خصوم هيلاري كلينتون يستغلون قضية بريدها الإلكتروني لضرب حملتها الانتخابية

قبل 3 أيام فقط من أول اقتراع في إطار الانتخابات التمهيدية

هيلاري كلنتون مع ابنتها تشلسي خلال حضورهما حفلا أقيم في مركز ديموان ببلدة لووا أمس (أ.ف.ب)
هيلاري كلنتون مع ابنتها تشلسي خلال حضورهما حفلا أقيم في مركز ديموان ببلدة لووا أمس (أ.ف.ب)
TT

خصوم هيلاري كلينتون يستغلون قضية بريدها الإلكتروني لضرب حملتها الانتخابية

هيلاري كلنتون مع ابنتها تشلسي خلال حضورهما حفلا أقيم في مركز ديموان ببلدة لووا أمس (أ.ف.ب)
هيلاري كلنتون مع ابنتها تشلسي خلال حضورهما حفلا أقيم في مركز ديموان ببلدة لووا أمس (أ.ف.ب)

عادت قضية البريد الإلكتروني الخاص لهيلاري كلينتون إلى الواجهة في أسوأ الأوقات، لأنها تطفو على الساحة السياسية قبل ثلاثة أيام فقط من أول اقتراع في إطار الانتخابات التمهيدية في ولاية آيوا، مع إعلان الخارجية الأميركية أنها وجدت رسائل سرية مرسلة من قبلها عندما كانت وزيرة للخارجية.
وتزامنا مع اقتراب أول انتخابات تمهيدية لرئاسة الجمهورية في ولاية آيوا، وزيادة منافسة السيناتور الديمقراطي بيرني ساندرز، واجهت هيلاري كلينتون، المرشحة الديمقراطية لرئاسة الجمهورية، اتهامات جديدة حول تلاعبها بوثائق وزارة الخارجية، لكنها سارعت بالرد بقوة، متهمة وكالات استخبارات أميركية باستهدافها.
وقال بيان أصدره بريان فالون، المتحدث باسم حلمتها الانتخابية، دون أن يسمي وكالة استخبارات معينة، إن التحقيقات الاستخباراتية في وثائق الخارجية «صارت تعيث في الأرض فسادا»، مضيفا أن هناك «نزاعا داخليا بين بيروقراطيين أصبح يدور علنا وبصوت عال، ومع تسريبات.. وقد نجح هذا النزاع الآن في عرقلة نشر رسائل (كانت مخزنة في كومبيوتر كلينتون الخاص)، رغم أن هذه الرسائل لم تكن سرية عندما أرسلتها كلينتون».
وبمجرد خروج هذه التصريحات إلى العلن بادرت الهيئات الإعلامية الأميركية للإدلاء بدلوها في هذا الموضوع، حيث قال المتحدث لتلفزيون «إم إس إن بي سي» إن منع نشر هذه الرسائل «سيمنع المواطنين من إصدار أحكام على سريتها»، فيما قالت صحيفة «واشنطن بوست» على لسان خبراء استخباراتيين لم تسمهم، إن وكالات استخبارات صارت تستهدف كلينتون.
من جهتهم، سارع مرشحون جمهوريون لاستغلال زيادة الضجة حول الوثائق، إذ قال السيناتور ماركو روبيو من ولاية فلوريدا إن كلينتون «لم تعد صالحة لتكون القائد الأعلى للقوات المسلحة لأنها وضعت وثائق سرية تابعة لوزارة الخارجية في خادم الكومبيوتر الخاص بها وبزوجها»، وزاد متهكما «إذا فازت هيلاري برئاسة الجمهورية فإن أول أمر تصدره سيكون هو العفو عن نفسها».
من جانبه، غرد دونالد ترامب في صفحته في موقع «تويتر» متسائلا: «كيف يمكن لشخص فعل كل هذا أن يكون رئيسنا القادم؟»
وكانت وكالات الاستخبارات ومكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) قد صعدا تحقيقاتهما خلال نهاية العام الماضي في وثائق الخارجية، وأعلن «إف بي آي» أنه يحقق مع شركات لها صلة بالوثائق، وفي هذا الصدد قال السيناتور رون جونسون (جمهوري من ولاية ويسكونسن)، رئيس لجنة مجلس الشيوخ للأمن الداخلي، إن من بين هذه الشركات «داتو» الإلكترونية، و«بلاتل ريفر» اللتين كانتا أشرفتا على خادم كلينتون الخاص الذي كانت تضع فيه الوثائق.
