موسكو تتجاهل بيان {جنيف} وتتحدث عن «إصلاحات» لا «انتقال سياسي»

مندوب روسيا الدائم في جنيف: الأكراد مواطنون يحق لهم المشاركة في رسم مصير سوريا

وزير الخارجية الأميركي في لقاء مع نظيره الروسي حول الأزمة السورية (رويترز)
وزير الخارجية الأميركي في لقاء مع نظيره الروسي حول الأزمة السورية (رويترز)
TT

موسكو تتجاهل بيان {جنيف} وتتحدث عن «إصلاحات» لا «انتقال سياسي»

وزير الخارجية الأميركي في لقاء مع نظيره الروسي حول الأزمة السورية (رويترز)
وزير الخارجية الأميركي في لقاء مع نظيره الروسي حول الأزمة السورية (رويترز)

للمرة الثالثة خلال ثلاثة أيام اتصل وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس السبت بنظيره الروسي سيرغي لافروف. وجرى خلال هذا الاتصال بحث «مسألة تنظيم مفاوضات تسوية الأزمة السورية في جنيف»، فيما يمكن أن يوحي بوجود تباينات جدية بين موقفي الجانبين.
بيان وزارة الخارجية الروسية حول مضمون الاتصال الهاتفي الثالث يكشف بما لا يدع مجالاً للشك أن الوزيرين ناقشا مسألة أولويات العملية التفاوضية، ومن يجب أن يشارك فيها. وفي الشأن الأول برز بوضوح تمسّك موسكو بموضوع «التصدي للإرهاب» ووضعه في المرتبة الأولى على سلم أولويات المفاوضات في جنيف، مع تجاهل متعمّد ومتكرّر لمضمون بيان جنيف - 1، ولا سيما لجهة اعتبار العملية السياسية السورية تعني «إصلاحات سياسية»، وتزعم الخارجية الروسية في هذا المجال أن هذا كله يتوافق مع نص القرار الدولي 2254. إذ يقول بيان الخارجية الروسية إنه «بموجب ما يطالب به القرار 2254 جرى التأكيد (خلال المكالمة الهاتفية) على ضرورة البحث التفصيلي خلال المحادثات بين السوريين في موضوع التصدي للإرهاب، وتخفيف المعاناة الإنسانية، بما في ذلك إيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة، وكذلك (بحث) التحضيرات لإصلاحات سياسية على أساس التوافق المتبادل بين الأطراف السورية».
مراقبون في أجواء «جنيف 3» يتخوّفون من أن يؤدي هذا الموقف الروسي إلى مزيد من العرقلة للمفاوضات في جنيف وخلق تعقيدات جديدة، نظرًا لأن القوى الدولية لم تتمكن حتى اللحظة من الاتفاق على قائمة المجموعات التي سيجري التعامل معها على أنها «مجموعات إرهابية». ومعلوم أن هناك إصرارًا روسيًا على تصنيف قوى من المعارضة السورية المسلحة، تشارك في مفاوضات جنيف، مثل «جيش الإسلام» بأنها مجموعات إرهابية.
من جهة أخرى, شدد أليكسي بورودافكين، مندوب روسيا الدائم لدى مقر الأمم المتحدة في جنيف، على «أهمية مشاركة الأكراد السوريين في مفاوضات جنيف كونهم من المواطنين السوريين» و«يحق لهم المساهمة في تحديد مصير بلدهم»، حسب قوله.
وعقب لقاء بورودافكين أمس في المدينة السويسرية رئيس وفد النظام السوري قال إن «النتيجة الأهم لليوم الأول من المحادثات تتلخص بوصول وفد الحكومة السورية ولقائهم مع دي ميستورا»، ورأى أن هذا «يدل على أن الحكومة قد اعتمدت نهجًا بناء ومستعدة للمفاوضات وإبداء جدية لتحقيق نتائج إيجابية لمصلحة الشعب السوري». ولم يفت الدبلوماسي الروسي تكرار موقف موسكو وانتقاداته لوفد المعارضة السورية، حين اتهم «الهيئة العليا للمفاوضات» بأنها ما زالت تضع شروطًا مسبقة، واصفًا الأمر بأنه «مظهر غير بناء».
