ضباط في الحرس الجمهوري يديرون شبكة لتهريب السلاح والنفط وتجنيد المتشددين

مغادرة سفن لسواحل شبوة وفرار شاحنات من الموانئ بعد تحذيرات «أباتشي» التحالف

مقاتلون مناهضون للانقلاب الحوثي يستقلون شاحنة في مدينة عتق عاصمة محافظة شبوة شرق ميناء البحر الأحمر (غيتي)
مقاتلون مناهضون للانقلاب الحوثي يستقلون شاحنة في مدينة عتق عاصمة محافظة شبوة شرق ميناء البحر الأحمر (غيتي)
TT

ضباط في الحرس الجمهوري يديرون شبكة لتهريب السلاح والنفط وتجنيد المتشددين

مقاتلون مناهضون للانقلاب الحوثي يستقلون شاحنة في مدينة عتق عاصمة محافظة شبوة شرق ميناء البحر الأحمر (غيتي)
مقاتلون مناهضون للانقلاب الحوثي يستقلون شاحنة في مدينة عتق عاصمة محافظة شبوة شرق ميناء البحر الأحمر (غيتي)

كشفت مصادر مطلعة، لـ«الشرق الأوسط»، عن شبكة مشتركة للرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح والمتمردين الحوثيين مع تنظيم القاعدة الذي يسيطر على سواحل محافظة حضرموت في شرق البلاد. وقالت المصادر إن الشبكة تعمل في تهريب وتجارة الأسلحة والمتفجرات وزرع وتحريك الخلايا النائمة، على امتداد مساحة واسعة تشمل عددا من المحافظات.
وبينت المصادر الخاصة أنه ضمن أنشطة هذه الشبكة تجنيد الشباب للالتحاق بمعسكرات خاصة بتنظيمات متشددة. وقالت إن عمليات التجنيد لا تقتصر على الشباب اليمنيين فقط، وإنما تشمل، أيضا، مواطنين أفارقة، حيث يتوافد العشرات منهم، يوميا، على سواحل محافظة شبوة.
وقالت المصادر إن تلك الشبكة تضم ضباطا كبارا في الحرس الجمهوري المنحل، الذي كان يقوده نجل المخلوع، العميد الركن أحمد علي عبد الله صالح، ويرتبطون باتصالات موسعة مع ضباط مماثلين في عدد من المحافظات الجنوبية والشرقية، مشيرة إلى أن قسما كبيرا من أسلحة الألوية العسكرية، التي كانت في عدن ولحج وأبين وغيرها من المحافظات الجنوبية، يجري تهريبها عبر تلك الشبكة من تلك المحافظات إلى مواقع خاصة في الصحراء وبيعها لتجار السلاح، إضافة للسلاح الذي يأتي من الخارج إلى السواحل، عبر قوارب الاصطياد.
في السياق ذاته، قالت مصادر قبلية في محافظة شبوة، لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات التحالف ضيقت الخناق على عمليات تهريب الأسلحة والمشتقات النفطية التي تصل إلى المتمردين الحوثيين وقامت، أمس، طائرات «الأباتشي» بالتحليق، على علو منخفض، فوق ميناء بئر علي بمحافظة شبوة، وأطلقت تحذيرات شديدة اللهجة للسفن التي تحاول الرسو وهي السفن غير المرخص لها من التحالف العربي بالوصول إلى السواحل اليمنية.
كما شمل التحذير التحركات الميدانية على الساحل. ووفقا لشهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، فقد فر معظم سائقي الشاحنات، التي كانت ترابط بجوار الميناء، بشاحنات بعد تحذيرات طائرات التحالف التي هددت باستهداف أي سفينة غير مرخصة وأي تحركات مشبوهة لنقل أسلحة أو مواد نفطية مهربة، وهي المواد التي تؤكد المصادر أنها تنقل إلى المتمردين الحوثيين في صنعاء وباقي المحافظات، عبر محافظة البيضاء.
وعلق مصدر حكومي بارز في شبوة على الأنباء التي تترد بشأن استخدام أراضي وسواحل شبوة لتهريب الأسلحة والمشتقات النفطية إلى الحوثيين في شمال البلاد. وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن هناك أطرافا تسعى إلى تسليط الضوء على محافظة شبوة في هذا الجانب، دون غيرها، وإن الهدف الرئيسي هو إبعاد الأنظار عن التحركات وعمليات التهريب الكبيرة التي تجري في مناطق وموانئ أخرى.
وأضاف أنه وفي ضوء المعلومات التي لديهم، فإن عمليات تهريب الأسلحة والمشتقات النفطية والبضائع والسيارات وغيرها تتم عبر موانئ سيحوت ونشطون وقشن في محافظة المهرة والضبة والشحر في محافظة حضرموت (تحت سيطرة تنظيم القاعدة)، مؤكدا أن هذه الموانئ، على بحر العرب، أصبحت هي البدائل لميناء ميدي على البحر الأحمر (شمال غربي اليمن)، الذي كان يستخدمه الحوثيون لسنوات طويلة لتهريب الأسلحة إلى الداخل، والذي بات، حاليا، تحت سيطرة قوات التحالف وقوات الجيش الوطني.
وقال المصدر، الذي رفض الكشف عن هويته، إن سيارات رباعية الدفع وشاحنات (بعضها يحمل لوحات معدنية بأرقام دولة مجاورة)، تنقل كل المواد المهربة التي تخرج من تلك الموانئ، عبر الصحراء، إلى المحافظات التي يسيطر عليها الحوثيون. ولم ينف المصدر، في الوقت ذاته، تهريب مشتقات نفطية وبضائع عبر موانئ محافظة شبوة إلى شمال البلاد، لكنه أرجع الأمر إلى المساحة الكبيرة للمحافظة، وإلى عدم وجود أجهزة أمن وقوات جيش للانتشار في تلك المساحات وضبط الأمن فيها.
في غضون ذلك، سيطرت قوات من المقاومة الشعبية والجيش الوطني، أمس، على الحقول والمواقع النفطية في محافظة شبوة، جنوب شرقي اليمن. وقالت مصادر محلية، لـ«الشرق الأوسط»، إن المقاومة والجيش الوطني سيطرا على حقول نفطية جديدة في صحراء مديرية عسيلان (وادي جنة)، ليكونا بذلك مسيطرين على كل الحقول وخطوط أنابيب النفط بين محافظتي شبوة ومأرب المتجاورتين في تلك المديرية. وذكرت المصادر أن السيطرة على تلك المواقع الحيوية جاءت في ظل مواجهات ما زالت تشهدها المنطقة، حيث تسيطر الميليشيات الحوثية على ثلاث مديريات في المحافظة وهي عسيلان وبيحان وأمعين.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.