البرلمان التونسي يصادق على مشروع لتعديل أحكام القانون الجزائي

المنظمات الحقوقية عدت التعديلات ثورة حقيقية لضمان حقوق المتهمين

البرلمان التونسي يصادق على مشروع لتعديل أحكام القانون الجزائي
TT

البرلمان التونسي يصادق على مشروع لتعديل أحكام القانون الجزائي

البرلمان التونسي يصادق على مشروع لتعديل أحكام القانون الجزائي

صادق البرلمان التونسي، أمس، على مشروع القانون المتعلق بتنقيح وإتمام أحكام القانون الجزائي، الذي ينظم علاقة المتهمين بمختلف الأجهزة الأمنية والقضائية، حيث منح القانون الجديد المتهمين حق معرفة سبب الاحتفاظ بهم في مراكز الشرطة، ومدة الاحتفاظ، وقابلية التمديد، كما مكنهم من التعرف على الضمانات التي يقدمها لهم القانون، مثل طلب عرض المتهم على الفحص الطبي، في إشارة إلى شبهات التعذيب التي ظلت تحوم حول أجهزة الأمن، وحقه في اختيار محام يدافع عنه منذ اللحظة الأولى التي يجري فيها اعتقاله، إلى جانب إخبار عائلة المتهم فور إلقاء القبض عليه.
وخفض القانون المصادق عليه في صيغته الجديدة مدة الاحتفاظ بالمتهمين من أربعة أيام، قابلة للتجديد مرة واحدة، إلى مدة لا تتجاوز 48 ساعة، تجدد مرة واحدة كذلك، ويتم الاحتفاظ بالمتهمين بعد الحصول على إذن قضائي بأي وسيلة تترك أثرا كتابيا. كما أجبر القانون الجديد موظفي الضابطة العدلية على إعلام المتهم بلغة يفهمها بكل الإجراءات المتخذة ضده عند الاحتفاظ به، ومنذ اللحظة الأولى للاعتقال.
وصادق البرلمان التونسي على مشروع هذا القانون بعد أكثر من ثمانية أيام من النقاش المطول تحت قبة البرلمان، حيث دافع عدد من أعضائه، أمثال سامية عبو عن حزب التيار الديمقراطي المعارض، وصلاح البرقاوي، المنتمي إلى كتلة الحرة البرلمانية المشكلة حديثا، عن التعديلات المقترحة، بالتأكيد على أنها تتعلق بالحريات الأساسية وحقوق الإنسان، وهي مسائل لا تقبل المساومة، على حد تعبيرهما.
ونص الفصل «13» من هذا القانون المصادق عليه، على ضرورة إنابة محام في كل القضايا، دون أن تستثنى في ذلك قضايا الجنايات والإرهاب، وهو ما ترك تساؤلات في الشارع التونسي، وفي صفوف المؤسستين الأمنية والعسكرية، اللتين تواجهان هجمات إرهابية متواصلة. لكنه تضمن في المقابل فقرة يمكن أن تخفف من رد فعل رجال الأمن والعسكر، حيث جاء فيها أنه «يمكن لوكيل الجمهورية في القضايا الإرهابية ألا يسمح للمحامي بزيارة المشتبه فيه طيلة مدة الاحتفاظ ومقابلته لضرورة البحث.. على ألا تتجاوز مدة المنع 48 ساعة من تاريخ الاحتفاظ به».
واستقبلت معظم المنظمات الحقوقية والناشطين في المجال السياسي هذه التعديلات بشكل إيجابي، وعدّت في بلاغات صدرت عن «الرابطة التونسية لحقوق الإنسان»، ومنظمة العفو الدولية، ومنظمة «هيومان رايتس ووتش»، و«المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب»، أن التعديلات تمثل ثورة حقيقية في مجال ضمان حقوق المتهمين، بصرف النظر عن طبيعة الجرائم المرتكبة. وفي هذا الشأن، قالت آمنة القلال، رئيسة فرع منظمة «هيومان رايتس ووتش» في تونس، إن المنظمة «تلقت هذه التعديلات بارتياح كبير، وهي تمثل ثورة في عالم التقاضي في تونس، ومن شأنها أن تدعم منظومة التقاضي وتضمن حقوق المتقاضين».
وفي السياق ذاته، نفت راضية النصراوي، رئيسة «المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب»، التي طالبت في السابق بمحاكمات عادلة للمتهمين في جرائم إرهابية، أن تكون هذه التعديلات في صالح العناصر المتطرفة، وأكدت على صبغتها الإنسانية واحترامها المواثيق الدولية، وأنها مكرسة للحقوق والحريات، وتوفر ضمانات المحاكمة العادلة لمختلف الفئات الاجتماعية.
على صعيد آخر، طالبت منظمة «هيومان رايتس ووتش» السلطات التونسية «بمراجعة قانون المخدرات، وإلغاء كل العقوبات بالسجن المتعلقة باستهلاك أو حيازة المخدرات لغايات ترفيهية»؛ إذ قالت آمنة القلال في مؤتمر صحافي، عقدته أمس بالعاصمة التونسية، إن مشروع القانون الخاص بتخفيف العقوبات على استهلاك المخدرات قد لا ينجح في معالجة الإشكالات الحقيقية الحالية.
ووفق إحصاءات قدمتها الإدارة العامة للسجون والإصلاح، فان عدد السجناء المدانين في قضايا متعلقة بالمخدرات كان في حدود 7451 شخصا، من بينهم 7306 رجال، و145 امرأة، وأدين نحو 70 في المائة من هؤلاء، أي ما يعادل 5200 شخص، باستهلاك أو حيازة المخدرات.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.