سور بغداد الإلكتروني يفجر خلافات بين الأنبار والعاصمة

الكربولي: نخشى أن يكون الخندق مشروعًا لإلغاء المحافظات الغربية

سور بغداد الإلكتروني يفجر خلافات بين الأنبار والعاصمة
TT

سور بغداد الإلكتروني يفجر خلافات بين الأنبار والعاصمة

سور بغداد الإلكتروني يفجر خلافات بين الأنبار والعاصمة

يبدو أن سور بغداد الإلكتروني الذي أعلنت قيادة العمليات عن مباشرتها بناءه لتحصين العاصمة من دخول السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة، سيفجر إحدى القضايا بين القوى العراقية وخصوصا للكتل المنتمية للجهة الغربية.
وعد تحالف القوى العراقية (الكتلة السنية في البرلمان العراقي) إقامة السور تعديا على حدود محافظة الأنبار المحاذية لبغداد من الجهة الغربية، وأن هذا السور غير منطقي في ظل تقارير أمنية أكدت أن غالبية عمليات التفخيخ والأحزمة الناسفة تتم داخل العاصمة بغداد.
وفي الوقت الذي أعلن فيه قائد عمليات بغداد الفريق الركن عبد الأمير الشمري البدء بتنفيذ السور الأمني الإلكتروني الذي يحيط بالعاصمة من جميع الجهات بهدف منع تسلل العناصر «المشبوهة والإرهابيين» إلى داخل العاصمة، بدأت الكتل تستهجن مثل هذا العمل غير المنطقي.
إلا أن الشمري ما زال يؤكد أن المشروع ناجح ويتضمن حفر خندق بعرض ثلاثة أمتار وعمق مترين وإقامة طريق محاذٍ له لتطويق العاصمة من كل الجهات على مراحل، خاصة وأن قيادة عمليات بغداد سترفع الكتل الكونكريتية الموجودة في العاصمة لوضعها في السور، مع إقامة أبراج مراقبة مزودة بكاميرات.
وزاد الشمري أن المشروع يتضمن مجسات مجهزة بأجهزة لكشف المتفجرات والأحزمة الناسفة، ومؤكدا أن المشروع يسهم في كشف العمليات الإرهابية قبل وقوعها وفتح الطرق المغلقة، فضلاً عن إشاعة الاستقرار لمنع تسلل العناصر المشبوهة والإرهابيين».
إلى ذلك أكد عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية محمد الكربولي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك عدة ملاحظات بشأن سور بغداد الأمني مع قناعتنا أن من الضروري تأمين العاصمة من العمليات الإرهابية شريطة أن لا يكون ذلك عبر ممارسات تثير المخاوف نظرا لما يكتنفها من أهداف غامضة».
وأضاف الكربولي أن «تعزيز أمن بغداد أمر مطلوب لكن ليس على حساب محافظة اﻷنبار أو صلاح الدين أو ديالى؛ إذ إن اعتماد استراتيجية حفر الخنادق وتسوير المدن بحجة الإرهاب يخلق ضبابية وعدم وضوح الرؤية والخطط اﻷمنية، ويخلق قصورًا في اﻷداء المهني، ويجهض العمل الاستخباراتي، ويؤسس لدويلات أمنية، ويفتح الباب على مصراعيه أمام الصراع الديموغرافي بين أبناء الوطن الواحد وشركاء اﻷرض».
وتابع الكربولي بقوله: «نخشى أن يكون الخندق اﻷمني في بغداد خط الشروع لتنفيذ مخطط لاقتطاع أراضي من محافظة اﻷنبار أو صلاح الدين أو ديالى وإلحاقها ببغداد وبابل على غرار خندق البيشمركة في نينوى وكركوك».
وجدد الكربولي رغبة العرب في «استقدام قوات برية عربية أو دولية إلى مدن الأنبار وصلاح الدين ونينوى وديالى وحزام بغداد وشمال بابل وكركوك لتحريرها من عصابات (داعش) الإرهابية والميليشيات وإعلان إقامة الإقليم السني».
إلى ذلك أكد مصدر أمني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المؤشر لدى القيادات الأمنية هو أن عمليات التفخيخ باتت تجري في أحياء داخل العاصمة بغداد نفسها وتستخدم فيها مواد محلية الصنع وهو ما ينطبق إلى حد بعيد عن الأحزمة الناسفة وهو ما يعني أن المدن التي كانت تصنف على أنها مدن تنتج عمليات الإرهاب وتصدرها إلى بغداد أو باقي المحافظات بمن فيها الوسطى والجنوبية وهي الرمادي والفلوجة لم تعد قادرة على ذلك لأسباب بعضها معروف، وهي أنها تشهد عمليات قتالية وغير مستقرة أو محاصرة». وأوضح أن «ما بات يجري الآن في بغداد هي عبوات ناسفة في الغالب مع قلة بالسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة وهي تحتاج إلى جهد استخباراتي وليس إلى أسوار وأحصنة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.