محاولات يائسة للجماعات الانقلابية بعد أن أصبحت صنعاء على مرمى حجر

سياسيون: مغازلة الجنوبيين محاولة بائسة.. وصالح يريد إنتاج نفسه

محاولات يائسة للجماعات الانقلابية بعد أن أصبحت صنعاء على مرمى حجر
TT

محاولات يائسة للجماعات الانقلابية بعد أن أصبحت صنعاء على مرمى حجر

محاولات يائسة للجماعات الانقلابية بعد أن أصبحت صنعاء على مرمى حجر

قال وزير الدولة لشؤون مخرجات الحوار الوطني الأسبق، غالب عبد الله مطلق، إنه لا صلة له البتة بما سمي «الملتقى الأول للجبهة الوطنية لأبناء المحافظات الجنوبية لمقاومة الغزو والعدوان»، الذي تم الإعلان عنه أول من أمس الخميس في العاصمة اليمنية صنعاء.
وأكد مطلق لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يحضر أو يشارك في هذه «المهزلة»، حسب تعبيره، التي قيل إنها ملتقى وطني لأبناء الجنوب الموجودين في العاصمة صنعاء، موضحا أنه في المستشفى الذي يتلقى فيه العلاج منذ أسبوع، وأن الملتقى لا يعبر سوى عن الجهة المنظمة له والأسماء الحاضرة فيه، لافتًا إلى أن جهوده منصبة في مساع إنسانية وإغاثية تمثلت بإطلاق الأسرى الجنوبيين أو بمساعدتهم، وكذا الجرحى والموظفون الذين تقطعت بهم سبل الحصول على معاشاتهم الشهرية.
وكان ملتقى الجنوبيين في العاصمة صنعاء قوبل بردة فعل ساخطة وساخرة من توظيف الميليشيات الحوثية وأتباع الرئيس المخلوع صالح للموالين لهم من القيادات الحزبية والسياسية أو الناشطين والعسكريين، الذين زج بهم في ملتقى جنوبي يعيد للذاكرة ملتقيات سابقة تم تنظيمها في عهد الرئيس المخلوع. وسخر نشطاء سياسيون ومثقفون جنوبيون من إقدام القوى الانقلابية على إشهار الملتقى والدفع بأسماء جنوبية معروفة بولائها للرئيس المخلوع أو الحوثيين، بينهم ثلاثة محافظين سابقين، وهم: أحمد عبد الله المجيدي ومحسن النقيب محافظي لحج سابقًا، وخالد الديني محافظ حضرموت، إلى جانب آخرين من قيادات أمنية وعسكرية أو أعضاء مؤتمر الحوار الوطني.
وقال المحلل السياسي اليمني، أحمد حرمل لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس المخلوع يحاول إعادة إنتاج نفسه وبأدوات جديدة رغم أن هذا الأسلوب لم يعد مجديًا، لافتًا إلى أن الحرب أنتجت أوضاعًا جديدة وهذا الواقع أوجد فرزا حقيقيا أخذ أشكالاً عدة. وأضاف أن الفرز اليوم هو على أساس شرعية بمواجهة انقلابين، بين من يحمل مشروعًا للحياة ومشروعًا للموت، بين مشروع الدولة والفوضى، بين الإرهاب والاعتدال، منوها بأنه لم تعد هناك منطقة رمادية يمكن لأصحابها التحرك فيها.
الناشط السياسي، عضو مؤتمر الحوار الوطني، زيد السلامي قال لـ«الشرق الأوسط» إن ملتقى صنعاء هذا عبارة عن مسرحية يحاول من خلالها الحوثي وصالح إظهار أنفسهم، وكأن لديهم أنصارًا في الجنوب وأنهم يمثلون كل الوطن، إلا أن الوضع على الأرض منافٍ وناسف لكل ما يراد تسويقه.
وأضاف السلامي أن كل القوى السياسية والاجتماعية في الجنوب ترفض ميليشيات الحوثي وصالح وتقف مع الشرعية ومع التحالف العربي، لافتا إلى أن المجتمع في الجنوب هو أول من تصدى للميليشيات الانقلابية التي أجبرها على مغادرة أرض الجنوب، مبديا أسفه إزاء قبول شخصيات جنوبية كي تكون مجرد قفاز بيد الحوثي وصالح، ومن خلفهم إيران ضد أبناء شعبهم وإرادته وعمقه العربي.
وأشار إلى أن مثل هذه الفعاليات ليست إلا أوراقًا قديمة دأب صالح على استخدامها طول فترة حكمه، فلم تعد تنطلي على العالم وعلى دول الإقليم، خاصة بعد أن باتت الصورة واضحة، بل ومكشوفة داخليا وخارجيا، مؤكدًا أن الأشقاء والشعب يقفون اليوم خلف السلطة الشرعية إلى أن تستعيد الدولة ومؤسساتها وسلطاتها، باعتبار استعادة الدولة ونفوذها على كامل السيادة هو الغاية التي يسعى كل القوى الوطنية وبدعم من الأشقاء والأصدقاء.
وقال الناشط السياسي، مستشار محافظ الضالع، منصور طبازة لـ«الشرق الأوسط» أعتقد أن إعلان هذا الملتقى وفي مثل هذه الظروف خلفه أمران، فإما أن هؤلاء رهنوا أنفسهم للشيطان نظير مصالح شخصية ضيقة أو أن الزج بهم وإحضارهم إلى المكان ليس وليد قناعة ورضا، وإنما بممارسة سياسية الترغيب والترهيب.
ولفت ناشطون جنوبيون إلى أن تكوين الملتقى ومن الأسماء والوجوه التي سبق أن أخفقت في مناسبات عدة يعد تكرارا ساذجا لتجربة ماضوية أفضت إلى كارثة الحرب المحتدمة، كما أثبتت العقود المنصرمة فشل مثل هذه الأساليب القديمة الجديدة.
وقال هؤلاء لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس المخلوع نجح زمنا بتضليل اليمنيين من خلال حشد أنصاره وأتباعه الذين طالما استخدمهم كأوراق كلما استدعت الضرورة إخماد قضية أو مشكلة، مشيرين إلى أن واقع اليوم غير واقع الأمس الذي كان فيه المخلوع يتحكم بكل مقاليد السلطة والقوة والنفوذ، فقوات الجيش والمقاومة الشعبية باتت على مشارف العاصمة صنعاء. كما أن محافظات الجنوب التي يراد مغازلتها في الحاضر لم تعد محافظات قابلة بالرئيس المخلوع أو زعيم جماعة الحوثي أو أيا من الأتباع والأنصار الذين تم دحرهم وطردهم أو أنه لا مكان لهم في الجنوب الذي لم تغادره هي أو ميليشيات صالح والحوثي رغبة وطوعًا وإنما غادرته بعيد حرب كارثية مدمرة لم تبقِ أو تذر شيئًا إلا وطالته.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.