شخصية «الجنادرية 30» بن عقيل الظاهري: غياب الحرية وراء ضحالة الفكر والثقافة

قال لـ {الشرق الأوسط} إنه ليس راضيًا عن كل أعماله السابقة ويفخر ببعضها

أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري
أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري
TT

شخصية «الجنادرية 30» بن عقيل الظاهري: غياب الحرية وراء ضحالة الفكر والثقافة

أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري
أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري

يحمل الشيخ محمد بن عمر بن عبد الرحمن بن عقيل المعروف بأبي عبد الرحمن بن عقيل الظاهري، صفات العالم والمفكر والأديب، وهناك إجماع على أنه متعدد المواهب، ذو ثقافة موسوعية عالية، منقّبًا فكريًا، ومكتشفًا معلوماتيًا في عدة مناطق من جغرافية الثقافة العربية والإسلامية بشهادة كثير من المثقفين والنقّاد، والذين لفت نظرهم إنتاجه المنشور في مجالات معرفية متنوعة، ومن خلال مطارحاته الفكرية والنقدية في مجال الأدب واللغة والفن والفلسفة وعلم الجمال، والتاريخ وعلم الأنساب، وتحقيق المخطوطات، وتعمقه في علوم الدين الإسلامي، وبشكل خاص علوم القرآن والسنة والتفسير والعقيدة، حيث نال درجة الماجستير في علوم التفسير، وقد تسمى بالظاهري لانتسابه لـ«المدرسة الظاهرية»، التي يتمسك أتباعها بالكتاب والسنة، وينبذون الرأي كله من قياس واستحسان، وخلافًا لما يقول البعض، فهم يثبتون العقل في تمييز معاني النصوص.
«الشرق الأوسط» حاورت الظاهري ليلة تكريمه بعد اختياره الشخصية الثقافية المكرمة في الجنادرية 30، وتخصيص ندوة عن جهوده في خدمة الأدب والفكر والتراث، ستقام يوم السبت المقبل ضمن فعاليات النشاط الثقافي للجنادرية هذا العام.
وكان هذا الحوار:
* ماذا عن تجرِبَتِكم مع الْقِرَاءةِ و«عِشْقِها في ليالي الإضاءَةِ الخافتة»؟
- لا أُحْصِي الليالي التي أَحْيَيْتُها في الضوءِ الخافت مع أبي دَنانٍ، ثم الْفَنَر، ثم الْإتْرِيك.. وقد أَثَّرَتْ علي هذه النَّشْأةُ، فكنت أسهرُ الليلَ وأنام النهارَ.. وهذا السهر قبل نُمُوِّ المدارِك، وتوفُّرِ الكتب، وكانَ أكثر أعمالي: إما نسخًا، وإما سهرًا.
* جيلكم من الأدباء الْمُفكِّرين والشعراءِ يقرأون أكثر مما يكتبون، فهل هذا صحيح؟
- نعم كان هذا هو الواقعَ، وكنتُ تَلَقَّنْتُ قولَ (صفي الدين الحلي):
لَمْ تُعْطَ مَعْ أذْنَيْكَ نُطْقًا واحدًا إلَّا لتسمعَ ضِعْفَ ما تتكلَّمْ
وإنني أعرفُ عددًا من مشايخي ومن هم في عصرهم يحملون علمًا غزيرًا فخمًا ولا يكتبون مقالات ولا مؤلفات كآل داود عامَّةً، وهم أساتذتي من أهل حُريملاء مِن قحطان، والراحل عبد الله السعد من الوشم من الفرعةِ من النواصرِ من تميم، والشيخ عبد الله بن زامل شيخي من أهل سدير.. وغيرهم، وغيرهم كثير.
* ما فلسفتكم بخصوص ضرورةِ القراءةِ لزيادةِ الثقافةِ؟
- زيادة الثقافةِ نتيجةٌ طبيعيةٌ لكثرةِ القراءة.. إلا أن الثقافةَ تكون أُفُقِيَّةً، وتكون رأسية.. تكون أُفُقِيَّةً حينما يكون الغرضُ زيادةَ الثقافةِ وحسب، فينتقل من كتابٍ إلى كتاب في مختلف العلوم، ليكون محادِثًا نديمًا مسامِرًا، وهذه الثقافة الأفقية وحدها لا تعجبني.. والثقافة الرأسية، وهي ثقافة المؤلف الباحث المحقِّق حينما يكون في رأسه أي فكرة، أو مسألة (عقلية أو نقلية) في أي حقل من حقول العلم، فيشبعها قراءة وتلقيطًا، ثم يحوِّلها إلى بحث مُحَقَّق، فهذه هي الثقافة الأصلية النافعة.. وهناك ما هو أَردأُ أنواع الثقافة الأفقِيَّةِ، وهو ما سميته بالثقافة (الخطَّافية) بتشديد الطاءِ الْمُهْمَلَةِ، فيأخذ بيتَ شعرٍ من ورقةِ تقويم، ولقطةً من تلفاز، ونكتةً تظهر له من جريدة، فيعي ذلك، ويتحدث به، فهذه هي الثقافة الخُطَّافية التي يخطفها على عجل من غير تأصيل ولا خبرة علمية.
* هل تتوقعون زمنًا لا يقرأ فيه أحد مع تطوُّرِ المرئيات وانتشارِها؟
- كلا.. كيف أتوقع محالاً.. الكُتُبُ أوسعُ مساحةً، وأوعبُ مادَّةً.
* قبل نصفِ قرنٍ أو أقل كانت القراءةُ هوايةً وطريقةً للعلم، فهل كان ذلك بسبب غياب المرئيات، أم كانت هناك عقليةٌ أكثر اهتماما بالثقافة المتعمِّقة؟
- الدافعُ للقراءة سابقًا قِلَّةُ الكتب، ومحدوديةُ الْمَعارِف، وقِلَّةُ الْمُزاحِم من الْمُسلِّيات، وتعقيداتُ العصر.. وكثرةُ الكتب تُوَسِّعُ الثقافة، وتقلِّل التخصص.. والآن القراءةُ أكثر مِن ذي قبل، ولكنها ثقافيًا متشعِّبة غيرُ تخصُّصية إلا عند قِلَّةٍ، وساعد على سعة الثقافة كثرة الكتب، وكثرةُ أدوات التوصيل كالتصوير والكومبيوتر، ووسائل الإعلام الْمَرئية والْمَسموعة.. وقارئ ما قبل نصف قرنٍ عميقٌ في فنه، ولكنَّ فَنَّهُ محصور في مراجعَ على أصابع اليد.
* تأصيل الْمَعرفة والثقافة بالقراءة فقط هل يُساعد عليه كثرةُ الصُّحُفِ والدورياتِ المطبوعة؟
- نعم تساعد بشرطين:
أولُهما: أنْ تكونَ قراءتُه تصفحًا واختزالاً.
وأخراهما: أنْ يستل البحوثَ الْمُتخصِّصة في أضابير مصنَّفة، أو يُحِيل إليها في كُنَّاشه، ليراجعها وقت الحاجة.
* عندما يطولُ الحديثُ عن القراءة، فلأنكم الأقربُ لها، ولذلك أسألُ عن السرِّ الحقيقي في الاهتداء إلى هذه العلاقة وقد وصلت لديكم إلى حدِّ العشق الكبير؟
- أكثرتُ الحديثَ في التباريح عن هذا السر، وأُوجِزُه بأنني كنتُ حُرًّا في قراءاتي، مُتَبرمًا من الدروس الإلزامِيَّة، كما أن وَلَعِي بسيرة عنترةَ في الصِّبَا رَدَّني إلى أدب العرب ولغتهم وتاريخهم في الجاهلية.. كما أن تعلُّقي بابن حزم منذ الصغر ابتداء بطوق الحمامة (، وابن حزمٍ إمامٌ متعدِّدُ الْمَعارف ثقافةً وتخصُّصًا): جرَّني إلى حُبِّ الاستطلاع، وهو حب إلى هذه اللحظة يزداد ضراوةً.
* أسلوب التَّلقْين في التعليم هل أنتم من مؤيِّدِيه، وإنْ كنتم مِن مُؤَيِّدِيه أو رافضيه فلماذا؟
- : هو ضروري في مراحِل الحضانة والابتدائي.. وَبَعْدَ نُمُوِّ الْمَدارِكِ: فلا بد مِن حُرَّيَّةِ الْفِكْرِ واستقْلالِه مُتَسَلِّحًا بالعلم الغزيرِ، وتَعَدُّدِ الْمَشارِب، لا بِبادِي الرَّأْي الذي هو حُرِّيَّةٌ سلوكيَّةٌ وليس ضرورةٌ فِكريَّةٌ عِلْمِيَّةٌ.
* هل يعتقد أبو عبد الرحمن أنَّ هناك خللاً في تركيبةِ وهيكليةِ الْمَناهج الدراسية، وهل تعتقدون أنَّ هناك ضحالةً ثقافيةً لدى هذا الجيل؟
- أضيف إلى ما سلف أنْ تكون هناك خُطَّةٌ من الدْولة خَمْسِيَّةٌ أو عشرية أو ما يشاء الله يُقَرَّرُ فيها حاجةُ البلادِ إلى الحقول التي يراد التخصُّصِ فيها، ومن ثم تكون الْمنَاهِجُ تبعًا لذلك بأنْ تُضَاعَفَ موادُّ التخصُّص، وَتُكَثَّفَ في مَرْحَلَةِ الجامعة (البكالوريوس)، وَيُقَلَّلَ ما يُزاحِم ذلك من الْمَوادِّ، وأن تُرْفَعَ نسبةُ القبولِ لِما تريد الدولةُ التخصُّص فيه، وأنْ تكونَ مرحلةُ الثانوي مرحلةَ انفتاحٍ على الْمَعارفِ الأخرى غيرِ التراثية باستثناء العقيدةِ (التوحيد)، فتظلَّ مكثفةً إلى مرحلة التخصص في الجامعة.. وعلى المسلم - مهما كان تخصُّصُه - أنْ تظلَّ الْمِلَّةُ والشريعةُ واللغةُ العربيةُ وعلومُها: مِن ممارستِه الثقافية الْحُرَّةِ.
* عندما يقال: بأنَّ الْمَطلوب للإنسان الْمُثقفِ الإلْمَامُ.. أي أنْ يأخُذَ مِن كلِّ بحرٍ قطْرة، فهل يكفي ذلك؟
- لا يكفي، بل لا بد مِن فنٍّ أو أكثر يكونُ فيه عالِمًا مُتَخصِّصًا، ثم يوسِّع ثقافتَه في كل فنٍّ.. والناس مِن جهة الثقافة أصنافٍ:
أ - مثقف كالجاحظ وابن قتيبة والتوحيدي.. إلى طه حسين والعقاد.
ب - عالم خَنَقَه التَّخَصُّص مُتَخَصِّصٌ في بعضِ الْمَعارِف واسعُ الثقافة فيما لَمْ يتَخصَّصْ فيه كابن جرير وابن حزم وابن حجر والسيوطي وابن كمال باشا.. إلى بعضِ أعضاء الْمَجامع اللغوية.. إلى الدكتور إحسان عباس.. إلخ.
* كل مشكلاتنا أمامَ وجودِ ضحالةِ الفكرِ والثقافة ترجع في اعتقاد بعضِ الْمُتابعين إلى غيابِ (الكُبار)، وتنحِّيهمْ عن مسؤوليةِ القيامِ بواجب توجيه الدَّفَّة، فهل هذا صحيحٌ، أو أنَّ هناك أسبابا كالتي يُقال عنها: فوارقُ الثقافة بين الأجيال؟
- الكبار الآن موجودون على أَلَقِهمْ في الْمَدارس والْمَساجد، وإنما المشكلة في غياب الْحُرِّيَّة الْفِكْرِيَّة، وهي حُرِّيَّةٌ لا تكونُ مِن قِبَلِ الْبَشرِ، بلْ مِن قِبلِ الفردِ نفسِه بأنْ يكونَ بعد سَعَة العلمِ والْفِكْرِ حُرّ التَّطَلُّعِ بقيد الالتزام بضرورات العقل والحسِّ، فهذه هي مسؤوليَّةُ الالتزام بَعْدَ حُرِّية الفكرِ التي أَلْجأَته إلى ما يجب عليه الالتزام به بِمَنْطِقِ العقل الإنساني الْمُشْتَرَكِ، فيرتَفِعُ الطالب منذ التوجيهي عن الحضانة والتقليد، ويتوسَّعُ في القراءة الحُرَّة، ويتحرَّر من التقليد والإمعيَّةِ، ويخضع لِمَسؤولية عقله حريةً وقيدًا بشرط العبودية لله التي هي مُنْتَهى الحرية مما سواه.. وبشرط الهضم الجيد ل (نظرية الْمَعرفة البشرية ومصادرها)، ويتَّبِعُ الدليل والبرهان، ولا يستوحش من كثرةِ خلافِ الأتباع.. وفوارقُ الثقافة بين الأجيال، وَقِلَّةُ مصادرِ سلفِنا القريب: فارقٌ مؤثر بلا ريب، وكانوا يقولون (مَنْ تَمَنْطَقَ تَزَنْدَقَ)، وهي مَقُولةٌ خرقاءُ رَعْناءُ، ولكنْ ليس الْمَنطقُ هو منطقَ أرسطو الذي كتبَه لعلاجِ أغاليط مُعيَّنةٍ، بل الْمَنطقُ الحذقُ الجيِّدُ لنظرية المعرفةِ التي مِن ثِمارِها دورُ العقل في الْمَعرفة، والحذقُ الجيِّدُ لنظريةِ الْمَعرفة ومصادرها: يعني في النهاية الإيمانَ القوي بأنَّ ما جاء خبرهُ عن الله تعالى بالنَّصِّ القطعي دلالةً وثبوتًا: هو مصدر الحقيقة؟
* بماذا يحدثنا أبو عبد الرحمن عن مؤلفاته؟
- كثيرة جدًا.. أعمل في بعضها منذ ثلاثين عامًا إلى أربعين عامًا، وستصدر الدَّفْعَةُ الأولى منها إنْ شاء الله تعالى في خمسة عشر مجلدًا، والمُجلد 700 ورقة أي 350 صفحة من المقاس الكبير 33 / 27سم.. ولستُ راضيًا عن كل أعمالي السابقة، وإنْ كنتُ فخورًا ببعضها مثل: (الحقُّ الطبيعي وقوانينه)، و(تحقيق المذهب)، و(من أحكام الديانة)، و(كيف يموت العشاق)، و(جدليات العقل الثلاثة).. ستصدر إنْ شاء الله تعالى أعمالي الخاصة في موسوعة بعنوان: (الأعمال الكاملة لابن عقيل)، وأَهَمُّها وأكثرها رواجًا كتابُ (مجموعَةُ التباريح)، فقد ألَحَّ علي كثير من الْمُثَقَّفين والزملاء أنْ أُسْرِع في إصداره كاملاً، وقد أنجزتُ منها ثلاثةَ مُجلَّدات.. وأنجزتُ أيضًا من جميع كُتبي مع ما أنجز مِن (مجموعة التباريح) خمسةَ عَشَرَ مُجلَّدًا، والباقي قريبٌ مِن ذلك أو أكثر، وكنتُ أعمل فيها خلال أكثر من نصفِ قرن، وكتبي منها ما نَفِدَ، ومنها ما لم يَرَ النورَ بعد، ومنها الْمُتناثِرُ في الجرائد والدوريات والأشرطة الْمُسجَّلة بالنسبة لِمُحاضراتي الشفهيَّة، وقد أعدتُ النظر فيها تهذيبًا وتشذيبًا وإضافة.. وأهم كتبي: كتاب (لن تلحد)، وكتاب (المسؤولية التاريخية)، الذي يتناول في ثناياه الأدوار السعودية المباركة.. وكتاب (ابنُ حزم خلال ألف عام)، وهو كتابٌ قيمٌ، ومرجعٌ مهم في موضوعه للباحثين وطلبة العلم في العالم الإسلامي، وقد بذلتُ فيه جهدًا علميًا، مع نخبة من طلبة العلم الباحثين والمحققين بإشرافي وإشراف الشيخ عبد الحق التركماني.. وكتاب (تفسير التفاسير)، وكتاب (العَقْلُ الجمالي) يَتَضَمَّنانِ عددًا من الدراسات النقدية والأدبية من الآداب العربية، والآداب الأجنبيَّة المُترجَمَة، والآداب العامية، إضافة إلى كتابي الآخر، وهو كتاب (الأدبُ العامي والفنون الشعبية)، فهذا خاص بأدبِ اللهجة العامِيَّة، وهو أَدَبٌ مُقارَنٌ.. وكتابُ (مَقاييس اللغة)، وهو بحمد الله كتابٌ بِكْرٌ في موضوعه نالَ استحسانَ ذوي الاختصاص مع عامة المثقفين، ولا أزال أباشر النقل منه في الْمَجْمع اللغوي الذي يديره الدكتور عبد العزيز الحربي.. وبقية كتبي أجزاءٌ وَمُجلَّدات كل واحد في موضوع خاص مثلُ كتابي عن عُمر الخيَّام الذي درستُ فيه رباعياته، وأسهبتُ في دراسة (فَلْسَفةُ الكوز) المعروفة بـ(الذَّرِّيَّةُ الخيامية).. وكتابي (الحقُّ الطبيعي الذي بُنِيَتْ عليه القوانين الوضعية).. ودراسات لي فَنِّيَةٌ عن الغناءِ والْمَسرحياتِ والأفلام، وقد تراجعتُ عن بعضها بعد بلوغي هذه السِّنِّ، ولا أملك إحراقَها، وقد طُبِعتْ ونفدت وانتشرت بين الناس، ولا سيما كتابُ (هكذا علمني وَردزَوُرْث)، وكتيِّب (النَّغمُ الذي أحْبَبْتُه)، وكُتَيِّبي (نظراتٌ لاهيةٌ).. ولكنني أَبْرَأْتُ ذِمَّتِي بنقضي الأفكار التي كتبتها، والتَّنْبيهِ عليها في إجازاتي الْمُطوَّلةِ بعضَ الطُّلابِ والأقْرانِ والْمَشايخِ.. وأهمُّ ما طبع مِن كُتُبِي ذاتِ الموضوعِ الخاصِّ: كتاب (تحقيق المذهب)، وهو تحقيق للردود التي كُتِبتْ ردًّا على أبي الوليد سليمان بن خلف الباجي الأندلسي رحمه الله تعالى لَمَّا ألف كتابًا عن مذهبه بأنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم كان أُمَّيًا لم يكتب، وذلك معجزة، ثم كَتَب لَمَّا بلَّغ الرسالةَ، فكان ذلك معجزةً أخرى.. وأعمالي في تحقيق بعض مؤلفات العلماء الخطيَّة من المجلدات والأجزاء الصغيرة كثيرةٌ كتحقيقي كتاب (ذمُّ الشَّبَّابةِ – يعني الْبُوق - ) لابن قدامة، وبعضُ الرسائل الصغيرة نشرتها في مُجَلَّدين بعنوان: (الذخيرةُ مِن المُصَنَّفاتِ الصغيرة).
* كيف كانت تجربتكم مع الشعر؟.
- إنني خِلْقَةً ووجدانًا مُهَيَّأٌ لأن أكون شاعرًا، ولكنَّ طَلبَ العلمِ والبحثَ والتأليفَ يئد التجليات الشعرية، وابتسامات القريحة، فآثرتُ الإخلاص للعلم لا للشعر.



