«نظرية المؤامرة» تؤخر القيام بإجراءات حازمة لمواجهة احتمالات انهيار سد الموصل

مسؤول عراقي كبير لـ {الشرق الأوسط} : الميليشيات الشيعية تخشى اتخاذه ذريعة لاحتلال جديد

منظر عام لسد الموصل المهدد بالانهيار (أ.ف.ب)
منظر عام لسد الموصل المهدد بالانهيار (أ.ف.ب)
TT

«نظرية المؤامرة» تؤخر القيام بإجراءات حازمة لمواجهة احتمالات انهيار سد الموصل

منظر عام لسد الموصل المهدد بالانهيار (أ.ف.ب)
منظر عام لسد الموصل المهدد بالانهيار (أ.ف.ب)

كشف مسؤول عراقي رفيع المستوى أن «الرئيس الأميركي باراك أوباما أجرى اتصالا هاتفيا مع رئيس الوزراء حيدر العبادي أبلغه بالمخاطر الجدية التي يعانيها سد الموصل طبقا للتقارير التي ترد إليه من الأجهزة الأميركية من قوات وخبراء في العراق والمعنية الآن بشكل بات مباشرا بقضية سد الموصل واحتمالات انهياره».
وأضاف المسؤول العراقي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، طالبا عدم الإشارة إلى اسمه أو هويته، أن «أوباما أبلغ العبادي عبر الهاتف أن كوابيس وأحلاما مزعجة باتت تراوده يوميا في نومه بشأن إمكانية انهيار السد الذي من شأنه فيما لو حصل تغيير خريطة العراق». وأضاف المسؤول العراقي أنه «بصرف النظر عن الإجراءات الحكومية التي بدأ يجري اتخاذها الآن على صعيد مواجهة المخاطر المحتملة وتقليلها بالحد الأدنى من الخسائر فيما لو انهار السد أو الحيلولة دون انهياره فإن الاهتمام على المستوى الرسمي الحكومي أو على صعيد القوى والكتل السياسية بدأ يتبلور الآن بينما الحديث عن المخاطر وما تورده الجهات المعنية من خبراء بل وحتى دول مثل الولايات المتحدة الأميركية أو إيطاليا أو غيرهما كان يدور في مختلف الأوساط منذ فترة ليست بالقصيرة إلى الحد الذي يمكن فيه القول: إن قضية سد الموصل واحتمالات انهياره تعود إلى زمن صدام حسين»، مبينا أن «المخاطر ازدادت عند احتلال تنظيم داعش للسد الذي استمر عدة شهور قبل أن تتم استعادته فيما بعد حيث يخضع الآن لحماية قوات البيشمركة الكردية وقوات التحالف الدولي». وتابع: «بالإضافة إلى سرقة معدات السد فإنه لم تجر عملية تعزيز لأساسات السد بالخرسانة مما أدى إلى حصول صدع في السد يقدر بعدة ملليمترات».
وحول احتمال انهيار السد، فإنه «في الوقت الذي تنفي فيه وزارة الري وشركة الرافدين المعنية بالإشراف عليه، وهي شركة متخصصة، إمكانية انهياره من خلال ما تقول إنها تملكه من معطيات فإن الجهات الدولية وما تتحدث عنه من أرقام ومعلومات ومعطيات أخرى تؤكد أن هناك مشكلة لا بد من مواجهتها إلى الحد الذي تقدر هذه الجهات نسبة الانهيار بنحو 50 في المائة وهي نسبة لا يمكن التهاون بها بأي حال من الأحوال».
وبشأن الإجراءات التي يمكن اتخاذها لمواجهة المخاطر قال المسؤول العراقي إن «نظرية المؤامرة قد تسللت إلى قضية السد والاحتمالات الخاصة بانهياره وعدم انهياره حيث برزت نظريتان تقوم كل واحدة منهما على معطيات معينة الأولى تتبناها جهات عراقية سياسية معينة لا أريد إعطاءها توصيفا معينا ترى أن الحديث عن مخاطر انهيار السد الذي يتبناه الجانب الأميركي ازداد الآن بعد دخول القوات الخاصة الأميركية لا سيما قوات الفرقة 101 المجوقلة في منطقة ربيعة واليعربية بالموصل بهدف عزل الموصل العراقية عن الرقة السورية حيث تزامن معها الحديث عن دخول قوات إيطالية يبلغ عددها 400 جندي بحجة حماية الشركة الإيطالية التي ستتولى صيانة السد وإذا ربطنا دخول القوات الأميركية والإيطالية وكلتاهما من حلف الناتو مع دخول القوات التركية إلى منطقة بعشيقة بالموصل وهي أيضا جزء من قوات حلف الناتو فهذا يعني أن الناتو باشر باحتلال العراق من المنطقة الشمالية وحيث إن هذا الوجود ستجري مقاومته من جهات عراقية كثيرة أبرزها ميليشيات الحشد الشعبي والفصائل الشيعية المسلحة الرافضة لذلك فإن الذريعة المناسبة والغطاء الأفضل لهذا الدخول الكثيف من قبل الناتو إلى العراق هو تخويف الحكومة العراقية وكذلك المواطنين لا سيما أبناء تلك المناطق التي سيغرقها السد في حال انهياره ما يجعلها تقبل بهذا الوجود».
ويمضي المسؤول العراقي قائلا: «في مقابل ذلك فإن هناك رأيا آخر يقول إنه لا ضير من وجود مثل هذه القوات سواء الأميركية التي سوف تعمل على تقطيع أوصال تنظيم داعش وهو ما سوف يساعد على سرعة القضاء عليها أو القوات الإيطالية التي سوف تتولى حماية السد أما بالنسبة للقوات التركية فإن الأمر مختلف وهناك طرق أخرى لمعالجة وضعها وبالتالي فإن هناك بعدا وطنيا موحدا بدأ يتبلور بهذا الاتجاه يميل إلى التعامل حتى مع نظرية المؤامرة من منطلق أنه لا يمكن إهمال كل المعلومات التي تؤكد وجود مشاكل بالسد وبالتالي لا بد من مواجهتها بصرف النظر عن الدوافع».
إلى ذلك، نقل سياسي عراقي شارك في اجتماع الرئاسات الثلاث، الجمهورية ومجلس النواب ومجلس الوزراء، مساء أمس بمشاركة رؤساء الكتل السياسية وبعض الوزراء والبرلمانيين في مقر رئيس الجمهورية فؤاد معصوم عن العبادي قوله في الاجتماع: «أنا لا أستطيع أن أطمئنكم وأقول: إن السد لن ينهار، كما أني لا أستطيع القول: إن هناك خطرا حقيقيا وإن السد سينهار قريبا».
بدوره، كشف كاظم الشمري، النائب في مجلس النواب عن ائتلاف الوطنية بزعامة إياد علاوي، أن «مناقشة وضع سد الموصل غير موجودة راهنا في جدول أعمال البرلمان». وأضاف: «لقد ناقشنا وضع سد الموصل في الدورة البرلمانية السابقة عندما استضفنا وزير الموارد المائية». وقال: إنه في اجتماع الرئاسات الثلاث مساء أول من أمس «اقترح النائب محمود المشهداني (الرئيس الأسبق للبرلمان العراقي) على رئيس الحكومة أخذ الأمور بجدية أكبر وتكليف شركات متخصصة لصيانة السد وتعيين مسؤولين أكفاء ومتخصصين في وزارة الموارد المائية بدءا بالوزير وبقية المسؤولين» مطالبا بتكليف وزير بمستوى هذا الحدث، مشيرا إلى أن «مجلس النواب لا يمتلك أي إجراءات سوى استضافة وزير الموارد المائية الذي سيقول كالعادة قمنا بكذا وأنجزنا كذا».



سكان كردستان العراق يدلون بأصواتهم لانتخاب برلمان جديد للإقليم

ملصقات الحملات الانتخابية للمرشحين في شوارع مدينة السليمانية بشمال العراق (أ.ف.ب)
ملصقات الحملات الانتخابية للمرشحين في شوارع مدينة السليمانية بشمال العراق (أ.ف.ب)
TT

سكان كردستان العراق يدلون بأصواتهم لانتخاب برلمان جديد للإقليم

ملصقات الحملات الانتخابية للمرشحين في شوارع مدينة السليمانية بشمال العراق (أ.ف.ب)
ملصقات الحملات الانتخابية للمرشحين في شوارع مدينة السليمانية بشمال العراق (أ.ف.ب)

يدلي الناخبون في إقليم كردستان بشمال العراق، بأصواتهم اليوم (الأحد)، لانتخاب برلمان جديد، وسط مناخ من السأم، وفي ظلّ هيمنة حزبَين رئيسيين يتنافسان منذ عقود على السلطة.

وفتحت مراكز الاقتراع الساعة السابعة صباحاً (04:00 ت غ)، حسبما أفادت وكالة الأنباء العراقية. ورأى مراسل «وكالة الصحافة الفرنسية» في السليمانية ثانية كبرى مدن الإقليم، نحو 20 شخصاً، بعضهم كبير في السنّ، ينتظرون دورهم للتصويت.

وستُغلق المراكز التي يزيد عددها على 1200، عند السادسة مساء (15:00 ت غ).

ويبلغ عدد الناخبين المسجّلين للتصويت في الدوائر الأربع بانتخابات الإقليم المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991، 2.9 مليون ناخب تقريباً، بحسب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق. وهم مدعوون لانتخاب 100 عضو في البرلمان ما لا يقلّ عن 30 في المائة منهم نساء.

رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني يدلي بصوته في مركز اقتراع خلال الانتخابات البرلمانية لإقليم كردستان العراق بأربيل (رويترز)

ويشهد إقليم كردستان العراق منذ عقود تنافساً على السلطة بين حزبين أساسيين وعائلتيهما؛ هما الحزب الديمقراطي الكردستاني وأسرة بارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني وأسرة طالباني.

وعلى الرغم من تعبئة مكثفة قام بها الحزبان اللذان عقدا تجمعات انتخابية كثيرة لحشد قواعدهما الانتخابية في الأسابيع الأخيرة، أشار خبراء إلى خيبة من الطبقة السياسية في ظلّ وضع اقتصادي صعب، وبعد تأجيل 4 مرات للانتخابات التي كانت مقررة في الأساس لخريف 2022، بسبب خلافات سياسية.

ويقول الموظف الحكومي ديلمان شريف (47 عاماً) في السليمانية، إنه سيشارك في الانتخابات لأنه «ضدّ الحكومة» ويريد «استعادة راتبه».

ويوضح أن حكومة الإقليم لم تصرف بعد 15 من رواتبه، داعياً «الجميع إلى الذهاب والتصويت ضد هذا النظام».

«الخيبة من السياسة»

ويقدّم الإقليم، حليف الولايات المتحدة والأوروبيين، نفسه على أنه واحة استقرار جاذبة للاستثمارات الأجنبية في العراق. لكن ناشطين ومعارضين يدينون مشاكل تلمّ كذلك بباقي أنحاء العراق، أبرزها الفساد وقمع الأصوات المعارضة وزبائنية تمارسها الأحزاب الحاكمة.

ومن شأن التصويت المناهض للحزبين التقليديين، أن يعود بالنفع على أحزاب صغيرة جديدة نسبياً ومعارضة؛ مثل «الجيل الجديد»، وحزب «جبهة الشعب» برئاسة لاهور الشيخ جنكي، الذي انفصل عن الاتحاد الوطني الكردستاني.

يبلغ عدد الناخبين المسجّلين للتصويت في الدوائر الأربع بانتخابات الإقليم المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991 2.9 مليون ناخب تقريباً (أ.ف.ب)

وقال المحلل السياسي شيفان فاضل مؤخراً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن «الناس لا يبدون متحمّسين»، مضيفاً أن «الخيبة من السياسة بشكل عام آخذة في الازدياد».

وعزا طالب الدكتوراه في جامعة بوسطن ذلك إلى «تدهور الظروف المعيشية للناس خلال العقد الماضي»، متحدثاً كذلك عن التأخير في دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية، والبالغ عددهم نحو 1.2 مليون، وهي أموال تشكّل «مصدر دخل رئيسياً للأسر».

جرت المرحلة الأولى من الاقتراع المعروفة بـ«التصويت الخاص» للقوات الأمنية والتي صوّت فيها أكثر من 208 آلاف ناخب الجمعة بنسبة مشاركة بلغت 97 % وفق المفوضية العليا المستقلة للانتخابات (أ.ف.ب)

ويعود هذا الملف الشائك إلى الواجهة بانتظام، ويعكس التوترات بين بغداد وأربيل، إذ يحمّل كل طرف الآخر مسؤولية تأخير دفع رواتب الموظفين الحكوميين.

وتوقّع فاضل أن يؤدي تشكيل 4 دوائر انتخابية «إلى إعادة توزيع للأصوات والمقاعد في البرلمان المقبل»، عادّاً مع ذلك أن الحزب الديمقراطي الكردستاني «قد يحافظ على الغالبية، بفضل الانضباط الداخلي في الحزب وتماسكه».

ويتمتع الحزب الديمقراطي الكردستاني في البرلمان المنتهية ولايته، بغالبية نسبية مع 45 مقعداً، وقد أقام تحالفات مع نواب انتُخبوا بموجب نظام حصص مخصصة للأقليتين المسيحية والتركمانية.

وكانت المحكمة الاتحادية العليا أصدرت في فبراير (شباط)، قراراً حدّدت فيه عدد أعضاء برلمان الإقليم بـ100 بدلاً من 111، ما أدى عملياً إلى إلغاء 5 مقاعد للأقلية التركمانية، و5 للمسيحيين ومقعد واحد للأرمن.

غير أن القضاء العراقي أعاد في وقت لاحق، 5 مقاعد للأقليات من بين 100 نائب.

تنشيط الديمقراطية

وبلغت نسبة المشاركة في التصويت بالانتخابات التشريعية الأخيرة في عام 2018، نحو 59 في المائة، بحسب الموقع الرسمي للبرلمان الكردي.

وسيصوّت البرلمان المنتخب لاختيار رئيس للإقليم خلفاً لنيجيرفان بارزاني، ورئيس لحكومته خلفاً لمسرور بارزاني.

وجرت المرحلة الأولى من الاقتراع المعروفة بـ«التصويت الخاص» للقوات الأمنية، والتي صوّت فيها أكثر من 208 آلاف ناخب الجمعة، بنسبة مشاركة بلغت 97 في المائة، وفق المفوضية العليا المستقلة للانتخابات.

بلغت نسبة المشاركة في التصويت بالانتخابات التشريعية الأخيرة عام 2018 نحو 59 % بحسب الموقع الرسمي للبرلمان الكردي (أ.ف.ب)

وشدّد رئيس بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) محمد الحسّان، الخميس، في رسالة مصوّرة، على ضرورة الانتخابات التي «طال انتظارها»، مؤكداً أن الاقتراع «سيعيد تنشيط الديمقراطية ويضخّ أفكاراً جديدة في مؤسساتها من شأنها أن تعالج مخاوف الشعب».

من جهتها، تؤكد المدرّسة سازان سعد الله (55 عاماً) أنها لن تدلي بصوتها، «لأن هذه السلطة لا يمكن تغييرها عن طريق التصويت وتغيير المقاعد».

وتضيف: «ما يحكم هو قوة السلاح والمال، والتغيير من خلال البرلمان أمر صعب»، عادّة أن تغيير النظام ممكن فقط في حال حدوث «انتفاضة للشعب».