مصر والصين توقعان 21 مذكرة تفاهم واتفاقية لتعزيز التعاون بين البلدين

الرئيس الصيني أكد دعم بلاده لمساعي تحقيق الأمن والاستقرار

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدى استقباله نظيره الصيني تشي جين بينغ في بالقاهرة
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدى استقباله نظيره الصيني تشي جين بينغ في بالقاهرة
TT

مصر والصين توقعان 21 مذكرة تفاهم واتفاقية لتعزيز التعاون بين البلدين

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدى استقباله نظيره الصيني تشي جين بينغ في بالقاهرة
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدى استقباله نظيره الصيني تشي جين بينغ في بالقاهرة

وقعت مصر والصين أمس 21 اتفاقية ومذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في جميع المجالات، كما أكدتا ضرورة مضاعفة الجهود المشتركة لمكافحة خطر الإرهاب والتطرف. جاء ذلك عقب قمة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الصيني تشي جين بينغ عقدت أمس في «قصر القبة» بالقاهرة.
وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية السفير علاء يوسف إن السيسي أكد خلال جلسة المباحثات التي أجراها مع الرئيس الصيني تقدير مصر واعتزازها بعلاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي تربط بين البلدين، وحرصها على تقوية أواصر التعاون مع الصين في جميع المجالات، وأشاد بالاستراتيجية الصينية تجاه الدول العربية التي صدرت مؤخرًا، لما تعكسه من اهتمام القيادة الصينية بالتعاون مع الدول العربية، وتَفَهُمٍ لقضايا المنطقة.
وأضاف أن السيسي رحب في بداية المباحثات بزيارة الرئيس الصيني لمصر والتي تتزامن مع ذكرى مرور 60 عامًا على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، كما أعرب عن تقديره للدعوة التي تلقاها من الرئيس الصيني للمشاركة في القمة المقبلة لمجموعة العشرين التي تُعقد في الصين خلال شهر سبتمبر (أيلول) 2016.
وحظي الرئيس الصيني، الذي يزور مصر لأول مرة، بمراسم استقبال حافلة، حيث أطلقت المدفعية 21 طلقة ترحيبا بوصوله قصر القبة الرئاسي، كما استعرض الرئيسان حرس الشرف وعزف السلام الوطني الصيني والمصري.
ووصل شي إلى مصر يوم الأربعاء في إطار جولة في الشرق الأوسط. وأقام السيسي مساء أول من أمس حفل عشاء بقصر عابدين تكريما للرئيس الصيني، ثم شهد الرئيسان حفلا فنيا وموسيقيا أعقبه القيام بجولة في أنحاء القصر، شاهد خلالها الرئيس الصيني مجموعة من التحف والمقتنيات النفيسة التي تعود لأسرة محمد علي، كما تفقد القاعات والمعالم الرائعة للقصر.
ونقل المتحدث باسم الرئاسة المصرية عن الرئيس الصيني إشادته بما حققته مصر في الفترة الأخيرة، موجهًا التهنئة بمناسبة إتمام الانتخابات البرلمانية، ومؤكدًا دعم الصين الكامل لإرادة الشعب المصري وخياراته، كما أكد تقدير الصين لدور مصر الفاعل على الصعيدين الإقليمي والدولي وحرصها على تحقيق الأمن والاستقرار بالمنطقة، متمنيًا تحقيق المزيد من النجاحات خلال المرحلة المقبلة.
وذكر المتحدث أن المباحثات تناولت بشكل مفصل سُبل الارتقاء بالتعاون الثنائي في مختلف المجالات، حيث أكد السيسي دعم مصر لمبادرة رئيس الصين لإحياء طريق الحرير بالنظر إلى ما تساهم به تلك المبادرة في تعزيز التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري بين الصين والدول العربية والأفريقية.
من جانبه، أشاد رئيس الصين بالجهود التي تبذلها مصر لتحقيق التكامل بين تلك المبادرة ومشروعات التنمية بمنطقة قناة السويس، منوهًا بشكل خاص إلى المنطقة الصناعية الصينية في منطقة قناة السويس وما شهدته من نجاح ساهم في إطلاق المرحلة الثانية لتلك المنطقة بمشاركة ما يقرب من 100 شركة صينية واستثمارات تبلغ 2.5 مليار دولار.
وأكد رئيس الصين دعم بلاده لعملية التنمية في مصر وما تشهده من مشروعات لتطوير البنية التحتية، مشيرًا إلى حرص الصين على المساهمة في تمويل عدد من المشروعات التنموية، كما أكد استعداد الصين لتقديم الخبرة الفنية وتشجيع الشركات الصينية على المشاركة في تنفيذ المشروعات التي يتم تنفيذها بمصر، لافتًا إلى أن بلاده تعمل على تشجيع السياحة الصينية لمصر، بالإضافة إلى تحفيز عملية استيراد السلع والمنتجات الزراعية المصرية.
وشهد الرئيسان عقب انتهاء جلسة المباحثات مراسم التوقيع على 21 مذكرة تفاهم واتفاقية بين البلدين تتناول خطوات وإجراءات تعزيز التعاون بين البلدين في عدد كبير من المجالات، وقام الرئيسان بإزاحة الستار عن المجسم التخطيطي لإطلاق المرحلة الثانية للمنطقة الصناعية الصينية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، كما وقع وزيرا خارجية البلدين على برنامج تنفيذي لعلاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين خلال السنوات الخمس القادمة.
وخلال مؤتمر صحافي مشترك عقده الرئيسان بعد ختام محادثاتهما، قال السيسي: «أود أن أخص بالذكر ما تطرقنا إليه في مباحثاتنا بشأن ضرورة مضاعفة جهودنا المشتركة في مختلف المجالات الثنائية والمحافل متعددة الأطراف لمكافحة خطر الإرهاب والتطرف الذي بات يهدد الأمن والسلم الدوليين.. وضرورة بذل كل ما يلزم من جهود لتسوية أزمات منطقة الشرق الأوسط ومواصلة تنسيق المواقف في إطار الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي تجاه مختلف الأزمات والقضايا الإقليمية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأزمات الملحة في ليبيا وسوريا واليمن».
من جانبه، قال الرئيس الصيني: «اتفقنا على أن أساس العلاقات بيننا متين ولها آفاق رحبة والارتقاء بها يمثل خيارًا استراتيجيًا للجانبين ويتفق مع المصالح الأساسية للجانبين، واتفقنا على انتهاز الذكرى الستين لإقامة العلاقات بيننا لتعزيز العلاقات والارتباط بالاستراتيجية بين البلدين ودعم التعاون في البنية التحتية والصناعة والثقافة والسياحة والتنسيق في المحافل الدولية».
وقالت وزارة الخارجية الصينية أمس إن الرئيس شي جين بينغ أبلغ نظيره المصري في مستهل زيارته للقاهرة أن الصين تدعم مساعي مصر للحفاظ على الاستقرار، وتعتقد أن كل بلد له الحق في أن يختار مساره.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم