السلطة المحلية في تعز: تقرير الأمم المتحدة يساوي بين الضحية والجلاد

الميليشيات دفعت بتعزيزات عسكرية واستهدفت المدنيين في سوق شعبية.. وحجبت «الأكسجين» عن المرضى

يمنية تحمل عدة صناديق من المواد الغذائية على رأسها وهي تسير عبر الجبال على طول الطريق الوحيد الرابط بين مدينتي عدن وتعز (غيتي)
يمنية تحمل عدة صناديق من المواد الغذائية على رأسها وهي تسير عبر الجبال على طول الطريق الوحيد الرابط بين مدينتي عدن وتعز (غيتي)
TT

السلطة المحلية في تعز: تقرير الأمم المتحدة يساوي بين الضحية والجلاد

يمنية تحمل عدة صناديق من المواد الغذائية على رأسها وهي تسير عبر الجبال على طول الطريق الوحيد الرابط بين مدينتي عدن وتعز (غيتي)
يمنية تحمل عدة صناديق من المواد الغذائية على رأسها وهي تسير عبر الجبال على طول الطريق الوحيد الرابط بين مدينتي عدن وتعز (غيتي)

عبرت السلطة المحلية بمحافظة تعز، ثالث كبرى المدن اليمنية وسط اليمن، عن خيبة أملها من تقرير الوفد الأممي الذي زار، الخميس الماضي، مدينة تعز المحاصرة، واطلع على الأوضاع الإنسانية في المدينة، جراء استمرار ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع صالح في حصارها منذ تسعة أشهر، بينما وصفت تقرير الوفد الأممي بأنه «ساوى بين الضحية والجلاد».
وقالت السلطة المحلية إنها «إذ نشكر وفد الأمم المتحدة الذي زار لأول مرة تعز المحاصرة، واطلع على بعض جوانب المأساة خلال زيارة خاطفة استغرقت ساعتين فقط، فهي وبكل أسف بالغ تعبر عن خيبة أملها وأمل أبناء الشعب من تقرير وفد الأمم المتحدة الزائر حول الأوضاع في المدينة المحاصرة، وكنا نتمنى لو أنه لم يساو بين الضحية والجلاد».
وأضافت، في بيان لها، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، لقد «تحدث التقرير عن حالة عامة ساوى فيها بين تعز ومستشفياتها التي تقصف كل يوم، ويقتل كادرها الطبي، ويمنع عنها حتى الأكسجين، وبين بقية المدن والمستشفيات ويتجاهل الحصار والقصف ويختزله بصورة غريبة في عملية نزاع بين أطراف».
وتابع القول: «نحن إذ نقدر الظروف التي يعيشها معدو التقرير والرعب الذي يعيشونه في صنعاء في ظل حكم الميليشيات، ندعو الأمم المتحدة ومكاتبها مجددا إلى إعادة النظر في حقيقة حصار تعز المعلوم للعالم بالمشاهد والصور والآلام اليومية التي يعانيها أبناء تعز جراء الحصار الشديد والقصف المتعمد».
كما دعت الأمم المتحدة إلى أن تتعامل بصورة جدية ومباشرة مع أجهزة الدولة الشرعية برئاسة الرئيس هادي والسلطة المحلية ممثلة في محافظ تعز، لتصل جهودها الإنسانية المقدرة إلى المظلومين والمحاصرين من الأطفال والنساء والمدنيين في المحافظة التي تأمل من الأمم المتحدة موقفا إنسانيا بحجم جرم الانتهاكات التي تمارس ضدها من الميليشيات الانقلابية التي انقلبت على الشرعية وتمردت على قرارات مجلس الأمن الدولي».
ودعت السلطة المحلية بمحافظة تعز بان كي مون، إلى اعتبار ما ترتكبه ميليشيات الحوثي وصالح جرائم حرب، وفق نصوص القانون الدولي الإنساني.
وذكرت أنها «وقفت أمام آخر المستجدات في مسيرة تعز المقاومة، وما تتعرض له المدينة من حصار ظالم منذ عشرة أشهر، شمل كل أسباب ووسائل الحياة من خبز وماء وغاز ودواء في عملية غير مسبوقة في تاريخنا اليمني، بهدف كسر إرادة أبناء تعز وإجبارهم على التخلي عن المشروع الوطني ومنجزات الشعب اليمني المنطلقة من ثورتي أكتوبر (تشرين الأول) وسبتمبر (أيلول) المجيدتين، وثورة 11 فبراير (شباط) الشبابية الشعبية».
وطالبت السلطة المحلية، برئاسة محافظ المحافظة الجديد علي المعمري، الذي عين مؤخرا من قبل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي خلفا للمحافظ السابق شوقي هائل سعيد أنعم، «كل أبناء تعز، بمزيد من الوحدة والتراص وراء خيار المقاومة للدفاع عن المشروع الوطني الكبير وخيار الدولة واستعادة الشرعية».
وأكدت أن قصف قرى ومدينة تعز من قبل الميليشيات الانقلابية والاستمرار بخيار القتل والحصار والتجويع «لن يكسر إرادة تعز وخيارها الوطني، ولن يضعف إرادة الصمود والمقاومة المستمرة حتى انتزاع النصر واستعادة الدولة والشرعية المغتصبة وفك الحصار المطبق على المحافظة، خصوصا المدينة».
وتواصل الميليشيات الانقلابية قصفها العنيف وبشكل هستيري، الذي زاد منذ زيارة الوفد الأممي مدينة تعز، على جميع الأحياء السكنية في تعز، خصوصا الخاضعة لسيطرة المقاومة الشعبية، مخلفة وراءها قتلى وجرحى من المدنيين العزل بينهم نساء وأطفال.
وتركز قصف الميليشيات بصواريخ الكاتيوشا وقذائف الدبابات على عدد من الأحياء السكنية من أماكن تمركزها، بما فيها حي مستشفى الجمهوري، الذي رافقها استمرار الميليشيات الانقلابية ارتكاب مجازر في منطقة الأعبوس بمديرية حيفان، جنوب تعز، من خلال استهداف سوق القطعة الشعبية بعدد من القذائف، مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين ممن كانوا داخل السوق.
من جهتها، تمكنت عناصر المقاومة والجيش الوطني من التقدم في جبهات القتال والسيطرة على مواقع جديدة، فضلا عن تمكن المقاومة الشعبية في جبهة المسراخ، جنوب تعز، من إعطاب طقم عسكري يتبع الميليشيات فجر أمس، في منطقة الرحاب رأس النقيل مع حدوث اشتباكات متقطعة في السويدة وأكمة الغرابي.
في غضون ذلك، قال الناطق الرسمي للمجلس العسكري بمحافظة تعز، العقيد الركن منصور الحساني، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الميليشيات الانقلابية لا تزال تحاصر جميع مداخل مدينة تعز، وتمنع الدخول والخروج من وإلى المدينة مع القصف المستمر على المدينة من جميع المواقع التي تسيطر عليها، ورافق القصف انتشار كثيف للميليشيات الانقلابية في منطقة حسنات، في الجبهة الشرقية، وذلك من أجل تنفيذ عملياتها الإجرامية، وأيضا من أجل تفجير منزل القيادي الميداني عصام الصغير، بالإضافة إلى قيامها بقصف مواقع المقاومة الشعبية بالمدفعية الثقيلة، وتفجير أحد المنازل في أطراف حي قريش».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.