رئيس هايتي يودع السلطة في غياب خلف له وتأجيل الدورة الثانية من الانتخابات

رفض البقاء في السلطة يومًا واحدًا.. قائلا: أشعر بحرية

رئيس هايتي يودع السلطة في غياب خلف له  وتأجيل الدورة الثانية من الانتخابات
TT

رئيس هايتي يودع السلطة في غياب خلف له وتأجيل الدورة الثانية من الانتخابات

رئيس هايتي يودع السلطة في غياب خلف له  وتأجيل الدورة الثانية من الانتخابات

قال رئيس هايتي ميشال مارتيلي، الذي لم يحدد أي خليفة له بسبب تأجيل الانتخابات الرئاسية، مساء أول من أمس، إنه غير نادم «على أي يوم» من أيام السنوات الخمس التي أمضاها في الحكم، وذلك في خطاب ألقاه قبل 48 ساعة من نهاية ولايته.
وكان تم تأجيل الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية إلى أجل غير مسمى بعد احتجاجات المعارضة، التي نددت بـ«انقلاب انتخابي» دبرته السلطات القائمة. وإزاء شكوك بشأن احتمال بقائه في الحكم بعد السابع من فبراير (شباط) الجاري، وهو التاريخ المحدد دستوريا لنهاية ولايته، أكد مارتيلي أنه سيغادر منصبه غدا الأحد، مضيفا أنه «لا يرغب في الاحتفاظ بالسلطة يوما واحدا إضافيا، فلا شيء يعطيني الرغبة في ذلك، ولست خائفا من أي شيء.. بل على العكس من ذلك سأشعر بحرية أكبر لأن المشاكل التي كنت أتولاها لن تصبح من مسؤولياتي».
وفي الدورة الأولى التي نظمت في 25 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حصل جوفينيل مويز، مرشح السلطة على 32.76 في المائة من الأصوات، مقابل 25.29 في المائة من الأصوات لجود سيليستان، وهي أرقام كانت موضع احتجاج واسع من المعارضة، التي نددت بما سمته «انقلابا انتخابيا» دبره الرئيس المنتهية ولايته. كما ألغى المجلس الانتخابي المؤقت في 23 يناير (كانون الثاني) الماضي «لدواع أمنية بديهية» الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة بعد يومين من ذلك.
وقبل أيام قال منسق الولايات المتحدة الخاص لهايتي كينيث ميرتن إن واشنطن تريد أن ترى انتخابات جديدة بسرعة، وتعارض أن تكون الفترة الانتقالية طويلة، لكنها أقرت بأنه من غير المرجح أن تجرى الانتخابات قبل موعد رحيل مارتلي في السابع من فبراير الجاري.
وأوضح ميرتن أنه من الناحية الواقعية «نحن ربما نتطلع لحل مؤقت ما حتى يكون هناك تسليم للسلطة لرئيس منتخب جديد. وما نخشاه هو أن ننتهي إلى وضع بلا نهاية».
وسبق لأحزاب المعارضة أن دعت إلى رحيل مارتلي في السابع من فبراير الجاري، حسبما يقضي الدستور رغم أن البعض في حزبه كان يرغب في بقائه في المنصب للإشراف على الانتخابات حتى تنتهي فترة ولايته، ومدتها خمس سنوات في مايو (أيار) القادم.
وكان من المقرر أن تنتخب هايتي خلفا لمارتلي غدا الأحد. لكن جرى تأجيل الانتخابات التي يتنافس فيها رجلان إلى أجل غير مسمى، بعدما رفض مرشح المعارضة جود سيلستين المشاركة في عملية يقول إنها تشهد تلاعبا واضحا، وهو مما أثار احتجاجات مناهضة للحكومة وأعمال عنف في البلاد. فيما دعا بعض المرشحين إلى تشكيل حكومة انتقالية غير منتخبة تحل محل مارتلي لفترة أطول من الوقت، مشيرين إلى فترة عنيفة استمرت عامين بعد انقلاب في عام 2004.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.