سفير خادم الحرمين في بغداد: السعودية منفتحة على الجميع.. وقوة العراق دعم لها

السبهان أكد لـ«الشرق الأوسط» أن المملكة لم تتدخل في الشأن الداخلي العراقي.. والرياض تتعامل مع مؤسسات رسمية

رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري لدى استقباله السفير السعودي ثامر السبهان («الشرق الأوسط»)
رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري لدى استقباله السفير السعودي ثامر السبهان («الشرق الأوسط»)
TT

سفير خادم الحرمين في بغداد: السعودية منفتحة على الجميع.. وقوة العراق دعم لها

رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري لدى استقباله السفير السعودي ثامر السبهان («الشرق الأوسط»)
رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري لدى استقباله السفير السعودي ثامر السبهان («الشرق الأوسط»)

أكد ثامر السبهان سفير المملكة العربية السعودية لدى العراق، أن «العلاقات الدبلوماسية رغم أنها كانت مقطوعة بين الرياض وبغداد لكن الشعب العراقي يحتل مكانة متميزة من اهتمام المملكة العربية السعودية، ولم تنقطع علاقة الشعبين الشقيقين، بل إن العراق كان وسيبقى محل اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز»، مشيرًا إلى «أننا نعمل من أجل مصلحة شعبينا لما فيه الخير والتقدم».
وقال السبهان لـ«الشرق الأوسط» في بغداد، أمس، في أول حديث له لصحيفة عربية، إن «العراق هو امتداد للمملكة العربية السعودية ونحن امتداد له، ووشائج القربى والصلات بين العراقيين وشعبنا تميزنا في التقارب عن أي دولة أخرى، وما يسرهم يسرنا، وما يسيء للعراقيين يسيء إلينا»، مشددا على «أننا هنا نمد لأشقائنا العراقيين يد المحبة والتعاون والسلام، وإن شاء الله سنجد التفاعل الإيجابي من قبل الشعب العراقي العظيم الذي هو محط تقديرنا واعتزازنا ومحبتنا».
وأوضح سفير المملكة العربية السعودية لدى العراق أن «إرادة القيادتين السعودية والعراقية والاهتمام من قبل الأشقاء العراقيين بإدامة العلاقات مع السعودية لما لها من ثقل عربي وإسلامي هي التي أعادت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين»، مشيرا إلى أن «انفتاحنا على العراق والشعب العراقي وبوجود السفارة سوف يقرب الأمور بين البلدين».
وقال السفير السبهان إن «العلاقات بين العراق والسعودية تاريخية منذ عهد الملك عبد العزيز، وامتدادًا لعهود الملوك الذين تولوا حكم المملكة وصولاً لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، حيث جميعهم يسيرون على ذات النهج والخطى، ومسيرتهم تشكل امتدادًا لبعضهم، وهذا النهج يتلخص بإدامة العلاقات مع أشقائنا العرب، والعراق في مقدمتهم، كونه يشكل امتدادًا جغرافيًا وتاريخيًا وعروبيًا وإسلاميًا للمملكة».
وحول عدم قيام علاقات بين السعودية والعراق بعد تغيير النظام السابق وعتب العراقيين حول الغياب العربي عامة والسعودي خاصة عن الساحة العراقية، قال السبهان: «بعد 2003 كان تغيير النظام بسبب الحرب على العراق والغزو الأميركي، والمملكة العربية السعودية لم تكن ترغب بأن يكون التغيير بهذه الطريقة وتخريب مؤسسات الدولة العراقية التي كلفت الشعب العراقي الكثير، فأي حرب تستنزف البلدان والشعوب سنوات طويلة من المعاناة والخسائر كي يعود البلد إلى وضعه الطبيعي، لهذا فإن قيادتنا لم تكن راغبة في أن تكون شريكًا أو جزءًا مما تسبب بالنتائج التي أدت إلى الأوضاع السلبية في العراق، ولم تكن المملكة تريد الدخول في هذا المنعطف أو أن تُتهم بالتدخل في الشأن الداخلي العراقي أو أنها أذكت الخلافات في جانب معين»، منبهًا إلى أن «القيادة السعودية وعلى الرغم من عدم تدخلها في الوضع العراقي منذ 2003، لكن هناك من يتهمها بأنها تسيء للعراق وللعراقيين وكلنا يعرف أن هذا افتراء وكذب على المملكة وشعبها، نحن المعروف عنا أننا ندخل البيوت من أبوابها وليس من شبابيكها ولا نقفز على الأسوار، وهذا هو نهج قيادتنا ونحن صادقون مع الجميع، ومن هذا المنطلق جئنا إلى بغداد بانفتاح وصدقية ووضوح كامل من أجل تعزيز العلاقات بين الشعبين وبين البلدين ولنساعد أشقاءنا العراقيين إن تطلب الأمر بتطوير العراق وبنائه وتقدمه في جميع المجالات».
