المنسق الأوروبي لمكافحة الإرهاب: هزائم «داعش» قد تدفع قادته للانتقال إلى ليبيا

مصدر أوروبي لـ {الشرق الأوسط} : كيرشوف يجهز لتقرير حول المستجدات

المنسق الأوروبي لمكافحة الإرهاب: هزائم «داعش» قد تدفع قادته للانتقال إلى ليبيا
TT

المنسق الأوروبي لمكافحة الإرهاب: هزائم «داعش» قد تدفع قادته للانتقال إلى ليبيا

المنسق الأوروبي لمكافحة الإرهاب: هزائم «داعش» قد تدفع قادته للانتقال إلى ليبيا

كشفت التصريحات التي صدرت عن قيادات أوروبية، سياسية، وأمنية، في الساعات القليلة الماضية، وجود تخوف من تنامي الخطر الإرهابي، فبعد ساعات من تصريحات للرئاسة الهولندية للاتحاد الأوروبي تضمنت تحذيرات بأن خطر الإرهاب في التكتل الأوروبي الموحد يتزايد، حيث أكد منسق الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب جيل دو كيرشوف، أن الهزائم التي تكبدها تنظيم داعش في وجه التحالف الذي يحاربه في سوريا والعراق قد يدفع بعض قادته للانتقال إلى ليبيا، وكذلك إلى تنفيذ المزيد من العمليات في أوروبا على غرار ما وقع في باريس نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
ويأتي ذلك فيما قالت مصادر أوروبية لـ«الشرق الأوسط» ببروكسل، في تعليق على هذا الأمر، إن «المنسق الأوروبي يعكف حاليًا على إعداد تقرير حول آخر التطورات المتعلقة بمحاربة (داعش)، ومواجهة مصادر تمويله واتخاذ إجراءات أوروبية جديدة إذا اقتضى الأمر». وأضاف المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، وذلك وفقًا للتكليف الذي صدر لمنسق شؤون مكافحة الإرهاب كيرشوف من قادة أوروبا في القمة، التي انعقدت ببروكسل الشهر الماضي، وبحثت في ملف مكافحة الإرهاب.
وفي تصريحات للإعلام الأوروبي، حذر دو كيرشوف أيضًا من أن الغارات الجوية التي يشنها التحالف بقيادة الولايات المتحدة والقوات الروسية على تنظيم داعش، وكذلك العمليات البرية التي تقوم بها القوات العراقية والسورية، قد تدفع التنظيم المتطرف إلى تنفيذ المزيد من العمليات في أوروبا على غرار الاعتداءات في باريس. ولفت إلى أن تنظيم داعش بات في موقع دفاعي بعد أن طرد من مدينة الرمادي العراقية وأمام عمليات القصف الجوي الكثيفة التي تستهدف مواقعه في سوريا. لذلك من المحتمل أن «يغادر قادة في التنظيم (أرض الخلافة) إلى ليبيا»، كما قال المسؤول الأوروبي في إشارة إلى «الخلافة» التي أعلنها التنظيم المتطرف في 2014 وجعل مركز قيادته في مدينة الرقة السورية.
واعتبر أن على الغربيين في الحالة هذه العمل على تدابير لمكافحة الإرهاب بالتشاور مع حكومة الوحدة الوطنية التي تشكلت الثلاثاء الماضي في ليبيا تحت رعاية الأمم المتحدة. ورأى أنه سيكون من السهل في الوقت الحاضر على تنظيم داعش أن ينشط في ليبيا، حيث يعد نحو ثلاثة آلاف مقاتل «لأنه لا يوجد ضربات جوية ولا حكومة تعمل بشكل كامل». وأضاف: «نعلم أن المسؤولين الرئيسيين في تنظيم داعش في سوريا يراقبون ما يجري في ليبيا. لذلك هم يشعرون بأن الضغط بات قويًا جدا وقد ينزعون إلى محاولة الانتقال إلى هذا البلد، حيث تسود حاليا الفوضى العارمة التي يفضلونها». وتابع: «كلما ازداد الضغط على (داعش)، كلما دفع ذلك هذا التنظيم إلى أن يقرر تنفيذ هجمات في الغرب بخاصة في أوروبا ليظهر أنه يحقق نجاحات». وشدد المسؤول الأوروبي على أنه «سيتعين المزيد من القوات على الأرض للتخلص منهم في الرقة والموصل (في العراق)، لكنني أعتقد أن التحالف بقيادة الولايات المتحدة سجل نجاحات».
