أن ثار الجدل حول استخدام وكالة الاستخبارات الأميركية بما وصف بأساليب تعذيب في استجواب المعتقلين بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001. وهاجم الجمهوريون قرار إدارة أوباما بوقف تكتيك الإيهام بالغرق.
وطغى الاشتباك والاحتدام بين حاكم ولاية نيوجيرسي، كريس كريستي، وهجومه على السيناتور ماركو روبيو، على اهتمام وسائل الإعلام الأميركية وتحليلات السياسيين، حيث شن كريستي هجوما ضاريا ضد ماركو روبيو (44 عاما) الذي حقق تقدما واحتل المرتبة الثالثة في استطلاعات الرأي في ولاية أيوا.
وسعى كريستي إلى الإشارة إلى قلة خبرة روبيو السياسية، وتراجعه في السعي لإصلاح نظام الهجرة في محاولة لعرقلة تقدم روبيو قبل الانتخابات التمهيدية في نيوهامشير غدا الثلاثاء. وقال كريستي «أنا أحب ماركو روبيو، وهو شخص ذكي، لكنه ببساطة لا يملك الخبرة ليكون رئيسا للولايات المتحدة، وليس مستعدا لاتخاذ قرارات مثل القرارات المتعلقة بالهجرة»، محذرا ولاية نيوهامشير من الوقوع في خطأ التصويت لروبيو.
وهاجم جيب بوش حاكم ولاية فلوريدا السابق أيضا روبيو مقارنا بينه وبين الرئيس باراك أوباما، وقال: «روبيو سياسي موهوب، لكننا اختبرنا سيناتور شاب هو باراك أوباما». وأضاف محاولا التقليل من قدرات روبيو «القيادة أمر نتعلمه ونمارسه، وليس شيئا نقوم به ببساطة». واجتهد السيناتور روبيو (أصغر المرشحين الجمهوريين سنا) في الدفاع عن قضايا إصلاح الهجرة والهجوم على الرئيس أوباما وسياساته، متهما أوباما بمحاولة تغيير الولايات المتحدة والتساهل مع الإرهابيين، وإغلاق معتقل غوانتانامو، وجعل الولايات المتحدة ضعيفة أمام أعدائها.
وأشار المحللون أن روبيو كان ضعيفا في رد هجوم كريستي، مما قد يضعف من موقفه في الانتخابات التمهيدية في نيوهامشير، وتهرب من الإجابة على بعض الأسئلة وسعى إلى تغيير الموضوع بالهجوم على أوباما والمرشحة الديمقراطية المحتملة هيلاري كلينتون.
وأشاد المحللون بأداء جيب بوش، لكنهم أكدوا استمرار تصدر ترامب لاستطلاعات الرأي. ويقول المحللون بأنه إذا تمكن ترامب من تأمين فوزه بالانتخابات التمهيدية في نيوهامشير، فإنه يمكن أن يكون على المسار الصحيح لتحقيق مزيد من الانتصارات في الانتخابات التمهيدية الأخرى، خاصة في ولاية كارولينا الجنوبية.
أما الخاسر الأكبر في المناظرة فكان طبيب الأعصاب المتقاعد، بن كارسون، حيث أشار المحللون أنه بدا بعيدا عن قضايا النقاش، وكذلك حاكم ولاية أوهايو جون كاشيك الذي ترشحه الاستطلاعات للخروج من السباق الانتخابي. وتختلف الانتخابات التمهيدية في ولاية نيوهامشير عن ولاية أيوا التي تتكون من أغلبية من المسيحيين الإنجيليين والناخبين المناهضين للهجرة، فيما تعد نيوهامشير معقلا للمعتدلين، إضافة إلى نظام التصويت المفتوح الذي يسمح بالتصويت لأي من الحزب الديمقراطي أو الجمهوري دون التزام بانتماء حزبي.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.