دي ميستورا يعلق «جنيف السورية» حتى 25 فبراير.. ويطلب النجدة من مجلس الأمن

تعويل على «مجموعة الدعم» التي تعقد اجتماعًا في ميونيخ في 11 من الشهر الحالي

كبير المفاوضين في وفد المعارضة إلى جنيف والمفوض السياسي لفصيل جيش الإسلام يستعد لأن يستقل سيارته أمس في العاصمة السويسرية (أ.ف.ب)
كبير المفاوضين في وفد المعارضة إلى جنيف والمفوض السياسي لفصيل جيش الإسلام يستعد لأن يستقل سيارته أمس في العاصمة السويسرية (أ.ف.ب)
TT

دي ميستورا يعلق «جنيف السورية» حتى 25 فبراير.. ويطلب النجدة من مجلس الأمن

كبير المفاوضين في وفد المعارضة إلى جنيف والمفوض السياسي لفصيل جيش الإسلام يستعد لأن يستقل سيارته أمس في العاصمة السويسرية (أ.ف.ب)
كبير المفاوضين في وفد المعارضة إلى جنيف والمفوض السياسي لفصيل جيش الإسلام يستعد لأن يستقل سيارته أمس في العاصمة السويسرية (أ.ف.ب)

انتهت المرحلة الأولى من محادثات جنيف لإطلاق مسار الحل السياسي في سوريا من حيث بدأت ومن غير تحقيق أية نتيجة إيجابية. وأعلن المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا مساء أمس، عقب لقائه وفد المعارضة الذي انضم إليه المنسق العام للمفاوضات رياض حجاب، تعليق المحادثات حتى الخامس والعشرين من الشهر الحالي «من أجل فسح المجال للتصدي للقضايا الواجب حلها قبل العودة إليه». وأشار المبعوث الدولي إلى أن اجتماعا سيعقد لمجلس الأمن قبل العودة إلى مقر الأمم المتحدة في المدينة السويسرية. واعتبر دي ميستورا الذي التقى كذلك المبعوث التركي في فندق المعارضة أن «الصراع طويل ويحتاج إلى وقت وجهود طويلة للمعالجة».
وتأتي هذه النتيجة المخيبة لتعطي مصداقية للمآخذ التي أطلقت بحق المبعوث الدولي لجهة الدعوة إلى بدء محادثات من غير التحضير اللازم ومن غير توافر الظروف الضرورية حتى تفضي إلى نتائج إيجابية. وخلال الأيام الستة للمحادثات الصعبة، وجد المبعوث الدولي نفسه بين مطالب ومواقف متناقضة تماما. وجاء الهجوم العسكري الواسع لقوى النظام والطيران السوري في منطقة حلب ليضع المعارضة في موقف حرج للغاية. وقال رياض حجاب إن الوفد اتخذ قرار مقاطعة المحادثات قبل وصول دي ميستورا إلى فندق «بريزدانت ويلسون» حيث يقيم. ولم يعرف مساء موعد انعقاد مجلس الأمن، لكن الطريق المسدود الذي وصلت إليه جهود المبعوث الدولي رغم قرار مجلس الأمن الإجماعي وبيان فيينا يعني أن الحرب «ستكون طويلة وأن أطرافا لن تقبل التفاوض جديا قبل أن تكون قد حققت مكاسب واسعة ميدانيا» وفق ما ترى مصادر دبلوماسية غربية تواكب محادثات جنيف.
ومرة أخرى، تظهر موسكو أنها تمسك بناصية المبادرات العسكرية والدبلوماسية وأنها تملك «الأدوات» لتعطيل المحادثات التي انطلقت من جنيف قبل ستة أيام ومن غير نتيجة حتى الآن، كما أنها قادرة على تسهيلها. وقالت المصادر الدبلوماسية المشار إليها قبل أن يدلي دي ميستورا بتصريحاته، إن «تعقيدات الوضع وتصرف النظام والقوى الجوية الروسية، ميدانيا، يجعل التعويل ممكنا فقط على اجتماع «مجموعة الدعم» لسوريا التي من المقرر لها أن تعقد اجتماعا في ميونيخ في الحادي عشر من الشهر الحالي على مستوى وزراء الخارجية. وتضيف هذه المصادر أن المبعوث الدولي المتسلح بالقرار رقم 2254 «عاجز» عن التعامل مع المعطيات المستجدة التي «تتخطاه»، وهو بحاجة إلى أن «تأخذ المجموعة بيده وإلا سيكون مصير (جنيف3) كمصير (جنيف2)».
