مصادر فرنسية: «جنيف 3» سيفشل من غير أجندة تنص على عملية انتقال سياسية

قالت لـ {الشرق الأوسط} إن موسكو لا تمتلك «حق الفيتو» لفرضه على المعارضة السورية

ستيفان دي ميستورا لدى اجتماعه بالأعضاء الدائمين في مجلس الأمن في جنيف لمناقشة الأزمة السورية أمس (إ.ب.أ)
ستيفان دي ميستورا لدى اجتماعه بالأعضاء الدائمين في مجلس الأمن في جنيف لمناقشة الأزمة السورية أمس (إ.ب.أ)
TT

مصادر فرنسية: «جنيف 3» سيفشل من غير أجندة تنص على عملية انتقال سياسية

ستيفان دي ميستورا لدى اجتماعه بالأعضاء الدائمين في مجلس الأمن في جنيف لمناقشة الأزمة السورية أمس (إ.ب.أ)
ستيفان دي ميستورا لدى اجتماعه بالأعضاء الدائمين في مجلس الأمن في جنيف لمناقشة الأزمة السورية أمس (إ.ب.أ)

فيما يبدو أكثر فأكثر أن انطلاق المفاوضات بين المعارضة والنظام السوريين في جنيف يوم 25 الشهر الحالي أصبح أمرا مستبعدا بعد تكاثر العقبات ونقاط الاختلاف والشروط والشروط المضادة، تتكثف التحركات الدبلوماسية الهادفة إلى إخراج المفاوضات من الطريق المسدود الذي وصلت إليه قبل أن تبدأ.
وتتوجه الأنظار إلى نيويورك، حيث من المفترض أن يقدم المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا غدا الاثنين عرضا لمجلس الأمن لما آلت إليه اتصالاته والعقبات التي يواجهها، وخصوصا للاجتماع المرتقب يوم الأربعاء في زيوريخ بين وزيري خارجية روسيا والولايات المتحدة الأميركية وللمشاورات التي ستحصل في الرياض مع الوزير جون كيري ونظيره الفرنسي لوران فابيوس.
وإزاء الصعوبات التي تعيق التقدم نحو المفاوضات، أشارت مصادر فرنسية دبلوماسية إلى أن العملية التفاوضية لا يمكن أن تنطلق وتؤدي إلى نتائج إيجابية ما لم يتوافر لها شرطان: الأول، أن يحصل تقدم ملموس على جبهة الوضع الإنساني ما يعني عمليا وقف الحار والقصف بأنواعه الذي يستهدف المدنيين وبشكل عام تنفيذ ما نص عليه قرار مجلس الأمن رقم 2254 في بنديه الـ12 و13. والشرط الثاني، أن تكون للمفاوضات «أجندة واضحة» وأهم ما فيها أن تكون عملية الانتقال السياسي واضحة ومبرمجة. وتؤكد هذه المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» أنه «من غير توافر أمر كهذا، فإن مفاوضات (جنيف 3) سيكون مصيرها كمصير (جنيف 2)» التي فشلت؛ لأن وفد النظام وقتها رفض الخوض في عملية الانتقال السياسي إلا بعد التخلص من الإرهاب، كذلك تعتبر باريس أن أي وقف لإطلاق النار يمكن أن يسعى إليه المبعوث الدولي «لا يمكن أن تقبله المعارضة إلا إذا كان مرتبطا بأجندة الانتقال السياسي».
وفي سياق مواز، تلفت المصادر الفرنسية النظر إلى أهمية الدلالات المترتبة على تعيين الشخصية التي سيوكل إليها النظام السوري قيادة وفده إلى المفاوضات في جنيف. وتعتبر باريس، سلفا، أن إعادة تكليف السفير السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري بهذه المهمة ستعني أن النظام السوري «لا يريد حلا» لأنه لم يسم شخصية سياسية لها وزنها داخل النظام، وتكون تسميتها دليلا على الجدية في البحث والسعي لحل سياسي.
