«داعش» مصر يتبنى تفجير الجيزة.. ويلجأ لـ«تكتيكات قديمة» في سيناء

خبير استراتيجي: التنظيم يسعى لخداع الأمن بـ«سيناريوهات غير متوقعة»

آثار التفجير الإرهابي على طابق بالكامل في أحد المقار السكنية بمحافظة الجيزة أول من أمس (إ.ب.أ)
آثار التفجير الإرهابي على طابق بالكامل في أحد المقار السكنية بمحافظة الجيزة أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

«داعش» مصر يتبنى تفجير الجيزة.. ويلجأ لـ«تكتيكات قديمة» في سيناء

آثار التفجير الإرهابي على طابق بالكامل في أحد المقار السكنية بمحافظة الجيزة أول من أمس (إ.ب.أ)
آثار التفجير الإرهابي على طابق بالكامل في أحد المقار السكنية بمحافظة الجيزة أول من أمس (إ.ب.أ)

أعلن تنظيم داعش مصر الإرهابي، مسؤوليته عن انفجار وقع بشقة بإحدى البنايات بشارع الهرم بمحافظة الجيزة أسفر عن مقتل 10 وإصابة 20 آخرين مساء الخميس الماضي، وكذا مسؤوليته عن استهداف كمين «العتلاوي» بالعريش في شمال سيناء منذ يومين، وذلك قبل أيام من حلول الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير 2011.
ويرى مراقبون، أن التنظيم لجأ لـ«تكتيكات قديمة» في استهدافه الأخير بسيناء بحشد أكبر عدد من أنصاره ضد قوات الشرطة والجيش، لاستعادة توازنه من جديد بعد تلقيه ضربات أمنية متلاحقة، بينما قال الخبير الأمني والاستراتيجي اللواء خالد عكاشة لـ«الشرق الأوسط»، إن «التنظيم عدل من استراتيجيته لخداع الأجهزة الأمنية بـ(سيناريوهات غير متوقعة) في سيناء.. وهناك توقعات بعودة السيارات المفخخة في محافظات مصر والقاهرة». وقال اللواء عكاشة إن التنظيمات الإرهابية ليس لها نمط محدد في العمليات التي تقوم بها؛ لكنها تحاول أن تنوع في طرق استهدافها بالمتاح أمامها لخداع الأجهزة الأمنية وخلق سيناريوهات غير متوقعة، مثل العودة لزرع العبوات الناسفة، والمواجهة المباشرة مع قوات الجيش والشرطة بالنزول بجميع عناصرها المسلحة للقيام بعمل إرهابي مباغت مثل ما حدث في كمين العريش، خاصة أنه يعلم (أي التنظيم الإرهابي) أن قوات الأمن مسلحة، وهو ما يمنح للأمن فرصة أن يقتنص أعدادا كبيرة من عناصره. وكان شهود عيان في سيناء قد أكدوا أن سيارة نصف نقل يستقلها نحو 15 مسلحا يرتدون زيا أسود موحدا، قاموا بشن هجوم مباغت على أفراد كمين «العتلاوي» بالعريش قبل يومين، بالتوازي مع مهاجمة مسلحين يرتدون زيا مشابها ويستقلون سيارة ودراجات نارية. وأعلن «داعش مصر» مسؤوليته عن استهداف الكمين في بيان له على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك». وقال اللواء عكاشة: إن الطريقة التي استهدف بها «داعش مصر» كمين العريش هي طريقة قديمة، كانت لدى التنظيم من فترة وتركها ثم عاد إليها مرة ثانية. وتابع بقوله: في سيناء بالتحديد يلجأ التنظيم لما هو متاح نظرا لتواجد القوات المسلحة، وقد يلجأ التنظيم إلى العودة لزرع العبوات الناسفة من جديد أو استهداف قوات الشرطة والجيش بسيارة مفخخة، قبل أو