روبرت مالي لـ«الشرق الأوسط»: خلافاتنا مع إيران كبيرة ولن تتبخر قريبًا.. ولكننا منفتحون دبلوماسيا

كبير مستشاري أوباما لمكافحة «داعش» ومنسق شؤون الشرق الأوسط قال إن إزاحة الأسد عسكريًا ستثير فوضى تستفيد منها «داعش»

روبرت مالي لـ«الشرق الأوسط»: خلافاتنا مع إيران كبيرة ولن تتبخر قريبًا.. ولكننا منفتحون دبلوماسيا
TT

روبرت مالي لـ«الشرق الأوسط»: خلافاتنا مع إيران كبيرة ولن تتبخر قريبًا.. ولكننا منفتحون دبلوماسيا

روبرت مالي لـ«الشرق الأوسط»: خلافاتنا مع إيران كبيرة ولن تتبخر قريبًا.. ولكننا منفتحون دبلوماسيا

أكد كبير مستشاري الرئيس أوباما لحملة مكافحة «داعش»، ومنسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، روبرت مالي، أن الخلافات بين إيران والولايات المتحدة عميقة، ولن تتبخر بين يوم وليلة بمجرد الاتفاق حول الملف النووي. وقال روب مالي الذي كان أحد أعضاء وفد التفاوض الأميركي مع الجانب الإيراني في المحادثات حول الاتفاق النووي، إن الإدارة الأميركية تدرك وتعي تماما أن إيران لن تغير سلوكياتها، لمجرد إبرام الاتفاق النووي.
وأشار مالي في حوار صريح مع «الشرق الأوسط» إلى أن «مساحة من الأمل» لدى إدارة أوباما في أن منع إيران من امتلاك سلاح نووي سيقلل من التوتر الإقليمي وبمرور الوقت سيقلل من الأعمال العدائية. وأكد منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط أن الإدارة الأميركية تعمل لإيجاد طرق أكثر فاعلية للعمل مع شركائها الخليجيين لمواجهة تهديدات الجماعات الإرهابية، وأنشطة إيران المزعزعة للاستقرار.
وقدم مالي رؤيته لما يدور داخل الإدارة الأميركية من اتجاهات واستراتيجيات للتعامل مع الأزمة السورية، والوضع في العراق وليبيا واليمن، والحرب ضد تنظيم داعش، إضافة إلى موقف الإدارة الأميركية من التعاون مع روسيا. وقال: إن واشنطن تسعى لكسب المعركة ضد «داعش»، لكنها لا تنوي إرسال قوات برية أميركية حتى لا تؤجج التصور أنه احتلال غربي.
* (اليوم) الجمعة هو الموعد المحدد لانطلاق محادثات السلام في جنيف بين ممثلي الحكومة السورية وممثلي المعارضة بعد عراقيل كثيرة واجهت إقامة هذه المحادثات ومواقف متباينة من الدول المعنية بالأزمة السورية، ما هي توقعاتكم لهذه المحادثات ونصيحتكم لتجنب الفشل؟
- نحن نعلم أن هذه عملية صعبة للغاية، ونعرف مدى تشكك الشعب السوري بعد سنوات من سفك الدماء والدمار، لكن توقعاتنا أو أملنا، أن هذه المحادثات تكون بداية لتوضح للشعب السوري أن هذه العملية لا تتعلق بمجرد محادثات، وإنما تتعلق بعملية تحسين حقيقية وواقعية لحياتهم.
لذلك فالمحادثات يجب أن تتطرق إلى عملية التحول السياسي، ويجب أن تتعامل مع وقف إطلاق النار، وعليهم أيضا وبسرعة القيام بالخطوات الإنسانية من إطلاق سراح السجناء إلى رفع الحصار، ووقف الهجمات ضد المدنيين، وتأمين نفاد المساعدات الإنسانية.
دون القيام بذلك فإنه سيكون من الصعب أن يأخذهم الشعب السوري على محمل الجد، خاصة أن الشعب السوري شهد الكثير من هذه المؤتمرات.
* ما هي الاحتمالات التي تدفع إدارة الرئيس أوباما للعمل بشكل مشترك ومباشر مع روسيا لإقناع طرفي الصراع السوري بالتوصل إلى حل سياسي لإنهاء الأزمة؟
- إذا كان سؤالك ما إذا كانت روسيا والولايات المتحدة يجب أن تعملا معا لوضع حد للعنف في سوريا ودفع عملية الانتقال السياسي وضمان أن نتمكن من التركيز لمواجهة تهديدات «داعش»، فالإجابة هي نعم بالتأكيد. ونحن نؤمن أنه في حين أن أي حل للأزمة السورية يجب أن يتوصل إليه وينفذه السوريون، لذا فإن الجهات الخارجية التي لعبت دورا في إشعال الصراع عليها ويمكنها أن تلعب دورا في وضع حل للصراع. وهذا هو المنطق وراء إنشاء مجموعة دعم سوريا ليكون اللاعبون الإقليميون والدوليون على نفس الموقف لإقناع حلفائهم على الأرض للمساعدة في وقف الصراع الذي يعصف بالبلاد، وسبب ضررا لا يوصف للمواطنين، وأشعل حربا إقليمية بالوكالة، وسهل لتنظيم داعش والجماعات الإرهابية الأخرى الانتشار والتوسع.
وقد أوضحنا لروسيا أننا نريد أن نعمل معها نحو حل للصراع السوري، وخلال الأيام والأسابيع الماضية انخرط وزير الخارجية كيري بشكل متكرر في العمل مع نظيره الروسي. نحن لا نرى في ذلك معادلة لها طرف كاسب وطرف خاسر، أو استمرارا للحرب الباردة بوسائل أخرى، فالولايات المتحدة تتشارك مع روسيا في بعض المصالح الهامة فيما يتعلق بسوريا، مثل مكافحة التطرف العنيف، والحفاظ على مؤسسات الدولة، ومنع هذا النوع من الفوضى مثل الذي شهدناه في العراق، وحماية الأقليات، وضمان ألا ينطوي أي تحول سياسي على نظام حكم طائفي.
ونحن على استعداد للعمل معا لتحقيق هذه الأهداف، لكن علينا أن نكون واضحين حول تلك الممارسات الروسية التي- في رأينا- تتعارض بشكل مباشر مع تلك الغاية، خاصة إذا استمرت روسيا في استهداف المعارضة السورية التي لا بد من وجودها على طاولة المفاوضات، ولا بد من مشاركتها لضمان وقف لإطلاق النار ذي مغزى، ولأي جهد مشترك ضد «داعش» والجماعات الإرهابية الأخرى.
وإذا استمرت روسيا في الاستهداف العشوائي للمدنيين، وفشلت في الضغط على النظام السوري لإنهاء قصفه للسوريين، ووقف إلقاء البراميل المتفجرة، وحصار المدن التي تسيطر عليها المعارضة، وإذا لم تقم روسيا (وكذلك النظام السوري) بالدخول في نقاش حول الخطوط العريضة لتحقيق الانتقال السياسي، فإن ذلك سيثير تساؤلات جدية حول أهداف روسيا، لأنه سيكون وصفة لاستمرار الحرب وتصعيد الحرب بالوكالة، وتعميق الاستقطاب، وعرقلة وتعقيد الجهود لهزيمة «داعش».
إذا كان هذا هو الحال فإننا لا نرى كيف يمكن العمل بالتنسيق مع روسيا فهذا سيكون لا معنى له. وخلاصة القول نعم نود العمل معا مع روسيا كما فعلنا في تحقيق الاتفاق النووي الإيراني، وهناك احتمالات واضحة للتعاون، لكن لا يمكن أن يحدث دون حدوث بعض التغييرات الهامة.
* إذا انتقلنا إلى ملف الحرب على الإرهاب والتطرف العنيف، كيف ترى الإدارة الأميركية انتشار وازدياد نفوذ ونشاط «داعش» في دول مثل العراق وليبيا واليمن، على الرغم من حقيقة أن قادة هذه الدول ليسوا في السلطة؟
- أعتقد أن هذا دليل أن الفوضى وانهيار مؤسسات الدولة والفراغ الأمني هو الذي يسهل انتشار جماعات مثل «داعش»، كما أنه يذكرنا أن إزاحة ديكتاتور مستبد يمكن أن تكون فقط جزءا من الحل، وليس كل الحل، لأن إزاحة حاكم بشكل متهور قد تؤدي إلى نتائج خطرة، وهذا هو أحد الأسباب لإصرارنا أنه لا يوجد حل عسكري للصراع السوري، وأن إزاحة الأسد عن السلطة من خلال العمل العسكري من شأنه أن يخلق فراغا أمنيا، مع وجود عدد لا يحصى من الجماعات المسلحة، وانتشار واسع للأسلحة، بما يشيع الفوضى التي يستفيد منها فقط الجماعات الإرهابية المتطرفة.
ندرك أن التفاوض على انتقال سياسي أمر قد يثير الإحباط، لكنه الطريقة الوحيدة لضمان وحدة سوريا وسلامة أراضيها، والحفاظ على مؤسسات الدولة التي لا تزال قائمة، وحماية الفئات الضعيفة، والأقليات، وتوحيد السوريين ضد التهديدات المشتركة من الإرهاب والتطرف.
* أعلنت الولايات المتحدة أن خطتها هي ملاحقة وتدمير تنظيم داعش، هل تعتقد أنه حان الوقت لبدء مرحلة جديدة لتكثيف الجهود العسكرية لتحقيق هذا الهدف؟
- أعتقد أن هناك سوء فهم هنا أننا لدينا تقييدا في الحملة العسكرية ضد «داعش» أو أن البيت الأبيض أو آخرين يقيدون التحرك العسكري وهذا ببساطة غير صحيح فقد نفذنا 10 آلاف هجمة جوية، ودمرنا موارد الحياة الاقتصادية للجماعة الإرهابية، وساعدنا شركاءنا في العراق بقوات برية، وأيضا في سوريا لاستعادة السيطرة على المناطق التي استولى عليها «داعش»، وشكلنا ائتلافا واسعا من 65 دولة تساهم بضربات جوية وجهود تدريب وتمويل.
وأكثر من هذا، فقد كلف الرئيس أوباما فريقه لكسب هذه المعركة بطريقة ذكية، وهذا يعني الامتناع عن الغارات الجوية العشوائية التي يمكن أن تقتل المدنيين- والتي بغض النظر عن كونها تتعارض مع قيمنا الأساسية وقوانين النزاع المسلح – تحمل مخاطرة تأجيج نوع من الاستياء الذي تستغله جماعات مثل «داعش». هذا يعني تجنب حملة أحادية أميركية أو إرسال قوات برية أميركية كبيرة التي تؤجج التصور أنه احتلال غربي، وتعزز حملات التجنيد لدى الجماعات المتطرفة.
ولكي نصل إلى نجاح مستدام يستلزم ذلك ضمان وجود شركاء محليين على الأرض في العراق وسوريا مستعدين وقادرين على شن الحرب بمساندة الولايات المتحدة وضربات قوات التحالف، وقادرين على تأمين وتحقيق الاستقرار في المناطق التي يتم تحريرها من «داعش».
هذا يعني أننا نرى الأمر أكثر من مجرد مشاركة عسكرية بحتة، فنحن بحاجة للتوصل إلى حل سياسي في سوريا، والمضي في إرساء حكم أكثر شمولية في العراق، ومعالجة العوامل التي استغلها «داعش» خاصة شعور السنة بالتهميش. نحن بحاجة للتصدي للرسائل الطائفية التي ساعدت في خلق مناخ يفضي إلى انتشار التطرف العنيف. نحن بحاجة للقيام بعمل أفضل لمنع تدفق المقاتلين الأجانب.
لذلك نحن نبحث باستمرار عن طرق لتكثيف الجهود العسكرية، وقد سمعت الرئيس أوباما أكثر من مرة، يطلب من مستشاريه العسكريين تقديم مقترحات لطرق جديدة وأكثر فاعلية لخوض هذه المعركة، ولا أعتقد أنني سمعته يرفض واحدة من تلك الأفكار، لكن علينا أن نعي دروس الماضي، وكيف يمكن لحملة عسكرية للولايات المتحدة من جانب واحد، أن تؤدي إلى انتصارات سريعة، لكنها انتصارات تزول سريعا أيضا.
* إذا نجحت بالفعل هذه الاستراتيجية لإدارة الرئيس أوباما في ملاحقة وتدمير تنظيم داعش، كيف يمكنك التأكد أن جماعة إرهابية جديدة لن تتشكل؟ بمعنى هل تسعى لتدمير «داعش»، أم تدمير الآيديولوجية، والمناخ الذي ساهم في أن يستغله المتطرفون، سواء من السنة أو من الشيعة؟
