«إعلان مراكش لحقوق الأقليات الدينية» يوصي بدعم التعايش بين مختلف الملل والديانات

دعا إلى تأسيس تيار مجتمعي لإنصافها داخل المجتمعات المسلمة

«إعلان مراكش لحقوق الأقليات الدينية» يوصي بدعم التعايش بين مختلف الملل والديانات
TT

«إعلان مراكش لحقوق الأقليات الدينية» يوصي بدعم التعايش بين مختلف الملل والديانات

«إعلان مراكش لحقوق الأقليات الدينية» يوصي بدعم التعايش بين مختلف الملل والديانات

دعا مؤتمر «حقوق الأقليات الدينية في الديار الإسلامية»، الذي اختتمت أشغاله أمس في مراكش، بإصدار «إعلان مراكش لحقوق الأقليات الدينية في العالم الإسلامي»، الساسة وصناع القرار إلى «اتخاذ التدابير السياسية والقانونية اللازمة لتحقيق المواطنة التعاقدية، ودعم الصيغ والمبادرات الهادفة إلى توطيد أواصر التفاهم والتعايش بين الطوائف الدينية في الديار الإسلامية». كما حث الإعلان المثقفين والمبدعين وهيئات المجتمع المدني على «تأسيس تيار مجتمعي عريض لإنصاف الأقليات الدينية في المجتمعات المسلمة، ونشر الوعي بحقوقها، وتهيئة التربة الفكرية والثقافية والتربوية والإعلامية الحاضنة لهذا التيار».
كما دعا الإعلان مختلف الطوائف الدينية، التي يجمعها نسيج وطني واحد، إلى «إعادة بناء الماضي بإحياء تراث العيش المشترك، ومد جسور الثقة بعيدا عن الجور والإقصاء والعنف». كما حث ممثلي مختلف الملل والديانات والطوائف على «التصدي لكل أشكال ازدراء الأديان، وإهانة المقدسات وكل خطابات التحريض على الكراهية والعنصرية».
وفيما أكد المؤتمرون في ختام إعلانهم على أنه «لا يجوز توظيف الدين في تبرير أي نيل من حقوق الأقليات الدينية في البلدان الإسلامية»، ذكر «إعلان مراكش» بـ«المبادئ الكلية والقيم الجامعة التي جاء بها الإسلام»، كما استحضر «صحيفة المدينة» باعتبارها «الأساس المرجعي المبدئي لضمان حقوق الأقليات الدينية في العالم الإسلامي»، مشددًا على الحاجة إلى «تصحيح المفاهيم وبيان الأسس المنهجية للموقف الشرعي من حقوق الأقليات».
وسجل «إعلان مراكش» في ديباجته «الأوضاع المتردية التي تعيشها مناطق مختلفة من العالم الإسلامي بسبب اللجوء إلى العنف والسلاح لحسم الخلافات، وفرض الآراء والاختيارات»، مشيرًا إلى أن «هذه الأوضاع أدت إلى ضعف أو تلاشي السلطة المركزية في بعض المناطق، وشكلت فرصة سانحة لاستقواء مجموعات إجرامية ليست لها أي شرعية علمية ولا سياسية، أعطت لنفسها حق إصدار أحكام تنسبها إلى الإسلام، وتطبيق مفاهيم أخرجتها عن سياقاتها ومقاصدها، وتوسلت بها إلى ممارسات اكتوت بنارها مختلف شرائح المجتمع». كما استحضرت الديباجة «ما تعانيه الأقليات الدينية بسبب هذه الأوضاع، من تقتيل واستعباد وتهجير وترويع وامتهان للكرامة، مع أنها عاشت في كنف المسلمين وذمتهم قرونا، وفي جو من التسامح والتعارف والتآخي، سجل التاريخ تفاصيله وأقر به المنصفون من مؤرخي الأمم والحضارات».
وشهد مؤتمر مراكش، الذي نظم تحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس، وبتنظيم مشترك بين وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية (المغرب) ومنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة (الإمارات العربية المتحدة)، حضور 300 شخصية من علماء المسلمين ومفكريهم ووزرائهم ومفتيهم على اختلاف مذاهبهم وتوجهاتهم، من أكثر من 120 دولة، وأيضًا حضور ممثلي الأديان المعنية بالموضوع وغيرها داخل العالم الإسلامي وخارجه، وممثلي الهيئات والمنظمات الإسلامية والدولية، مستهدفًا أن يكون أول إحياء تاريخي لـ«صحيفة المدينة»، في مقاصدها ومراميها العميقة على ضوء المواثيق الوطنية والدولية، وباستلهام التجارب المشرقة والريادية في تدبير التعددية.
وعرفت أشغال المؤتمر نقاشا فكريا وسردا لوقائع، ساهم فيها متدخلون من الديانات الإسلامية والمسيحية واليهودية، ومن طوائف أخرى. ورأى عدد من المتدخلين في هذا المؤتمر «جوابا يرى أن الشريعة الإسلامية بإمكانها أن تتعايش مع مواثيق حقوق الإنسان، وأن تكون مصدرا للدساتير إلى جانب القوانين الوضعية، داخل الدول الإسلامية، بغض النظر عن الديانة التي يحملها شخص معين».
وقال الشيخ عبد الله بن بيه، رئيس «منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة»، ورئيس اللجنة العلمية للمؤتمر، في كلمة الاختتام إن المؤتمر «دعوة للحياة والسلام والمحبة وتكريم الإنسان»، وأنه «يستلهم القيم والمثل التي استلهمناها من القرآن الكريم ومن سنة النبي الكريم، الذي بعث لكي يتم مكارم الأخلاق، وهي مكارم ليست مجرد شعارات، بل هي سلوك حقيقي ينبعث من النفوس ليتوجه إلى الآخر أينما كان وكيفما كان».
ورأى بن بيه أن «الدين يمكن أن يكون مصدرا للسلام والوئام بين البشرية»، وقال إنه إذا كان «الغلو والفهم المنحرف والبعد عن فهم السياقات الزمانية والمكانية من أسباب الانحراف»، فإن «المظالم هي أيضًا من أسباب هذا الانحراف»، داعيًا ممثلي جميع الأديان والطوائف إلى «أن يجعلوا من السلام بساطا للعدل، والعدل وسيلة للسلام».



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».