«لوميير» ينير لندن بلوحات فنية في أعرق معالم العاصمة

أعمال تراوحت بين الإضاءة الثلاثية الأبعاد واللوحات التفاعلية لـ30 فنانًا

ميدان ليستر الشهير يتزين بتصميم «حديقة الأنوار» (تصوير: جيمس حنا) - لوحة «لتر من النور» للفنان ميك استفانسون في ميدان غراناري على مقربة من محطة كينغز كروس (تصوير: جيمس حنا)
ميدان ليستر الشهير يتزين بتصميم «حديقة الأنوار» (تصوير: جيمس حنا) - لوحة «لتر من النور» للفنان ميك استفانسون في ميدان غراناري على مقربة من محطة كينغز كروس (تصوير: جيمس حنا)
TT

«لوميير» ينير لندن بلوحات فنية في أعرق معالم العاصمة

ميدان ليستر الشهير يتزين بتصميم «حديقة الأنوار» (تصوير: جيمس حنا) - لوحة «لتر من النور» للفنان ميك استفانسون في ميدان غراناري على مقربة من محطة كينغز كروس (تصوير: جيمس حنا)
ميدان ليستر الشهير يتزين بتصميم «حديقة الأنوار» (تصوير: جيمس حنا) - لوحة «لتر من النور» للفنان ميك استفانسون في ميدان غراناري على مقربة من محطة كينغز كروس (تصوير: جيمس حنا)

تحولت العاصمة البريطانية من الخميس الماضي وإلى مساء أمس إلى لوحة فنية مزدانة بالألوان، بعدما أنار مهرجان «لوميير» للضوء شوارع عريقة مثل ريجنت ستريت، ومباني عتيقة في لندن، بقطع فنية مبهرة شارك في هندستها 30 فنانا عالميا. فمن تمام الساعة السادسة والنصف مساء وإلى العاشرة والنصف ليلا، تستقبل أهم معالم العاصمة 30 عملا ضوئيا تفاعليا وتعرضها مجانا للمارة على أمل أن تبعث تلك اللوحات دفئا في سكان العاصمة خلال أبرد شهور السنة. إذ قرر نخبة من الفنانين العالميين إحياء روح التفاؤل وإسعاد الجميع في مهرجان الضوء الذي يأتي في أيام تثير روح التشاؤم في سكان المدينة بعد الاحتفالات بعيد الميلاد والعام الجديد.
ويعد «لوميير لندن 2016» الأضخم في تاريخ مهرجان الأنوار مقارنة بنسخ من الحدث سبق تنظيمها في مدن كبيرة مثل سيدني الأسترالية وبرلين الألمانية وليون الفرنسية. وقدم المهرجان لسكان العاصمة فرصة مجانية للاستمتاع بأضوائه المتوهجة، واستطاع تقديم أشكال مختلفة للقطع الفنية من صنع فنانين بريطانيين وأجانب تراوحت ما بين الإضاءة الثلاثية الأبعاد، واللوحات المضيئة التفاعلية التي انعكست على معالم بارزة في المدينة.
من جانبها، أوضحت هيلين مارياج، المشرفة على مهرجان «لوميير» لندن، أن كل الفنانين المشاركين في المهرجان استخدموا عناصر الوسائط المتعددة وأساليب تكنولوجية مختلفة لتحويل لندن إلى قاعة عرض مفتوحة ضخمة. كما أبدع الفنان الفرنسى باتريس وارنر في إضاءة كنيسة ويستمنستر الشهيرة باستخدام لمبات النيون متعددة الألوان لتغمر بالأضواء تماثيل لمشاهير مثل مارتن لوثر كينغ والقس أوسكار روميرو من السلفادور. وقدمت الفنانة الأميركية جانيت ايشلمان عرضا تفاعليا للأضواء تركته معلقا فوق شارع أكسفورد الشهير، والذي يمكن أن يشارك المارة في تلوينه من خلال هواتفهم الجوالة، حيث تنعكس حرارة بصماتهم على سطح منحوتها الضوئي.
وتزينت معالم شهيرة أخرى في لندن بهذه الأعمال الضوئية، منها حي «سوهو» الشهير، وميدان ليستر السياحي، وميدان سانت جيمس العريق، وحي ماي فير الأرستقراطي، وميدان الطرف الأغر التاريخي. كما استقبلت ساحة محطة «كينغز كروس» المهرجين والراقصات ولاعبي السيرك ورسوم «غرافيتي» ضوئية تفاعلية. ولأن الإقبال كان عاليا لزيارة اللوحات الفنية الضوئية المختلفة بمحطة «كينغز كروس»، اضطرت الشرطة البريطانية لإغلاق المحطة مساء السبت، ونشرت تعميما يطلب من مرتادي المهرجان العودة يوم الأحد. ونشط هاشتاغ «لوميير لندن» (#LumiereLDN) على «تويتر» و«إنستغرام»، حيث تناقل الناس صورا لجوانب من مهرجان الضوء، ومعلومات عن حركة النقل في الأماكن المكتظة جراء «لوميير».
يذكر أن المجموعة الفنية «ارتيتشوك» هي المنظمة للمهرجان الذي تبلغ تكلفته 2.5 مليون جنيه إسترليني.
ويعد مهرجان «لوميير» أكبر مهرجان للضوء في بريطانيا، وحضره بنسخته في مدينة دورهام البريطانية عام 2013 نحو 175 ألف شخص على مدار أربعة أيام، وهو جزء من شبكة مهرجانات ضوئية تضيء الشمال الذي يضم مهرجانات في سبع مدن في جميع أنحال شمال بريطانيا، بما في ذلك ليدز وبلاكبول ولانكستر ومانشستر، وزار المهرجان لندن لأول مرة منذ انطلاقه.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».