وحول اللغط والاتهام بتدخل السفير السعودي بالشأن الداخلي العراقي إثر حديثه لإحدى الفضائيات العراقية، قال السبهان: «قد يكون المحاور الذي التقاني يسعى لاستنطاقي من أجل الحصول على معلومات تضلل الجمهور، ومن يسمع ويدقق في أجوبتي عبر هذا الحوار، فسوف يجد الحقيقة واضحة ولا تحتاج إلى أي تأويل أو تفسير، وليس هناك مس أو تدخل في الشأن الداخلي العراقي وأجبت وزارة الخارجية العراقية ومن منظور ورؤية المملكة العربية السعودية بأننا مع الدول التي تبني المؤسسات. نحن نتعامل مع المؤسسات. نتعامل مع الدول المؤسساتية وأي موضوع خارج هذه المؤسسات لا نتعامل معه، لا نتعامل مع جهة غير رسمية»، وعن ردود الفعل التي انطلقت بسبب هذه التصريحات، أوضح أن «حرية الرأي مكفولة للجميع وكل شخص يتحدث بما يعتقده، أما الهجوم والتهجم على شخصي وعلى المملكة العربية السعودية فهذا أمر ليس بمستغرب علينا، فمنذ أن تمت تسميتي كسفير لخادم الحرمين الشريفين وقبل أن أردد القسم واجهت هجومًا قاسيًا من قبل أطراف عراقية، وهذا شأنهم وحريتهم في التعبير عن رأيهم، وأنا أعتقد أني أول سفير في التاريخ يُطالَب بطرده مرتين خلال أسبوعين من تسلمه لمهامه، وأعتقد أني سأدخل موسوعة (غينيس) إذا استمر الحال هكذا، فأنا ببغداد منذ أقل من ثلاثة أسابيع، وهذه المطالبات لا تمسّ شخصي، لكن هناك أشخاصًا في العراق لا يسرهم مد أواصر التعاون والإخوة بين العراق والسعودية، وأنا أدعو هؤلاء إلى إعادة النظر بهذه الآراء، لأن المملكة دولة خير ومحبة، ووجودنا في العراق فيه خير ومصلحة الشعبين العراقي والسعودي، ونحن لا نحارب أي أحد على أرضه، ونحن قد نكون صريحين، وفي الصراحة راحة ووضوح للجميع، ودائمًا نقول: صديقك من أصدقك لا من صدقك. ونحن نمد يد الخير للتعامل والتعاون مع الجميع، ونتمنى عودة العراق قويًا مزدهرًا معافى، لأن قوة العراق هي قوة للمملكة العربية السعودية».
وفي رده على ما إذا كانت الحكومة العراقية قد طلبت منه رسميًا مغادرة العراق، رد السفير السبهان قائلا: «لا.. أعتقد أن الحكومة العراقية تتمتع بعقلانية ووعي كبيرين ولا يصدر مثل هذا القرار من حكومة بلد شقيق، فالعراق تدخّل سابقًا في الشؤون الداخلية للمملكة، ولم يتم استدعاء السفير العراقي في الرياض من قبل الخارجية السعودي، ودائما نقول إن الاختلاف في وجهات النظر لا يفسد الأمور، ولم نواجه من قبل الحكومة العراقية إلا بكل احترام وتقدير وتعاون في جميع المجالات»، مشيرا إلى «أني كنت قد قابلت وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري، مرتين؛ مرة في الرياض ومرة ببغداد، ويعجبني فيه خلفياته المعرفية وثقافته في أمور كثيرة، وتناقشنا بسبل إعادة وتطوير العلاقات بين البلدين».
وحول استدعائه من قبل الخارجية العراقية، أوضح: «تم استدعائي وقابلت وكيل وزارة الخارجية العراقية الأخ المكرم الوقور نزار خير الله، وهو واجهة مشرفة جدًا للعراق وللعراقيين، ومنار من منارات العمل الدبلوماسي في وزارة الخارجية، وتحدثنا قرابة الساعتين، ووجدت من دماثة أخلاقه ونشأته العروبية الشيء الكثير، وقدم لي احتجاجًا رسميًا بما يرونه من أن ما قلته هو تدخل بالشأن الداخلي للعراق وأني أثرت المكونات والفرقة الطائفية، وأفهمتهم أن المملكة لا تسعى لمثل هذه الأمور بل بعيدة جدًا عن هذه التصرفات، مذكرًا إياهم بأن أحد الأحزاب كان قد أطلق صواريخ على المملكة في عهد الحكومة السابقة، وقبل أربعة أشهر استُشهد رجال أمن سعوديون على الحدود العراقية السعودية، وغالبًا ما نسمع من بعض الأحزاب العراقية تهديدات عسكرية، ونحن باستمرار نتباحث حول هذه الأمور مع الجانب العراقي بهدوء وبعقلانية ولم تصل الأمور إلى الاتهامات».
وردًا على الاتهامات بأن المملكة العربية السعودية تقرب مكونًا مذهبيًا عراقيًا دون غيره، قال سفير المملكة العربية السعودية: «المعروف عن المملكة العربية السعودية أنها بلد إسلامي يتعامل مع جميع المسلمين في العالم بذات الاهتمام وعلى مسافة واحدة دون أن ننظر إلى مذهب أو طائفة هذا أو ذاك، وهذه سياستنا الداخلية والخارجية»، مضيفًا: «ولو أن سياستنا عكس ذلك لما عتب علينا الإخوة العراقيون (السنّة) أكثر من غيرهم من أبناء المذاهب الأخرى، ونحن لا نحبذ استخدام مثل هذه التوصيفات، فالجميع مسلمون والحمد لله، وفي جميع لقاءاتي التي تمت مع إخواننا العراقيين السنّة أسمع اللوم والعتاب وهم يقولون: أنتم تركتمونا لنواجه مصيرنا لوحدنا. نحن ننظر للعراق كعراق واحد وللعراقيين كشعب واحد ليس هناك فرق بين شيعي وسني، أو مسيحي أو صابئي أو يزيدي أو عربي أو كردي أو تركماني، فهذه الفسيفساء المكونة للشعب العراقي هي سر تميزه وقوته، لهذا أنا شخصيًا طلبت ومنذ وصولي زيارة جميع الإخوة من المرجعيات الدينية والسياسية العراقية دون تمايز، بل إنني أول ما طلبت هو زيارة ومقابلة الإخوة من الشيعة قبل السنّة، لكني للأسف لم أسمع أي ردود منهم على الرغم من أني بعثت لهم بعدة رسائل، وتم تحديد بعض المواعيد، لكنها تتأجل، باستثناء آية الله حسين إسماعيل الصدر الذي سأستقبل بعد قليل اليوم (أمس) وفدًا من سماحته تمهيدًا للقاء به، نحن منفتحون على الجميع ونذهب إليهم في مكاتبهم ومقراتهم ولا يوجد عندنا أي تحفظ على أي مكون عراقي سواء كان دينيًا أو عرقيًا».
وقال: «منذ ثمانينات القرن الماضي والمملكة العربية السعودية تفتح أبوابها أمام القيادات السياسية العراقية دون تمييز بين دين وآخر، أو بين مذهب وآخر ومن جميع القوميات وهم يقرون بذلك في الإعلام باستمرار، كما أن الملك المغفور له عبد الله بن عبد العزيز كان قد استقبل مرجعيات دينية وقادة أحزاب سياسية ومسؤولين حكوميين وبرلمانيين من الأكراد والعرب من الشيعة والسنّة. أبوابنا مفتوحة أمام الجميع، وبصراحة لا نحب أن نتحدث بهذه الصيغة، لأن الطائفية مقيتة، وآثارها مدمرة وتفرق بين الشعوب وتضعف الأمة الإسلامية، والحمد لله أن المملكة العربية السعودية ومنذ أكثر من سبعين سنة تنعم بوحدة شعبها بعيدًا عن الطائفية، إذ إن جميع المواطنين سواسية وكل الحقوق مكفولة للجميع دون التضييق على أحد يعيشون بوئام ومحبة».
وعن الزيارات التي قام بها كسفير لخادم الحرمين الشريفين، أوضح السبهان: «رسميا زرت فخامة الرئيس العراقي الدكتور فؤاد معصوم، ورئيس مجلس النواب الدكتور سليم الجبوري، ووزير الخارجية الدكتور إبراهيم الجعفري، وطلبت زيارة السيد رئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر العبادي، ولم أتسلم موعدًا بذلك، كما طلبت مقابلة برلمانيين ووزراء من مختلف الأحزاب السياسية، ولم تردني حتى الآن أي إجابة»، مضيفًا: «على مستوى العلاقات الأخوية، وكدعوات غداء، تشرفت بلقاء الدكتور صالح المطلك، ووزير التخطيط سلمان الجميلي، ولا أريد أن أنسى أي اسم كريم، فالعراقيون معروفون بكرمهم وهذه عادات عربية نتشرف بها، وأبوب بيوتهم مفتوحة لنا وهناك دعوات كثيرة سألبيها»، وقال مبتسمًا: «نحن تبغددنا هنا ببغداد».
وعن إمكانية أن يلعب العراق دورًا إيجابيًا للتقريب بين المملكة العربية السعودية وإيران، قال السفير السبهان: «لو نرجع إلى تصريحات وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، وهي تصريحات رسمية وتوضح أساس المشكلة مع إيران ورؤية المملكة في حلها»، مشيرا إلى أن «المملكة العربية السعودية تمد يدها بالخير للجميع ولها مساهمات جلية في خدمة الإنسانية والسلم والأمن الدوليين، وفي مجالات الحوار والتقارب بين الشعوب، ونحن نطلب أن تحترم إيران رؤية المملكة في التعاون والأخوة وحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون العربية وإشعال نار الفتنة الطائفية بين العرب».
وعما إذا كان العراق قد فاتح السعودية للانضمام إلى التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب، أوضح السفير السبهان قائلا: «لم تتم مثل هذه المفاتحة عن طريقي، والتحالف مثلما أكدت القيادة السعودية، مفتوح أمام جميع الدول الإسلامية، والعراق مرحَّب به باستمرار».
ووصف سفير المملكة العربية السعودية لدى العراق حجم التبادل التجاري بين العراق والسعودية بأنه «لا يرتقي إلى مستوى طموحنا وطموح الإخوة العراقيين ونتمنى زيادته إلى معدلات جيدة بما يخدم مصلحة البلدين».



تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
TT

تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)

على الرغم من اقتراب موسم الأمطار في اليمن من نهايته مع رحيل فصل الصيف، تواصلت التحذيرات من استمرار هطول الأمطار على مناطق عدة، مع تراجع حدتها وغزارتها، مع استمرار تأثير الفيضانات التي حدثت خلال الأشهر الماضية، وتسببت بخسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات والبنية التحتية.

ويتوقع خبراء ومراكز أرصاد استمرار هطول الأمطار على مناطق متفرقة مختلفة الطبيعة الجغرافية خلال الأيام المقبلة، وتشمل تلك المناطق محافظة المهرة أقصى شرقي اليمن، والمرتفعات الغربية في محافظات تعز، وإب، ولحج، وريمة، وذمار، وصنعاء، والمحويت، وعمران، وحجة وصعدة، بالإضافة إلى الساحل الغربي في محافظات حجة، والحديدة وتعز، والمناطق السهلية في محافظات أبين، وشبوة وحضرموت.

آثار عميقة تسببت بها الفيضانات في اليمن وأدت إلى تفاقم الظروف الإنسانية المتردية (أ.ف.ب)

وحذّر الخبراء الذين نشروا توقعاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من تشكل سحب عملاقة تنذر بأمطار غزيرة وسيول وعواصف وبروق شديدة، واحتمال هبوب رياح عنيفة، مع أجواء غائمة أغلب الوقت، داعين السكان إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة.

وشهد اليمن منذ مطلع الشهر الحالب تراجعاً في هطول الأمطار في مختلف أنحاء البلاد، بعد شهرين من الأمطار التي تسببت بفيضانات مدمرة في عدد من المحافظات، وتركزت الآثار العميقة لهذه الفيضانات في محافظتي الحديدة والمحويت غرباً.

وحذَّرت لجنة الإنقاذ الدولية من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن مع استمرار الفيضانات، التي بدأت في مارس (آذار) واشتدت في يوليو (تموز) وأغسطس (آب)، وأدت إلى نزوح عشرات الآلاف من الأسر، وتدمير البنية التحتية الحيوية، وتأجيج الانتشار السريع للكوليرا، وتضرر أكثر من 268 ألف شخص في اليمن، في ظل موجة ماطرة شهدتها البلاد.

ونبهت اللجنة في بيان لها إلى أن استمرار احتمالية وجود خطر فيضانات مفاجئة إضافية بسبب تشبع الأرض بفعل الأمطار الغزيرة وأنظمة الصرف السيئة، رغم توقف هطول الأمطار خلال الشهر الحالب، ووصفت هذا الخطر بالمرتفع.

استمرار الكارثة

قالت اللجنة إن الفيضانات أثرت بشدة على محافظات الحديدة، وحجة، ومأرب، وصعدة وتعز، حيث تأثر ما يقرب من 268 ألف فرد في 38285 عائلة حتى الشهر الماضي، وفقاً لتقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، وتسببت الأمطار الغزيرة، التي من المتوقع استمرارها هذا الشهر، في تدمير واسع النطاق للمنازل والأراضي الزراعية والبنية التحتية.

وقيَّدت الأمطار والفيضانات - وفق بيان اللجنة - من إمكانية الوصول إلى الغذاء، وهي قضية يعاني منها بالفعل أكثر من 17 مليون يمني بسبب الصراع والتدهور الاقتصادي وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وكلها تفاقمت بسبب أزمة المناخ.

توقعات باستمرار الأمطار الغزيرة في اليمن رغم انتهاء موسمها برحيل فصل الصيف (رويترز)

وبينت المنظمة أن محافظة تعز (جنوب غرب) شهدت وحدها تدمير ما يقدّر بنحو 70 إلى 100 في المائة من الأراضي الزراعية جراء الأمطار.

ودعت المجتمع الدولي والجهات المانحة إلى تقديم المزيد من الدعم للحد من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن جراء الفيضانات المدمرة الأخيرة التي ضربت البلاد، والتفشي المتسارع لوباء الكوليرا، مشددة على زيادة الدعم المالي واللوجيستي لتلبية الاحتياجات الفورية والطويلة الأجل للمتضررين من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن.

ونوهت اللجنة إلى أن الكارثة الإنسانية في اليمن تتضاعف «مدفوعة بالتأثيرات المدمرة للفيضانات الأخيرة والتفشي المتسارع لوباء الكوليرا في معظم أنحاء البلاد»، مرجحة أنه، و«من دون اتخاذ إجراءات في الوقت المناسب، سيستمر الوضع في التدهور؛ مما يعرض المزيد من الأرواح للخطر».

انتشار سريع للكوليرا

قال إيزايا أوجولا، القائم بأعمال مدير لجنة الإنقاذ الدولية في اليمن، إن البلاد «تواجه أزمة على جبهات متعددة» بدءاً من الصراع المستمر إلى الفيضانات الشديدة، والآن «تفشي وباء الكوليرا الذي انتشر بسرعة في الكثير من المحافظات».

وأضاف: «إن حياة الناس معرّضة للخطر بشكل مباشر، ومن المرجح أن يؤدي تدمير مرافق المياه والصرف الصحي إلى تفاقم انتشار المرض»، في حين أطلقت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عمليات طوارئ في المناطق الأكثر تضرراً في حجة، والحديدة، والمحويت وتعز، حيث قدمت مساعدات نقدية لنحو 2000 عائلة متضررة.

دمار هائل في البنية التحتية تسببت به الفيضانات الأخيرة في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وأشار إلى أن المرحلة الأولية ركزت على تلبية الاحتياجات الفورية، مع التخطيط لمزيد من التقييمات لتوجيه التدخلات المحتملة في مجال المياه والصرف الصحي، مثل إنشاء نقاط المياه والمراحيض الطارئة.

وبيَّن أوجولا أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر وشركاءها أجروا تقييمات في المناطق المتضررة، وكشفوا عن نزوح ما يقرب من 9600 شخص بسبب الفيضانات في تعز، وحجة والحديدة، حيث تعرَّضت البنية الأساسية للمياه والصرف الصحي والصحة لأضرار كبيرة؛ مما زاد من خطر تفشي الكوليرا في هذه المناطق.

وكان مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وزَّع مساعدات إيوائية طارئة على المتضررين من السيول والفيضانات في مديرية موزع التابعة لمحافظة تعز، الثلاثاء الماضي.

وتضمنت المساعدات الطارئة 100 خيمة و370 حقيبة إيواء استفاد منها 2220 فرداً من المتضررين من السيول في المديرية.

ويأتي هذا التدخل بالتنسيق مع كتلة الإيواء ومكاتب مركز الملك سلمان للإغاثة في اليمن، وبالتنسيق مع السلطة المحلية ووحدة النازحين.