موجة نزوح جديدة شمال سوريا

في موجة نزوح جديدة تجمع عشرات الآلاف من المدنيين السوريين الفارين من جحيم القصف الروسي على قرى شمال حلب عند الحدود السورية - التركية، التي أغلقت بوجههم، وأمضت الأسر نساء وأطفال وشيوخًا ليلها في العراء في جو صقيعي قاتل. وذلك فيما أعلنت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» توثيقها وقوع 58 مجزرة في سوريا، خلال شهر يناير (كانون الثاني)، على يدي قوات النظام وسلاح الجو الروسي، فضلا عن المجازر التي ارتكبها تنظيم داعش.
واشتدت العمليات العسكرية الهجومية لقوات النظام مدعومة بميليشيات الحرس الثوري الإيراني بريًا وسلاح الجو الروسي على بلدات عندان وحريتان وبيانون، شمال محافظة حلب، مما تسبب بنزوح أكثر من ألفي أسرة سوريا من منازلهم، بحسب «لجان التنسيق المحلية». ولقد وصفت هذه اللجان الغارات الروسية الكثيفة المتواصلة بـ«الوحشية المدمرة التي سوت البيوت بالأرض» وخلال بضعة أيام فر سكان تلك البلدات باتجاه الحدود مع تركيا. وجاء ذلك عقب لقاءات جنيف التي فشلت في دفع النظام للجلوس على طاولة المفاوضات.
وبحسب تقرير «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» الصادر يوم أمس الجمعة، أسفرت الغارات الروسية منذ إعلان المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي مستورا، بدء المفاوضات في 29 يناير الماضي، وحتى 2 فبراير (شباط) الحالي، عن مقتل 131 مدنيًا. وأوضحت «الشبكة» أن 58 من القتلى في حلب، و8 في إدلب، و10 في حمص، و13 في درعا، و8 في دمشق، و10 في الرقة، و24 في دير الزور. وأفاد التقرير بأن قوات النظام ارتكبت 22 مجزرة، معظمها في ريف دمشق وإدلب. بينما ارتكب سلاح الجو الروسي 33 مجزرة، معظمها في دير الزور وحلب، فيما ارتكب تنظيم داعش مجزرة في كل من حمص والرقة ودير الزور. وتسببت تلك المجازر بمقتل 699 شخصًا، 41 في المائة منهم نساء وأطفال، وقتلت قوات النظام 174 بينهم 44 طفلاً و34 سيدة، بينما قتلت روسيا 492 بينهم 129 طفلاً و62 سيدة، أما تنظيم داعش فقتل 35 بينهم طفل و13 سيدة. وطالبت «الشبكة» الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بإحالة الوضع إلى محكمة الجنايات الدولية، والتوقف عن تعطيل القرارات الأممية الخاصة بسوريا، وفرض عقوبات على المتورطين بجرائم حرب، وإدراج الميليشيات التي تقاتل إلى جانب النظام على قوائم الإرهاب، والتوقف عن توريد الأسلحة لنظام الأسد.
ومع تدفق الفارين السوريين من جحيم القصف الروسي أغلقت تركيا حدودها مع سوريا يوم أمس الجمعة قرب مدينة كلس الجنوبية، وذلك بعد تصريح رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو أول من أمس الخميس في لندن بأن «هناك عشرة آلاف لاجئ جديد ينتظرون عند بوابة كلس بسبب الغارات الجوية والقصف على حلب. ويتحرك بين 60 و70 ألف شخص من المخيمات في شمال حلب نحو تركيا». أوضح داود أوغلو إن الممر الإنساني بين تركيا وحلب قُطع. وقال إن الممر اللوجيستي يتعرض لغزو من المقاتلين الأجانب وقوات النظام وبمساعدة من المقاتلات الروسية. وأكد داود أوغلو أن «ما يريدون فعله في حلب اليوم هو بالضبط ما فعلوه في مضايا من قبل، وهو حصار للتجويع»، لافتا إلى أن بلاده أنفقت ما يبلغ عشرة مليارات دولار على نحو 2.5 مليون لاجئ سوري. وفي إشارة إلى روسيا، قال إن «من يساندون نظام الأسد يرتكبون جرائم الحرب نفسها»، ودعا واشنطن لاتخاذ موقف أكثر حسمًا ضد روسيا بسبب تدخلها في سوريا.
وطالب السوريون الفارّون من القصف الروسي على شمال حلب الحكومة التركية بالسماح لهم بالعبور وتخفيف معاناتهم، فهم يبيتون في العراء بجو شديد البرودة، إلا أنه لم تكن هناك استجابة من الجانب التركي.
ومع تقدم قوات النظام والميليشيات المتحالفة بغطاء جوي روسي نحو بلدتي نبّل والزهراء، بات مليون سوري في محافظة حلب شمال سوريا معرضين للقتل والحصار والتشريد. حيث يبيت الآلاف منهم الآن في العراء بمناطق مفتوحة في محيط مدينة إعزاز القريبة من الحدود التركية بعد هجوم قوات النظام والميليشيات المتحالفة معه بغطاء جوي روسي على جبلي التركمان والأكراد بريف اللاذقية الشمالي.