وفي عام 2013، وهو العام نفسه الذي تركت فيه كلينتون وزارة الخارجية، تعاقدت شركة «داتو» مع كلينتون وزوجها الرئيس السابق بيل كلينتون، بعد أن تخلت شركة «بلاتل ريفر» عن الإشراف على الموقع، وقد أفاد متحدث باسم شركة «داتو» مؤخرا أن «إف بي آي» تحقق مع الشركة، وأنها «تبحث عن الوثائق التي قالت كلينتون إنها مسحتها من الموقع لأنها مواضيع خاصة»، مضيفا أنه بالإمكان العثور على هذه الوثائق. لكن هذا القول يناقض تصريحات مسؤولين في شركة «بلاتل ريفر» باستحالة العثور على المعلومات التي مسحت.
ورفض جمهوريون في الكونغرس اعتذار كلينتون حول دورها في فضيحة الوثائق، ومن بينهم عضو الكونغرس تراي غراودي (جمهوري، ولاية ساوث كارولاينا) الذي قال إن «كلينتون تستطيع أن تقول إنها آسفة، لكن في نهاية المطاف، فإن العدالة ستأخذ مجراها».
من جانبها، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أنها لن تنشر مجموعة من الرسائل الإلكترونية، كانت وزيرة الخارجية السابقة قد خزنتها على خادم خاص، وذلك لاحتوائها على معلومات مصنفة «سرية للغاية»، في فصل جديد من فصول العاصفة السياسية التي أثارتها هذه القضية في واشنطن.
وقال المتحدث باسم الوزارة جون كيربي للصحافيين إن تصنيف هذه الوثائق «سيتم تحديثه بناء على طلب أجهزة الاستخبارات لأنها تحتوي على معلومات مصنفة ضمن خانة سري للغاية».
ويأتي هذا التطور في الوقت الذي تخوض فيه كلينتون حملة انتخابية في ولاية آيوا (وسط) لنيل ترشيح حزبها الديمقراطي إلى الانتخابات الرئاسية، ويتوقع أن يكون لهذا القرار تداعيات على حملة الوزيرة السابقة، لا سيما وأن هذه القضية شكلت وقودا لهجمات حادة شنها ضدها منافسوها الجمهوريون. فيما سارعت حملة كلينتون إلى التنديد بقرار الخارجية.
وقالت الحملة في بيان لها: «نحن نعارض بشدة منع نشر هذه المراسلات. فمنذ أن سلمت هذه المراسلات إلى وزارة الخارجية قبل أكثر من عام وهيلاري كلينتون تطالب دوما بأن توضع في تصرف الجمهور».
ومن المقرر أن تنشر الخارجية دفعة جديدة من مراسلات كلينتون، تقع في نحو ألف صفحة، ولكن هذه الدفعة لن تتضمن «سبع سلاسل من المراسلات مصدرها 22 وثيقة، وتقع مجتمعة في 37 صفحة مطبوعة»، بحسب ما أوضح كيربي. وقد أوضح المتحدث أن هذه الرسائل الإلكترونية «لم تكن مصنفة حين تم إرسالها».
وتثير رسائل كلينتون جدلا منذ أن اعترفت في مارس (آذار) الماضي بأنها استخدمت حينما كانت وزيرة في مراسلاتها الإلكترونية حصرا بريدا خاصا، عن طريق خادم خاص أيضا، وتخلت عن البريد الإلكتروني الحكومي على الرغم من التوصيات الرسمية بوجوب استخدامه. لكن كلينتون ظلت تؤكد أن ما قامت به قانوني، لكن أمام الجدل الذي أثارته هذه القضية قدمت اعتذارا في سبتمبر (أيلول) الماضي.
وسلمت كلينتون في 2014 وزارة الخارجية كل مراسلاتها الإلكترونية الدبلوماسية، وعددها نحو 30 ألف رسالة، تقع في نحو 55 ألف صفحة مطبوعة، وقد كلف موظفون في الوزارة بفرز هذه الرسائل وتصنيفها لعرضها على الجمهور. أما بقية الرسائل التي وصفتها بأنها شخصية فقد محيت من الخادم.
وسببت هذه القضية عاصفة سياسية في الولايات المتحدة، وهي تشكل إحدى النقاط المفضلة لدى الخصوم الجمهوريين لمهاجمة كلينتون، مؤكدين أن ما قامت به قد يضر بأسرار الدولة.
ويمكن أن تسبب هذه التطورات ضررا لحملة السيدة الأولى السابقة التي تطمح للوصول إلى البيت الأبيض، والتي وتزور حاليا ولاية آيوا (وسط)، حيث تنظم بعد أول عمليات اقتراع في الانتخابات التمهيدية لاختيار مرشحي الحزبين.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.