ملك المغرب: لا يجوز توظيف الدين في تبرير أي نيل من حقوق الأقليات الدينية

في رسالة وجهها إلى مؤتمر دولي في مراكش

أحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي يتلو الرسالة الملكية الموجهة لمؤتمر حقوق الأقليات الدينية في الديار الإسلامية (تصوير: عبد الرحمن المختاري)
أحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي يتلو الرسالة الملكية الموجهة لمؤتمر حقوق الأقليات الدينية في الديار الإسلامية (تصوير: عبد الرحمن المختاري)
TT

ملك المغرب: لا يجوز توظيف الدين في تبرير أي نيل من حقوق الأقليات الدينية

أحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي يتلو الرسالة الملكية الموجهة لمؤتمر حقوق الأقليات الدينية في الديار الإسلامية (تصوير: عبد الرحمن المختاري)
أحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي يتلو الرسالة الملكية الموجهة لمؤتمر حقوق الأقليات الدينية في الديار الإسلامية (تصوير: عبد الرحمن المختاري)

قال العاهل المغربي الملك محمد السادس إن تدبير الشأن الديني في المغرب في الوقت الراهن «يجعل من أهدافه الأساسية منع العبث بتأويل النصوص الدينية، ولا سيما ما يتعلق منها بالجهاد الذي أصدر فيه علماؤنا بيانا قويا قبل أسابيع».
جاء ذلك في رسالة وجهها العاهل المغربي إلى المشاركين في مؤتمر «حقوق الأقليات الدينية في الديار الإسلامية.. الإطار الشرعي والدعوة إلى المبادرة»، الذي انطلقت أشغاله أمس في مراكش تحت رعاية ملكية، وتنظيم مشترك بين وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية ومنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة (الإمارات العربية المتحدة).
وأشار الملك محمد السادس إلى أن العالم اليوم «في حاجة إلى قيم الدين لأنها تتضمن الفضائل التي نلتزم بها أمام خالقنا رب العالمين والتي تقوي فينا قيم التسامح والمحبة والتعاون الإنساني على البر والتقوى». وأضاف العاهل المغربي «إننا نحتاج إلى هذه القيم المشتركة، لا في سماحتها وحسب، بل في استمداد طاقتها من أجل البناء المتجدد للإنسان وقدرتها على التعبئة من أجل حياة خالية من الحروب والجشع، ومن نزعات التطرف والحقد، حيث تتضاءل فيها آلام البشرية وأزماتها تمهيدا للقضاء على مخاوف الصراع بين الأديان».
وذكر ملك المغرب أن تاريخ المغرب عرف نموذجا حضاريا متميزا في مجال تساكن وتفاعل المسلمين مع أهل الديانات الأخرى ولا سيما اليهود والنصارى، مشيرا إلى أنه من العهود المشرقة في تاريخ هذا التساكن ما أسفر عنه الالتقاء على صعيد بناء الحضارة المغربية الأندلسية، حيث ازدهرت بين مختلف الطوائف التجارات والصناعات والفنون وتبادل ثمرات الحكمة والفلسفة والعلوم.
وأوضح العاهل المغربي في رسالته التي تلاها أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية: «إننا في المملكة المغربية لا نرى مبررا لهضم أي حق من حقوق الأقليات الدينية، ولا نقبل أن يقع ذلك باسم الإسلام، ولا نرضاه لأحد من المسلمين»، مؤكدا أنه «في اقتناعنا هذا، إنما نستلهم الفهم الصحيح لمبادئ الدين كما نستلهم تراثنا الحضاري وتاريخ هذه المملكة العريقة في التعامل النبيل بين المسلمين وغيرهم من أتباع الديانات».
وقال العاهل المغربي: «إننا بوصفنا أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، نضع على عاتقنا حماية حقوق المسلمين وغير المسلمين على السواء، نحمي حقوقهم كمتدينين بمقتضى المبادئ المرجعية الثابتة، ونحميهم كمواطنين بمقتضى الدستور، ولا نجد في ذلك فرقا بحسب المقاصد والغايات. ونحن في ذلك إنما نحرص على الاستمرار على ما درج عليه أسلافنا الأماجد».
وأضاف: «على هذا النهج نسير في تمكين المسيحيين المقيمين إقامة قانونية بالمغرب من أداء واجباتهم الدينية بمختلف طوائفهم وكنائسهم المتعددة. كما نعمل على تمتيع المغاربة اليهود بالحقوق نفسها المخولة للمسلمين بالدستور»، مبرزا أن هؤلاء «ينخرطون في الأحزاب، ويشاركون في الانتخابات، ويؤسسون الجمعيات ويقومون بأدوار مشهودة في النشاط الاقتصادي، فلهم وجود في الاستشارة والسفارة لجلالتنا، ولهم داخل مجتمعنا مشاعر عميقة مشتركة».
وأبرز الملك محمد السادس أنه «كلما تأملنا مختلف الأزمات التي تهدد الإنسانية ازددنا اقتناعا بضرورة التعاون بين جميع أهل الأديان وحتميته واستعجاليته وهو التعاون على كلمة سواء قائمة لا على مجرد التسامح والاحترام، بل على الالتزام بالحقوق والحريات التي لا بد أن يكفلها القانون ويضبطها على صعيد كل بلد».
وأضاف أنه لا يكفي مجرد التنصيص على قواعد التعامل بل إن الأمر يقتضي قبل كل شيء، التحلي بالسلوك الحضاري الذي يقصي كل أنواع الإكراه والتعصب والاستعلاء.
وقال العاهل المغربي إن الوقائع التي دعت إلى طرح موضوع المؤتمر في هذه الظروف «تستدعي من المسلمين أن يوضحوا أنها وقائع غير مستندة إلى أي نصوص مرجعية في الإسلام، وأن يبينوا، إن كان الأمر يحتاج إلى بيان، أن لبعض تلك الوقائع التي تقنعت بالدين سياقات وحيثيات لا تمت إلى الدين بصلة».
وذكر أن المرجع الأول للمبادئ التي يلتزم بها المغرب في الموضوع هو «القرآن الكريم الذي يعلن عن تكريم الله للإنسان، من حيث هو إنسان». وأبرز، في هذا السياق، أن القرآن دعا إلى «عدم استفزاز أهل الكتاب وألا يجادلهم المسلمون إلا بالتي هي أحسن»، كما «أمر بالعدل معهم في كل المواقف ونبذ الكراهية المؤثرة في التعامل معهم»، مشيرا إلى أن الإسلام لم يشرع الجهاد «إلا للدفاع عن النفس والحرمات عند الضرورة»، و«لم يجز، بأي حال من الأحوال، أن يتخذ وسيلة لحمل الناس على الإسلام».
من جهته، قال الشيخ عبد الله بن بيه، رئيس «منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة»، ورئيس اللجنة العلمية للمؤتمر، إن الأحداث التي جرت في المشرق الإسلامي، والتي «تجاوزت حدود المنطق والشرع» دفعت في اتجاه اختيار تنظيم مؤتمر مراكش، بحضور ممثلي كل الديانات، بهدف إعطاء نظرية جديدة في قضية الأقليات «للتذاكر حول المرض الذي نزل بهذه الأمة»، مشددا على أن «حضارتنا مريضة»، وأن «العلماء والمفكرين هم الأطباء لمعالجتها»، مشيرا إلى أن «الحكومات تعالج هذا المرض متعدد الوجوه والأشكال، الذي ظهر في سلوكيات، بينها إحراق الناس وتهجيرهم».
وشدد بن بيه على أن «التذاكر حول موضوع الأقليات الدينية في المجتمعات الإسلامية لا يعني إهمال المظالم الكبرى وعدم تناول أوضاع الأكثرية»، داعيا إلى تقديم «حلول ناجعة نابعة من رحم الشريعة الإسلامية»، معبرا عن اعتقاده أنه «بالإمكان أن نعالج المرض من صيدلية الشريعة الإسلامية».
من جانبه، استعرض الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد، عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية، المستشار في الديوان الملكي، الأدوار التي تقوم بها السعودية في خدمة الإسلام والمسلمين. وبعد أن تحدث الشيخ بن حميد عن أهمية موضوع مؤتمر مراكش وأرضيته التأطيرية، تطرق إلى «ما يشغل بال العالم من ظهور بعض صور ازدواجية المعايير في تطبيق الأنظمة والمواثيق الدولية»، مشددا على أن «المسلمين جميعا يؤمنون بما يحتوي عليه دينهم من وضوح في إبراز الحقوق وحفظها ومراعاتها».
وختم بن حميد كلمته بالتنبيه إلى ما تعيشه الأقليات المسلمة في البلدان غير الإسلامية، قائلا إن الموضوع لن يكتمل والتصور لن يتكامل والعدالة لن تتحقق إلا حين تنضاف إليه معالجة حقوق الأقليات المسلمة في الدول غير الإسلامية.
من جهته، تحدث بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، عن العنف الشديد الذي يخرب ويدمر المآثر والجوانب الحضارية، داعيا إلى معالجة موضوع الأقليات الدينية من دون تطرف أو إقصاء، مهما كانت المبررات والدوافع».
وشدد كي مون، في كلمة ألقاها نائبه آدم ديانغ، على أن «على كل وطن وعلى كل مجتمع أن يتحمل مسؤولية جميع مواطنيه»، وأن «على الدول أن تقوم بتأطير مواطنيها وتجعلهم يعيشون مع بعضهم البعض»، و«أن تقف في وجه أي انتشار للتطرف والعنف»، مشددا على أن «الحوار ضروري واستعجالي لمواجهة ما يجري في منطقة الشرق الأوسط»، داعيا إلى «الإنصات إلى العلماء والمفكرين لإرساء المساواة»، و«أن تكون هناك حلول فعالة لمواجهة كل أشكال التطرف والتمييز والدفع نحو التعايش بين الحضارات والثقافات والديانات تحت سقف الوطن الواحد»، مع «توحيد المبادرات والجهود، في سبيل عيش مشترك في مجتمعات تتميز بالتعدد».
بدوره، دعا مختار جمعة، وزير الأوقاف المصري المؤسسات الدولية والأمم المتحدة إلى «تبني مبادرة المواطنة الكاملة في جميع دول العالم»، مشددا على أن «التسامح يجب أن يسود وأن يقابل بتسامح أشد»، متمنيا أن «يعاملنا الآخرون بنفس القدر من التسامح الذي نعاملهم به ونعمل على تأصيله تجاههم»، داعيا إلى «ترسيخ مبدأ التعايش السلمي الإنساني على أسس إنسانية خالصة، وفي ضوء المشترك الإنساني الذي أجمعت عليه الشرائع السماوية وأكدته المواثيق والأعراف الدولية في مجال حقوق الإنسان»، و«العمل على استصدار قانون يجرم ازدراء الأديان ويؤكد على عدم المساس بمقدساتها وإعلاء مبدأ التفاهم والتعايش وحوار الحضارات بدلا من النزاع والإقصاء والإقصاء المضاد».
ويطمح مؤتمر مراكش، حسب منظميه، إلى أن يكون «أول إحياء تاريخي لوثيقة المدينة المنورة في مقاصدها ومراميها العميقة على ضوء المواثيق الوطنية والدَّولية، وباستلهام التجارب المشرقة والريادية في تدبير التعددية»، كما يسعى، بالإضافة إلى «تطوير إطار شرعي للمواطنة التعاقدية وحماية الأقليات»، إلى «استنهاض فعاليات المجتمعات المسلمة وحثّها نحو خلق تيار واسع لحماية الأقليات الدينية في الديار الإسلامية وابتكار الصيغ والمبادرات الإيجابية التي توطد أواصر التفاهم بين الطوائف الدينية المختلفة في العالم الإسلامي».
وتشمل أشغال المؤتمر، الذي يتواصل على مدى ثلاثة أيام، تقديم بحوث ومداخلات، تناقش في جلسة افتتاحية وتسع جلسات علمية «التأصيل الشرعي لموضوع الأقليات الدينية في البلدان المسلمة»، و«الأبعاد والسياقات التاريخية»، و«الأبعاد الحقوقية المحلية والدولية»، فيما تخصص الجلسة الختامية للبيان الختامي، للمصادقة على إعلان مراكش ووثيقة دعم الإعلان ومناهضة الإسلاموفوبيا، التي تصدرها بالمناسبة منظمة «أديان من أجل السلام».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.