معركة آيوا.. الترجمة الأولى لسباق الرئاسة الأميركية الطويل

جمهوريًا نكسة لترامب وتقدّم لكروز وروبيو.. وديمقراطيًا أداء طيب لساندرز أمام كلينتون

معركة آيوا.. الترجمة الأولى لسباق الرئاسة الأميركية الطويل
TT

معركة آيوا.. الترجمة الأولى لسباق الرئاسة الأميركية الطويل

معركة آيوا.. الترجمة الأولى لسباق الرئاسة الأميركية الطويل

اجتازت معركة الرئاسة الأميركية لعام 2016 خلال الأسبوع محطتها الأولى عبر التجمّعات الانتخابية في ولاية آيوا، بوسط الولايات المتحدة الغربي، والحال أنه بخلاف الفوارق الضخمة التي أظهرتها استطلاعات الرأي المبكرة، اختلطت الأوراق تمامًا في معسكر الجمهوريين وكان الفارق ضئيلاً بصورة لافتة عند الديمقراطيين.

انتزع السيناتور تيد كروز، أحد ممثلي ولاية تكساس في مجلس الشيوخ الأميركي، الصدارة في معركة ترشيح الحزب الجمهوري الأميركية لانتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) الرئاسية منزلاً هزيمة مبكرة ومؤلمة بالملياردير اليميني المثير للجدل دونالد ترامب الذي كانت تعطيه استطلاعات الرأي - تقريبًا من دون استثناء - تقدمًا مريحًا على جميع منافسيه. غير أن تقدم كروز وإن أكد قوة قاعدته المسيحية المحافظة، وأعطى جرعة قوية لحملته على حساب فرص ترامب الذي لا يعد بالضبط جزءًا من «المؤسسة الحزبية» الجمهورية، فإن المراقبين رصدوا الأداء اللافت على مرشح يرون أنه قد يشكل خطرًا أكبر على فرص كروز هو السيناتور الشاب ماركو روبيو. ذلك أن روبيو يتحدر من أصل لاتيني مثل كروز، ومثله أيضًا يمثل ولاية ضخمة ومؤثرة انتخابيًا لا بد للجمهوريين من كسبها في نوفمبر المقبل، كما أنه من الجناح اليميني في الحزب.
آيوا.. كولاية
كولاية، قد لا تكون آيوا معيارًا للولايات الأميركية، وما يصدق عليها لا يصدق بالضرورة على غيرها من الولايات. فهي بصفة عامة ريفية ومدنها متوسطة إلى صغيرة الحجم، ثم إنها إن كانت محافظة، فإنها مالت غير مرة خلال العقود الأخيرة إلى الحزب الديمقراطي وخرج منها ساسة ديمقراطيون ليبراليون مع أن ريفيتها وهويتها «البيضاء» الغالبة وضعتها عمومًا في خانة الجمهوريين.
في أي حال كانت أهمية المحطة الأولى في آيوا اختبار مدى دقة استطلاعات الرأي ومدى قدرة المرشحين المتخلفين عن ركب المقدمة في الحزبين عن مواصلة مسيرة التحدي، والحال أنه خرج عمليًا من السباق المرشح الديمقراطي الثالث مارتن أومالي الحاكم السابق لولاية ماريلاند في أعقاب عجزه الواضح عن إحداث اختراق ملموس في حصص المتنافسين الرئيسين هيلاري كلينتون والسيناتور بيرني ساندرز، أحد ممثلي ولاية فيرمونت (إحدى أصغر الولايات الأميركية من حيث عدد السكان) في مجلس الشيوخ، والعضو الوحيد في مجلسي الكونغرس الذي يعتبر نفسه اشتراكيًا.. فقد حصلت كلينتون، زوجة الرئيس الأسبق بيل كلينتون ووزيرة الخارجية السابقة والسيناتورة السابقة عن ولاية نيويورك، بما يقل بقليل عن 49.9 في المائة مقابل حصول ساندرز على 49.6 في المائة، أما أومالي فكان نصيبه 0.6 في المائة فقط.
الصورة كانت مختلفة عند الجمهوريين. فهنا كانت استطلاعات الرأي تعطي دونالد ترامب، على مستوى آيوا، وكذلك على المستوى الوطني ككل، تقدمًا طيبًا على المرشحين الجمهوريين الذين ينتمون جميعًا إلى التيار اليميني المحافظ في الحزب. غير أن السيناتور كروز أخذ يقضم من شعبية ترامب في آيوا، مستفيدًا من دعم الجماعات الإنجيلية المحافظة وهي قوية بصورة لافتة في الولاية، ومن ثم مع اقتراب موعد الاختبار الكبير خلال الأسبوع الفائت برز كروز وتقدّم في عدد من الاستطلاعات على ترامب، مع ترجيح حصول المنافس الثالث السيناتور روبيو على ما يتراوح بين 13 و17 في المائة من الأصوات، وتراجع نسبة تأييد جيب بوش حاكم ولاية فلوريدا السابق، وسليل أسرة بوش التي أعطت أميركا رئيسي جمهورية خلال العقود الأخيرة.
غير أن نتيجة آيوا كانت لافتة بأنها منحت المرشحين اللاتينيين كروز وروبيو نتيجتين تشجعهما على المضي قدمًا بثقة إلى الامتحانات الانتخابية المقبلة، ولا سيما، يوم «الثلاثاء الكبير» في أول مارس (آذار) المقبل.

