المدير السابق لـ «سي آي إيه» قبِل بالفضيحة ليفلت من التهم الجنائية والسجن

الجنرال بترايوس انتهت حياته العملية بعلاقة خارج إطار الزواج

بترايوس المدير السابق لوكالة «سي آي إيه» اعترف بالذنب في قضية تسريب المعلومات (واشنطن بوست)  -  كاتبة السيرة الذاتية لبترايوس بولا برودويل (واشنطن بوست)
بترايوس المدير السابق لوكالة «سي آي إيه» اعترف بالذنب في قضية تسريب المعلومات (واشنطن بوست) - كاتبة السيرة الذاتية لبترايوس بولا برودويل (واشنطن بوست)
TT

المدير السابق لـ «سي آي إيه» قبِل بالفضيحة ليفلت من التهم الجنائية والسجن

بترايوس المدير السابق لوكالة «سي آي إيه» اعترف بالذنب في قضية تسريب المعلومات (واشنطن بوست)  -  كاتبة السيرة الذاتية لبترايوس بولا برودويل (واشنطن بوست)
بترايوس المدير السابق لوكالة «سي آي إيه» اعترف بالذنب في قضية تسريب المعلومات (واشنطن بوست) - كاتبة السيرة الذاتية لبترايوس بولا برودويل (واشنطن بوست)

داخل قاعة مؤتمرات بالطابق السادس من وزارة العدل، اجتمع عدد من كبار مسؤولي إنفاذ القانون الفيدراليين مطلع عام 2014 للاستماع إلى الاتهامات الجنائية التي يدرس عدد من المحققين توجيهها إلى ديفيد إتش. بترايوس، المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، والذي انتهت حياته العملية بمنصب عام منذ قرابة 15 شهرًا بسبب علاقة عاطفية له خارج إطار الزواج.
وأنصت النائب العام إريك إتش. هولدر ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) جيمس بي. كومي إلى المحققين خلال عرضهم ملابسات القضية في محاكاة للمرافعة التي ينوون تقديمها أمام المحكمة ليعرضوا خلالها أدلة إدانته.
وتضمن العرض اتهامات جنائية على النحو التالي: الكذب أمام «إف بي آي»، وانتهاك قانون مكافحة التجسس. ويترتب على الإدانة بأي من التهمتين التعرض للسجن لسنوات.
كما كان المحققون يدرسون إمكانية توجيه الاتهامات ذاتها إلى كاتبة السيرة الذاتية لبترايوس وعشيقته السابقة، بولا برودويل.
إلا أن الحكومة اتخذت قرارها بعدم توجيه أي من التهمتين إلى المسؤول الاستخباراتي السابق، نظرًا لأنه ليس جميع مسؤولي وزارة العدل شاركوا المحققون قناعتهم، بجانب الدفاع المستميت من قبل فريقي الدفاع عن بترايوس وبرودويل على نحو منفصل. علاوة على ذلك، فإنه بالنظر إلى ما تحويه القضية من مزيج من الجنس والأسرار الحكومية، بدت المحاكمة موقفًا متدنيًا ومثيرًا للحرج يميل البعض داخل الحكومة - وكذلك المحامين الموكلين للدفاع - لتجنبه.
من جهتها، لم تكشف وزارة العدل قط كيف توصلت لقرارها بقبول التماس بخصوص الاتهام الأقل. ومع ذلك، فإن ستة من المسؤولين الأميركيين الحاليين والسابقين، وآخرين مطلعين على القضية، أمدونا بأول تحليل تفصيلي للمناقشات الداخلية والمشاحنات مع محاميي بترايوس التي جرت قبل مثول الجنرال المتقاعد أمام محكمة فيدرالية في تشارلوت، حاملاً معه اعترافًا باقتراف خطأ. وقد تحدث الجميع شرط عدم الكشف عن هويتهم، نظرًا لتناولهم مناقشات قانونية غير معلنة.
في إطار الاتفاق الذي خلص إليه المسؤولون ومحامو بترايوس، اعترف الأخير بأنه أقدم بصورة غير ملائمة على الحصول على والاحتفاظ بمعلومات بالغة الحساسية في ثمانية دفاتر شخصية للتدوين، وقدمها لاحقًا إلى برودويل.
من جهتها، قالت وزارة العدل إن هذه المعلومات حال الكشف عنها، كانت ستسبب «أضرارًا فادحة على نحو استثنائي». وذكر مسؤولون أن دفاتر التدوين تضمنت كلمات شفرية لبرامج استخبارات سرية، وهويات ضباط سريين، ومعلومات حول استراتيجية الحرب، ومناقشات جرت مع مجلس الأمن الوطني.
يذكر أن الاتفاق القانوني الذي أقر مع بترايوس ويقضي باعترافه بجريمة أقل خطورة، أثار غضب البعض داخل وزارة العدل، وحذر بعض العملاء من أنه سيعوق أية جهود مستقبلية للحصول على عقوبات بالسجن في قضايا تسريب معلومات سرية. إلا أن آخرين داخل الحكومة دافعوا عن الاتفاق باعتباره السبيل المنطقي الوحيد للخروج من قضية من غير المؤكد إدانة المتهم فيها بالاتهامات الأكثر خطورة.
وعن هذا، قال مسؤول سابق بوزارة العدل: «لم يكن أحد ليشعر بالرضا عن النتيجة».
وبينما يساعد الاتفاق بترايوس على تجنب إمكانية التعرض للسجن، فإنه قد يشكل ضربة قاضية على ما تبقى لديه من طموح في الوصول لمقعد الرئاسة. كما أن الاتفاق لا يحميه من إمكانية التعرض لمزيد من العقاب من جانب المؤسسة العسكرية، مثل تجريده من نجمة عسكرية.
يذكر أن الجيش أوصى مؤخرًا بعدم توجيه مزيد من العقاب إلى بترايوس، لكن القرار الأخير في يد وزير الدفاع أشتون بي. كارتر، الذي يدرس كيفية حسم المسألة، حسبما ذكر مسؤولون بالبنتاغون.
وقال بترايوس (63 عامًا)، في بيان له: «لقد طويت صفحة هذه الأمور، وأتطلع قدمًا الآن، ولن أدلي بأي تعليق آخر عن الأمر. لقد استقلت من منصبي كمدير لـ(سي آي إيه)، واعتذرت علانية عن سلوكي، وقبلت رسميًا مسؤوليتي عما حدث. لقد خدمت بلادي لما يزيد على 38 عامًا، منها اضطلاعي بخمس مهام قيادية قتالية خلال العقد الأخير لعملي العسكري. وسأترك للرأي العام وللتاريخ الحكم على سجلي. فيما وراء ذلك، سأظل نادمًا على الأخطاء التي اقترفتها، وسأبقى ممتنًا لمن ساندوني».
من ناحية أخرى، رفض متحدث رسمي باسم وزارة العدل التعليق على القضية.
*«واشنطن بوست»



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.