خلال الزيارة السريعة التي قام بها المبعوث الدولي إلى باريس بداية الأسبوع الماضي، سمع رسالة فرنسية تدعوه إلى التعامل «من غير تحفظ» مع وفد المعارضة الذي ستسميه الهيئة العليا للمفاوضات التي شكلها مؤتمر الرياض. وما تريده فرنسا هو ألا تحمل المعارضة مسؤولية عدم انعقاد جنيف أو أن تذهب إلى المفاوضات وهي في وضع «حرج» أو «ضعيف» بسبب الضغوط التي تمارس عليها ميدانيا وسياسيا على السواء. من هنا، تشديدها على الحاجة لتحسين الوضع الإنساني الأمر الذي برز مع دعوتها المشتركة «مع لندن وواشنطن» لانعقاد مجلس الأمن الدولي بحيث يكون إحدى أوراق ضغط لتنفيذ «إجراءات الثقة» المنصوص عليها في القرار 2254. كذلك، فإن باريس تدافع عن حق المعارضة التي اجتمعت في الرياض الشهر الماضي في تشكيل وفدها بعيدا عن الضغوط الروسية وحتى الأميركية. وتقول المصادر الفرنسية إن توافقا روسيا أميركيا على تعديل وفد المعارضة إلى المفاوضات «لن يكون مجديا إذا كان سيتسبب بقطيعة بين الجناحين السياسي والعسكري» للمعارضة؛ إذ إنه سيفضي إما إلى رفض الجناح العسكري السير في المسار التفاوضي وإما أنه سيضرب عرض الحائط بما يمكن أن يصدر عن جنيف ما يعني استمرار الحرب والمآسي بالنسبة للشعب السوري.
ترفض باريس بقوة أن يكون لموسكو القدرة على ممارسة «حق الفيتو» على المعارضة السورية لفرض أشخاص تعتبرهم مقربين من نظرتها إلى ما يفترض أن ينتج عن العملية التفاوضية أو استبعاد أشخاص وتنظيمات تعتبرها إرهابية. وترى المصادر الفرنسية أن موسكو «لم تغير مقاربتها» منذ الاجتماع الذي حصل في نيويورك في 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي حيث شدد الوزير لافروف على ثلاثة أمور: الأول، أن مؤتمر الرياض وما صدر عنه «لا يمثل شيئا». والثاني، أن كثيرا من التنظيمات التي شاركت فيه وذكر منها أحرار الشام وجيش الإسلام هي تنظيمات إرهابية لا مكان لها في جنيف. والأمر الثالث، الرفض في البحث في مصير الرئيس الأسد أو في حرمانه من الترشح لانتخابات رئاسية قادمة «لأن للسوريين وحدهم حق اختيار قيادتهم». وبحسب باريس، فإن هذه المواقف المتشددة تعني أن روسيا «ومعها إيران» «لم تقرر بعد أنه حان الوقت للعملية السياسية الجدية أن تنطلق» وبالتالي فإنها تدفع إلى استمرار الحرب. وإذا كانت باريس ترى أن التدخل الروسي المكثف قد «أنقذ نظام الأسد» من جهة وأوجد «دينامية عسكرية جديدة» من جهة أخرى، إلا أنها لا ترى أن من شأنه حسم الحرب الدائرة في سوريا لصالح النظام «لأن استمرار التدخل سيدفع إلى تدخل أقوى من الجهة المقابلة». وبحسب باريس، فإن الصعوبة في التعامل مع موسكو بشأن الملف السوري تكمن في «تجاهلها لحقيقة أن هذا الوضع يسيء إليها» وأن «هناك مسارا آخر يحفظ لروسيا مصالحها الاستراتيجية التي لا يريد أحد الإضرار بها أو إخراجها من سوريا» وهذا المسار عنوانه عملية الانتقال السياسي المتوافق عليها التي يمكن أن يفضي إليها مؤتمر جنيف في حال أرادت «الجهة الأخرى» حقيقة الوصول إليها.



انقلابيو اليمن متهمون بارتكاب انتهاكات ضد أقارب المغتربين

الحوثيون متهمون بتصعيد انتهاكاتهم ضد اليمنيين (إ.ب.أ)
الحوثيون متهمون بتصعيد انتهاكاتهم ضد اليمنيين (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن متهمون بارتكاب انتهاكات ضد أقارب المغتربين

الحوثيون متهمون بتصعيد انتهاكاتهم ضد اليمنيين (إ.ب.أ)
الحوثيون متهمون بتصعيد انتهاكاتهم ضد اليمنيين (إ.ب.أ)

صعّدت جماعة الحوثيين في اليمن من وتيرة انتهاكاتها بحق عائلات وأقارب المغتربين لا سيما المنتمون منهم إلى محافظتي إب والضالع، وذلك ضمن استهداف الجماعة الممنهج للسكان في مناطق سيطرتها، بمن فيهم أسر المغتربين في الولايات المتحدة.