* «الثلاثاء الكبير»
في هذا اليوم المهم جدًا لناحية «غربلة» المرشحين الأقوياء تشارك مجموعة من الولايات في طول أميركا وعرضها في إجراء منافستها الترشيحية (بين انتخابات تمهيدية وتجمعات انتخابية) في يوم واحد، وبينها: آلاباما وآلاسكا وأركنسو وكولورادو وجورجيا وماساشوستس ومينيسوتا ونورث داكوتا وأوكلاهوما وتينيسي وتكساس وفيرمونت وفيرجينيا ووايومينغ. ولا شك، ستكون الأنظار في هذا اليوم الطويل منصبة على الولايات الكبيرة المؤثرة بينها، مثل تكساس وماساتشوستس وجورجيا وفيرجينيا وتينيسي ومينيسوتا. في «الثلاثاء الكبير» تتضح عدة أمور على رأسها:
1 - القدرة المالية لكبار المرشحين التي ستساهم بمضيهم قدمًا حتى المؤتمر الحزبي الكبير قبل موعد الانتخابات، وهو المؤتمر الذي يجري فيه فعليًا ورسميًا تبني كل حزب لمرشحه الرئاسي. وجزء من هذه القدرة المالية يعكس متانة علاقات المرشح بقوى الضغط والشركات والمؤسسات المالية الكبرى، وكبار اللاعبين النافذين في بيئة المال والأعمال والتأثير السياسي.
2 - اتساع رقعة التأييد والجذب عند كل مرشح، لأن «الثلاثاء الكبير» يغطي عمومًا مختلف أرجاء الولايات المتحدة من ماساشوستس وفيرمونت في الشمال الشرقي إلى تكساس في الجنوب الغربي، ومن جورجيا في الجنوب الشرقي إلى مينيسوتا في الشمال على حدود كندا. وفي إطار رقعة التأييد والجذب هناك عامل التنوع الإثني والطبقي والثقافي والمعيشي الذي لا بد للمرشح الناجح أن يتمكن من اختراقه.
3 - قوة الماكينة التنظيمية الانتخابية لكل مرشح، وحنكتها الإدارية، وفعاليتها في التحرك، وكسب المناصرين، ومخاطبة الإعلام، واستغلال وسائط التواصل الاجتماعي.
4 - عدد المندوبين إلى المؤتمرين الحزبيين سيتأثر إلى حد كبير بنتيجة ذلك اليوم.
لذا، يتوقع معظم المراقبين والمحللين أن يكون دور «الثلاثاء الكبير» حاسما بالنسبة للمنافسة المحتدمة في معسكر الحزب الجمهوري، مع أن هناك محطتين أخريين تفصلان المتنافسين الجمهوريين عن ذلك اليوم المهم، هما ولايتا ساوث كارولينا ونيفادا. أما بالنسبة إلى المنافسة في معسكر الديمقراطي فالشيء المؤكد أنها لن تحسم بدورها في المحطة الثانية، التي هي الانتخابات التمهيدية الترشيحية في ولاية نيوهامبشير، حيث يتقدم السيناتور ساندرز وفق كل استطلاعات الرأي على هيلاري كلينتون بفارق كبير. وما يذكر في هذا السياق أن نيوهامبشير ملاصقة جغرافيًا لولاية فيرمونت، أي ولاية ساندرز، التي تولى فيها منصب عمدة مدينتها الأكبر بيرلينغتون، ثم شغل مقعدها الوحيد في مجلس النواب الأميركية، ولاحقًا شغل ولا يزال يشغل أحد مقعديها في مجلس الشيوخ.

* الاختبار المقبل
الاختبار الانتخابي المقبل هو ولاية نيوهامبشير، وهي صغيرة من حيث المساحة والسكان تقع في شمال شرقي الولايات المتحدة وتمتد بين ضواحي مدينة بوسطن، إحدى أعرق مدن «العالم الجديد»، وحدود كندا. وهذه الولاية تعد وسطية سياسيا، محافظة اقتصادية لكنها ليبرالية اجتماعيًا، وبالتالي تعد عادة من الولايات المتأرجحة التي يتنافس عليها الحزبان الديمقراطي والجمهوري في كل انتخابات رئاسية. في نيو هامبشير - كما سبقت الإشارة - يرجح فوز بيرني ساندرز على هيلاري كلينتون بفارق كبير، إذا صدقت استطلاعات الرأي، أما على صعيد الجمهوريين فإن أحدث استطلاعات الرأي، لشبكة «سي إن إن» يعطي دونالد ترامب الصدارة بـ29 في المائة، ولقد قفز إلى المرتبة الثانية لأن السيناتور ماركو روبيو بـ18 في المائة، يليه السيناتور تيد كروز بـ13 في المائة ثم حاكم ولاية أوهايو جون كاسيك بـ12 في المائة، يليهم بفارق كبير كل من كريس كريستي حاكم ولاية نيوجيرسي وسيدة الأعمال كارلي فيورينا بـ4 في المائة لكل منهما.

* آلية الانتخابات
في الولايات المتحدة تجرى الانتخابات الرئاسية، وكذلك الانتخابات المخصصة لملء مقاعد مجلسي الكونغرس (مجلس الشيوخ ومجلس النواب)، في السنوات الشفعية مثل العام الحالي 2016، وبالنسبة للانتخابات الرئاسية التي تجرى كل أربع سنوات فإنها تنطلق من انتخابات تمهيدية أو ترشيحية حزبية تجرى أما عن طريق الاقتراع أو عبر تجمّعات انتخابية تقليدية تعود إلى بواكير نشوء البلاد.
من حيث المبدأ الانتخابات التمهيدية عمليات اقتراع تنظم لاختيار المرشحين الذين سيشاركون في الانتخابات العامة، بغض النظر عن نوعها. ويؤدي عادة تحقيق الفوز في الانتخابات التمهيدية إلى اختيار المرشح أو دعمه من قبل حزب سياسي معين لخوض الانتخابات العامة. أما الانتخابات العامة فهي انتخابات تجري لاختيار من سيمثل الحزب من بين المرشحين الذين سبق اختيارهم في الانتخابات التمهيدية (أو من خلال مؤتمر أو لجنة حزبية أو عريضة التماس) لتولي منصب اتحادي (أي مستوى البلاد) أو مستوى ولاية أو في حكومة محلية. ويتمثل الغرض من الانتخابات العامة في إجراء الاختيار النهائي من بين مختلف المرشحين الذين جرى تعيينهم من جانب الأحزاب أو الذين يخوضون الانتخابات كمستقلين أو غير منتمين إلى حزب سياسي رئيسي. علاوة على ذلك، تجري ولايات كثيرة انتخابات خاصة يمكن الدعوة إلى إجرائها في أي وقت لكي تخدم غرضًا معينًا، مثل اختيار مرشح لشغل منصب شاغر غير متوقع في أحد المناصب المنتخبة. في الانتخابات الرئاسية، بعد الانتخابات التمهيدية في الولايات، يعقد كل حزب مؤتمرًا وطنيًا لاختيار المرشح الذي سيخوض الانتخابات الرئاسية رسميًا، وهو في العادة المرشح الذي حصل على دعم أكبر عدد من مندوبي المؤتمر، استنادًا لانتصاراته في الانتخابات التمهيدية. وعادة، يختار المرشح للرئاسة نفسه مرشحًا يخوض الانتخابات معه ليكون مرشح الحزب لنائب الرئيس.
وجدير بالذكر، أنه لا تعقد الأحزاب السياسية مؤتمرات وطنية إلا في سنوات الانتخابات الرئاسية. وبالنسبة للانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر المقبل، ستستضيف مدينة كليفلاند بولاية أوهايو المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري بين 18 و21 يوليو (تموز) المقبل. بينما يعقد المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي في مدينة فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا بين 25 و28 يوليو. أما عن موعد الانتخابات الرئاسية، فإن هذه الانتخابات تجرى كل أربع سنوات في أول يوم ثلاثاء يلي أول يوم اثنين من شهر نوفمبر (تشرين الثاني). والسبب في ذلك التقليد يعود إلى أن الولايات المتحدة كانت على مدى فترة زمنية طويلة من تاريخها مجتمعًا زراعيًا في معظمها. ولقد أخذ المشرّعون بالاعتبار التاريخ المناسب لهم عندما اختاروا شهر نوفمبر، الذي يقع بعد موسم الحصاد ولكن قبل أن يجعل طقس الشتاء السفر صعبًا، نظرًا لأنه أسهل شهر بالنسبة للمزارعين والعمال الريفيين للتوجه إلى صناديق الاقتراع.
ولأن الكثير من سكان المناطق الريفية يعيشون على مسافات بعيدة عن مراكز الاقتراع، اختير يوم الثلاثاء بدلاً من الاثنين من أجل تمكين أولئك الذين يحضرون قداس يوم الأحد من بدء السفر بعد الصلاة والوصول إلى المكان الذي يقصدونه في الوقت المناسب للإدلاء بأصواتهم. أضف إلى ما سبق أن المشرّعين أرادوا الحؤول دون وقوع يوم الانتخابات في أول نوفمبر لسببين هما: الأول، أن يوم أول نوفمبر عند المسيحيين هو عيد جميع القديسين، أي اليوم الذي يلتزم الكاثوليك فيه بحضور القداس، كما أن التجار يصفّون في العادة حساباتهم للشهر السابق في اليوم الأول من كل شهر.
هذا، بما يتعلق بالانتخابات الرئاسية، أما بالنسبة للهيئة التشريعية، أي الكونغرس بمجلسيه، تُعرف الانتخابات التي يصوّت فيها الأميركيون لانتخاب ممثليهم في مجلسي الكونغرس (الشيوخ والنواب) بالانتخابات النصفية، لأنها تجرى في منتصف الولاية الرئاسية التي تمتد أربع سنوات. والحال أن الأميركيين ينتخبون كل سنتين كل أعضاء مجلس النواب، كما ينتخبون نحو ثلث عدد أعضاء مجلس الشيوخ الذين يخدم كل منهم لفترة ست سنوات. كما يختار الناخبون أيضًا مسؤولين لشغل مناصب رسمية في الولايات (كحكام الولايات) والحكومات المحلية.