- هذا السؤال مهم، ويمضي إلى صميم ما نحاول القيام به. فليس كافيا النظر على المدى القصير، وتحقيق انتصار أميركي ضد «داعش»، وما نحاول القيام به سواء على المدى القصير أو على المدى الطويل هو مكافحة التطرف العنيف، ونحن وشركاؤنا نقاتل «داعش» في العراق وسوريا، وسنواصل القيام بذلك دون هوادة حتى يتم هزيمتهم. ونحن نشعر بالقلق أيضا إزاء الظروف التي سمحت بظهور وعمل «داعش» في المقام الأول، وآخر شيء نريده هو انتصار باهظ الثمن يضع بذورا لعدم تكرر ظهور هذا الخطر العالمي.
وهذا هو السبب في أننا نريد التأكد أن القوات المحلية وليست القوات الأميركية تقوم بشن الحرب البرية، ونعتقد أن هذا ضروري لتحقيق الاستقرار في الرمادي والمناطق المحررة الأخرى وفي المناطق السنية لدعم تعبئة العشائر السنية ضد «داعش»، والمضي قدما بأجندة مصالحة واسعة النطاق تقودها الحكومة المركزية في بغداد. وهذا هو السبب أننا ندفع لتحول سياسي شامل في سوريا ووضع حد للحرب في اليمن وليبيا، وتعزيز الحكم الشامل في كليهما هو على رأس أولوياتنا.
وللإجابة على سؤالك، من المهم جدا معالجة جذور آيديولوجية التطرف العنيف، والخطاب الذي يضفي شرعية على التطرف والتعصب الديني والطائفية، وهذا قبل كل شيء مسؤولية الحكومات في المنطقة، فضلا عن المجتمع المدني، وأملنا أن يكون ظهور جماعات متطرفة من عباءة تنظيم القاعدة و«داعش»، دعوة للحكومات للاستيقاظ، والتحفيز على اتخاذ مزيد من الإجراءات.
* مع البدء في تنفيذ الاتفاق النووي، ورفع العقوبات عن إيران، كيف ترى تأثير ذلك على منطقة الشرق الأوسط، خلال الفترة المتبقية من إدارة الرئيس باراك أوباما؟
- أعتقد أن الخطوة الأولى هي أن نفكر كيف ستكون منطقة الشرق الأوسط من دون الاتفاق النووي بين القوى العالمية وإيران، كنا سنرى تسريعا للبرنامج النووي الإيراني، والمزيد من التوترات في منطقة الشرق الأوسط، ودعوات متجددة لعمل عسكري، وكل ذلك سيكون في صالح القوى المتطرفة والطائفية بما في ذلك تنظيم القاعدة و«داعش».
علينا أن نتذكر أن امتلاك إيران لسلاح نووي سيجعل الأمر أكثر سوءا، وكل ما نواجهه اليوم من مشاكل ستكون مضاعفة. هذا لا يعني أن الصفقة في حد ذاتها تلغي كل مصادر التوتر، وانعدام الأمن في المنطقة، بل على العكس من ذلك، والتأثير الرئيسي للصفقة هو الحد من مخاطر المواجهة العسكرية إلى حد كبير، وبالتالي تسمح لنا بالتركيز على ما تبقى من جدول أعمال مزدحم جدا مثلا ملاحقة وهزيمة «داعش»، وغيره من الجماعات المتطرفة العنيفة، وحل النزاع السوري، واستقرار الوضع في العراق ومعالجة الصراعات في اليمن وليبيا، وأماكن أخرى من خلال عقد اتفاقات سلام شاملة.
* البعض ينتقد نظرة الإدارة الأميركية المتفائلة والمثالية أن إبرام وبدء تنفيذ الاتفاق النووي مع إيران، وخروج إيران من عزلتها الدولية، سيغير من سلوكيات إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة، ويشجعها على إقامة علاقات طيبة مع جيرانها فما هو ردك؟
- نحن لا نعتقد أن الاتفاق النووي وحده سيؤدي إلى تغيير في سلوك إيران، أو أنه سيدفع إيران والمملكة العربية السعودية، ودول الخليج للتعاون معا في حل هذه الأزمات. بالطبع لا، والرئيس أوباما وكذلك وزير الخارجية كيري كانا واضحين حول هذا الأمر منذ البداية فنحن نعتقد أن إيران لن تغير سلوكها نتيجة الاتفاق النووي، بل على العكس فنحن نمضي في الاتفاق في ظل افتراض أن إيران لن تغير تصرفاتها وهذا ما جعل الأمر أكثر حتمية لضمان عدم امتلاك إيران لسلاح نووي.
لذا فليس لدينا فرضية أن الاتفاق سيدفع إيران فجأة إلى علاقة أكثر دفئا مع الولايات المتحدة، أو أنه سيؤدي إلى دفء فوري في علاقات إيران يجيرانها الخليجيين. لكن لدينا مساحة من الأمل أن الاتفاق النووي، وانخراطنا مع إيران يمكن أن يؤدي إلى مناقشات أوسع نطاقا حول مصادر التوتر الإقليمي، ومع مرور الوقت يقلل من الأعمال العدائية بين إيران ودول الخليج، ويقلل من انتشار الطائفية. على الأقل سنرى إيران، ودول مجلس التعاون الخليجي، ودولا أخرى، يجلسون إلى طاولة واحدة كأعضاء في مجموعة دعم سوريا، وهذا في ذاته بداية يمكن أن نبني عليها.
* نرى تزايدا لمستويات التوتر بين دول المنطقة وإيران، كيف يمكن لإدارة الرئيس أوباما تقديم ضمانات للشركاء مثل دول الخليج، أن سياسات إيران التوسعية لن تهدد أمنهم؟ وهل لديك مخاوف أن هذا التوتر يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الصراعات في المنطقة؟
- أولا نعتقد أنه من المهم محاولة خفض هذه التوترات التي تؤدي فقط إلى تشتيت الانتباه عن الأزمات الأكثر إلحاحا التي نواجهها، وتسهم في استمرار النزاعات في جميع أنحاء المنطقة، وتشعل الحرب بالوكالة. وبالنسبة لسؤالك فإن جهودنا- منذ اجتماع كامب ديفيد في العام الماضي بين الولايات المتحدة ومجلس التعاون الخليجي إلى اجتماعات وزير الخارجية كيري الأخير مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون – كلها تهدف إلى إيجاد طرق أكثر فاعلية للعمل مع شركائنا في الخليج، بحيث يمكن مواجهة كافة التهديدات من الجماعات الإرهابية إلى مواجهة أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار.
وقد قمنا بتعزيز تعاوننا سواء فيما يتعلق بمواجهة الهجمات الإلكترونية، أو تهديدات الصواريخ الباليستية، أو الحرب غير المتكافئة. ولكي نكون واضحين، فالهدف ليس تشجيع المواجهة بين إيران وجيرانها، وإنما التأكد أن دول مجلس التعاون الخليجي في موقف قوي للانخراط في حوار ضروري ومباشر مع إيران حيث توضع كل هذه القضايا على المائدة.
* تحت أي ظروف، يمكن أن تقوم الإدارة الأميركية بالانخراط مع الإيرانيين بشكل مباشر، للحد من التوتر ودفع إيران للمساعدة في حل مشاكل المنطقة مثل الأزمة السورية، والوضع في العراق واليمن؟
- الرئيس أوباما كان واضحا حول هذا الأمر منذ البداية، فنحن منفتحون على الدبلوماسية على جميع الجبهات لحل الصراعات الإقليمية. ونظرا لدور إيران في المنطقة، فإنه من الصعب حقا أن نتصور كيف يمكن أن نجد حلولا سياسية دائمة دون مشاركة طهران. وكما ذكرت فإننا وآخرين نعمل بالفعل مع إيران في محاولة لإنهاء الصراع في سوريا، كطرف في مجموعة دعم سوريا ليس انطلاقا من تصور ساذج أننا نتشارك في الأهداف والمصالح، وإنما لأن إيران تلعب دورا محوريا في دعم النظام السوري، سواء أحببنا ذلك أم لا، ولذا فإن أي حل سياسي دائم يجب أن ينطوي على دور لإيران، وفي الوقت نفسه نشارك الدول الإقليمية الأخرى التي تدعم المعارضة المسلحة، وهذا لا يعني إضفاء الشرعية على دور إيران، لكن فقط إدراك هذا الدور.
وأريد أن أضيف، أننا تمكنا من الوصول إلى يوم تنفيذ الاتفاق في وقت سابق من قدرة أي خبير على توقعه. وكنا قادرين على تأمين إطلاق سراح الأميركيين الذين اعتقلوا ظلما في إيران، وقمنا بتسوية الخلاف حول المطالبات المالية التي تعود لعام 1979 وهذا يثبت أن هناك مجالا أكبر لدبلوماسية مثمرة.
ولا تزال هناك خلافات كبيرة وحالة من عدم الثقة كبيرة بين الولايات المتحدة وإيران، وهي لن تتبخر في أي وقت قريب. وليس واضحا في هذه المرحلة مدى استعداد القيادة الإيرانية للمشاركة مع الولايات المتحدة، لكن السؤال الذي يدور في أذهاننا هو ما إذا كانت هذه القضايا يمكن معالجتها من خلال دبلوماسية حادة ووجها لوجه، وهذا ما نريد أن نختبره.
* في النهاية هل ترى أي تطورات سواء سلبية أو إيجابية في ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وقضية حل الدولتين، وهل ستتصدى الإدارة الأميركية لهذا الملف خلال الاثني عشر شهرا المتبقية من ولاية الرئيس أوباما؟
- هذا الملف قريب جدا إلى قلبي، وأحد أسباب استمرار الإحباط والقلق في جميع أنحاء المنطقة. وعندما قلت منذ عدة أشهر بأن حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني ليس مرجحا أن يحدث قبل نهاية ولاية الرئيس أوباما، فإن ذلك لا يعني أن إدارة أوباما تخلت عن هذه القضية المركزية، بل على العكس فهي تعني اعترافا قويا بأن الجانبين لا يزالان متباعدين، وأنهما إذا استمرا على المسار الحالي، واستمرت الجهود على هذا المنوال، دون إعادة تفكير وبحث عن الكيفية التي مضت بها الأمور خلال العشرين عاما الماضية، فإنه ليس من المرجح التوصل إلى تسوية شاملة قريبا.
وبالفعل فإن الصراع سيزداد صعوبة وسيتزايد العنف، وسفك الدماء، وحالة عدم الثقة، مع استمرار هدم البيوت والتهجير ومصادرة الأراضي في الضفة الغربية، إلى جانب استمرار الأنشطة المتعلقة بالمستوطنات. هذا كله يقوض إمكانية التوصل إلى حل الدولتين ولا بد من وقف كل هذه الأعمال إذا أردنا منع واقع وجود دولة واحدة فقط تمسك بزمام الأمور.
والحقيقة أن معظم من عملت معهم يدركون أن التوصل لحل قابل للتطبيق ومستدام لقيام دولتين بما يلبي الاحتياجات الأساسية للجانبين وتطلعات الجانبين، هو أمر ضروري، لكن الوصول إلى تحقيق ذلك يتطلب تنازلات صعبة ليس من جانب واحد، وإنما من الجانبين. وإذا كان هناك طرف غير مستعد للقيام بهذه الخطوة، ويعتقد أن هناك طرقا أخرى، فعليه أن يجيب على أسئلة أساسية مباشرة وبسيطة طرحها وزير الخارجية كيري في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وهي ما هي الطرق الأخرى التي تعتقد القيادة الفلسطينية أنها تستطيع تحقيق تطلعات شعبها المشروعة في الاستقلال والسيادة والسلامة وإقامة الدولة؟ وما هي الطرق الأخرى لتحفظ الحكومة الإسرائيلية طابعها كدولة يهودية ديمقراطية لها علاقات سلام وعلاقات طبيعية مع جيرانها؟
ولكي نكون واضحين، فالولايات المتحدة مستعدة دائما للمساعدة في التوصل إلى حل الدولتين لأننا نعتقد أنه في مصلحة الإسرائيليين والفلسطينيين، ولأننا نؤمن أنه في مصلحة المنطقة لتحقيق الاستقرار المستدام. والرئيس أوباما على استعداد لبذل كل ما في وسعه في هذا الصدد، لكن الطرفين بحاجة إلى اتخاذ بعض الخيارات الأساسية والقيام بها قبل فوات الأوان.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.


بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.


واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
TT

واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)

قالت الولايات المتحدة اليوم (الثلاثاء)، إنها ما زالت ترفض اعتبار نيكولاس مادورو الرئيس الشرعي لفنزويلا، وتعترف بسلطة الجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015 بعد أن حلت المعارضة «حكومتها المؤقتة».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس للصحافيين: «نهجنا تجاه نيكولاس مادورو لا يتغير. إنه ليس الرئيس الشرعي لفنزويلا. نعترف بالجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015»، وفق ما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.
ولدى سؤاله عن الأصول الفنزويلية، ولا سيما شركة النفط الفنزويلية في الولايات المتحدة، قال برايس إن «عقوباتنا الشاملة المتعلقة بفنزويلا والقيود ذات الصلة تبقى سارية. أفهم أن أعضاء الجمعية الوطنية يناقشون كيف سيشرفون على هذه الأصول الخارجية».


ميسي قبل لقاء السعودية: تعرضت لكدمة بسيطة... هذه فرصتي لتحقيق الحلم العظيم

ميسي قال في المؤتمر الصحافي إنه جاهز لمباراة الثلاثاء (إ.ب.أ)
ميسي قال في المؤتمر الصحافي إنه جاهز لمباراة الثلاثاء (إ.ب.أ)
TT

ميسي قبل لقاء السعودية: تعرضت لكدمة بسيطة... هذه فرصتي لتحقيق الحلم العظيم

ميسي قال في المؤتمر الصحافي إنه جاهز لمباراة الثلاثاء (إ.ب.أ)
ميسي قال في المؤتمر الصحافي إنه جاهز لمباراة الثلاثاء (إ.ب.أ)

قال ليونيل ميسي قائد المنتخب الأرجنتيني، إنه يشعر بأنه على ما يرام قبل المواجهة الافتتاحية للمجموعة الثالثة ضد السعودية، غداً الثلاثاء، بينما يُرجح أن تكون تلك مشاركته الأخيرة في كأس العالم لكرة القدم.
وقال ميسي الذي أجرى تدريبات خفيفة بعيداً عن زملائه، السبت، في مؤتمر صحافي، اليوم، الاثنين: «أشعر بأنني في حالة جيدة بدنياً. أعتقد أنني في فترة رائعة على الصعيدين الشخصي والبدني، ولا أعاني أي مشكلات... سمعت أنهم قالوا إنني تدربت بشكل مختلف. كان ذلك بسبب تعرضي لكدمة، ولكن لا يوجد شيء غريب (يحدث). كان مجرد إجراء احترازي».
وأضاف اللاعب البالغ من العمر 35 عاماً، والذي سيخوض كأس العالم للمرة الخامسة، في قطر، أنه لم يستعد بشكل مختلف للبطولة التي تقام للمرة الأولى في شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول).
وأوضح مهاجم باريس سان جيرمان: «لم أفعل أي شيء مميز. لقد اعتنيت بنفسي، وتدربت كما أفعل طوال مسيرتي، مع العلم بأن هذه لحظة خاصة، فربما تكون هذه آخر بطولة كأس عالم لي، وفرصتي الأخيرة لتحقيق هذا الحلم العظيم الذي أحلم به، ونحلم به جميعاً».


مشجعو الإكوادور: لا نستطيع التعبير بالكلمات بعد فوزنا التاريخي في افتتاح المونديال

مشجعون إكوادوريون يحتفلون بفوز منتخب بلادهم على قطر (رويترز)
مشجعون إكوادوريون يحتفلون بفوز منتخب بلادهم على قطر (رويترز)
TT

مشجعو الإكوادور: لا نستطيع التعبير بالكلمات بعد فوزنا التاريخي في افتتاح المونديال

مشجعون إكوادوريون يحتفلون بفوز منتخب بلادهم على قطر (رويترز)
مشجعون إكوادوريون يحتفلون بفوز منتخب بلادهم على قطر (رويترز)