وتتشكل مجموعة الدعم من 17 بلدا رئيسيا بينها الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والمملكة السعودية وفرنسا وإيران. ونجحت المجموعة، في اجتماعها في فيينا ثم لاحقا في نيويورك في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي في التفاهم على «خريطة طريق» للحل في سوريا تم تبنيها في مجلس الأمن الدولي بموجب القرار رقم 2254 الذي كلف دي ميستورا بالسعي لتنفيذه من خلال جمع الأطراف السورية، بيد أن المبعوث الدولي يبدو عديم الحيلة في تحقيق تقدم ما، إذ إنه بعد ستة أيام من الجهود المكثفة في جنيف ما زال في المربع الأول. وبعد أن علق وفد الهيئة العليا للتفاوض محادثاته مع دي ميستورا أول من أمس بسبب القصف الجوي الروسي على حلب ومنطقتها، كان الغموض سيد الموقف أمس في مقر الأمم المتحدة لجهة السلوك الذي سيتبعه وفد الهيئة. وبحسب المصادر الغربية المشار إليها، فإن المعارضة تجد نفسها في وضع حرج، فلا هي قادرة على الاستمرار في «محادثاتها» مع دي ميستورا في ظل التصعيد الميداني وفي غياب أي إنجاز بصدد المطالب التي رفعتها (وقف القصف العشوائي الذي يستهدف المدنيين، رفع الحصار عن 15 مدينة وبلدة وإخلاء المعتقلين بدءا بالنساء والأطفال) في اجتماعها الأول «والوحيد» معه يوم الاثنين، ومن جهة ثانية لا تستطيع المعارضة مقاطعة المبعوث الدولي أو ترك جنيف، علما بأن بعض قادتها هدد بالانسحاب ومغادرة المدينة السويسرية مع نهاية الأسبوع الحالي إذا لم تتحقق المطالب التي نقلتها والمنصوص عليها في الفقرتين 12 و13 من القرار 2254. ويبدو واضحا أن المعارضة وجدت أن الخسارة التي ستلحق بها سياسيا دبلوماسيا بسبب المقاطعة أقل من الخسائر لو قبلت الاستمرار فيها.
وحتى أمس، بقيت مطالبات المعارضة للأسرة الدولية بالتدخل لوقف «فوري» لقصف الطائرات الروسية وطائرات النظام، وبعقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي، من غير جواب، بل إن الرد جاء من مسقط حيث أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أنه «لا يرى لماذا يتعين أن تتوقف الضربات الجوية»، بل إن لافروف ذهب إلى أبعد من ذلك حينما أكد أنها «لن تتوقف ما دمنا لم نهزم حقيقة تنظيمي داعش والنصرة» وفق ما نقلته وكالة «إنترفاكس» الروسية.
إزاء التشدد الروسي، يبدو الوقف الأميركي «مائعا»، إذ إن الوزير جون كيري طالب من روما أول من أمس بوضع حد لعمليات القصف الجوي الروسية، داعيا موسكو لإعلان وقف «فوري» لإطلاق النار وفق القرار الدولي الأخير. ويرى كيري أن أمرا كهذا «ممكن»، إذ إن الروس، بطبيعة الحال، يسيطرون على طائراتهم، كما أنهم مع الإيرانيين يسيطرون على طائرات النظام، إلا أن الوزير الأميركي «حث» المعارضة على الاستمرار في العملية السياسية والتفاوض «رغم القصف»، بيد أن هذا الموقف لا ينطبق على كل الأطراف الغربية. فقد قال سفير دولة غربية كبرى موجود في جنيف لـ«الشرق الأوسط» إن موقف بلاده مختلف، إذ إنها «لا ترى كيف يمكن الاستمرار في الحوار ثم المفاوضات بينما القصف مستمر على مواقع أطراف موجودة هنا في جنيف من أجل الحل السياسي الذي تسعى إليه الأمم المتحدة».
