حكومة الأنبار تستعد لإصلاح ما دمره «داعش» في الرمادي

مجلس المحافظة: المدينة بحاجة إلى 6 مليارات دولار

عنصر أمن عراقي يراقب من سطح بناية أحد شوارع مدينة الرمادي (رويترز)
عنصر أمن عراقي يراقب من سطح بناية أحد شوارع مدينة الرمادي (رويترز)
TT

حكومة الأنبار تستعد لإصلاح ما دمره «داعش» في الرمادي

عنصر أمن عراقي يراقب من سطح بناية أحد شوارع مدينة الرمادي (رويترز)
عنصر أمن عراقي يراقب من سطح بناية أحد شوارع مدينة الرمادي (رويترز)

بينما تستعد حكومة محافظة الأنبار ومجلسها المحلي لتهيئة الأحياء السكنية والمناطق التي تم تحريرها من قبل القوات الأمنية العراقية في مدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار، كشف مجلس المحافظة الأنبار عن حاجة المدينة إلى ستة مليارات دولار لإعادة إعمارها، مشيرا إلى أن نسبة الأضرار في المدينة بلغت أكثر من 80 في المائة، في الوقت الذي تتواصل فيه العمليات العسكرية لتحرير مناطق جزيرة الرمادي وجزيرة الخالدية من سيطرة تنظيم داعش وطرد مسلحيه من آخر معاقلهم شرق المدينة وغربها.
وقال عضو مجلس محافظة الأنبار، أركان خلف الطرموز، لـ«الشرق الأوسط»» إن حجم الدمار الهائل الذي أصاب مدينة الرمادي جراء العمليات العسكرية وسيطرة تنظيم داعش الإرهابي على المدينة لأكثر من سبعة أشهر وما سببه من تفجيرات للمؤسسات الحكومية والخدمية والمناطق السكنية والبنى التحتية يقدر بأكثر من 80 في المائة، حسب تقديرات اللجان المختصة التي قدرت تكلفة إعادة إعمار مدينة الرمادي لوحدها بحدود ستة مليارات دولار، فيما تحتاج المحافظة لمبلغ 12 مليار دولار لإعمار كل مدن الأنبار بما فيها مدينة الرمادي.
وأضاف الطرموز أن حكومة الأنبار المحلية تسعى لإطلاع الرأي العام على نسبة الأضرار الهائلة التي تعرضت لها المدينة، بعد أن قدمت اللجان المختصة تقريرها لحجم الأضرار الناجمة من أجل الإسراع في تقديم المنح المالية لإعادة أعمار المدينة التي أصبحت مدينة أشباح كون البنى التحتية للمدينة مدمرة بالكامل.
وفي سياق متصل وضمن الإجراءات التي تقوم بها الحكومة المحلية من أجل ضمان عودة النازحين من أهالي مدينة الرمادي إلى مناطقهم المحررة، أعدت مديرية الصحة في المحافظة خطة لتقديم خدماتها في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الأمنية، في الوقت الذي أجرت فيه فرق مختصة تابعة للمديرية مسحا عاما لإحصاء حجم الأضرار في المراكز الصحية والمستشفيات في مدينة الرمادي. وقال مدير الصحة في المحافظة شاكر أحمد»: «قمنا بإعداد خطة لدراسة حجم الأضرار التي لحقت بالمؤسسات الصحية والمراكز الطبية والمستشفيات في مدينة الرمادي، بعد زيارات ميدانية لتلك المؤسسات من قبل فرق مختصة تم إعدادها لهذا الغرض». وأضاف أحمد أن «الفرق قامت بكشف ميداني للاطلاع على حجم الأضرار في المراكز الصحية والمستشفيات لتقديم الخدمات الصحية للأهالي في حال عودتهم من مخيمات النزوح إلى مناطقهم». وقدرت حكومة الأنبار المحلية حاجتها إلى 12 مليار دولار لإعادة إعمار المدن المحررة في المحافظة.
من جانب آخر، أعلن مجلس محافظة الأنبار، تسلم شرطة الأنبار الملف الأمني لمنطقة الصوفية آخر المناطق المحررة في مدينة الرمادي، وأشار إلى إعطاء مهلة زمنية من أجل خروج العائلات من مناطق جزيرة الخالدية شرق الرمادي قبل دخول القوات الأمنية العراقية لتحريرها من سيطرة تنظيم داعش. وقال عضو المجلس راجح العيساوي إن «احد أفواج طوارئ شرطة محافظة الأنبار قام بمسك منطقة الصوفية شرقي مدينة الرمادي التي تم تحريرها من تنظيم داعش مؤخرًا، وإن المنطقة أصبحت مؤمنة بالكامل ونسبة الدمار في منازل المواطنين قليلة جدًا قياسا بباقي المناطق المحررة في المدينة». وأضاف العيساوي «إن وجود مئات العائلات المحاصرة داخل مناطق السجارية وجويبة والمضيق وجزيرة الخالدية شرقي مدينة الرمادي، أدى إلى إرجاء العمليات العسكرية لحين خروج هذه العائلات إلى مكان وجود القطعات العسكرية، للحيلولة دون وقوع أي إصابات في صفوف المدنيين، وقد أعطت القوات الأمنية مهلة غير محددة تخضع للسياقات العسكرية»، وبالفعل بدأت العائلات بالخروج وعند الانتهاء من عمليات خروج العائلات سيتم عقب ذلك اقتحام تلك المناطق وتطهيرها من «داعش».
من جانبه، أفاد رئيس مجلس قضاء الخالدية بمحافظة الأنبار علي داود الدليمي، بمقتل العشرات من عناصر تنظيم داعش، بينهم قيادات بارزة بقصف جوي عنيف استهدف مناطق ارتكاز التنظيم شرقي الرمادي. وقال الدليمي إن «طائرات سلاح الجو العراقي نفذت الكثير من الطلعات الجوية قصفت من خلالها أوكارا لتنظيم داعش الإرهابي في منطقة جزيرة الخالدية والمناطق المحيطة بها شرقي الرمادي، وأدى القصف الذي يعد هو الأعنف على هذه المناطق منذ سيطرة التنظيم الإجرامي عليها، ما أدى إلى مقتل العشرات من عناصر التنظيم بينهم قادة وأمراء من جنسيات مختلفة». وأضاف الدليمي «إن القصف أدى إلى إعطاب الكثير من الآليات العسكرية وعجلات تحمل سلاحا رشاشا أحاديا، فضلا عن تدمير أنفاق ومخابئ للأسلحة والعتاد»، مبينا أن «طيران الجيش كثف من قصفه على معاقل التنظيم الإرهابي، في خطوة تهدف إلى أضعاف التنظيم وشل حركة عناصره بعد ورود معلومات استخبارية عن انسحاب داعش من مناطق السجارية وجوبية والمضيق إلى منطقة الجزيرة شرقي المدينة».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».