وقد قتل نحو 22 ألف متطرف على يد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم داعش منذ صيف 2014، كما أعلن وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان أول من أمس.
وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري على هامش اجتماعات منتدى دافوس بسويسرا: «نكبد اليوم (داعش) الكثير من الخسائر، خسروا 40 في المائة من الأراضي التي كانوا يسيطرون عليها في العراق وما بين 20 و30 في المائة في الإجمال». واعتبر أن هذا التنظيم «سيضعف كثيرًا» في العراق وسوريا بحلول نهاية 2016. وتفيد معلومات بحوزة كيرشوف بأن الطائرات الروسية تشن أيضًا مزيدًا من الهجمات التي تستهدف تنظيم داعش بعد أن اتهمتها الولايات المتحدة باستهداف مجموعات سورية مقربة من الغرب ومعارضة للرئيس بشار الأسد الحليف لموسكو. وتكثيف الضربات الجوية، التي تسمح أيضًا بتدمير الشاحنات التي تنقل النفط لتمويل أنشطة تنظيم داعش، قد ترغم أيضًا، عددًا أكبر من المقاتلين القادمين من أوروبا على العودة إلى بلدانهم، بحسب كيرشوف.
وبالتزامن مع تلك التصريحات، أعلن بيرت كوندرس وزير خارجية هولندا، التي ترأس حاليا الاتحاد الأوروبي أن خطر الهجمات الإرهابية في دول الاتحاد يتنامى. وقال كوندرس عبر كلمة ألقاها في الجلسة العامة للبرلمان الأوروبي في ستراسبورغ: «يبدو، أن الخطر الإرهابي يتزايد في الاتحاد الأوروبي ومحيطه». وأشار الوزير الهولندي إلى أن قضية مكافحة الإرهاب ستتصدر جدول أعمال الاجتماع غير الرسمي لوزراء الداخلية والعدل لدول الاتحاد الأوروبي، والذي سيعقد في أمستردام الأسبوع المقبل.
يذكر في هذا السياق أن باريس شهدت يوم الـ13 من نوفمبر هجمات دامية، أسفرت عن مقتل 130 شخصًا وإصابة 350 آخرين.
واتفق قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل الشهر الماضي، على تعزيز التعاون والعمل المشترك في مجال مكافحة الإرهاب، سواء التعاون بين الدول الأعضاء أو مع الشركاء الرئيسيين مثل الولايات المتحدة الأميركية، وأيضًا تعزيز الانخراط في مجال مكافحة الإرهاب مع الشركاء في شمال أفريقيا، ومنطقة الشرق الأوسط، وتركيا، وغرب البلقان. وزيادة تدابير مواجهة تمويل الإرهاب وإعطاء الأولوية في هذا الصدد لمنع تمويل «داعش» واتخاذ إجراءات جديدة إذا اقتضى الأمر، إلى جانب مطالبة فيدريكا موغيريني منسقة السياسة الأمنية والخارجية بالاتحاد، وجيل ديكروشوف منسق مكافحة الإرهاب، بمراقبة الوضع عن كثب، وتقديم تقرير إلى مجلس قادة دول الاتحاد.
وقال بيان ختامي لقمة انعقدت في بروكسل، إن هجمات باريس في نوفمبر الماضي، عززت العزم لدى دول الاتحاد الأوروبي، على مواصلة الحرب وبلا هوادة، ضد الإرهاب، والاستفادة الكاملة من جميع الأدوات المتوفرة. وشدد القادة على ضرورة تسريع الخطوات على طريق تنفيذ التدابير المنصوص عليها في بيان رؤساء دول وحكومات الاتحاد في 12فبراير (شباط) من العام الحالي، ونتائج قمة 20 نوفمبر الماضي.
وقال البيان: «سيبقى الوضع قيد الاستعراض بشكل مستمر». وأوضح البيان أن الهجمات الإرهابية الأخيرة، أظهرت أن هناك ضرورة لتعزيز تبادل المعلومات، من أجل ضمان البيانات المنتظمة حول دخول المقاتلين القادمين من مناطق الصراعات إلى منطقة شنغن، وكذلك لضمان تبادل منتظم للبيانات والسجلات الجنائية للأشخاص المشتبه في علاقتهم بالإرهاب، والجرائم الخطيرة الأخرى.



تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)
جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)
TT

تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)
جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)

كشفت شهادات أُميط عنها اللثام، يوم الأربعاء، من قِبَل لجنة تحقيق في تصرفات الجنود البريطانيين خلال الحرب هناك أن جنود القوات الخاصة البريطانية استخدموا أساليب متطرفة ضد المسلحين في أفغانستان، بما في ذلك تغطية رجل بوسادة قبل إطلاق النار عليه بمسدس، بالإضافة إلى قتل أشخاص غير مسلحين.

جنود من الجيش البريطاني (رويترز)

قال أحد الضباط في حديث مع زميل له، في مارس (آذار) 2011، وهو ما تم تأكيده في شهادة قدمها خلال جلسة مغلقة: «خلال هذه العمليات، كان يُقال إن (جميع الرجال في سن القتال يُقتلون)، بغض النظر عن التهديد الذي يشكلونه، بمن في ذلك أولئك الذين لا يحملون أسلحة».

* مزاعم جرائم حرب

كانت وزارة الدفاع البريطانية قد أعلنت، في عام 2022، أنها ستجري التحقيق للتيقُّن من مزاعم جرائم حرب ارتكبتها القوات البريطانية في أفغانستان بين عامي 2010 و2013. وفي عام 2023، أكدت أن المزاعم تتعلق بوحدات القوات الخاصة، وفق تقرير لـ«نيويورك تايمز»، الأربعاء.

* ثقافة الإفلات من العقاب

جاءت مئات الصفحات من الأدلَّة التي نُشرت، والتي تضمّ رسائل بريد إلكتروني متبادَلة، ورسائل، وشهادات من ضباط كبار وجنود عاديين، لترسم صورة مزعجة لقوة قتالية نخبوية تتسم بثقافة الإفلات من العقاب؛ حيث كانت أعداد القتلى أهم من أي معايير أخرى.

* مستعصون على اللوم

قال أحد أعضاء وحدة بريطانية إن الجنود بدا عليهم أنهم «مستعصون على اللوم»، خلال سنوات القتال الطويلة في أفغانستان، وهو ما منَحَهم «تصريحاً ذهبياً يسمح لهم بالتملُّص من القتل».

وكما الحال مع جميع الشهود؛ فقد جرى إخفاء هوية هذا الجندي، وتم تعديل العديد من البيانات والوثائق الأخرى بشكل كبير لإخفاء الأسماء والوحدات وموقع العمليات. لكن حتى مع إخفاء هذه التفاصيل، كانت هناك أوصاف تكشف عن ضباط صغار شاركوا مخاوفهم مع رؤسائهم حول التكتيكات المستخدمة خلال المداهمات الليلية ضد المسلحين.

في رسائل بريد إلكتروني متبادلة من فبراير (شباط) 2011، أخبر جندي ضابطاً كبيراً عن مداهمة جرت خلالها إعادة أفغاني بمفرده إلى داخل مبنى، لكنه عاد بسلاحه رغم أن القوة المداهمة كانت تفوقه عدداً بكثير. تساءل الجندي ما إذا كانت وحدات «القوات الجوية الخاصة» تطلب من الأفغان إحضار أسلحتهم «مما يعطي المسوغ لإعدامهم»؟

* القتل العشوائي

رد الضابط الكبير قائلاً: «نقطة جيدة. يبدو أن هناك تجاهلاً عشوائياً للحياة ومبادئ مكافحة التمرد والتقارير الموثوقة».

تشير مبادئ مكافحة التمرد (COIN) إلى العقيدة التي استخدمها الجنود الأميركيون والبريطانيون وغيرهم من جنود حلف «الناتو»، خلال غالبية فترات الحرب في أفغانستان. من بين المخاوف الأخرى، كان القتل العشوائي للمقاتلين المدنيين والأفغان الذي يُعدّ بمثابة تدمير للثقة بين القوات الأجنبية والسكان المدنيين.

