شاشة الناقد

من «جين تسلحت»
من «جين تسلحت»
TT

شاشة الناقد

من «جين تسلحت»
من «جين تسلحت»

(2*)The 5th Wave
إخراج: ج. بلاكستون
خيال علمي- رعب | الولايات المتحدة (2016)
يغيظك الفيلم الذي يحمل فكرة جيدة ووعودًا كبيرة وأسلوب عمل لا بأس بقدراته، لكن لا شيء مما سبق ينجح في توفير المستوى الجيد المأمول. الفيلم عن رواية لريك يانسي احتلت قائمة «بست سلر» في أميركا وبريطانيا سنة 2013 وتدور في مستقبل قريب يبدأ عندما يحط غزاة من الفضاء يستولون على الأرض مثيرين خمس موجات من التدمير. بطلة الفيلم (كليو غرايس موريتز) ستحاول، على نحو مفهوم، إنقاذ نفسها وأخيها الصغير (زكاري آرثر) النجاة من الموت أو ما هو أسوأ منه. كان يمكن صنع فيلم أفضل بلا ريب لولا التمسك بأهداب الرغبة في حفر أساس لسلسلة (ربما كل واحدة بموجة مختلفة!) وطرح أسئلة لا يملك الجواب عن كثير منها.

(3*)Jane Got a Gun ‪
إخراج: غافين أو كونور
وسترن| الولايات المتحدة (2016)
كما ذكرنا، قبل أسابيع قليلة، نوع «الوسترن» لم يمت كما تردد. في الواقع لم يشهد صحوة مكثفة كما يشهد منذ بضعة أشهر. «جين تسلحت» من بطولة نتالي بورتمان (التي تقوم بوظيفة إنتاجه أيضًا) وجويل إدغرتون وإوان مكريغور، هو آخرها بالنسبة لتوقيت عرضه (بدءًا من هذا الأسبوع) لكنه عمل تعثر إنجازه منذ سنتين تقريبًا عندما تركت المخرجة لين رامزي العمل وانسحب منه أيضًا مايكل فاسبيندر ثم جود لو. الناتج حاليًا هو فيلم كان يحتاج لبعض المقويات حتى يستوي على النحو الصحيح: حكاية امرأة تعمد للسلاح بعدما عاد زوجها من منازلة أشرار وهو مصاب. لكنها تدرك أنها لن تستطيع وحدها صد الهجوم المحتمل فتطلب مساعدة عشيقها السابق. لو لم يكن هم المخرج تحويل كل لقطة لتأثير أو حدث لأمكن وضع نجمة ثالثة أعلاه.

(3*)Afrim‪!‬
إخراج: رادو جود
دراما تاريخية | رومانيا- بلغاريا (2015)
بعد سنة من عرضه العالمي الأول في دورة مهرجان برلين الماضية، يزحف «إفريم» (أو «عفارم» كما بالأصل التركي للكلمة) إلى صالات أميركية وأوروبية (أما العربية فتبقى سدا منيعًا ضد غزو كل فيلم غير أميركي أو هندي). هو رحلة طريق في أواخر القرن التاسع عشر بين مفتش روماني أمن ومساعده بحثًا عن غجري هارب من مطارديه. كان الغجري ضاجع زوجة أحد كبار إقطاعيي المنطقة القروية وهرب من العقاب. الإقطاعي استأجر خدمات بطل الفيلم (تيودور قربان) لإلقاء القبض على الغجري، وهذا ما يحدث بعد تعقب طويل في فيلم مليء بالحوار وخال من الأحداث لكن هذين العنصرين لا يحدّان من قوّته البصرية وإيحاءاته الفنية (تصوير بالأبيض والأسود).

(1*) لا يستحق
(2*) وسط
(3*) جيد
(4*) ممتاز
(5*) تحفة



«العواصف» و«احتفال»

«العواصف» (فيستيڤال سكوب)
«العواصف» (فيستيڤال سكوب)
TT

«العواصف» و«احتفال»

«العواصف» (فيستيڤال سكوب)
«العواصف» (فيستيڤال سكوب)

LES TEMPÊTES

(جيد)

* إخراج: دانيا ريمون-بوغنو

* فرنسا/ بلجيكا (2024)

الفيلم الثاني الذي يتعاطى حكاية موتى- أحياء، في فيلم تدور أحداثه في بلدٍ عربي من بعد «أغورا» للتونسي علاء الدين سليم («شاشة الناقد» في 23-8-2024). مثله هو ليس فيلم رعب، ومثله أيضاً الحالة المرتسمة على الشاشة هي في جانب كبير منها، حالة ميتافيزيقية حيث العائدون إلى الحياة في كِلا الفيلمين يمثّلون فكرةً أكثر ممّا يجسّدون منوالاً أو حدثاً فعلياً.

«العواصف» إنتاج فرنسي- بلجيكي للجزائرية الأصل بوغنو التي قدّمت 3 أفلام قصيرة قبل هذا الفيلم. النقلة إلى الروائي يتميّز بحسُن تشكيلٍ لعناصر الصورة (التأطير، والإضاءة، والحجم، والتصوير نفسه). لكن الفيلم يمرّ على بعض التفاصيل المكوّنة من أسئلة لا يتوقف للإجابة عليها، أبرزها أن بطل الفيلم ناصر (خالد بن عيسى)، يحفر في التراب لدفن مسدسٍ بعد أن أطلق النار على من قتل زوجته قبل 10 سنوات. لاحقاً نُدرك أنه لم يُطلق النار على ذلك الرجل بل تحاشى قتله. إذن، إن لم يقتل ناصر أحداً لماذا يحاول دفن المسدس؟

الفيلم عن الموت. 3 شخصيات تعود للحياة بعد موتها: امرأتان ورجل. لا أحد يعرف الآخر، وربما يوحي الفيلم، أنّ هناك رابعاً متمثّلاً بشخصية ياسين (مهدي رمضاني) شقيق ناصر.

