إخلاء المستوطنين من البيت الفلسطيني المستولى عليه في الخليل يهدد بسقوط حكومة نتنياهو

يستمدون التشجيع من نتائج استطلاعات رأي تشير إلى صعود جديد في قوة اليمين المتطرف

جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينيا شارك في مظاهرة بمدينة بيت لحم أمس (رويترز)
جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينيا شارك في مظاهرة بمدينة بيت لحم أمس (رويترز)
TT

إخلاء المستوطنين من البيت الفلسطيني المستولى عليه في الخليل يهدد بسقوط حكومة نتنياهو

جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينيا شارك في مظاهرة بمدينة بيت لحم أمس (رويترز)
جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينيا شارك في مظاهرة بمدينة بيت لحم أمس (رويترز)

أدى قيام الجيش الإسرائيلي بإخلاء بيت فلسطيني من مستوطنين استولوا عليه، إلى تهديد قوى اليمين المتطرف بإسقاط حكومة بنيامين نتنياهو والتمرد على قراراتها.
وهاجم المستوطنون وزير الدفاع موشيه يعلون، واتهموه بأنه «وزير دفاع عن العرب». فراح يدافع عن سياسته ويتباهى بأنها أدت إلى وصول عدد المستوطنين في الضفة الغربية إلى 407 آلاف. وكان عشرات المستوطنين، قد داهموا منازل المواطنين في شارع السهلة القريب من الحرم الإبراهيمي الشريف في مدينة الخليل، مساء أول من أمس، بحجة أنهم اشتروها من أصحابها العرب. فسيطروا على بيوت كل من فواز قفيشة وشمس الزعتري وحسين الزعتري، في وقت لم يكن أصحاب البيوت فيها. وقد صعدوا على أسطح هذه المنازل، وهاجموا المنازل المجاورة بالحجارة. وراحوا يشتمون العرب بأقذع الشتائم. ورد عليهم السكان بالمثل. فحضر العشرات من أفراد الشرطة الإسرائيلية وجنود الاحتلال، بدعوى الفصل بين الفرقاء، فأطلقوا قنابل الغاز باتجاه السكان الفلسطينيين مما أدى لإصابة عدد منهم بحالات اختناق. وفي وقت لاحق، أعلنت الإدارة المدنية في الجيش الإسرائيلي أن السيطرة على المنازل غير قانونية وأنه لو تم شراء البيوت، فإن إجراءات نقل الملكية لم تكتمل. ولذلك، طلبت من المستوطنين مغادرة المكان. وأخلت بعض المتمترسين فيه بالقوة.
وقد سارع السياسيون الإسرائيليون من اليمين الحاكم إلى انتقاد ومهاجمة قرار وزير الدفاع يعلون، وأعلن عدد منهم أنهم بعد هذه العملية لم يعودوا ملتزمين بالتصويت لصالح الائتلاف في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، مما يشكل تهديدا على ائتلاف نتنياهو الضيق الذي يضم 61 نائبًا من أصل 120 في البرلمان.
وسُمعت هذه التهديدات بشكل خاص من النائب بتسلئيل سموترتش، عن «البيت اليهودي»، الذي نقل هذه الرسالة إلى زعيم حزبه، نفتالي بينيت. وقال إنه لن يشارك في التصويت لصالح الائتلاف في البرلمان، قبل أن يعود المستوطنون إلى البيوت التي اقتنوها. وانضم إليه النائب، أورن حازان، من حزب الليكود، الذي نقل الرسالة نفسها. وهما من النواب الذين سبق أن تمردوا خلال الشهور الماضية وصوتوا فعلا ضد الائتلاف. ويعني عدم التصويت أن الحكومة الإسرائيلية ستواجه صعوبات في تمرير قرارات مهمة حيوية لسيادتها.