واستطرد الدبلوماسي الروسي، موضحًا وجهة النظر الروسية، «إن قرار مجلس الأمن 2254، يقول إنه لا يجوز لأحد وضع شروط مسبقة»، متجاهلاً بذلك ما جاء في القرار ذاته حول ضرورة «الوقف الفوري (أي فور صدور القرار) لإطلاق النار والقصف بما في ذلك الجوي، وفتح ممرات إنسانية لإيصال المساعدات إلى كل المناطق المحاصرة في سوريا».
وفي موضوع المشاركة الكردية في مفاوضات جنيف، وبينما تشير المعلومات إلى أن صالح مسلم زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي قد غادر جنيف بعد ما تيقن من عدم إمكانية تلقيه دعوة حاليًا، مع إمكانية انضمامه لاحقًا إلى المفاوضات، شدد بورودافكين «على ضرورة مشاركة الأكراد» وهنا أيضًا تجاهل أن الأكراد ممثلون ضمن وفد «الهيئة العليا للمفاوضات» (فؤاد عليكو وخلف داود) المنبثق عن مؤتمر الرياض لقوى المعارضة والثورة السورية، وأن مسلم لم يعلن أنه مناوئ للنظام. ووجه بورودافكين اتهامات لتركيا بأنها تقف خلف استبعاد حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، ذي النزعات الانفصالية بزعامة صالح مسلم، من المفاوضات. وأشار بهذا الصدد إلى أن «المعارضين الذين شاركوا في مؤتمرات موسكو والقاهرة اعتمدوا قائمة موحّدة ويصرّون على دعوة ممثلين عن أكراد سوريا إلى المفاوضات»، معربًا عن دعم موسكو لهذا المطلب.
ومن جهة ثانية، تناول بورودافكين مسألة حضور ممثلين عن الدول الأعضاء في المجموعة الدولية لدعم سوريا «مجموعة فيينا»، وقال إنهم يمارسون دورا رقابيًا فقط ويرسلون تقارير حول سير العملية إلى عواصمهم. وهذا العمل الذي يقوم به الدبلوماسيون حاليًا يتوافق مع التأكيد على أهمية أن تكون المفاوضات بين السوريين ودون أي تدخل خارجي، الأمر الذي لا يمكن قوله عن دور الدبلوماسية الروسية في جنيف، وفق اعترافات بورودافكين نفسه، إذ كشف أن «بشار الجعفري زار مكتب ممثلية روسيا في مقر الأمم المتحدة في جنيف، للتنسيق حول تكتيك إجراء المفاوضات غير المباشرة».
في غضون ذلك، ومن العاصمة الروسية موسكو صدرت تصريحات تذكّر من جديد بواحدة من أهم القضايا الخلافية التي تواجهها مفاوضات جنيف، ألا وهي تلك المتعلقة بأولويات العملية التفاوضية. ففي تصريحات له، أعرب فلاديمير جباروف نائب رئيس لجنة الشؤون الدولية في «مجلس الفيدرالية» عن قناعته بأنه من المبكر الحديث عن النجاح، إلا أن مفاوضات جنيف ستسهم في تخفيف حدة التوتر في سوريا. واعتبر أنه من المهم الآن الاتفاق ولو على «تنسيق الجهود في الحرب ضد (داعش). بعد ذلك وفي حال تحقق النجاح، وبحال جرت انتخابات طبيعية ويتم انتخاب رئيس دولة جدير، وبرلمان جدير، وعندها يمكن الحديث عن توقيع اتفاق كبير».
وهكذا، فإن الأولويات بالنسبة لموسكو ما زالت إذا تعتمد التركيز على «التصدي للإرهاب أولا». هذا يجري بتناغم بينها وبين دمشق، إذ سارع بشار الجعفري إلى تناول موضوع قوائم المجموعات الإرهابية خلال محادثاته مع المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، الذي رد عليه قائلا إن هذا الأمر يجري بحثه في مجلس الأمن الدولي. إلا أن رد دي ميستورا لا يعني تجاوز هذه العقبة، وموافقة الوفد الحكومي على ترك موضوع التصدي للإرهاب إلى مرحلة لاحقة، حيث تشير المعلومات التي تتناقلها وسائل إعلام النظام إلى تمسك الوفد في جنيف بتحديد هوية «الإرهابيين» ومعرفة من سيحاربونهم ما إذا كانوا إرهابيين أم لا وفق التقييمات الدولية.



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.