لبنان: معارضو باسيل يواجهونه اليوم في أول انتخابات داخلية لتياره

ردًا على فرض عون صهره رئيسًا الصيف الماضي

لبنان: معارضو باسيل يواجهونه  اليوم في أول انتخابات داخلية لتياره
TT

لبنان: معارضو باسيل يواجهونه اليوم في أول انتخابات داخلية لتياره

لبنان: معارضو باسيل يواجهونه  اليوم في أول انتخابات داخلية لتياره

يخوض أكثر من ثمانية آلاف من أصل 17 ألف منتسب لـ«التيار الوطني الحر» الذي يتزعمه رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النيابي النائب ميشال عون اليوم الأحد، أول انتخابات داخلية منذ إنشاء التيار في عام 1994 وحصوله على ترخيص رسمي من وزارة الداخلية في عام 2006.
وتكتسب هذه المعركة أهمية استثنائية نظرا لكونها امتدادا للمواجهة المحتدمة داخل تيار عون، وبالتحديد بين أنصار صهره وزير الخارجية جبران باسيل ومعارضيه الذين علا صوتهم الصيف الماضي على خلفية الضغوط التي مارسها عون وأدّت لترؤس باسيل التيار بالتزكية من دون الذهاب إلى عملية انتخابية.
ولقد انتقد معارضو باسيل حينها «التسوية» التي أدّت لرئاسته على خلفية رفض عون رفضا كليا مبدأ الرئيس التوافقي للجمهورية واعتباره الديمقراطية التوافقية «هرطقة» وسيره بها داخل تياره. لذلك فإنهم أعدوا العدة اليوم ليكسبوا في الانتخابات الداخلية لاختيار منسقي الأقضية ومساعديهم وأمناء السر ومسؤولين عن مواقع أخرى في المناطق ما خسروه في معركة رئاسة التيار.
وتُخاض هذه الانتخابات وفق قانون يعتمد النسبية والصوت التفضيلي، وعبر لوائح من 13 مرشحًا على نحو ألف موقع، نظرا إلى أن 1300 مرشح فازوا بالتزكية كما أن أحدا لم يترشح عن ألف موقع آخر.
وفي حين يعتبر «العونيون» (بإشارة إلى مناصري عون) أن نجاحهم في الإعداد لهذه الانتخابات وإتمامها وفق قانون نسبي متطور «خطوة رائدة يتوجب الاعتماد عليها في أي انتخابات نيابية مقبلة»، يستغرب خصومهم «التغني بالعملية الانتخابية كإنجاز ديمقراطي بعدما تم فرض رئاسة باسيل للتيار وإقصاء منافسيه قبل بضعة أشهر فقط». وعلى الرغم من أن التحالفات والاصطفافات القائمة حاليا في المعركة على المواقع الحزبية الداخلية تختلف عمّا كانت عليه قبيل المعركة على رئاسة التيار نظرا لدخول اعتبارات مناطقية على الخط، فإن الشعار الأبرز «مع أو ضد باسيل» يبقى طاغيا وأساسا لتجييش المنتسبين للتيار، وهو ما يؤكده أحد القياديين العونيين المعارضين لباسيل، الذي أشار إلى «جهود كبيرة يبذلها الفريق الخصم داخل التيار للإيحاء بأن معارضة باسيل سقطت تلقائيا مع تبوئه سدة الرئاسة».
القيادي المعارض قال لـ«الشرق الأوسط»: «ما نريد أن نؤكده بخوضنا الانتخابات الداخلية بمواجهة وزير الخارجية، هو أن المعارضة موجودة وبقوة وهي تعمل من داخل التيار بهدف تحسين أدائه ومنع تكرار التجربة المرة السابقة بفرض شخصيات معينة على مواقع حزبية من منطلقات شخصية وعائلية».
هذا، ويعمل معارضو باسيل، ومعظمهم من «المناضلين القدامى» خلال فترة إبعاد عون إلى فرنسا، بإطار «مجموعة ضغط معارضة» داخل التيار تضم أكثر من 300 من الكوادر الذين يتوزعون على مختلف الأقضية والمحافظات اللبنانية. إلا أن المعركة الحالية تحتدم وبشكل خاص في منطقتي بيروت وجبيل (شمال العاصمة)، حيث تتخذ المواجهة بين باسيل وخصومه طابع «الحرب القاسية»، بحسب المصدر المعارض لوزير الخارجية. فتتنافس في بيروت لائحتان الأولى يدعمها نائب باسيل، الوزير السابق نيقولا صحناوي، والثانية القيادي في التيار زياد عبس الذي نشط كثيرا خلال المعركة الرئاسية للتيار ضد باسيل.
أما في منطقة جبيل فتتنافس لائحة يرأسها طوني بو يونس المدعوم من النائب سيمون أبي رميا بمواجهة لائحة يرأسها طارق صادق مستشار باسيل في الخارجية. وقد احتدمت المنافسة هناك وكادت تتحول لإشكال كبير «بعدما ارتأى باسيل إضافة 32 اسما إلى لوائح الشطب قبل 48 ساعة من موعد الانتخابات نظرا لاقتناعه بأن المعركة قاسية وقد لا يتمكن من الفوز بها»، بحسب القيادي المعارض له. وأضاف: «أظن أننا وردا على هذه التجاوزات غير المقبولة وغير المسبوقة سنقلب الطاولة وسندفع باتجاه إلغاء الانتخابات في جبيل، إلا أننا لم نفعل كي لا نحقق له هدفه، لكننا لن نسكت بعد انتهاء المبارزة، خصوصا أن من ارتأى إضافة أسمائهم قسم كبير منهم معروف بأنّه يناصر أحزاب مسيحية أخرى».
وفي الدفة المقابلة، ينشغل مناصرو باسيل من القياديين في التيار بالتسويق لـ«نزاهة» العملية الانتخابية و«مهنية» القائمين عليها.
وفي هذا السياق، قال مدير مكتب عون العميد المتقاعد بول مطر في حديث إذاعي، إن رئيس التكتل «راض عن الانتخابات ولكن لديه ملاحظات وقلق من الذين خرجوا عن التيار وعادوا إليه»، لافتا إلى أنه «بين 5 إلى 7 في المائة من المنتسبين هم من غير المسيحيين».
وتشارك المعارضة العونية بزخم بهذه الانتخابات وعينها على المجلس الوطني والمكتب السياسي. ويضم المجلس منسقي الأقضية المنتخبين ونواب التيار، فيما يضم المكتب السياسي بالإضافة إلى الرئيس ونوابه و3 أعضاء يختارهم باسيل 6 أعضاء آخرين يتم انتخابهم. وبغض النظر عن الخرق الذي ستنجح معارضة باسيل بتحقيقه في الكيانين المذكورين، فهي تستعد أيضًا لتشكيل «مجلس وطني ظل» يتابع عمل المجلس الأساسي عن كثب.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.