وعلّق يعلون على إخلاء المستوطنين من البيوت قائلا إن إسرائيل دولة قانون، وإنه لن تتساهل في قضايا تتعلق انتهاك القانون، مشددا على أن المستوطنين قاموا بانتهاك القانون على نحو صارخ، وأنهم لم يستوفوا الشروط القانونية لكي يستولوا إلى البيوت. ونادى يعلون الوزراء والنواب الإسرائيليين إلى التصرف بمسؤولية ودعم القانون وليس العكس، وعدم التفوّه بتصريحات محرضّة من شأنها أن تشعل الأجواء. «يجب على الوزراء ألا يشجعوا أحدا على أخذ القانون إلى يديه».
وانتقد رئيس الكنيست، يولي أدلشتين (ليكود)، قرار الإخلاء قائلا إنه كان من الأفضل إرجاء الخطوة لأن المستوطنين تصرفوا بموجب القانون، داعيًا المستوى السياسي إلى فحص الوضع القانوني للاستيطان وعدم إثارة الجو عند المستوطنين. وانضمت إلى صف المنتقدين، الوزيرة ميري ريغيف، التي قالت: «إن كان ادعاء المستوطنين صحيحًا؛ أنهم اشتروا البيوت، فلهم الحق الكامل في السكن هناك»، مشيرة إلى «أهمية الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية».
واختار الوزير يعلون أن يدافع عن قراره بالتصريح بأنه يتفوق على جميع هؤلاء النواب الزاعقين في دعم وتشجيع الاستيطان. وقال في اجتماع أعضاء الكنيست لحزب الليكود، إن «الاستيطان تضاعف منذ وصولنا للحكومة في عام 2009، حيث أصبح عدد المستوطنين وفقًا لآخر إحصاء 407 آلاف مستوطن». وأضاف: «لقد كان عدد المستوطنين في الضفة الغربية عام 2009 ما يقارب 280 ألف مستوطن واليوم يوجد 407 آلاف، لأننا نعمل بهدوء وصمت في مجال البناء الاستيطاني. فنحن نأخذ بالاعتبار الوضع الدولي الذي ينتقد إسرائيل على عمليات البناء خاصة عند الحديث عن بناء مئات الوحدات الاستيطانية». وتابع: «حتى الإدارة الأميركية لا توافق على الاستيطان وتعترض على بناء أي وحدة استيطانية في الضفة، وتنتقد إسرائيل على ذلك. ولكنني ماض في طريقي. تلقيت الانتقادات من الإدارة الأميركية، التي ترفع «الكارت الأصفر» في وجهي، ومع ذلك فلا يهمني، وسوف نستمر في الاستيطان في الضفة الغربية وبهدوء. وكشف أنه «قبل فترة أعلنا عن عدة آلاف من الدونمات كأراضي دولة بالقرب من (غوش عتصيون)، وسمعنا انتقادات، واليوم نعلن عن 1500 دونم في أريحا كأراضي دولة، وسنسمع انتقادات، وسوف نستمر في إعداد الوثائق لضم مزيد من الأراضي للدولة في الضفة الغربية».
ويرى المراقبون أن تهديدات النواب المتطرفين جاءت محسوبة جيدًا، وتستند إلى نتائج استطلاعات الرأي التي نشرتها «القناة العاشرة» للتلفزيون الإسرائيلي، وفيها يتضح أن أحزاب اليمين المتطرف ستستعيد قوتها التي خسرتها في الانتخابات الأخيرة لصالح نتنياهو. فحزب البيت اليهودي، ممثل المستوطنين سيرتفع من 8 نواب إلى 13 وحزب إسرائيل بيتنا بقيادة أفيغدور لبرمان سيرتفع من 6 إلى 10 مقاعد. بينما يهبط نتنياهو من 30 حاليا إلى 27 نائبًا. وفي هذه الحالة تبقى حكومة اليمين ذات أكثرية بتحالفها مع الأحزاب الدينية. وهذا هو الوضع المثالي الذي يريده اليمين المتطرف.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.