بالتزامن مع ذكرى ثورة يناير الخامسة هنا في القاهرة أو هناك في سيناء أو خارجها. وتفرض السلطات المصرية حالة الطوارئ على أجزاء من شمال سيناء منذ أكتوبر (تشرين الأول) من العام قبل الماضي عقب مقتل 33 جنديا في هجوم شنه تنظيم «داعش مصر» (أنصار بيت المقدس سابقا) على نقطة عسكرية في شمال سيناء، ومنذ ذلك الحين تمدد حالة الطوارئ كل 3 أشهر. ولم يستبعد الخبير الأمني قيام التنظيمات الإرهابية والمتطرفة في سيناء بعمل إرهابي يوم ذكرى الثورة أو قبلها بيوم أو بعدها، هدفه الأساسي دعائي وإعلامي موجه لجميع دول العالم، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن «السلطات الأمنية لديها الكثير من السيناريوهات لسير الأحداث في شمال سيناء أو محافظات مصر، وتتوقع أي هجمات من التنظيمات الإرهابية.. ومستعدة لذلك بقوة».
ويقول المراقبون إن تركيبة المنطقة المعقدة جغرافيا وسكانيا وربما سياسيا على مدار سنوات، خلقت منها موضع قدم يمثل حلما لعناصر أرادت زرع الإرهاب في المنطقة.. فكانت شبه جزيرة سيناء مسرح عمليات تدريب الإرهاب في نهاية الثمانينات ومطلع التسعينات من القرن الماضي، حيث تدربت هناك كثير من فرق الموت آنذاك مثل «التكفير والهجرة» و«الجهاد» على عمليات العنف، التي أسفرت عن عشرات العمليات ضد الجيش والشرطة.
في غضون ذلك تبنى تنظيم «داعش مصر» الإرهابي، على موقع التواصل الاجتماعي تفجير شقة مجموعة إرهابية في شارع اللبيني بضاحية الهرم بمحافظة الجيزة (جنوب العاصمة القاهرة)، أسفر عن مقتل 10 أشخاص بينهم ضابط شرطة ومجندان وإصابة 20 آخرين، مساء أول من أمس. وكانت معلومات توافرت لدى الأجهزة الأمنية، بشأن قيام عناصر اللجان النوعية التابعة لتنظيم الإخوان بالإعداد والتخطيط للقيام بأعمال عدائية خلال تلك الفترة باستخدام المتفجرات والعبوات الناسفة لاستهداف المرافق العامة والمنشآت الحيوية، وأنهم يستخدمون شقة كائنة بعقار بشارع اللبيني بمنطقة المريوطية بالجيزة كأحد الأوكار وكمخزن لتصنيع المتفجرات والعبوات الناسفة.
وقال اللواء عكاشة: إن «الحادث يدل على أن تنظيم داعش مصر نقل خلية كبيرة من سيناء للجيزة، وكان هناك مخطط للقيام بأكثر من عملية إرهابية». في السياق نفسه، أكد مصدر أمني مصري أن «تنظيم داعش الإرهابي عدل من استراتيجيته في مصر، عن طريق تشتيت جهود الجهاز الأمني وعناصر القوات المسلحة المكلفة بملاحقة ومطاردة العناصر التكفيرية، وذلك بفتح ساحات جديدة للتعقب والملاحقة والصراع تسهم في تشتيت جهود الأمن وعملياته ضد التنظيم»، موضحا أن «داعش مصر» يسعى لـ«ضرب الثقة» بين المواطنين وأجهزة الأمن، والتشكيك في قدرتها على فرض الأمن وملاحقة الإرهابيين، وهو أمر تعمل الآلة الإعلامية الضخمة للتنظيم على نشره والترويج له من خلال تصوير العمليات الإرهابية وتبنيها.. وبالتالي التأثير في الحالة النفسية والمعنوية للشعب المصري، خاصة في هذا التوقيت.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.