قبل ساعات من إعلان التشكيلة الرسمية والكاملة لحكومة الوفاق الوطني المقترحة من البعثة الأممية في ليبيا، تصاعدت حدة المعارضة لقرارها بشأن تشكيل لجنة مؤقتة لتنفيذ الترتيبات الأمنية التي نص عليها اتفاق السلام في الصخيرات بالمغرب.
ومن المتوقع أن يعلن المجلس الرئاسي للحكومة التي يترأسها فائز السراج خلال ساعات تشكيلة حكومته، حيث قالت مصادر مقربة من السراج لـ«الشرق الأوسط» إنه تم الاتفاق على أن تكون الحكومة بمثابة حكومة محاصصة بين أقاليم ليبيا الثلاثة.
ولفتت إلى أن نصيب المنطقة الشرقية من حقائب الحكومة سيكون سبع حقائب على رأسها الدفاع، بينما ستحظى المنطقة الغربية بتسع حقائب على رأسها الداخلية والخارجية، أما المنطقة الجنوبية فستنال طبقا لهذا التوزيع، ثماني حقائب وزارية أبرزها النفط والاتصالات.
ومن المقرر أن يجتمع اليوم، المستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الذي يتخذ من مدينة طبرق مقرا له بأقصى الشرق الليبي، مع المبعوث الأممي مارتن كوبلر الذي سيزور ليبيا مجددا في أحدث محاولة لإقناع مجلس النواب بالتصويت الإيجابي لصالح حكومة السراج.
وقال متحدث باسم صالح إن الاجتماع الذي يأتي ضمن مساعي كوبلر لحشد التأييد للاتفاق السياسي الذي جرى توقيعه في الصخيرات والقاضي بتشكيل حكومة وحدة، سيعقد بمدينة شحات الليبية.
وأعلنت كتلة من مجلس النواب رفضها للمرشحين لحكومة السراج، وطالبت النواب ومرشحي الحكومة بالعودة إلى مقر المجلس لتعديل الاتفاق بما يضمن تشكيل حكومة وفاق وطنية حقيقية، على حد تعبيرها.
واعتبرت «كتلة المرابطين في ليبيا دفاعا عن سيادتها»، التي يتم الإعلان عنها للمرة الأولى أن قرارات مجلس حكومة السراج صادرة ممن لا صفة لهم، مشيرة إلى أن المجلس لم يعتمدها.
وأكدت في بيان لها أن الحكومة الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني، شرعية قائمة مستمرة في أعمالها بكل صلاحياتها، معتبرة أن قرار تشكيل اللجنة الأمنية قد كشف نيات مبيتة تجاه الجيش الليبي والأجهزة الأمنية.
ورأت أن ما صدر من قرارات من المجلس الرئاسي يعتبر مساسا بالأمن القومي، محذرة من يتجاوب مع قرارات المجلس الرئاسي بتحمله لكل العواقب المخالفة للإعلان الدستوري.
لكن المبعوث الأممي تجاهل هذه الاعتراضات، وحث في المقابل جميع الليبيين على دعم وتيسير عمل اللجنة، كما دعا جميع المؤسسات الوطنية والأطراف الأمنية ذات الصلة إلى التعاون مع اللجنة، وتقديم كل المساعدة اللازمة لتيسير عملها.
وقال في بيان له إن «أي جهد يهدف إلى عرقلة عمل هذه المؤسسات لن يؤدي سوى إلى زيادة الوضع سوءًا في ليبيا، وسوف تتم مساءلة معرقلي عملية الانتقال السلمي للسلطة».
وأضاف الدبلوماسي الألماني كوبلر «أناشد جميع الليبيين الاتحاد لدعم حكومة الوفاق الوطني والمؤسسات المنبثقة عن الاتفاق السياسي الليبي»، معلنا أيضا عن ترحيبه بقرار حكومة السراج الذي يمنع جميع الجهات التنفيذية والإدارية من اتخاذ أي إجراءات من شأنها التأثير على هيكلية هذه المؤسسات أو ترتيب التزامات مالية على الدولة الليبية.
وفي مؤشر على انقسام داخل مجلس حكومة السراج، أعلن علي القطراني عضو المجلس اعتراضه على تشكيلة لجنة الترتيبات الأمنية، وقال في رسالة وجهها إلى السراج وتم تسريبها لاحقا إلى مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، إنه يعترض على تشكيل هذه اللجنة لأنه لم يتم التوافق بشأنها أو التصويت عليها، موضحًا أن اللجنة تضمنت شخصيات جدلية كانت تقود ميلشيات مسلحة.
وأضاف: «نطالب بإعادة تشكيل اللجنة بشكل يضمن التوافق بين الرئيس ونوابه ويضمن أن يكون كامل أعضاء اللجنة من ضباط الجيش والشرطة ومن الشخصيات المختصة ذات الخبرة في المجالات الأمنية».
من جهتها، دفعت حكومة الإنقاذ الوطني الموازية في العاصمة طرابلس بعدم شرعية حكومة السراج وقراراتها، لافتة إلى أنها انبثقت عن اتفاق السلام الذي لم توقع عليه الجهات المختصة بالطريقة القانونية السليمة.
وزعمت حكومة الغويل أنها مستمرة في عملها ومسؤوليتها وقالت إنها تحمل مجلس حكومة السراج كامل المسؤولية.
وأكدت أن هذه التصرفات غير المشروعة والتي من شأنها إشعال الحرب الأهلية بين أبناء الشعب الليبي، لا يعلم مداها إلا الله، وحذرت كل عناصر الجيش والمؤسسات الأمنية والمدنية من التعامل مع هذا الجسم غير الشرعي.
وأعلنت أنها كلفت المدعي العام العسكري بالتحقيق بخصوص هذه الوقائع، مشيرة إلى أنها لن تتوان عن اتخاذ أي إجراء لحماية الأمن وأرواح وممتلكات الليبيين.
كما أعلنت وزارة الدفاع في حكومة الغويل أنها باشرت في اتخاذ جملة من الإجراءات الأمنية التي لم تحددها بهدف حماية الأمن، مشيرة إلى أنها أحالت إلى المدعي العام العسكري أسماء أعضاء لجنة حكومة السراج لاستدعائهم وإيقافهم عن العمل.
في غضون ذلك، قصفت طائرات فرنسية على ما يبدو للمرة الثانية خلال أقل من أسبوع واحد مواقع تابعة لتنظيم داعش في مدينة سرت التي تعتبر معقلا للجماعات المتطرفة، ويسيطر عليها «داعش» منذ منتصف العام الماضي.
ولم تعلن فرنسا صراحة عن تبنيها هذه الهجمات، التي تزامنت مع إعلان دبلوماسيين وخبراء أن سوء الفهم والريبة يسودان العلاقات بين فرنسا وإيطاليا في ما يتعلق بالسبيل الأفضل لإدارة الفوضى السائدة في ليبيا.
وقالت تقارير محلية إن طائرات حربية قصفت مخازن أسلحة ومواقع لتنظيم داعش في منطقتي الصبيحة والظهير بضواحي سرت، فيما أكد شهود عيان تصاعد أعمدة الدخان عقب الغارات، كما أكدت أن القصف شمل أهدافا ومواقع أخرى كان قد استولى عليها مسلحو التنظيم في وقت سابق.
إلى ذلك، قال وزير الخارجية الإيطالي باولو جينتيلوني إنه «من غير الممكن في هذه المرحلة القيام بتدخل عسكري غربي في ليبيا ضد الإرهاب»، وأضاف في مقابلة مع صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية أن «هذا الأمر سيكون في الواقع خطأ فادحا جدا»، لأن الأوروبيين والأميركيين يراهنون جميعا على إحلال الاستقرار في البلاد.
وتابع «فقط إن حظيت حكومة الوحدة الوطنية الليبية بالدعم اللازم من قبل البرلمان، فيمكن آنذاك لاستقرار البلاد أن يبدأ».
وكان جينتيلوني قد لفت إلى أن بلاده تعمل مع المجتمع الدولي على تحقيق الاستقرار تدريجيا في ليبيا، معتبرا أن هذا هو «الحل الوحيد» لتجاوز الأزمة هناك.
وقال في تصريحات نقلتها وكالة أنباء آكي الإيطالية، إن «إيطاليا ستساهم وستقوم بدور المنسق بين البلدان المعنية من أجل مد يد العون إلى حكومة السراج»، مضيفا «نحن بحاجة إلى حكومة للتباحث معها حول كيفية ضرب الإرهاب في ليبيا».
من جهة أخرى، أعلن حرس السواحل الإيطالي أن سفينة إيطالية وصلت إلى ميناء كاتانيا في جزيرة صقلية وعلى متنها 246 مهاجرا وجثة مهاجر آخر بعد عمليتي إنقاذ قبالة ساحل ليبيا.
وقال الحرس إن السفينة «داتيلو» أنقذت على مدى اليومين الماضيين 131 و115 مهاجرا أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا على متن قاربين مطاطين.
وعثر على الجثة في القارب الثاني الذي كان يغرق عند وصول حرس السواحل، بحسب المتحدث باسم الحرس، علما بأن من بين الذين تم إنقاذهم 27 امرأة وطفلا.
ووصل أكثر من 320 ألف مهاجر ولاجئ إلى الشواطئ الإيطالية خلال العامين الماضيين.
ليبيا: الإعلان عن تشكيلة الحكومة الجديدة خلال ساعات
كوبلر يلتقي رئيس مجلس النواب > انقسام في برلمان طبرق.. وحكومة طرابلس تصعد انتقاداتها
ليبيا: الإعلان عن تشكيلة الحكومة الجديدة خلال ساعات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة