سلطات الجزائر تفرج عن نشطاء يعارضون قانون الموازنة الجديد

جرى اعتقالهم لمنعهم من إطلاق حملة تعارض تعديل الدستور

سلطات الجزائر تفرج عن نشطاء يعارضون قانون الموازنة الجديد
TT

سلطات الجزائر تفرج عن نشطاء يعارضون قانون الموازنة الجديد

سلطات الجزائر تفرج عن نشطاء يعارضون قانون الموازنة الجديد

أفرجت السلطات الجزائرية أمس عن نشطاء سياسيين وحقوقيين بعد ساعات من الاعتقال لمنعهم من إطلاق حملة مزدوجة، تعارض التعديل الدستوري الذي سيصادق عليه البرلمان اليوم، وقانون الموازنة 2016، وذلك لما يتضمنه من زيادات في أسعار مواد ضرورية كالبنزين والكهرباء.
وقال هواري قدور، قيادي «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»، في بيان، إن عددا كبيرا من رجال الأمن «حاصروا مقر دار النقابات بحي باب الزوار (شرقي العاصمة)، واعتقلوا ستة أشخاص من أبرز نشطاء الرابطة وبعض التنظيمات الأخرى، زيادة على اعتقال نقابيين»، من دون توضيح السبب.
وتقول مصادر نقابية لـ«الشرق الأوسط» إن المعتقلين، الذين أفرج عنهم في المساء، «كانوا بصدد تنظيم اجتماع لإطلاق حملة تحسيس وتوعية لفائدة المواطنين، تحذر من مخاطر التعديل الدستوري ومن مخاطر قانون المالية، الذي سيتسبب في إفقار شرائح واسعة من الشعب الجزائري». وذكر هواري أن المعتقلين هم رئيس «الرابطة» صاح دبوز، ومعه عبد المالك سنيقري وعمر عابد، ومحمد دعدي وحسن فرحاتي، علمًا أن دبوز هو محامي ناشطين ميزابيين (أمازيغ) يوجدون في السجن بتهمة «التحريض على التخريب» أثناء أحداث دامية وقعت في غرداية (جنوب) عام 2013، وأخذت شكل صراع طائفي بين (بني ميزاب) وهم أتباع المذهب الإباضي، والشعانبة وهم أتباع المذهب المالكي. وخلفت هذه الأحداث عشرات القتلى، ودمارا في الأملاك الخاصة والعمومية.
وأضاف بيان الناشط هواري، الذي يتابع باهتمام قضية الجزائريين المعتقلين في العراق أنه «في الوقت الذي تدعي فيه السلطات أن الدستور الجديد يضمن الحق في التظاهر السلمي، نجد أن نفس السلطات تفضح نفسها بهذه الممارسات». وعن أسباب اعتقال النشطاء، ذكرت الشرطة أن عبد القادر زوخ، والي الجزائر العاصمة، أمر بالحيلولة دون تنظيم الاجتماع لأن الداعين إليه لا يملكون رخصة تسمح لهم بذلك. ويتعلق الأمر حسب الشرطة، باجتماع عمومي يستدعي عقده ترخيصا من سلطات ولاية العاصمة، طبقا للقوانين المعمول بها.
ونددت «الحركة من أجل الحكم الذاتي لميزاب»، وهو تنظيم نشأ على خلفية أحداث غرداية، في بيان بما أسماه «الاعتقالات التعسفية والقمع والمتابعات القضائية، التي يصر النظام على ممارستها، مما يزيد من حدة التضييق على الحريات، ويجسد الدولة البوليسية القمعية، التي تضرب عرض الحائط بكل قوانين الجمهورية والمعاهدات الدولية في مجال احترام حقوق الإنسان والحريات».
وأبدى الناشطون المعتقلون في وقت سابق معارضة شديدة للتعديلات، التي أدخلها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على الدستور، بحجة أنها «تفتح المجال لتعسف السلطة، من خلال تعزيز صلاحيات رئيس الجمهورية على حساب البرلمان والقضاء»، وهم يعارضون أيضًا قانون الموازنة الذي دخل حيز التنفيذ مطلع العام الحالي، والذي يوصف بـ«قانون التقشف».
وأهم ما يتضمنه هذا القانون رفع أسعار الوقود والكهرباء بنسبة 20 في المائة، كما يتضمن حظر استيراد عدد كبير من المواد. ومن أولى نتائج هذا القرار، حرمان بعض المصابين بالأمراض المزمنة من الدواء، الذي لا توفره شركة إنتاج الدواء الحكومية الوحيدة المتوفرة في البلاد. وتأتي هذه التطورات عشية اجتماع البرلمان بغرفتيه (منتظر صباح اليوم)، للمصادقة على التعديل الدستوري الذي يتضمن تحديد الترشح للرئاسة بفترة واحدة (5 سنوات) قابلة للتجديد مرة واحدة. كما جاء فيه أيضًا ترقية الأمازيغية إلى لغة رسمية إلى جانب العربية، لكنه يتضمن أيضًا مادة مثيرة للجدل، تتعلق بمنع الجزائريين مزدوجي الجنسية من الوصول إلى المناصب العليا في الدولة.
يشار إلى أن المعارضة الممثلة في البرلمان أعلنت عن مقاطعة جلسة التصويت على الدستور. أما الأغلبية الموالية للرئيس فأكدت عزمها تمريره بنسبة واسعة.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.