ناصر هو محور الفيلم وكان فقد زوجته «فجر» (كاميليا جردانة)، عندما رفضت اعتلاء حافلة بعدما طلب منها حاجز إرهابي ذلك. منذ ذلك الحين يعيش قسوة الفراق. في ليلة ماطرة تعود «فجر» إليه. لا يصدّق أنها ما زالت حيّة. هذا يؤرقها فتتركه، ومن ثَمّ تعود إليه إذ يُحسن استقبالها هذه المرّة. الآخران امرأة ورجل عجوزان لا قرابة أو معرفة بينهما. بذا الموت الحاصد لأرواح تعود إلى الحياة من دون تفسير. الحالة نفسها تقع في نطاق اللا معقول. الفصل الأخير من الفيلم يقع في عاصفة من التراب الأصفر، اختارته المخرجة ليُلائم تصاعد الأحداث الدرامية بين البشر. تنجح في إدارة الجانبين (تصوير العاصفة ووضعها في قلب الأحداث)، كما في إدارة ممثليها على نحوٍ عام.

ما يؤذي العمل بأسره ناحيةٌ مهمّةٌ وقعت فيها أفلام سابقة. تدور الأحداث في الجزائر، وبين جزائريين، لكن المنوال الغالب للحوار هو فرنسي. النسبة تصل إلى أكثر من 70 في المائة من الحوار بينما، كما أكّد لي صديق من هناك، أن عامّة الناس، فقراء وأغنياء وبين بين، يتحدّثون اللهجة الجزائرية. هذا تبعاً لرغبة تشويق هذا الإنتاج الفرنسي- البلجيكي، لكن ما يؤدي إليه ليس مريحاً أو طبيعياً إذ يحول دون التلقائية، ويثير أسئلة حول غياب التبرير من ناحية، وغياب الواقع من ناحية أخرى.

* عروض مهرجان مراكش.

«احتفال» (كرواتيا إودڤيحوال سنتر)

CELEBRATION

(ممتاز)

* إخراج: برونو أنكوڤيتش

* كرواتيا/ قطر (2024)

«احتفال» فيلم رائع لمخرجه برونو أنكوڤيتش الذي أمضى قرابة 10 سنوات في تحقيق أفلام قصيرة. هذا هو فيلمه الطويل الأول، وهو مأخوذ عن رواية وضعها سنة 2019 دامير كاراكاش، وتدور حول رجل اسمه مِيّو (برنار توميتش)، نَطّلع على تاريخ حياته في 4 فصول. الفصل الأول يقع في خريف 1945، والثاني في صيف 1933، والثالث في شتاء 1926، والرابع في ربيع 1941. كلّ فصل فيها يؤرّخ لمرحلة من حياة بطله مع ممثلٍ مختلف في كل مرّة.

نتعرّف على مِيو في بداية الفيلم يُراقب من فوق هضبة مشرفة على الجيش النظامي، الذي يبحث عنه في قريته. يمضي مِيو يومين فوق الجبل وتحت المطر قبل أن يعود الفيلم به عندما كان لا يزال فتى صغيراً عليه أن يتخلّى عن كلبه بسبب أوامر رسمية. في مشهد لا يمكن نسيانه، يربط كلبه بجذع شجرة في الغابة ويركض بعيداً يلاحقه نباح كلب خائف، هذا قبل أن ينهار مِيو ويبكي. ينتقل الفيلم إلى شتاء 1926. هذه المرّة الحالة المعيشية لا تسمح لوالده بالاختيار، فيحمل جدُّ مِيو فوق ظهره لأعلى الجبل ليتركه ليموت هناك (نحو غير بعيد عمّا ورد في فيلم شوهاي إمامورا «موّال ناراياما» The Ballad of Narayama سنة 1988). وينتهي الفيلم بالانتقال إلى عام 1941 حيث الاحتفال الوارد في العنوان: أهالي القرى يسيرون في استعراضٍ ويرفعون أيديهم أمامهم في تحية للنازية.

«احتفال» معني أكثر بمراحل نمو بطله وعلاقاته مع الآخرين، وسط منطقة ليكا الجبلية الصعبة كما نصّت الرواية. ما يعنيه هو ما يُعانيه مِيو وعائلته وعائلة الفتاة التي يُحب من فقر مدقع. هذا على صعيد الحكاية وشخصياتها، كذلك وَضعُ مِيو وما يمرّ به من أحداث وسط تلك الطبيعة القاسية التي تُشبه قسوة وضعه. ينقل تصوير ألكسندر باڤلوڤيتش تلك الطبيعة وأجواءها الممطرة على نحوٍ فعّال. تمثيلٌ جيدٌ وناضجٌ من مجموعة ممثلين بعضُهم لم يسبق له الوقوف أمام الكاميرا، ومن بينهم كلارا فيوليتش التي تؤدي دور حبيبة مِيو، ولاحقاً، زوجته.

* عروض مهرجان زغرب (كرواتيا).