وبحسب مصادر حقوقية يمنية، واصلت الجماعة الحوثية تنفيذ سلسلة من الانتهاكات والاعتداءات على ممتلكات وأراضي المغتربين وأسرهم في مديريات الشعر والنادرة وبعدان في محافظة إب، وكذلك في مديريتي جبن ودمت بمحافظة الضالع. وتأتي هذه الانتهاكات ضمن مخططات حوثية تستهدف الاستيلاء على أراضي وعقارات المغتربين.

مدينة إب اليمنية تعيش في فوضى أمنية برعاية حوثية (فيسبوك)

وأفادت تقارير حقوقية يمنية بأن الجماعة صادرت أخيراً أراضي تعود لعائلة «شهبين» في إحدى قرى مديرية الشعر جنوب شرقي إب، كما فرضت حصاراً على منازل الأهالي هناك، وقامت باعتقال عدد منهم. ويُذكر أن كثيراً من أبناء المنطقة منخرطون في الجالية اليمنية بأميركا.

وندّد مغتربون يمنيون في الولايات المتحدة من أبناء مديرية «الشعر» بما وصفوه بالممارسات «غير المبررة» من قِبل مسلحي الحوثيين تجاه أقاربهم وأراضيهم وممتلكاتهم، وأصدروا بياناً يشير إلى تعرُّض أسرهم في محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) لاعتداءات تشمل الحصار والاعتقال، والإجبار على دفع إتاوات.

ودعا البيان جميع المغتربين اليمنيين في الولايات المتحدة إلى حضور اجتماع تضامني في نيويورك لمناقشة سبل دعم ذويهم المتضررين من الانتهاكات الحوثية. وحذّر من أن استمرار صمت الأهالي قد يؤدي إلى تصاعد الاعتداءات عليهم.

ابتزاز واسع

خلال الأيام الأخيرة، شنت الجماعة الحوثية حملات ابتزاز جديدة ضد عائلات مغتربين في أميركا ينتمون إلى مديريات شرق إب، حيث أرغمت كثيراً منهم على دفع مبالغ مالية لدعم ما تُسمّيه «المجهود الحربي»، مهددةً بمصادرة ممتلكاتهم واعتقال ذويهم في حال عدم الدفع.

وفي محافظة الضالع المجاورة، أجبرت الجماعة عائلات مغتربين على تقديم مبالغ مالية، بدعوى دعم مشاريع تنموية تشمل الطرق والجسور وشبكات المياه والصرف الصحي، غير أن ناشطين حقوقيين يرون أن هذه الأموال تُوجَّه لتمويل أنشطة الجماعة، وسط ضغوط كبيرة تمارسها على أقارب المغتربين.

منظر عام لمديرية جبن في محافظة الضالع اليمنية (فيسبوك)

وأشارت مصادر مطَّلعة إلى أن مليارات الريالات اليمنية التي يجمعها الحوثيون من عائدات الدولة والإتاوات تُخصَّص لدعم أتباعهم وتمويل فعاليات ذات طابع طائفي؛ ما يزيد الأعباء على السكان في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد.

وطالبت أسر المغتربين المتضررة المنظمات الحقوقية الدولية بالتدخل لوقف ممارسات الحوثيين بحقهم، مشيرة إلى أن الأوضاع الاقتصادية المتردية في اليمن تجعلهم يعتمدون بشكل أساسي على الدعم المادي من أبنائهم المغتربين.

وخلال السنوات الأخيرة، أطلقت الجماعة الحوثية حملات نهب ومصادرة ممتلكات المغتربين في صنعاء ومناطق أخرى تحت سيطرتها تحت مسمى «دعم المجهود الحربي»؛ ما يعمّق معاناة هذه الفئة المستهدفة بشكل متكرر من قِبل الجماعة.