ماكرون يصل إلى الإمارات ومحمد بن زايد يستقبله ويبحث معه العلاقات الثنائية

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات خلال استقبال نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون (وام)
الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات خلال استقبال نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون (وام)
TT

ماكرون يصل إلى الإمارات ومحمد بن زايد يستقبله ويبحث معه العلاقات الثنائية

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات خلال استقبال نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون (وام)
الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات خلال استقبال نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون (وام)

استقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، اليوم، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي يقوم بزيارة عمل إلى أبوظبي، في لقاء عكس زخم الشراكة الإماراتية - الفرنسية، وتوسّع مساراتها خلال السنوات الأخيرة.

ورحّب رئيس دولة الإمارات بالرئيس الفرنسي خلال اللقاء الذي عُقد في متحف زايد الوطني بأبوظبي، حيث تبادل الجانبان التهاني بمناسبة قرب حلول العام الجديد، معربين عن تمنياتهما للبلدين وشعبيهما بمزيد من التقدم والازدهار وفقاً لما نقلته وكالة أنباء الإمارات (وام).

وبحث الشيخ محمد بن زايد والرئيس ماكرون مسار العلاقات التاريخية والاستراتيجية التي تجمع البلدين، وسبل تعزيزها، لا سيما في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والثقافية، إلى جانب التعاون في الطاقة المتجددة، والتكنولوجيا المتقدمة، والذكاء الاصطناعي، والاستدامة، وغيرها من الملفات التي تدعم رؤية البلدين لتحقيق التنمية والازدهار.

وحضر اللقاء الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، والشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، والشيخ حمدان بن محمد بن زايد آل نهيان، نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون الخاصة، وعدد من الوزراء وكبار المسؤولين. كما حضره الوفد المرافق للرئيس الفرنسي، الذي يضم عدداً من الوزراء وكبار المسؤولين.

وأقام رئيس دولة الإمارات مأدبة غداء تكريماً للرئيس الفرنسي والوفد المرافق.

وكان الرئيس الفرنسي قد وصل إلى البلاد في وقت سابق اليوم، حيث كان في مقدمة مستقبليه في مطار الرئاسة بأبوظبي الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، وعدد من كبار المسؤولين.


حفل استقبال في السفارة السعودية بباريس بمناسبة اليوم العالمي للتضامن الإنساني

سفير المملكة السعودية في باريس فهد الرويلي مع ضيوف الحفل الذي أقامته السفارة بمناسبة اليوم الدولي للتضامن الإنساني (الشرق الأوسط)
سفير المملكة السعودية في باريس فهد الرويلي مع ضيوف الحفل الذي أقامته السفارة بمناسبة اليوم الدولي للتضامن الإنساني (الشرق الأوسط)
TT

حفل استقبال في السفارة السعودية بباريس بمناسبة اليوم العالمي للتضامن الإنساني

سفير المملكة السعودية في باريس فهد الرويلي مع ضيوف الحفل الذي أقامته السفارة بمناسبة اليوم الدولي للتضامن الإنساني (الشرق الأوسط)
سفير المملكة السعودية في باريس فهد الرويلي مع ضيوف الحفل الذي أقامته السفارة بمناسبة اليوم الدولي للتضامن الإنساني (الشرق الأوسط)

اغتنم سفير المملكة السعودية في باريس، فهد الرويلي، مناسبة حفل الاستقبال الذي دعا إليه في دارته بمناسبة اليوم الدولي للتضامن الإنساني، الذي يحل كل عام في العشرين من شهر ديسمبر (كانون الأول)، ليؤكد أن المملكة العربية السعودية «تضع التضامن الإنساني والحوار في صميم عملها الوطني والدولي» بعدّهما «قيماً متجذّرة بعمق في ثقافتها ومبادئها الدينية، وتشكّل ركيزة أساسية في رؤيتها المستقبلية الجديدة، رؤية السعودية 2030».

واستطرد السفير السعودي قائلاً «إن التضامن الإنساني ليس مجرد مبدأ أخلاقي، بل هو مسؤولية جماعية تقوم على الاحترام والتعاون والتكافل بين الشعوب دون تمييز»، حيث إن «إنسانيتنا مشتركة ومستقبلنا واحد».

انطلاقاً من هذه المبادئ، أشار السفير الرويلي إلى ما تقدمه المملكة من مساعدات عبر العالم «دون تمييز على أساس الأصل أو الدين»، حيث يلعب مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية «دوراً رائداً في تقديم المساعدات الغذائية، والرعاية الطبية، والتعليم، والمساعدات الطارئة في زمن الأزمات، كما يقوم الصندوق السعودي للتنمية بتمويل 741 مشروعاً في 93 دولة عبر العالم».

سفير المملكة السعودية في باريس فهد الرويلي في حفل الاستقبال (الشرق الأوسط)

ونوه السفير الرويلي بالدور الذي تقوم به المنظمات والجمعيات السعودية في مختلف مجالات العمل الإنساني، ذاكراً منها مؤسسة الأمير سلطان بن عبد العزيز الخيرية. وعلى المستوى الدولي الأوسع أشاد السفير برابطة العالم الإسلامي التي تتخذ من مكة المكرمة مقراً لها وهي تعمل على «نشر قيم الاسلام الحقيقية ومكافحة التطرف وخطاب الكراهية». وقد أثبتت الرابطة أهليتها، ما يعكس اعتراف الأمم المتحدة بدورها وتسميتها عضواً استشارياً ومراقباً لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة. كما أشار السفير الرويلي لدور المملكة في تقديم المساعدات في مناطق عديدة للمدنيين في غزة، وسوريا، ولبنان، وصولاً إلى أوكرانيا وغيرها.

أما على صعيد الحوار، فقد شرح السفير الرويلي دور بلاده الفاعل في تعزيز ثقافة الحوار خصوصاً بين الأديان والثقافات ودعمها الدائم «للمبادرات الرامية إلى تعزيز التفاهم المتبادل، ومكافحة التطرف، وترسيخ قيم التعايش السلمي بين الشعوب»، فيما تعكس رؤية 2030 «تشجيع الانفتاح، والتعاون الدولي، والشراكات المتعددة الأطراف، من أجل بناء مجتمعات أكثر عدلاً وتسامحاً وقدرة على الصمود».

وشدد السفير على أن «التضامن الإنساني والحوار الصادق يشكّلان ركيزتين أساسيتين لتحقيق السلام والاستقرار والازدهار على مستوى العالم»، خصوصاً أن نظرة فاحصة تبين كم أن عالم اليوم يعاني من أزمات ونزاعات وإرهاب... الأمر الذي يبين الحاجة إلى التضامن البشري والإنساني لغرض «صون السلام والاستقرار والكرامة الإنسانية».

وفي السياق عينه، أبرز السفير الرويلي التزام بلاده بـ«تعزيز التنمية المستدامة، والتعاون الدولي، والحوار بين الثقافات»، وأنها «تؤمن إيماناً راسخاً بأن التضامن الإنساني ركيزة أساسية لبناء عالم أكثر عدلاً وأمناً وازدهاراً». ومن من الفعاليات التي أقامتها الرياض في هذا السياق انعقاد «المنتدى العالمي الحادي عشر لتحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة»، مؤخراً، بحضور الأمين العام للأمم المتحدة وعدد من كبار المسؤولين والشخصيات المرموقة من مختلف أنحاء العالم، الذي يهدف إلى تعزيز الاحترام والتفاهم بين الثقافات والأديان.

حضرت الحفل شخصيات دبلوماسية ودينية واجتماعية وإعلامية عربية وأجنبية مرموقة ومتعددة المشارب، ما يعكس بمعنى ما، صورة مصغرة عن التلاقي والتضامن الإنسانيين.


الرئيس الفرنسي في زيارة مزدوجة الأهداف إلى أبو ظبي

الرئيس ماكرون مع رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد بقصر الإليزيه في فبراير الماضي (أ.ف.ب)
الرئيس ماكرون مع رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد بقصر الإليزيه في فبراير الماضي (أ.ف.ب)
TT

الرئيس الفرنسي في زيارة مزدوجة الأهداف إلى أبو ظبي

الرئيس ماكرون مع رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد بقصر الإليزيه في فبراير الماضي (أ.ف.ب)
الرئيس ماكرون مع رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد بقصر الإليزيه في فبراير الماضي (أ.ف.ب)

ما بين لبنان والإمارات العربية المتحدة، اختار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أبو ظبي للقيام بالزيارة التقليدية للقوات الفرنسية المنتشرة خارج البلاد بمناسبة أعياد نهاية السنة. كان الخياران مطروحين، ففي جنوب لبنان، تشارك وحدة فرنسية من 700 رجل في قوة «اليونيفيل» المنتشرة جنوب لبنان. وتعد فرنسا من أقدم الدول التي أسهمت في القوة الدولية بمسمياتها المختلفة منذ عام 1978.

ولفرنسا في الإمارات قاعدتان عسكريتان بحرية وجوية {الظفرة) وقوة برية من 900 رجل. وأفاد الإليزيه بأن زيارة الرئيس الفرنسي ستكون ليومين (الأحد والاثنين)، ومن شقين: الأول، زيارة رسمية مخصصة للعلاقات الثنائية بين باريس وأبو ظبي، وسيتوِّجها اجتماع مرتقب، الأحد، بين ماكرون ورئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد لبحث الملفات المشتركة. ويقوم بين الطرفين حوار استراتيجي ــ سياسي رفيع المستوى. والشق الثاني لتفقد القوة العسكرية الفرنسية؛ حيث من المقرر أن يتوجه بخطاب إلى العسكريين بهذه المناسبة سيعقبه عشاء تكريمي أعده تحديداً مطبخ الإليزيه. وسترافق ماكرون وزيرة الدفاع كاترين فوترين. ومن ضمن برنامج الزيارة، حضور ماكرون نشاطاً عسكرياً في إحدى القواعد الصحراوية للقوة الفرنسية، ويرجح أن تشارك فيها قوة إماراتية على غرار التمارين العسكرية المشتركة بين الطرفين لتنسيق المواقف إزاء الأزمات الإقليمية والملفات الساخنة.

جنود فرنسيون يقومون بمناورة بدبابات من طراز «لوكلير» في مدينة زايد العسكرية 20 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

باريس وأبو ظبي تعاون وثيق

ترتبط فرنسا والإمارات بعلاقات استراتيجية قوية ومتنوعة؛ إذ تشمل الجوانب السياسية والدفاعية والاقتصادية والتجارية والثقافية. ومنذ عام 2009 وقّعت باريس وأبو ظبي اتفاقاً دفاعياً ما زال قائماً، ويرفده تعاون وثيق في مجال التسليح، حيث وُقِّعت بين الطرفين عقود بالغة الأهمية آخرها عقد حصول الإمارات على 80 طائرة قتالية من طراز «رافال» التي تصنعها «شركة داسو». ووُقّع العقد في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2021، وتبلغ قيمته الإجمالية مع الصيانة والتدريب 16.6 مليار يورو. ومن المنتظر أن تتسلم القوات الجوية الإماراتية أول النماذج بدءاً من عام 2026، بينما تنتهي عملية التسليم في عام 2031. ويشمل التعاون الدفاعي القيام بتمارين عسكرية مشتركة غرضها تسهيل التعاون بين جيشي البلدين. وما يدفع في هذا الاتجاه أن القوات الإماراتية تستخدم كثيراً من الأسلحة والمعدات التي تستخدمها القوات الفرنسية في قطاعي الطيران والعربات المصفحة والدبابات.

ليس القطاع الدفاعي والاستراتيجي وحده يستأثر بالتعاون الثنائي؛ فالطرفان يرتبطان بشراكة استراتيجية في قطاع الطاقة الذي يشمل، إلى جانب النفط، الطاقات المتجددة والنووية والهيدروجين, وبالتوازي، ثمة تعاون في قطاع الذكاء الاصطناعي.

كما طور الطرفان التعاون الأكاديمي (جامعة السوربون)، والثقافي (متحف اللوفر أبو ظبي) والصحي. ومن الجانب التجاري، تعد الإمارات الشريك الأول لفرنسا في منطقة الخليج؛ حيث بلغت قيمة المبادلات، العام الماضي، 8.5 مليار يورو. وتتركز المشتريات الإماراتية على الطائرات والتجهيزات والمكونات الكيميائية والعطور والمستحضرات الطبية والتجميلية والثياب والأقمشة. وتفيد وزارة الاقتصاد بأن ما لا يقل عن 600 شركة فرنسية تعمل في الإمارات، وتوفر فرصاً لآلاف المتخصصين والعمال.

صورة لأحد التمرينات العسكرية التي قام بها الجنود الفرنسيون المرابطون في دولة الإمارات بمناسبة المناورات التي تُجرى سنوياً (أ.ف.ب)

مهمات القوة الفرنسية في الإمارات

تؤكد مصادر الإليزيه أن اختيار أبو ظبي يعود لرغبة فرنسية في إظهار أن باريس، رغم تركيزها على الأزمة الأوكرانية التي تهم أمنها وأمن القارة الأوروبية، ما زالت «تواصل جهودها العسكرية، السياسية والدبلوماسية، على مستوى العالم بأسره، في كل مكان ترى فيه تهديداً لمصالحها وقيمها». ومن جانب آخر، ترى باريس أنها معنية بالأزمات والتحديات الأمنية القائمة في المنطقة سواء كان من بينها أمن الخليج والممرات المائية والتحديات التي يمثلها الحوثيون أو الإرهاب ممثلاً بتنظيم «داعش» الذي عاد إلى البروز في الشهر الأخيرة. وفي هذا السياق، تشير المصادر العسكرية في الإليزيه إلى أن القوات الفرنسية تشارك في «عملية شمال»، وهي جزء من التحالف الدولي في الحرب على الإرهاب. كذلك، فإنها جزء من «العملية الأوروبية أسبيدس» المنخرطة في حماية حركة الملاحة البحرية من هجمات الحوثيين.

من هذه الزاوية، يمكن تفهُّم حرص ماكرون على التوجه إلى الإمارات التي تعد، وفق مصادر الأليزيه «موقعاً محورياً تتقاطع حوله الأزمات كما يعكس اهتمامنا الكبير بهذه المنطقة الجغرافية الرئيسية من أجل الاستقرار الإقليمي وحماية الحركة الملاحية وأمن العراق والعلاقة مع إيران ومكافحة الإرهاب». وتشير المصادر الفرنسية إلى الحرب مع إيران، وللدور الذي قامت به الطائرات الفرنسية في محاربة «داعش» زمن احتلالها جزءاً من العراق، فضلاً عن محاربة أنشطة المرتزقة البحرية في المنطقة. وركزت المصادر المشار إليها على وجود «هيئة أركان فرنسية مشتركة» يرأسها الأميرال هيوغ لين، قائد القوة الفرنسية في الإمارات، ولكن أيضاً القوة الفرنسية العاملة في المحيط الهندي لمحاربة عمليات القرصنة والتهريب متعدد الأنواع.