في مبادلة أخرى، وصف الضابط الكبير نفسه كيف بدا أن وحدات «القوة الجوية الخاصة (ساس)»، كانت تعود إلى «التكتيكات القديمة».

* «وحدات ساس»

عندما طُرِح سؤال في بريد إلكتروني حول ما إذا كانت «وحدات ساس» تخلق سيناريوهات تسمح لهم بقتل المقاتلين الأفغان، رد ضابط آخر قائلاً: «هؤلاء الأفغان أغبياء لدرجة أنهم يستحقون الموت». قال الضابط الأول إنه اعتبر الرد «تعليقاً سخيفاً من جانبه يعكس حقيقة أن الطريقة التي وصف بها مقتل الأفغان غير منطقية».

وقالت وزارة الدفاع إنه «من المناسب أن ننتظر نتيجة التحقيق قبل الإدلاء بالمزيد من التعليقات».

المزاعم المتعلقة بجرائم الحرب من قبل الجنود البريطانيين في أفغانستان ليست بالجديدة؛ فقد تم تسليط الضوء عليها في تقارير إعلامية، أبرزها لدى برنامج التحقيقات «بانوراما»، من «بي بي سي». كما اتهمت القوات الخاصة الأميركية بعدة حالات لسوء السلوك في أفغانستان، بما في ذلك قتل المدنيين أثناء المداهمات، ثم محاولة التعتيم على ذلك.

جندي من القوات الخاصة البريطانية خلال التدريبات (أرشيفية - متداولة)

جاء سلوك القوات الخاصة البريطانية ليثير نزاعاً سياسياً في الخريف الماضي عندما كان حزب المحافظين على وشك اختيار زعيم جديد. ادعى روبرت جينريك، أحد المرشحين، من دون دليل، أنهم «يُقدِمون على القتل بدلاً من القبض على الإرهابيين»، وقال إن ذلك كان لأن محكمة حقوق الإنسان الأوروبية كانت ستجبر بريطانيا على إطلاق سراحهم، حال تركوهم أحياء.

تعرض جينريك لانتقادات حادة من مرشحين آخرين، توم توغندهات وجيمس كليفرلي، وكلاهما من الجنود السابقين. وقال توغندهات إن تعليقاته أظهرت «سوء فهم جوهرياً للعمليات العسكرية وقانون النزاع غير المسلح».

ظهرت بعض هذه المكاشفات نتيجة للتنافس الشديد بين القوة الجوية الخاصة، ووحدة القوات الخاصة للجيش البريطاني، وقوة القوارب الخاصة، التي تُعد نظيرتها في البحرية الملكية.

وصلت القوة الجوية الخاصة إلى أفغانستان عام 2009. والعديد منهم جاءوا مباشرة من الحرب في العراق، وتولوا مهمة مطاردة مقاتلي «طالبان» من «قوة القوارب الخاصة»، وقد أُثير العديد من المخاوف بشأن أساليبهم من قبل جنود وقادة تلك القوة.

* ثقافة التعتيم

أعرب العديد من الشهود عن استيائهم من ثقافة التعتيم على الأعمال الوحشية بتزوير تقارير العمليات. في حالة الرجل الأفغاني الذي تمَّت تغطية رأسه، «تم ايهامه بأنه سيتم التقاط صور لجثة بجانب الأسلحة التي قد لا تكون بحوزته عندما تم قتله»، بحسب رواية أحد الجنود للجنة التحقيق.

قال جندي آخر في بريد إلكتروني في فبراير (شباط) 2011 إنه عندما أثار الناس مخاوفهم، جاء الرد عليهم: «ما الذي لا يفهمه الجميع بشأن مدى أهمية هذه العمليات؟ يبدو أن الجنود يتصرفون وكأنهم فوق النقد».

حذَّر البعض من أن القوات البريطانية قد تكون عرضة لنفس الحرج شأن حلفائها الأميركيين الذين واجهوا فضيحة في 2010 بتسريب سجلات عسكرية توثق 6 سنوات من الحرب في أفغانستان، بواسطة «ويكيليكس»، المجموعة التي أسسها جوليان أسانج.

قال أحد الضباط في بريد إلكتروني: «إذا لم نصدق هذا، فسيصدقه الآخرون، وعندما يحدث تسريب تالٍ لـ(ويكيليكس)، فسيجروننا معهم».