* شروط الترشح لرئاسة الولايات المتحدة
لكل منصب منتخب اتحادي (أي على مستوى البلاد) متطلبات مختلفة، تنص عليها المادتان الأولى والثانية من الدستور الأميركي. وفيما يخص رئاسة الجمهورية يجب أن يكون المرشح لمنصب رئاسة الولايات المتحدة مولودًا في الولايات المتحدة، وألا يقل عمره عن 35 سنة، وأن يكون مقيمًا في الولايات المتحدة لمدة 14 سنة على الأقل. ويجب على نائب الرئيس أن يستوفي الشروط المؤهلة نفسها. ولا يجوز لنائب الرئيس أن يكون من الولاية ذاتها التي ينتمي إليها الرئيس بموجب التعديل الثاني عشر للدستور الأميركي.

* «الكلية الانتخابية»
الرئيس الأميركي، رسميًا ينتخب بالأصوات الانتخابية لـ«الكلية الانتخابية» أو المجمع الانتخابي وليس بأغلبية الأصوات الشعبية، ولقد سبق لأربعة رؤساء أميركيين أن تولوا الرئاسة مع أنهم حازوا من الأصوات الشعبية على أقل من منافسيهم هم: جون كوينسي أدامز عام 1824 الذي تقدم عليه منافسه اندرو جاكسون (بالأصوات الشعبية وكذلك الانتخابية) لكنه انتخب بأصوات مجلس النواب لأن جاكسون لم يحصل على غالبية مطلقة في الكلية الانتخابية. روذرفورد هايز عام 1876 الذي تخلف عن منافسه صامويل تيلدن، لكنه فاز بفارق صوت واحد في الكلية الانتخابية. ثم بنجامين هاريسون الذي تخلف عن غروفر كليفلاند عام 1888، وأخيرًا جورج بوش الابن الذي تخلف عن منافسه آل غور عام 2000.
الكلية الانتخابية، أو المجمع الانتخابي، عبارة عن مجموعة من المواطنين تعيّنهم الولايات للإدلاء بأصواتهم لانتخاب الرئيس ونائب الرئيس نيابة عن جميع المواطنين في الولاية. وتختلف عملية اختيار أعضاء الهيئة الانتخابية بين ولاية وأخرى، ولكن الأحزاب السياسية تسمي عادة أعضاء الكلية الانتخابية خلال مؤتمرات حزبية تنظم في الولاية أو من خلال التصويت في اللجنة المركزية للحزب. ويقوم الناخبون في كل ولاية، من خلال الإدلاء بأصواتهم للرئيس ونائب الرئيس، باختيار أعضاء الكلية في يوم إجراء الانتخابات العامة. إن الكلية الانتخابية، وليس أصوات الناس، هي التي تنتخب الرئيس، ولكن عمليتي التصويت هاتين مرتبطتان بشكل وثيق.
وعن كيفية عمل نظام الكلية الانتخابية فإنه يعمل بإعطاء لكل ولاية عددا من أصوات الكلية مساويًا لعدد الأعضاء الذين يمثلون تلك الولاية في الكونغرس. وتخصص ثلاثة أصوات انتخابية لمقاطعة كولومبيا، أي العاصمة واشنطن. وهناك 538 صوتًا انتخابيًا في الكلية الانتخابية، ويجب على المرشح للرئاسة الحصول على 270 صوتًا انتخابيًا من أجل الفوز في الانتخابات (أي أكثرية بسيطة). وتتبع جميع الولايات، ما عدا ولايتين، نظام الفائز يفوز بالكل، وهو الذي يحصل بموجبه المرشح الذي فاز بأكبر عدد من الأصوات الشعبية في الولاية على جميع أصوات الكلية الانتخابية للولاية.
ومن ثم، يجتمع أعضاء الكلية عادة في عواصم ولاياتهم في ديسمبر (كانون الأول) للإدلاء بأصواتهم. ثم ترسل بعد ذلك أصوات الكلية إلى واشنطن، حيث يصار إلى فرزها خلال جلسة مشتركة للكونغرس تنظم في يناير (كانون الثاني).



ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

شيل
شيل
TT

ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

شيل
شيل

مع أن «الحزب الديمقراطي الحر»، الذي يعرف في ألمانيا بـ«الحزب الليبرالي»، حزب صغير نسبياً، مقارنةً بالقطبين الكبيرين «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (المحافظ) و«الحزب الديمقراطي الاجتماعي» (الاشتراكي)، فإنه كان غالباً «الشريك» المطلوب لتشكيل الحكومات الائتلافية المتعاقبة.

النظام الانتخابي في ألمانيا يساعد على ذلك، فهو بفضل «التمثيل النسبي» يصعّب على أي من الحزبين الكبيرين الفوز بغالبية مطلقة تسمح له بالحكم منفرداً. والحال أنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تحكم ألمانيا حكومات ائتلافية يقودها الحزب الفائز وبجانبه حزب أو أحزاب أخرى صغيرة. ومنذ تأسيس «الحزب الديمقراطي الحر»، عام 1948، شارك في 5 حكومات من بينها الحكومة الحالية، قادها أحد من الحزبين الأساسيين، وكان جزءاً من حكومات المستشارين كونراد أديناور وهيلموت كول وأنجيلا ميركل.

يتمتع الحزب بشيء من الليونة في سياسته التي تُعد «وسطية»، تسمح له بالدخول في ائتلافات يسارية أو يمينية، مع أنه قد يكون أقرب لليمين. وتتمحور سياسات

الحزب حول أفكار ليبرالية، بتركيز على الأسواق التي يؤمن بأنها يجب أن تكون حرة من دون تدخل الدولة باستثناء تحديد سياسات تنظيمية لخلق أطر العمل. وهدف الحزب الأساسي خلق وظائف ومناخ إيجابي للأعمال وتقليل البيروقراطية والقيود التنظيمية وتخفيض الضرائب والالتزام بعدم زيادة الدين العام.

غينشر

من جهة أخرى، يصف الحزب نفسه بأنه أوروبي التوجه، مؤيد للاتحاد الأوروبي ويدعو لسياسات أوروبية خارجية موحدة. وهو يُعد منفتحاً في سياسات الهجرة التي تفيد الأعمال، وقد أيد تحديث «قانون المواطنة» الذي أدخلته الحكومة وعدداً من القوانين الأخرى التي تسهل دخول اليد العاملة الماهرة التي يحتاج إليها الاقتصاد الألماني. لكنه عارض سياسات المستشارة السابقة أنجيلا ميركل المتعلقة بالهجرة وسماحها لمئات آلاف اللاجئين السوريين بالدخول، فهو مع أنه لا يعارض استقبال اللاجئين من حيث المبدأ، يدعو لتوزيعهم «بشكل عادل» على دول الاتحاد الأوروبي.

من أبرز قادة الحزب، فالتر شيل، الذي قاد الليبراليين من عام 1968 حتى عام 1974، وخدم في عدد من المناصب المهمة، وكان رئيساً لألمانيا الغربية بين عامي 1974 و1979. وقبل ذلك كان وزيراً للخارجية في حكومة فيلي براندت بين عامي 1969 و1974. وخلال فترة رئاسته للخارجية، كان مسؤولاً عن قيادة فترة التقارب مع ألمانيا الديمقراطية الشرقية.

هانس ديتريش غينشر زعيم آخر لليبراليين ترك تأثيراً كبيراً، وقاد الحزب بين عامي 1974 و1985، وكان وزيراً للخارجية ونائب المستشار بين عامي 1974 و1992، ما جعله وزير الخارجية الذي أمضى أطول فترة في المنصب في ألمانيا. ويعتبر غينشر دبلوماسياً بارعاً، استحق عن جدارة لقب «مهندس الوحدة الألمانية».