وبعد ظهر أمس، عقد دي ميستورا اجتماعا مع وفد المعارضة، ليس في مقر الأمم المتحدة ولكن في الفندق الذي تنزل فيه بمشاركة رياض حجاب. كذلك تشاور سفراء غربيون من «المجموعة الضيقة» الداعمة للمعارضة في ما بينهم من جهة ومع دي ميستورا ووفد الهيئة من جهة أخرى، بحثا عن «مخرج» للمعارضة من الطريق المسدود، خصوصا أنها مورست عليها أكبر الضغوط لحملها على الذهاب إلى جنيف والمشاركة في المحادثات ثم المفاوضات غير المباشرة، في حال توفرت الشروط لذلك. وتريد المعارضة من هذه المجموعة أن «تترجم الضمانات» التي أعطيت لها إلى واقع، وأن تتكفل بدفع النظام السوري وداعميه إلى تنفيذ ما يسمى «خطوات بناء الثقة لا أن تكون محادثات السلام رهينة العمليات الميدانية».
وقالت بسمة قضماني، وهي عضو في الوفد المفاوض، لـ«الشرق الأوسط» إن المعارضة «ترفض المساومة على تنفيذ الخطوات الإنسانية المطلوبة من النظام وترفض ابتزازه القائم على تجزيئها»، مضيفة أن المعارضة تريد أن «تفتح ممرات دائمة للمدن المحاصرة» حتى لا تتكرر تجربة دوما وحمص الأليمة. كذلك نددت قضماني بغياب «أي بادرة إيجابية» من الطرف المقابل، ما يعني، وفق الوفد، أنه موجود في جنيف ولكنه «غير راغب في التفاوض للوصول إلى حل»، لكن المعارضة بالمقابل ليست راغبة في الانسحاب في الوقت الحاضر، وإذا ما أرادت التعبير عن احتجاجها فلا شك أن ذلك سيكون عن طريق «تعليق» مشاركتها في المحادثات مع المبعوث الدولي. وجاء رد النظام عل لسان السفير بشار الجعفري الذي قال أمس في جنيف إن ما يجري «يندرج في الإطار الإجرائي التحضيري للمحادثات غير المباشرة»، وإنه «بانتظار معرفة مع من سنتحاور. وحتى الآن ليس هناك شيء واضح.. هل سيكون وفدا أو اثنين أو ثلاثة أو أربعة؟.. ليست هناك إجابات واضحة». كذلك تساءل الجعفري عن حقيقة أجندة الاجتماع.
وتوقعت المصادر الغربية محادثات «مرهقة» ستشهد عملية «عض أصابع مؤلمة»، مضيفة أنها ستتم بطبيعة الحال في قاعات التفاوض في جنيف، ولكن أيضًا على جبهات القتال حيث «لا يمكن الفصل بين ما يجري هنا في جنيف وهناك في سوريا». وقالت أوساط دي ميستورا لـ«الشرق الأوسط» إن المبعوث الدولي يراهن على مجموعة من الفرضيات، أولها «تعب» المتقاتلين، واستحالة الحل العسكري للجانبين، وعدم رغبة موسكو في الانزلاق إلى حرب لا تنتهي في سوريا، واستمرار واشنطن في السعي للتوصل إلى حل سياسي. يضاف إلى ذلك قلق أوروبا من استمرار الحرب وما تفضي إليه من تدفق مئات آلاف اللاجئين إلى شواطئها وأراضيها فضلا عن استفحال ظاهرة الإرهاب.



الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.