بعد الموت غرقًا في المتوسط.. تسجيل أول حالة وفاة للاجئ عند الممر القطبي

بعد أن واجهوا الموت غرقًا في مياه المتوسط يبدو أن اللاجئين من دول الشرق الأوسط، الذين اختاروا «الممر القطبي» عبر الأراضي الروسية للوصول إلى الدول الاسكندنافية يواجهون الموت في أقصى شمال الكرة الأرضية، إما نتيجة البرد الشديد، أو نتيجة حالات مرضية تتأزم في ظل انتظار لعدة أيام على أمل عبور نقطة التفتيش الحدودية بين روسيا وفنلندا، أو روسيا والنرويج.
وقد سُجلت أول حالة وفاة للاجئ من الشرق الأوسط في مقاطعة مورمانسك الروسية في القطب الشمالي على الحدود مع فنلندا يوم 17 يناير (كانون الثاني). وكالة «تاس»الروسية للأنباء قالت: إن لاجئًا من الشرق الأوسط توفي عند نقطة التفتيش الحدودية في مقاطعة مورمانسك، موضحة أن هذا اللاجئ كان متجهًا عبر الأراضي الروسية نحو فنلندا.
من جانبه، أعلن مكتب لجنة التحقيق في مقاطعة مورمانسك أن «التحقيقات جارية حول واقعة وفاة مواطن من دولة أجنبية، كان بانتظار التصريح للعبور نحو أراضي فنلندا».
وفي التفاصيل أبلغ مواطنون مكتب اللجنة الفيدرالية للتحقيقات يوم 17 يناير بالعثور على جثة لمواطن أجنبي يبلغ من العمر 33 عامًا، داخل سيارة بالقرب من نقطة تفتيش «برياوزوركسي» الحدودية الروسية مع فنلندا. وبعد الكشف عن مكان الحادثة أكد المحققون عدم وجود آثار عنف على الجثة، ما يُسقط فرضية «جريمة قتل»، ويرجح أن الوفاة وقعت لأسباب طبيعية، وقال المكتب الإعلامي للجنة التحقيق بأن المواطن الأجنبي المتوفى كان ينتظر منذ 12 يناير مع آخرين من دول الشرق الأوسط وجنوب شرقي آسيا للعبور نحو فنلندا. وتواصل لجنة التحقيق في مقاطعة مورمانسك عملها للكشف بشكل تام عن ملابسات الحادثة وسب الوفاة وهوية المواطن المتوفى.
جدير بالذكر أن أعدادًا ليست كبيرة نسبيًا من اللاجئين السوريين، أخذوا يتجهون منذ صيف العام الماضي نحو الدول الاسكندنافية، وتحديدًا النرويج وفنلندا عبر «الممر القطبي» في مقاطعة مورمانسك الروسية على الحدود مع النرويج وفنلندا. وفي وقت لاحق استغل مواطنون من دول أخرى استقبال النرويج وفنلندا للاجئين السوريين ولاجئين من بعض مناطق العراق التي يسود فيها التوتر، وانضموا إلى ركبهم، لدرجة أن السوريين أصبحوا يشكلون النسبة الأقل. وفي الآونة الأخيرة بالكاد تجد سوريًا بين اللاجئين الراغبين بالمرور نحو أوروبا في القرى القريبة من «الممر القطبي» في روسيا. وقد احتجت السلطات النرويجية والفنلندية على سماح روسيا لهؤلاء بالعبور، إلا أن السلطات الروسية أوضحت أن القوانين تسمح بمرورهم مغادرين الأراضي الروسية لأنهم يحملون تأشيرات سفر روسية نظامية، وأنهم دخلوا الأراضي الروسية ويغادرونها بصورة نظامية، أما توفر أو عدم توفر تأشيرة دخول بحوزتهم إلى الدولة التي يغادرون نحوها فهذا شأن تلك الدولة.
ومع اقتراب فصل الشتاء حذرت السلطات النرويجية من خطورة استخدام «الممر القطبي» معربة عن تخوفها من موت اللاجئين نتيجة تعرضهم للبرد الشديد خلال فصل الشتاء في تلك المنطقة. ومعروف أن اللاجئين يجتازون المسافة بين نقطتي التفتيش الروسية والنرويجية، وكذلك الأمر بين النقطتين الروسية والفنلندية على دراجات هوائية، بسبب حظر اجتياز تلك المسافة سيرًا ويجب التنقل باستخدام وسائط نقل، لذلك يستخدم اللاجئون الدراجات يمسكون بها بيد ويواصلون مسيرتهم على الأقدام باتجاه نقطة التفتيش على الحدود النرويجية أو الفنلندية. وخلال العام الماضي توجه العدد الأكبر من اللاجئين نحو النرويج التي فضلوها عن فنلندا لأن المسافة بين نقطتي الحدود الروسية والنرويجية لا تزيد عن مئات الأمتار وخلال خمس دقائق يمكن اجتيازها، بينما تفصل أكثر من خمسة كيلومترات نقطة التفتيش الروسية عن نقطة التفتيش الفنلندية وبلوغها قد يحتاج لمسيرة أكثر من ساعة من الوقت، الأمر الذي يضع اللاجئين أمام خطر التعرض للبرد القاتل.
ومنذ مطلع ديسمبر (كانون الأول) 2015 أغلقت السلطات النرويجية المعبر الحدودي مع روسيا أمام اللاجئين، الأمر الذي دفع بهؤلاء التوجه نحو المعبر باتجاه فنلندا، علما بأن أعدادهم تراجعت بشكل ملحوظ، من مئات ينتظرون، إلى عشرات نسبة السوريين بينهم لا تزيد عن 2 - 5 أشخاص. إلا أن السلطات الحدودية الفنلندية لا تستقبل يوميًا أكثر من 5 لاجئين من القادمين من روسيا، بينما ينتظر العشرات عند نقطة الحدود الروسية لأيام إلى حين أن يأتي دورهم بالعبور إلى الجانب الفنلندي. وتحيل السلطات الفنلندية هذه الإجراءات إلى عدم توفر إمكانية في تلك النقطة الحدودية لاستقبال أعداد كبيرة من اللاجئين وتنظيم أمورهم بالشكل المطلوب. ومع أن اللاجئين يتنقلون داخل سيارات، ويحرص المخفر الحدودي الروسي على تأمين الخدمات المتوفرة لهم، بما في ذلك الرعاية الطبية عند الضرورة، فإن اشتداد البرد سيزيد من المخاطر على حياة هؤلاء، سيما أن فترات الانتظار للعبور نحو فنلندا قد تطول ليومين أحيانًا، وربما أكثر.
في ظل هذه الظروف المعقدة ومع اشتداد برد الشتاء لا يُستبعد أن تحدث حالات وفاة نتيجة البرد، ليدخل اللاجئون بذلك فصلا جديدا من فصول الموت بحثًا عن الحياة. أما بالنسبة لحالة الوفاة الأولى التي تم تسجيلها في مدينة مورمانسك بين اللاجئين، فيرجح مطلعون على سير التحقيقات أن الوفاة كانت لأسباب طبيعية تتعلق بتدهور الحالة الصحية للمواطن الشرق أوسطي الذي يتعين على لجنة التحقيق الروسية تحديد هويته وأسباب وفاته.
يُذكر أن 700 طالب لجوء وصل عام 2015 إلى فنلندا عبر «الممر القطبي» في روسيا، وتتوقع وزارة الداخلية الفنلندية أن يرتفع عدد طالبي اللجوء القادمين عبر الممر القطبي عام 2016 ليصل حتى 7500 شخص.