بري لـ«الشرق الأوسط»: حصر الترشيحات الرئاسية في لبنان غير ديمقراطي

استغرب الحملة التي تهدف إلى الإيحاء بتبعيته لـ{حزب الله}

لبنانيات يبكين، أمس، في جنازة قريبهن محمد حجازي المقاتل في حزب الله الذي قتل في معارك داخل سوريا  (أ.ف.ب)
لبنانيات يبكين، أمس، في جنازة قريبهن محمد حجازي المقاتل في حزب الله الذي قتل في معارك داخل سوريا (أ.ف.ب)
TT

بري لـ«الشرق الأوسط»: حصر الترشيحات الرئاسية في لبنان غير ديمقراطي

لبنانيات يبكين، أمس، في جنازة قريبهن محمد حجازي المقاتل في حزب الله الذي قتل في معارك داخل سوريا  (أ.ف.ب)
لبنانيات يبكين، أمس، في جنازة قريبهن محمد حجازي المقاتل في حزب الله الذي قتل في معارك داخل سوريا (أ.ف.ب)

اعترف رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري بأن موضوع الانتخابات الرئاسية أصبح «في الثلاجة» في الوقت الراهن بعد التطورات الأخيرة التي نشأت عن ترشيح القوات اللبنانية لرئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون للرئاسة بعد ترشيح رئيس تيار المستقبل (رئيس الحكومة السابق) سعد الحريري للنائب سليمان فرنجية.
ورد الرئيس بري في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على الذين يأخذون على ترشيح فرنجية أنه تم من قبل المسلمين، معتبرًا أن هذا الكلام لا محل له من الإعراب وخارج عن النص تماما. وقال: «لقد وضعتمونا منذ البداية أمام خيارات محدودة فحصرتم الترشيح لهذا الموقع (بعون وفرنجية ورئيس القوات سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب الرئيس السابق أمين الجميل)، من دون غيرهم، وهذا في حد ذاته انتقاص من الديمقراطية ومن دور مجلس النواب، حيث يجب أن ينزل النواب للتصويت لمرشحهم ومن يفز يكون الرئيس. ومع هذا قبلنا، وتم الاختيار من بينهم، رشح حزب الله العماد عون من هذه اللائحة ورشح الحريري فرنجية - وهو من اللائحة - فكيف يكون الأمر فرضا؟».
ورأى أن ما حصل بعد كلام أمين عام حزب الله الأخير السيد حسن نصر الله، جعل الأمر منافسة بين عون وفرنجية ولا ثالث لهما، معتبرًا أن طموح البعض بأن يكون الثاني بعد عون سقط.
وعما إذا كانت مسألة الانتخابات الرئاسية تتعلق بسلة ما يريدها «حزب الله»، قال الرئيس بري: «السيد نصر الله تخلى عن السلة، لكنني مستمر فيها وأضعها على طاولة الحوار»، مشيرًا إلى أنه عمل جاهدا من أجل تفعيل العمل الحكومي وإعادة إطلاق الحكومة، رافضًا الربط بين موضوع الانتخابات والتطورات الإقليمية الحالية في محيط لبنان، وتحديدا في سوريا». معتبرًا أن الأمر يحتاج إلى توافق لبناني واسع، وإدراك للمصلحة الوطنية ومحاولة إبعاد لبنان عن النيران المحيطة به، وهذا لا يكون إلا من خلال تحصين الوضع الداخلي.
واستغرب بري الحملة التي هدفت إلى الإيحاء بأن حركة «أمل» التي يرأسها تابعة لـ«حزب الله» وأن الحزب يستعملها للتغطية على عدم رغبته بترشيح عون. وقال بري: «جعجع يجلس فوق (في مقره في بلدة معراب الجبلية) ويتسلى بنا، بعد أن بات عاجزا عن أن يهاجم الجنرال عون كما اعتاد سابقا». وأكد بري أن الانتخابات البلدية جارية في موعدها المحدد، ساخرًا من الذين يحاولون الإيحاء بأن حزب الله وتيار المستقبل يحاولان الإطاحة بها. وقال: «لقد بدأنا نحن منذ ثلاثة أشهر التحضير لهذه الانتخابات نحن و(حزب الله)».
من جهة ثانية، أشار عضو كتلة «المستقبل» النائب محمد الحجار إلى أن «الحديث الأخير للأمين العام لـ(حزب الله) حسن نصر الله، يؤكد أن قرار التعطيل ما زال قائمًا، فلبنان ورئاسة الجمهورية فيه، ورقة بيد إيران لاستخدامها على طاولة البازار والمفاوضات الحاصلة والتي يمكن أن تحصل، من أجل تعزيز نفوذها الإقليمي، على حساب مصلحة الشعب العربي والدول العربية»، لافتًا إلى أن «إيران لم تنهِ بعد مفاوضاتها مع الغرب، بل ما زالت في البدايات حول كثير من ملفات المنطقة، وهذا ما يظهر من خلال التدخل المدان في كل الدول العربية من البحرين إلى اليمن والكويت فالعراق وسوريا وصولاً إلى لبنان».
ولفت الحجار إلى أن «ذهاب رئيس تيار المستقبل سعد الحريري إلى دعم ترشيح رئيس تكتل (التغيير والإصلاح) النائب سليمان فرنجية، هو بهدف الالتفات إلى مصلحة البلد وضرورة أن تعود المؤسسات للعمل فيتوقف التعطيل، وذلك بعدما أثبتت المجريات أن كلاً من العماد ميشال عون ورئيس حزب (القوات اللبنانية) سمير جعجع لا يستطيعان الوصول إلى سدّة الرئاسة بعد أكثر من 30 جلسة انتخاب»، مشيرًا إلى أنه «جاء ذلك أيضًا انطلاقًا من موقف البطريركية المارونية و(حزب الله)، بأنه لا إمكانية لانتخاب أي رئيس من خارج الأقطاب الموارنة الأربعة».
وفي المقابل، رأى النائب زياد أسود عضو تكتل «التغيير والإصلاح» الذي يرأسه العماد عون، أن «الحلول لإنجاز الاستحقاق الرئاسي ما زالت غير متوفرة وغير متحققة»، مشيرًا إلى أنه «لا يفهم من كلام الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله أن الانتخابات حاصلة، بل على العكس هناك تعقيدات، موضحًا أنه «يبدو أن التسوية تحتاج إلى جهات أخرى لم تتكون قناعاتها بعد تجاه الخيار المتمثل في انتخاب العماد ميشال عون، علمًا أن هذه الجهات كانت أول من اعتمد حجّة «توافق المسيحيين» من أجل تبني ترشيح رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون. وأشار أسود في حديث إلى وكالة «أخبار اليوم» إلى أن «الجميع اليوم أمام امتحان، لا سيما لجهة قبول هذا الترشيح، تحت قاعدة أن المسيحيين بغالبيتهم يشجعون ذلك، لافتًا إلى أن الشق الآخر في هذا الإطار، متعلق بتيار «المستقبل» ومَن يمثّل الأمر الذي يحتاج المزيد من الوقت من أجل أن يتبلور.
وفي الإطار نفسه، أكد عضو كتلة «الكتائب النيابية» النائب إيلي ماروني أن «التجربة في لبنان أثبتت أن رئيس الجمهورية المنحاز، هو خراب للبلد»، مؤكدًا الحاجة للتوافق على شخصية وسطية. وأوضح ماروني أن حزب الكتائب «لا يضع (فيتو) على مرشحي قوى 8 آذار، العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية، بل على المشروع الذي يحملانه»، مضيفًا أن الحزب «سيحدد خياره في حال حاول أحد المرشحين التقرب منه وطرح هواجسه». ورأى ماروني أن «الأمور عادت بعد خطاب أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله إلى نقطة التعطيل، خصوصًا وأن نصر الله أعلن دعمه لعون وغازل فرنجية».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».