ليبيا: الفريق حفتر في القاهرة بشكل مفاجئ.. ورئيس برلمان طرابلس يطالب بإبعاده

واشنطن تتحدث عن خيارات التدخل العسكري.. وإيطاليا تتوقعه في الربيع المقبل

ليبيا: الفريق حفتر في القاهرة بشكل مفاجئ.. ورئيس برلمان طرابلس يطالب بإبعاده
TT

ليبيا: الفريق حفتر في القاهرة بشكل مفاجئ.. ورئيس برلمان طرابلس يطالب بإبعاده

ليبيا: الفريق حفتر في القاهرة بشكل مفاجئ.. ورئيس برلمان طرابلس يطالب بإبعاده

بينما بدأ الفريق خليفة حفتر، قائد الجيش الموالي للسلطات الشرعية في ليبيا، زيارة مفاجئة إلى القاهرة، كشفت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) النقاب عن دراستها لجدوى القيام بعملية عسكرية جديدة لمنع تنظيم داعش من التمدد داخل الأراضي الليبية، فيما لمحت وزيرة الدفاع الإيطالية روبيرتا بينوتّي إلى أن التدخل العسكري في ليبيا قد يتم قبل بداية الربيع المقبل.
ووصل حفتر إلى العاصمة المصرية في زيارة لم يسبق الإعلان عنها على رأس وفد كبير، بعد أسبوع من إشادة علنية ونادرة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بدور حفتر في تأمين إطلاق سراح 20 مصريا كانوا مختطفين في ليبيا مؤخرا. وقالت مصادر مصرية وليبية متطابقة إن حفتر سيلتقي الرئيس السيسي وكبار مساعديه لبحث العلاقات الثنائية بين الطرفين، مشيرة إلى أن حفتر سيطلب مساعدات عسكرية وأمنية لتمكين قوات الجيش الليبي من إنهاء وجود الجماعات المتطرفة في بنغازي بشرق البلاد، حيث تدور معارك شبه يومية بين الجيش والمتطرفين منذ نحو عامين.
وتزامن وجود حفتر في القاهرة مع إعلان نوري أبو سهمين، رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق، والمنتهية ولايته الموجود في طرابلس، عن رغبة البرلمان غير الشرعي في الإطاحة بحفتر من منصبه. وقال أبو سهمين في كلمة متلفزة له أمس: «لا نريد أن يبقى حفتر ويمكن تفعيل المؤسسة العسكرية بآخرين»، وشن هجوما حادا على بعثة الأمم المتحدة، وقال إنها اعتادت استدعاء أطراف متعددة دون وضع معيار، معربا عن استغرابه من تصريحات رئيسها الألماني مارتن كوبلر بشأن ملابسات عدم لقائهما، ورفض برلمان طرابلس هبوط طائرات تابعة للأمم المتحدة في ليبيا.
في غضون ذلك، اعترف بيتر كوك، الناطق باسم البنتاغون، في تصريحات له أمس، بأن مجموعة صغيرة من القوات الأميركية قامت بالاتصال بعدد من المسلحين في ليبيا للتعرف على الأطراف الفعالة هناك، وقدم رواية جديدة عن مبررات وجود عشرات من الجنود الأميركيين في قاعدة بغرب ليبيا خلال الشهر الماضي، موضحا أن هذه القوات كانت تبحث عن حلفاء لواشنطن في ليبيا، وأن وزارة الدفاع تبحث بين الخيارات المتاحة لمنع سيطرة «داعش» على مزيد من الأراضي في الدولة الغنية بالنفط.
من جهتها، رأت وزيرة الدفاع الإيطالية روبيرتا بينوتّي أنه «لا يمكننا تخيل قضاء فصل الربيع المقبل في ظل أوضاع ليبية لا تزال متعثرة»، وقالت في مقابلة مع صحيفة «كورييري ديللا سيرا» نقلتها وكالة أنباء «أكي» الإيطالية إن «بعض هزائم تنظيم داعش في العراق قد تدفعه لجعل ليبيا جبهة جديدة»، موضحة أن التنظيم يحاول مواصلة السيطرة على أراض جديدة في منطقة سرت، وأن «الوقت يضيق بالتأكيد».
وكانت وزارة الدفاع الإيطالية قد نفت، أي نية لتدخل عسكري إيطالي في ليبيا، ما لم «يُطلب ذلك من قبل حكومة الوفاق الوطني المقترحة من بعثة الأمم لمتحدة»، مؤكدة أن «إيطاليا مستعدة للتحرك العسكري إذا لزم الأمر في الإطار الذي تمليه قرارات الأمم المتحدة. لكن وزير الداخلية الإيطالي أنجلينو ألفانو قال في المقابل إنه ليس هناك أي قرار بعد بشأن القيام بمهمة عسكرية محتملة في ليبيا».
إلى ذلك، اتهم عبد السلام البدري، نائب رئيس الحكومة الانتقالية التي تتخذ من شرق ليبيا مقرا لها، والتي يرأسها عبد الله الثني، خلال اجتماع مع أعيان وحكماء ووجهاء مدينة بنغازي، الأمم المتحدة بأنها السبب الرئيسي في الضائقة المالية التي تمر بالدولة، وذلك بسبب تجمد الأموال، معتبرا أن المجتمع الدولي يتآمر ويضغط على ليبيا.
من جهته، قال وزير الصحة الليبي رضا العوكلي إن تنظيم داعش ينتشر مثل «السرطان» في البلاد، وإنه يجب التصدي له بدعم من المجتمع الدولي، موضحا في مؤتمر صحافي في جنيف أنه «يتعين على المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة، الفصل بين الاحتياجات الإنسانية للشعب الليبي وبين أي حوار سياسي.. الأمم المتحدة والمجتمع الدولي يقولان إننا لن نساعدكم في التصدي لداعش، ولن نساعدكم في إرسال الدواء لشعبكم المسكين، أو في توفير المأوى لثلاثة ملايين شخص شردوا من ديارهم، إلا بعد التوقيع على وثيقة تقول إن الأمور أصبحت على ما يرام بين شرق وغرب البلاد للتوصل إلى اتفاق سياسي. هذا أمر غير ملائم تماما».
وطبقا لما أعلنه الدكتور جعفر حسين، ممثل منظمة الصحة العالمية في ليبيا، فإن نحو 1.9 مليون شخص من بين سكان البلاد، البالغ عددهم 6.3 مليون نسمة «بحاجة إلى مساعدة صحية عاجلة»، مشددا على أن «الأدوية غير متاحة والفرق الطبية غير متوفرة والمستشفيات تتعرض للقصف، والكهرباء مقطوعة، والوقود اللازم لا يتوافر لمولدات الكهرباء.. لدينا عجز حاد في الأدوية المنقذة للحياة».
إلى ذلك، طالب مارتن كوبلر، رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، الميليشيات والتشكيلات المسلحة في العاصمة الليبية طرابلس بإطلاق سراح جميع المحتجزين في سجونها فورًا، ومن دون شروط. ورحب كوبلر بالإفراج عن نبيل سعد عون، عضو مجلس النواب عن دائرة العزيزية، الذي اختطفته ميليشيات طرابلس مؤخرا، لكنه أدان اختطاف زميله عضو مجلس النواب محمد الرعيض بعد المشاركة في اجتماع للمجلس النواب بطبرق أول من أمس.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم