«جنيف» يترنح.. ولقاء لافروف ـ كيري يحسم موعد مفاوضات 25 يناير

دي ميستورا طالب بـ«إجراءات حسن نية» مثل رفع الحصار عن البلدات

مقاتل من لواء السلطان مراد التابع للجيش السوري الحر يتطلع إلى نقطة استهداف سلاحه إلى مناطق «داعش» في ريف حلب الشمالي (رويترز)
مقاتل من لواء السلطان مراد التابع للجيش السوري الحر يتطلع إلى نقطة استهداف سلاحه إلى مناطق «داعش» في ريف حلب الشمالي (رويترز)
TT

«جنيف» يترنح.. ولقاء لافروف ـ كيري يحسم موعد مفاوضات 25 يناير

مقاتل من لواء السلطان مراد التابع للجيش السوري الحر يتطلع إلى نقطة استهداف سلاحه إلى مناطق «داعش» في ريف حلب الشمالي (رويترز)
مقاتل من لواء السلطان مراد التابع للجيش السوري الحر يتطلع إلى نقطة استهداف سلاحه إلى مناطق «داعش» في ريف حلب الشمالي (رويترز)

تتجه الأنظار اليوم إلى اللقاء المرتقب بين وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف في سويسرا، الذي سيكون حاسمًا بشأن انعقاد أولى جلسات المفاوصات السورية - السورية المقررة في 25 من الشهر الحالي، التي تشير كل المعطيات إلى أنّها تتجه للتأجيل، نظرًا لربط الأمم المتحدة إرسال الدعوات للأطراف المشاركة فيها باتفاق الدول الكبرى حول وفد المعارضة.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة، فرحان حق، إنهم سيوجهون الدعوات لمحادثات جنيف «عندما تتفق الدول التي تقود هذه العملية حول من ستتم دعوته لتمثيل المعارضة»، مضيفا أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون «يحض هذه الدول على مضاعفة جهدها للتوصل إلى اتفاق».
وشدّد حق على أن الأمم المتحدة «تعلق أهمية كبرى على ضرورة انطلاق المحادثات في الخامس والعشرين من الشهر الحالي»، إلا أنه لم يستبعد حصول تأخير.
وتشمل قائمة الدول التي تقود المباحثات الإقليمية - الدولية لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية، الولايات المتحدة وروسيا ودول أوروبية أخرى وقوى من الشرق الأوسط بينها السعودية وإيران.
ويرجح دبلوماسيون بالأمم المتحدة، كما قياديون في المعارضة السورية، أن يتم تأجيل المفاوضات. ونقلت وكالة «رويترز» عن مصدر دبلوماسي قوله: «التأجيل يبدو مرجحا»، لافتا إلى أن «هذا يتفق أيضا على ما يبدو مع رسالة مبطنة من ستيفان دي ميستورا، مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، خلال إفادة عبر دائرة تلفزيونية مغلقة لمجلس الأمن».
ويشكل وفد المعارضة الذي سيشارك في المفاوضات نقطة الخلاف الأساسية بين الدول الكبرى المعنية بالملف السوري. إذ تدفع موسكو لإشراك «مجلس سوريا الديمقراطية»، الذراع السياسية لـ«قوات سوريا الديمقراطية» المؤلفة بمعظمها من الأكراد في هذه المحادثات، وهو ما ترفضه أنقرة جملة وتفصيلا.
وفي هذا السياق، أشار عبد السلام علي، ممثل حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في روسيا، إلى أن «الأتراك يضعون خطوطا حمراء تهدد مصير (جنيف3)». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «روسيا اقترحت مشاركة (مجلس سوريا الديمقراطية) في المفاوضات من خلال ضم ممثلين عنه إلى الوفد الذي شكلته باقي قوى المعارضة في الرياض، وفي حال تعذر الأمر تشكيل وفد منفصل يجلس على الطاولة في جنيف، لنكون بذلك في إطار مفاوضات ثلاثية.. إلا أن أنقرة تصر على رفض الطرحين».
واعتبر علي أنّه «وفي حال استمر الموقف التركي على ما هو عليه، فذلك لا يؤشر إلى إمكانية حصول المفاوضات في موعدها، وإذا حصلت من دون إشراكنا فيها، فسيكون مصيرها مشابها لمصير مفاوضات (جنيف2)». وقال: «اجتماع كيري - لافروف المرتقب اليوم سيكون حاسما في هذا الاتجاه. والطرف الروسي سيكون واضحا لجهة تمسكه بمشاركتنا في المفاوضات، حرصا منه على أن تكون كل مكونات الشعب السوري شريكة في تحديد مستقبل سوريا».
في هذا الوقت، تترقب الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن مؤتمر الرياض للمعارضة السورية باهتمام ما سينتج عن لقاء وزيري خارجية أميركا وروسيا، علما أنّها بدأت يوم أمس (الثلاثاء) اجتماعات في السعودية تستمر ثلاثة أيام، لمواكبة الحراك الحاصل الذي يسبق الموعد المحدد للمفاوضات في الخامس والعشرين من الشهر الحالي. وقال رياض نعسان آغا، المتحدث الرسمي باسم الهيئة لـ«الشرق الأوسط»، إنهم يبحثون في «أسباب تأخر إرسال الدعوات من قبل الأمم المتحدة التي لم تبلغنا رسميا بعد بتأجيل موعد المفاوضات»، مؤكدا أن الهيئة «مستعدة للمشاركة في هذه المباحثات على الرغم من إدراكها أن ليس هناك ما يؤشر إلى أنها حاصلة في الموعد المحدد مسبقا».
وأعرب نعسان آغا عن استغرابه من إصرار موسكو على تعديل أو تحديد وفد المعارضة الذي أوكلت المجموعة الدولية في فيينا للسعودية مهمة السعي لتشكيله من خلال مؤتمر للمعارضة يُعقد في الرياض. وأضاف: «نحن أعددنا قائمة تضم ستين اسما سنختار منهم من يشاركون في الوفد المباشر الذي يجلس إلى الطاولة، ومن سيكونون في الوفد الاحتياطي البديل، ومن سيكونون من المستشارين والخبراء، علما أننا نتوقع أن يصل عدد هؤلاء الإجمالي إلى 45 فتتولى البقية الإشراف على مسار المفاوضات وتقديم الدعم اللوجيستي».
وبحسب خريطة طريق تم الاتفاق عليها في فيينا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بمشاركة 17 دولة، بينها القوى الكبرى ودول أخرى مثل السعودية وإيران، فإن العملية السياسية في سوريا ستبدأ بالاتفاق على وقف لإطلاق النار ثم حكومة انتقالية وانتخابات.
وقال إلبيو روسيلي، مندوب أوروجواي لدى الأمم المتحدة والرئيس الحالي لمجلس الأمن، إنه قبل أسبوع واحد من بداية المحادثات المقررة، توحد مجلس الأمن المؤلف من 15 دولة على «دعمه القوي للغاية» للمبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي مسيتورا. وأضاف روسيلي: «لم يتم النظر في موعد آخر».
بدوره، اعتبر فيتالي تشوركين، المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة، أن «كل شيء ممكن» فيما يتعلق بموعد البداية، لكن «مع إعلان موعد الخامس والعشرين من يناير، من المهم أن يتم الالتزام بذلك الموعد». وأضاف تشوركين «نتفق جميعا على أنه يتعين أن تبدأ تلك المحادثات بين الحكومة السورية والمعارضة»، متحدثا عن وجود «خلافات كبيرة حول تشكيلة وفد المعارضة».
أما دي ميستورا فأكد لمجلس الأمن أول من أمس (الاثنين) خلال تقديمه عرضا عن الاستعدادات لمحادثات جنيف أنه تلقى ضمانات من وزيري خارجية السعودية وإيران بأن الأزمة الدبلوماسية الحالية بين البلدين لن تؤثر على عملية السلام السورية. وأعرب عن أمله في أن يتخذ طرفا النزاع «إجراءات حسن نية» مثل رفع الحصارات عن بلدات عدة.
وكانت حكومة بشار الأسد أعلنت موافقتها المبدئية على المشاركة في محادثات جنيف، إلا أنها أعلنت أنها تريد قبلا الاطلاع على تركيبة وفد المعارضة وعلى قائمة التنظيمات التي تعدها المجموعة الدولية «إرهابية».
واعتبر وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير أن «تسوية الأزمة السورية ما زالت هدفا بعيد المنال بالنسبة للمجتمع الدولي»، وحذر من تداعيات الأزمة الأخيرة بين إيران والسعودية على هذه التسوية.
وقال شتاينماير، خلال مؤتمر صحافي عقده أمس (الثلاثاء): «قلت بوضوح إننا ما زلنا بعيدين عن الحل في سوريا». وأردف: «علينا أن نتحلى بحذر، لكي لا تدفعنا أزمة العلاقات بين إيران والسعودية إلى الوراء».



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».