احتفل الآلاف من الإكوادوريين المبتهجين، اليوم الأحد، في مدن مختلفة، بالدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية بعد الفوز التاريخي على الدولة المضيفة قطر في المباراة الافتتاحية لـ«كأس العالم لكرة القدم 2022».
وكانت بداية الإكوادور مثالية للبطولة بفوزها على قطر 2-0 ضمن المجموعة الأولى بهدفين بواسطة المُهاجم المخضرم إينر فالنسيا، الذي سجل من ركلة جزاء، ثم بضربة رأس في الشوط الأول. وشهدت المباراة المرة الأولى التي تتعرض فيها دولة مضيفة للهزيمة في المباراة الافتتاحية لكأس العالم.
وارتدى المشجِّعون قمصان المنتخب الوطني وحملوا أعلام الإكوادور؛ تكريماً للفريق، وامتلأت المطاعم والساحات ومراكز التسوق في أنحاء مختلفة من البلاد بالمشجّعين؛ لمساندة الفريق تحت الشعار التقليدي «نعم نستطيع».
وقالت جيني إسبينوزا (33 عاماً)، التي ذهبت مع أصدقائها إلى مركز التسوق في مدينة إيبارا بشمال البلاد لمشاهدة ومساندة الفريق: «تنتابني مشاعر جيّاشة ولا تسعفني الكلمات، لا يمكنني وصف ما حدث. نحن دولة واحدة، ويد واحدة، وأينما كان الفريق، علينا أن ندعمه».
وفي كيتو وجواياكويل وكوينكا؛ وهي أكبر مدن البلاد، تجمَّع المشجّعون في الحدائق العامة؛ لمشاهدة المباراة على شاشات عملاقة ولوّحوا بالأعلام ورقصوا وغنُّوا بعد النصر.
وقال هوجو بينا (35 عاماً)، سائق سيارة أجرة، بينما كان يحتفل في أحد الشوارع الرئيسية لجواياكويل: «كان من المثير رؤية فريقنا يفوز. دعونا نأمل في أداء جيد في المباراة القادمة أمام هولندا، دعونا نأمل أن يعطونا نتيجة جيدة، ويمكننا التأهل للمرحلة المقبلة».
وانضمّ الرئيس جييرمو لاسو إلى الاحتفالات.
وكتب لاسو، عبر حسابه على «تويتر»: «الإكوادور تصنع التاريخ. عندما تكون القيادة واضحة، ولديها رؤية وتعمل على تحقيقها، فإن الفريق يكتب اسمه في سجلات التاريخ...».
وستختتم الجولة الأولى من مباريات المجموعة الأولى، غداً الاثنين، بمباراة هولندا والسنغال.
وستلعب الإكوادور مرة أخرى يوم الجمعة ضد هولندا، بينما ستواجه قطر منافِستها السنغال.


مناطيد مهرجان «تازونغداينغ» تُنسي البورميين أجواء النزاع

محتفلون في مهرجان «تازونغداينغ» (أ.ف.ب)
محتفلون في مهرجان «تازونغداينغ» (أ.ف.ب)
TT

مناطيد مهرجان «تازونغداينغ» تُنسي البورميين أجواء النزاع

محتفلون في مهرجان «تازونغداينغ» (أ.ف.ب)
محتفلون في مهرجان «تازونغداينغ» (أ.ف.ب)

تجمّع آلاف البوذيين، أول من أمس الأحد، في وسط بورما؛ للمشاركة في إحياء طقوس دينية شعبية شكّل الاحتفال بها فاصلاً ملوّناً، وسط النزاع الدامي الذي تشهده الدولة الآسيوية.
وحالت جائحة «كوفيد-19» وانقلاب فبراير (شباط) 2021 لعامين متتاليين دون أن تشهد بيين أو لوين، هذا الاحتفال باكتمال القمر الذي يصادف نهاية موسم الأمطار المعروف بـ«تازونغداينغ» أو مهرجان الأضواء. وارتفعت مناطيد الهواء الساخن في الليل البارد وعليها صور لبوذا وأنماط ملونة تقليدية؛ ومنها الدب الأبيض.
ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، تتولى لجنة تحكيم اختيارَ الأجمل منها، الذي يصل إلى أكبر علو ويطير أطول وقت بين 76 منطاداً تشارك في الأيام الخمسة للاحتفالات.
ويترافق هذا الحدث مع كرنفال وعرض رقص تقليدي يوفّر جواً من البهجة بعيداً من أخبار النزاع الأهلي، الذي أودى بحياة ما بين 2400 و4000 شخص في نحو عامين.
وإذا كان الاحتفال بـ«تازونغداينغ» راسخاً في التقاليد البوذية، فإن البريطانيين الذين كانوا يستعمرون بورما هم الذين كانوا وراء مسابقة المناطيد في نهاية القرن الـ19.
ودرَجَ عشرات الآلاف من البورميين والأجانب الفضوليين في السنوات الأخيرة، على حضور هذه الاحتفالات المعروفة على السواء بألوانها وبالخطر الذي تنطوي عليه، إذ تُحمَّل المناطيد بالألعاب النارية التي قد تسبب كارثة إذا انفجرت قبل الأوان.
ويعود الحادث الأخطر إلى عام 2014 عندما قُتل 3 متفرجين بفعل سقوط منطاد على الحشد في تونغي، وسط بورما.


إقصاء ببغاء نادر عن مسابقة يثير غضباً في نيوزيلندا

ببغاء كاكابو («فورست أند بيرد»)
ببغاء كاكابو («فورست أند بيرد»)
TT

إقصاء ببغاء نادر عن مسابقة يثير غضباً في نيوزيلندا

ببغاء كاكابو («فورست أند بيرد»)
ببغاء كاكابو («فورست أند بيرد»)

أثار حرمان أضخم ببغاء في العالم من المشاركة في مسابقة انتخاب «طير السنة» في نيوزيلندا، غضب هواة الطيور الذين هالهم استبعاد طير كاكابو، المحبوب جداً والعاجز عن الطيران، حسب «وكالة الصحافة الفرنسية».
وثارت حفيظة كثيرين إثر قرار المنظمين منع الببغاء النيوزيلندي ذي الشكل اللافت، الذي يواجه نوعه خطر الانقراض. ويشبه ببغاء كاكابو، المعروف أيضاً باسم «الببغاء البومة»، كرة بولينغ مع ريش أخضر. وسبق له أن وصل إلى نهائيات المسابقة سنة 2021، وفاز بنسختي 2008 و2020.
هذا الطير العاجز عن التحليق بسبب قصر ريشه، كان الأوفر حظاً للفوز هذا العام. لدرجة وصفه بأنه «رائع» من عالِم الأحياء الشهير ديفيد أتنبوروه، إحدى أبرز المرجعيات في التاريخ الطبيعي، والذي قدمه على أنه طيره النيوزيلندي المفضل. لكنّ المنظمين فضلوا هذا العام إعطاء فرصة لطيور أقل شعبية.
وقالت الناطقة باسم هيئة «فورست أند بيرد» المنظمة للحدث، إيلين ريكرز، إن «قرار ترك كاكابو خارج قائمة المرشحين هذا العام لم يُتخذ بخفّة».
وأضافت: «ندرك إلى أي مدى يحب الناس طير كاكابو»، لكن المسابقة «تهدف إلى توعية الرأي العام بجميع الطيور المتأصلة في نيوزيلندا، وكثير منها يعاني صعوبات كبيرة».
وأوضحت الناطقة باسم الجمعية: «نريد أن تبقى المسابقة نضرة ومثيرة للاهتمام، وأن نتشارك الأضواء بعض الشيء».
وليست هذه أول مرة تثير فيها مسابقة «طير السنة» الجدل. فقد تلطخت سمعة الحدث ببعض الشوائب في النسخ السابقة، سواء لناحية عدد مشبوه من الأصوات الروسية، أو محاولات فاضحة من أستراليا المجاورة للتلاعب بالنتائج. والفائز باللقب السنة الماضية كان طير «بيكابيكا-تو-روا»... وهو خفاش طويل الذيل. وهذه السنة، تدافع صفحات «فيسبوك» عن طير «تاكاهي» النيوزيلندي، وعن طير «كيا» ذي الريش الأخضر، وهما نوعان يواجهان «صعوبات كبيرة» وفق منظمة «فورست أند بيرد». لكن فيما لا يزال التصويت مستمراً، يشدد أنصار الببغاء كاكابو على أن إقصاء طيرهم المفضل عن المسابقة لن يمرّ مرور الكرام. وانتقدت مارتين برادبوري المسابقة، معتبرة أنها تحولت إلى «جائزة عن المشاركة» موجهة للطيور القبيحة. أما بن أوفندل فكتب على «تويتر» أن «نزاهة طير السنة، وهي مسابقتنا الوطنية الكبرى، تضررت بلا شك».


بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
TT

بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، إلى كولومبيا في مستهل جولة تشمل أيضاً تشيلي والبيرو، في محاولة لترسيخ شراكات الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية التي تعد فناءها الخلفي الجيوسياسي، في مواجهة الطموحات الصينية المتزايدة في منطقة شهدت انتخاب عدد من الرؤساء اليساريين أخيراً.
وخلال جولته التي تستمر أسبوعاً في الدول الثلاث، سيحضر كبير الدبلوماسيين الأميركيين أيضاً قمة وزارية. ويقر المسؤولون في واشنطن بأن هناك ضرورة لإظهار اهتمام الولايات المتحدة بجيرانها الجنوبيين، «باعتبارهم أولوية سياسية رغم التركيز على قضايا جيوسياسية كبرى، مثل الحرب الروسية في أوكرانيا، وتهديد الصين لتايوان». وتأمل إدارة الرئيس جو بايدن في أن يحافظ الزعماء اليساريون الجدد في أميركا اللاتينية «على نهج صديق للمشروعات الحرة وتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، وألا يجنحوا إلى الشغب الآيديولوجي في حكمهم».
وأفاد مساعد وزير الخارجية الأميركي براين نيكولز، في إحاطة للصحافيين، بأن بلينكن يزور ثلاث دول «كانت منذ فترة طويلة شريكة تجارية حيوية للولايات المتحدة، ولديها اتفاقات تجارة حرة مع الولايات المتحدة (…). نحن نركز على تعزيز علاقاتنا مع تلك الحكومات». وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن بلينكن سيلتقي في بوغوتا الرئيس اليساري غوستافو بيترو، وهو متمرد سابق، ووزير الخارجية ألفارو ليفا لمناقشة الأولويات المشتركة بين البلدين، بما في ذلك «الدعوة إلى ديمقراطيات قوية في كل أنحاء المنطقة، ودعم السلام والمصالحة المستدامين، والتصدي للهجرة غير النظامية كأولوية إقليمية، ومكافحة الاتجار بالمخدرات، وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، ومعالجة أزمة المناخ».
وأضافت أن بلينكن سيجدد دعم الولايات المتحدة لاتفاق السلام الكولومبي لعام 2016 خلال مناسبة مع نائبة الرئيس فرانسيا ماركيز، على أن يزور مركزاً لدمج المهاجرين في سياق دعم سياسة الوضع المحمي المؤقت في كولومبيا للمهاجرين الفنزويليين، الذي يعد نموذجاً في المنطقة. وكان بيترو، سخر خلال حملته، من الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على المخدرات، معتبراً أنها «فاشلة»، علماً بأن هذه الدولة في أميركا الجنوبية هي أكبر منتج للكوكايين في العالم، ولطالما واجهت ضغوطاً من واشنطن للقضاء على محاصيل المخدرات. كما تحرك بيترو لإعادة التعامل دبلوماسياً واقتصادياً مع حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، رغم جهود الولايات المتحدة لعزل الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).
واستخدم مسؤولو إدارة بايدن نبرة تصالحية في الغالب حيال بيترو، مركزين على مجالات الاتفاق في شأن قضايا مثل تغير المناخ واستشهدوا بمناشداته لمادورو للعودة إلى المحادثات مع المعارضة الفنزويلية. وفيما يتعلق بدعوات بيترو لإنهاء الحرب على المخدرات، قال نيكولز إن واشنطن تدعم بقوة «النهج القائم على الصحة والعلم» لمكافحة المخدرات، مضيفاً أن هذا «ينعكس في سياستنا لدعم التنمية الريفية والأمن الريفي في كولومبيا. ونعتقد أن الرئيس بيترو يشارك بقوة في هذا الهدف». لكنّ مسؤولاً أميركياً أكد أن واشنطن تراقب عن كثب، ما إذا كان تواصل كولومبيا مع السلطات في فنزويلا المجاورة يخالف العقوبات الأميركية على حكومة مادورو.
وتأتي جولة بلينكن أيضاً، بعد عملية تبادل أسرى بين الولايات المتحدة وفنزويلا، ما يعكس تحسناً حذراً للعلاقات بين الدولتين، رغم عدم اعتراف واشنطن بإعادة انتخاب مادورو رئيساً لفنزويلا عام 2018... وقال نيكولز: «نحن لا نحكم على الدول على أساس موقعها في الطيف السياسي، بل على أساس التزامها بالديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان».
ويحمل كبير الدبلوماسيين الأميركيين في رحلته هذه، جدول أعمال مثقلاً لمنظمة الدول الأميركية. ويتوجه الأربعاء إلى سانتياغو، حيث سيعقد اجتماعاً مع رئيس تشيلي اليساري غابرييل بوريتش البالغ 36 عاماً من العمر، الذي تولّى منصبه في مارس (آذار) الماضي. وأخيراً، يتوجه إلى ليما الخميس والجمعة، للقاء الرئيس الاشتراكي بيدرو كاستيو الذي ينتمي لليسار الراديكالي والمستهدف بتحقيقات عدة بشبهات فساد واستغلال السلطة منذ وصوله إلى الرئاسة قبل أكثر من عام. وسيشارك في الجمعية العامة السنوية لمنظمة الدول الأميركية. وسيدرس المجتمعون قراراً يطالب بإنهاء «العدوان الروسي على أوكرانيا»، رغم أن بعض الدول الأميركية اللاتينية عبرت عن تحفظها، بالإضافة إلى قرارات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في نيكاراغوا والوضع الاقتصادي والسياسي المتردّي في هايتي.


أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
TT

أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)

في إطار سعيهما لتعزيز قبضتهما على السلطة، يهاجم رئيس نيكاراغوا دانيال أورتيغا ونائبته وزوجته روزاريو موريو الكنيسة الكاثوليكية، بعدما عملا على سجن أو نفي شخصيات معارضة.
بدأ المقاتل السابق في جبهة التحرير الوطني الساندينية، بدعم قوي من زوجته، بالتأسيس لاستمرارية في السلطة منذ عودته إليها في عام 2007. وسمحت تعديلات دستورية في العامين 2011 و2014 برفع الحظر المفروض على إعادة انتخاب الرئيس، الذي كان منصوصاً عليه سابقاً في الدستور، حسبما تقول عالمة الاجتماع إلفيرا كوادرا التي تعيش في المنفى في كوستاريكا.
وتشير كودارا لوكالة «الصحافة الفرنسية» إلى أن أورتيغا (76 عاماً) «حوّل بذلك شكل الحكومة التي نصّ عليها الدستور» من أجل الانتقال إلى نظام «استبدادي» يضع «صنع القرار المطلق في أيدي الثنائي الرئاسي».
ومنذ القمع الدامي لاحتجاجات عام 2018 التي كانت تُطالب باستقالة الزوجيْن، تمرّ نيكاراغاوا بـ«أزمة مطوّلة لا يمكن تخطّيها» لأن أورتيغا وزوجته «أكّدا استمراريتهما في السلطة خلال انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2021. ومن خلال مأسسة الدولة البوليسية».
وأُعيد انتخاب أورتيغا لولاية رابعة على التوالي خلال انتخابات غاب عنها جميع منافسيه الأقوياء المحتملين، بسبب اعتقالهم أو إرغامهم على العيش في المنفى.
ولطالما دان المجتمع الدولي أفعال النظام في نيكاراغوا. وطالبت منظمة الدول الأميركية، أول من أمس الجمعة، الحكومة في نيكاراغوا بوقف «المضايقات والقيود التعسّفية» بحق المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والمنظمات الدينية والمعارضين. وطالبت أيضاً بـ«الإفراج الفوري عن السجناء السياسيين الذين يُقدّر عددهم بنحو 190».
ويعتبر المحلل والنائب السابق في نيكاراغوا إيليسيو نونييز، الذي يعيش هو أيضاً في المنفى، أن جبهة التحرير الوطني الساندينية «تنتقل من موقع الحزب المهيمن إلى موقع الحزب الواحد (...) مع خلق عبادة شخصية لا مثيل لها حالياً في أميركا اللاتينية».
ومنذ عام، تمّ اعتقال 46 معارضاً أو مجرد منتقد للحكومة وحُكم عليهم بالسجن لفترات تصل إلى 13 عاماً. وكان سبعة منهم يريدون الترشّح إلى الرئاسة.
- قمع الإعلام
وكانت وسائل الإعلام أيضاً من الأهداف الأولى للسلطة.
لم تعد صحيفة «لا برينسا» La Prensa، التي كانت تنشر نسخة ورقية، موجودة إلّا على الإنترنت، بعدما اختار صحافيوها المنفى خوفاً من الاعتقال، وذلك عقب مصادرة مقرّها وزجّ مديرها لورينزو هولمان بالسجن.
وأغلقت السلطات أيضاً المحطة التلفزيونية التابعة للكنيسة الكاثوليكية في نيكاراغوا، بالإضافة إلى عدة إذاعات في أبرشيات مختلفة، وعشرات وسائل الإعلام المستقلة.
في 15 أكتوبر (تشرين الأول) 2020. أصدرت نيكاراغوا تشريعاً يستهدف الذين يتلقون أموالاً من الخارج ويفرض تسجيلهم لدى السلطات بصفة «عملاء أجانب». وأثار هذا القانون انتقادات المجتمع الدولي لما يشكله من خطر على الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان.
وبموجب هذا القانون، اعتبرت أكثر من ألف مؤسسة ومنظمة غير حكومية كان بعضها يكرّس عمله للدفاع عن حقوق الإنسان، غير قانونية. وأغلقت جامعات خاصة ومنظمات ثقافية بين عشية وضحاها.
في يوليو (تموز) اضطرت راهبات مجمّع الإرساليات الخيرية الذي أسسته الأم تيريزا، إلى الرحيل من نيكاراغوا، وطُردن كأنّهن «منبوذات»، حسبما قال مركز نيكاراغوا للدفاع عن حقوق الإنسان.
- «كنيسة صامتة»
وتُظهر الكنيسة الكاثوليكية نفسها على أنها آخر معقل يحمي من الإجراءات التعسّفية. لكن الموالين للحكومة يعتبرون الكهنة والأساقفة الذين ينتقدون النظام «أنبياء مزيّفين».
ومنعت الشرطة أسقف ماتاغالبا (شمال شرق) المونسنيور رولاندو ألفاريز من التنقّل، منذ 4 أغسطس (آب)، مما يعكس ذروة الأزمة مع نظام يسعى إلى إسكات رجال الدين في الكنيسة الكاثوليكية المحلية لقمع أصوات المعارضة.
وقال ألفاريز في إحدى عظاته: «لطالما أرادت الحكومة كنيسة صامتة، لا تريدنا أن نتكلّم وأن نندّد بالظلم».


رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.