المغرب يقرر تشديد الإجراءات الأمنية لمواجهة العنف داخل الملاعب

وزير التعليم العالي: تيارات متطرفة مسؤولة عن تغذية التوتر داخل الجامعات

المغرب يقرر تشديد الإجراءات الأمنية لمواجهة العنف داخل الملاعب
TT

المغرب يقرر تشديد الإجراءات الأمنية لمواجهة العنف داخل الملاعب

المغرب يقرر تشديد الإجراءات الأمنية لمواجهة العنف داخل الملاعب

أعلنت السلطات المغربية، أمس، عن اتخاذ مجموعة من التدابير الرادعة لمواجهة العنف داخل الملاعب الرياضية، وذلك في اجتماع شارك فيه وزراء الداخلية، والعدل، والشباب والرياضة، ومسؤولون أمنيون، وممثلو الاتحادات المحلية لكرة القدم.
وجاءت هذه الإجراءات بعد تكرار أعمال العنف والشغب في اللقاءات الرياضية الكبرى المنظمة في البلاد، ومن بينها مباراة الديربي التي جمعت بين فريقي الوداد والرجاء البيضاويين، في 20 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، والتي أعقبتها أعمال شغب اندلعت بين مشجعي الفريقين ورجال الشرطة، أسفرت عن إلحاق خسائر مادية بالممتلكات العامة والخاصة، إضافة إلى إصابة 25 شرطيًا بجروح وإصابات متفاوتة الخطورة، زيادة على توقيف 59 من المشجعين.
وذكر بيان مشترك لوزارات الداخلية والعدل والحريات والشباب والرياضة، والجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، أنه على أثر تكرار أحداث الشغب والعنف بمناسبة بعض التظاهرات الرياضية، خاصة مباريات كرة القدم، بادرت القطاعات والمؤسسات المعنية إلى عقد اجتماعات، تهدف لإعداد استراتيجية عمل شمولية وموحدة لاحتواء هذه الظاهرة، التي تهدد بإلحاق أضرار بصورة الرياضة في المملكة.
وقررت السلطات المغربية اتخاذ إجراءات آنية، وتعزيز التنسيق بين كل القطاعات، عبر الإسراع بإخراج النص التنظيمي الخاص باللجان المحلية، المنصوص على إحداثها في القانون المتعلق بتتميم مجموعة القانون الجنائي حول العنف، المرتكب أثناء المباريات أو التظاهرات الرياضية، أو بمناسبتها.
وينص هذا القانون، الذي صدر عام 2011، على عقوبات زجرية تصل إلى السجن من سنة إلى 5 سنوات ضد مرتكبي أعمال العنف داخل الملاعب من المشجعين. ومن بين هذه الإجراءات المتخذة التنصيص على ضرورة حضور ممثلي النيابة العامة خلال الاجتماعات التحضيرية للمباريات، وكذا أثناء التظاهرات الرياضية. كما تقرر تطبيق القانون «بالحزم والصرامة اللازمين بحق الأشخاص المتورطين في ارتكاب أعمال العنف الرياضي»، وذلك بمنعهم من حضور المباريات، مع إمكانية إجبارهم على ملازمة محال إقاماتهم أو أماكن أخرى، أو تكليفهم بالتردد على مراكز الأمن أو السلطة المحلية أثناء إجراء هذه المباريات.
وأشار المصدر ذاته إلى أنه تقرر أيضا إغناء القانون المتعلق بالعنف داخل الملاعب بمقتضيات تمنع القاصرين غير المرافقين من الولوج للملاعب الرياضية، وتحدد مسؤولية أولياء الأمور تجاه تصرفاتهم، ومنع التنقل الجماعي للجماهير خارج العمالات والأقاليم (المحافظات) في حالة ما إذا تبين أن هذا التنقل من شأنه تشكيل تهديد للأمن العام، والحزم في تطبيق مقتضيات مدونة التأديب من طرف الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في حق كل الأندية، التي يتسبب جمهورها في أعمال شغب، بما في ذلك إجراء مباريات من دون جمهور.
وتضمنت الإجراءات أيضا الشروع في تنفيذ برنامج تجهيز الملاعب الرياضية التي تستقبل مباريات البطولة الاحترافية بالوسائل التكنولوجية الحديثة، مثل كاميرات المراقبة، ومراقبة الولوج للملاعب عبر البوابات الإلكترونية، وتحديث نظام بيع التذاكر، لتساعد على تنفيذ البروتوكولات الأمنية، حيث تقرر في هذا الصدد أن يتم الانتهاء من تنفيذ هذا البرنامج قبل نهاية السنة الحالية.
في سياق متصل، قال لحسن الداودي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، إن أحداث العنف والصراعات التي تقع في بعض الجامعات المغربية «تغذيها تيارات متطرفة من خارج الجامعة، ويقع ضحيتها الطلبة».
وأضاف الداودي، الذي كان يتحدث مساء أول من أمس، خلال الجلسة العامة المخصصة للأسئلة بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان)، ردا على سؤال حول عودة العنف إلى الجامعة المغربية إثر مقتل شخصين في محيط جامعتي أغادير ومراكش قبل أسبوع، أن الضحيتين «لا ينتميان إلى أية جامعة مغربية، وهما ليسا طالبين»، منتقدا إقحام الجامعة في أحداث العنف التي وقعت. كما أوضح الداودي أن «المواجهات العنيفة التي عرفتها أغادير ومراكش جرت أطوارها في مدخل الحي الجامعي بأغادير، وخارج الحي الجامعي بمراكش، وتدخل في إطار صراعات فصائلية ذات بعد آيديولوجي تجمع أطيافا مختلفة من داخل الجامعة وخارجها».
وكان أحد نشطاء الحركة الأمازيغية، يدعى عمر خالق، قد توفي الأسبوع الماضي، متأثرا بجروح تعرض لها إثر مواجهات بمحيط كلية الآداب التابعة لجامعة القاضي عياض بمراكش، واتهم طلبة صحراويين بقتله. وستجري محاكمة المتورطين في 25 فبراير (شباط) الحالي، وقبل ذلك بأسبوع قتل طالب سابق بمحيط الحي الجامعي «ابن زهر» في مدينة أغادير.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم