تسبب الإضراب العام الذي شهدته اليونان أمس في شل الحركة في جل المدن، حيث توقفت الخدمات تماما في أرجاء البلاد، إثر امتناع اليونانيين عن الذهاب إلى العمل، وخوضهم إضرابا شاملا، أسفر عن إلغاء كثير من الرحلات الجوية، وتوقف حركة العبارات والنقل البحري والمواصلات العامة، فضلا عن إغلاق المدارس والصيدليات والبنوك، وإغلاق محطات الوقود وتوقف سيارات الأجرة.
وجاء الإضراب بناء على دعوة من النقابات، احتجاجا على إصلاح نظام التقاعد، الذي فرض، بوصفه جزءا من خطة إنقاذ دولية، على اليونان.
وتعد مظاهرات أمس الحاشدة، التي شارك فيها نحو 15 ألف متظاهر في أثينا وحدها، هي الثامنة ضد مشروع قانون التأمينات الاجتماعية المزمع إقراره من البرلمان.
وتحاول الحكومة التي يقودها اليسار، إصلاح نظام التقاعد المتداعي في البلاد عن طريق زيادة اشتراكات الضمان الاجتماعي، بهدف تجنب خفض الرواتب التقاعدية، إلا أن بعض المنتقدين يقولون إن الإصلاحات سوف تدفع كثيرين إلى إنفاق ثلثي دخلهم على الضرائب والاشتراكات في التأمينات، وتنضوي تحت مظلة معارضة الإصلاح مجموعة متباينة من المهن، بمن في ذلك المزارعون والفنانون وسائقو سيارات الأجرة، والمحامون والأطباء، والمهندسون والبحارة.. وغيرهم.
ولمنع حدوث أعمال شغب، انتشرت قوات الشرطة على نحو مكثف في شوارع أثينا قبيل انطلاق المظاهرات، التي شارك فيها موظفو القطاع العام، بمن فيهم القضاة وأساتذة الجامعات، والتي تسببت في إغلاق المدارس وتعطيل حركة المواصلات والعبارات، وإلغاء عدد من الرحلات الجوية. وكان صحافيون يونانيون قد نفذوا أول من أمس إضرابا عن العمل احتجاجا على التعديلات في نظام المعاشات والتقاعد، التي تأتي ضمن اتفاق برنامج الإنقاذ الدولي الذي فرضه الدائنون لمنح الدفعة الثالثة للإنقاذ المالي لليونان، في وقت يحتج فيه اليونانيون على إجراءات التقشف الصارمة التي تفرضها الحكومة بضغوط من الدائنين.
والتقت «الشرق الأوسط» مع عدد من المتظاهرين وسط أثينا؛ إذ قال يورغوس باتوليس، نقيب الأطباء في العاصمة، إن «أساتذة الجامعات والمزارعين، وكل فئات الشعب المختلفة، تطالب الحكومة بأن تأخذ في الاعتبار أنها خدعت الشعب لأنها وعدت بأكاذيب، ولذا عليها أن تجلس لتتفاوض بجدية من الصفر في موضوع التأمينات الاجتماعية، وإذا تم إقرار مشروع قانون التأمينات الذي تعرضه الحكومة حاليا، فإن ذلك سوف يتسبب في هروب كل أصحاب الشهادات العليا والكفاءات الجامعية من البلاد».
من جهتها، قالت يوآنا زميراكي، التي تعمل مدرسة في أحد المعاهد التعليمية، إن «كل الموظفين والعمال يعانون من ضعف الأجور بمستوى يصل إلى 40 في المائة خلال السنوات الأخيرة، وآباء جل التلاميذ لدينا يعانون من البطالة، إلى جانب مشكلات مالية أخرى كثيرة، كما لا توجد وظائف جديدة، والتلاميذ أنفسهم أصبحوا محبطين مما يحدث حولهم».
وفي كلمته أمام المتظاهرين، طالب ديميتريس كوتسومباس، أمين عام الحزب الشيوعي اليوناني، الحكومة بالتراجع الفوري عن مشروع القانون الخاص بالتأمينات، بينما قام متظاهرون بوضع لافته كبيرة على معبد «أكروبوليس»، لبعض دقائق تضامنا مع المحتجين من المزارعين، لكن تدخلت الشرطة فيما بعد وأزالت اللافتة.
وتخللت المظاهرات اليونانية مواجهات بين الشرطة وعدد من الملثمين، الذين كانوا جاهزين للصدام مع قوات الأمن، وقبل انتهاء المظاهرات بدقائق سقطت قنابل المولوتوف بغزارة في ميدان «سيندغما» المواجه للبرلمان، بينما ردت الشرطة باستخدام الغاز والمواد الكيميائية، واستمرت المواجهات بعد ذلك في شارع بانيبستمو ومنطقة اكسارشيا، وألقت الشرطة القبض على شخصين من المشتبه بهم.
ويعد هذا الإضراب العام هو ثاني إضراب على مستوى البلاد، منذ أن تولى تسيبراس منصبه في يناير (كانون الثاني) 2015، وقدم تعهدات بإنهاء سنوات من التقشف، لكنه اضطر في المقابل للإذعان بعد التهديد بخروج اليونان من منطقة اليورو، والتوقيع على حزمة إصلاحات تقشفية جديدة في يوليو (تموز) الماضي، بموجب حزمة إنقاذ قدمها الدائنون تصل قيمتها إلى 86 مليار يورو، فيما تتسبب هذه الإضرابات والمظاهرات في خسائر فادحة للاقتصاد اليوناني المتعثر أصلا.
يذكر أن رد الشارع الغاضب أصبح يزيد من حجم الضغوط على رئيس الوزراء ألكسيس تسيبراس، الذي انتخب للمرة الأولى قبل أكثر من عام، والذي أضحى محاصرا بين مطرقة المضي قدما في الإصلاحات من أجل إرضاء الدائنين الدوليين، وسندان إثارة غضب آلاف اليونانيين.
اليونانيون يشلون الخدمات بإضراب عام
تسيبراس يواجه ثامن مسيرة احتجاجية ضد نظام التأمينات الاجتماعية
اليونانيون يشلون الخدمات بإضراب عام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة