رغم أن الممثل البريطاني الآن ريكمان اشتهر بأدوار الشر في أفلام مثل «روبن هود، أمير اللصوص» ودوره الشهير في سلسلة أفلام «هاري بوتر» فإن طوفان الرثاء الذي نشر عنه أول من أمس بعد إعلان خبر وفاته عن 69 عاما، تشير كلها إلى إنسان دمث الخلق، كريم وصاحب مبدأ سياسي وأيضًا صاحب حس فكاهي. ريكمان رحل بعد معاناة قصيرة مع مرض السرطان ولكنه أصر على توديع أصدقائه المقربين قبل وفاته. وتوالت أمس كلمات الرثاء من جميع أطياف المجتمع، سواء من الوسط الفني أو من السياسيين أو من أفراد الجمهور العادي الذي كتبوا يصفون لحظات التقوا فيها بالممثل وتأثير أدواره عليهم.
صديقته الممثلة إيما طومسون كتبت أنها ودعت «صديقها» و«حليفها» ووصفته بأنه «إنسان نادر ومتميز. آلان كان صديقي ولهذا أجد صعوبة في الكتابة عنه فقد قبلته قبلة الوداع. ما أذكر في لحظة الوداع المؤلمة هو حبه للفكاهة وذكاؤه وحكمته وطيبته.. كان الحليف الدائم في الحياة والفن والسياسة».
أما دانيل رادكليف الذي قام بدور «هاري بوتر» فقال إن ريكمان «من دون شك أحد أعظم الممثلين الذين عملت معهم، وهو من أكثر العاملين في مجال صناعة الأفلام وفاء ودعما. الناس عادة يكونون انطباعات عن الممثلين اعتمادا على أدوارهم ولهذا سيدهش البعض عندما يعرفوا أن بعكس الشخصيات القاسية أو المرعبة التي قدمها، أن الآن كان طيب الخلق وكريم ومرح». أما جي كي رولينغ فكتبت على «تويتر»: «لا توجد كلمات للتعبير عن صدمتي وتأثري عند سماع خبر وفاة الآن ريكمان، لقد كان ممثلا عظيما ورجلا رائعا».
وعرف ريكمان بأنه صاحب الصوت المميز الذي وصفته الممثلة هيلين ميرين بأنه «يوحي بالعسل أوبسكين حادة مخفية». ولكن هذا الصوت لم يسطع فقط في عالم التمثيل، بل أضاف الكثير لدعم مواقف ريكمان السياسية سواء عبر التعليق على أفلام تسجيلية مثل آخر كليب منحه صوته والذي خصصت مرات النقر عليه في «يوتيوب» لحملات التوعية بأزمة اللاجئين أو دعمه للحقوق الفلسطينية.
ريكمان وزوجته ريما هورتون عرفا بنشاطهما لدعم حزب العمال البريطاني وأول من أمس رثاه جيرمي كوربن رئيس الحزب بقوله: «حزين جدا لسماع خبر وفاة الآن ريكمان، من أعظم الممثلين في جيله». كذلك رثاه ديفيد ميليباند وزير الخارجية السابق وإد ميليباند رئيس الحزب السابق. أما جماعة «جويش فويس فور بيس» (الصوت اليهودي للسلام) فقد اعتبرت وفاته بمثابة فقد لأحد الساعين نحو السلام وأحد الداعمين للحقوق الفلسطينية.
بشكل خاص عمل ريكمان بدأب مع جمعيات خيرية مثل «سيفينغ فايسيس» التي تساعد من يعانون من تشوهات في الوجه ومرضى السرطان، وجمعية أخرى تعنى بمساعدة الدول الفقيرة عبر الفنون. وعبر عن أهمية المواقف السياسية التي يؤمن بها وتأثيرها على عمله الفني في إحدى المقابلات، حيث قال: «فيلم واحد أو عمل مسرحي أو قطعة موسيقى أو كتاب يمكنهم أن يحدثوا فرقا، يمكنهم تغيير العالم». ولعل أبرز الأمثلة لذلك هو إخراجه لمسرحية «اسمي راتشيل كوري» والتي ساهمت في كتابتها كاثرين فاينر رئيسة تحرير صحيفة «الغارديان»، ومعالجتها لقصة الناشطة راتشيل كوري التي قتلتها الجرافات الإسرائيلية في عام 2003. المسرحية التي اتخذت مادتها من كلمات راتشيل كوري تصور الناشطة على أنها شخصية ذكية وشجاعة. وامتدت حماية ريكمان (وهو يهودي) لشخصية الناشطة ضد حملات الهجوم التي تعرضت لها على الإنترنت، إلى حماية لوالديها فحسب ما ذكرت كاثرين فاينر أول من أمس في رثاء صديقها وزميلها: «عندما سئل ريكمان مؤخرا حول أكثر اللحظات التي يشعر فيها بالفخر خلال عرض المسرحية، لم تكن إجابته حول عمل شخصي وإنما قال إنها اللحظة التي اصطحب فيها والد ووالدة راتشيل كوري لخارج المسرح ليريهما اسم ابنتهما مضاء بالنيون». وأضاف قائلا إن المسرحية «ليست حول فلسطين أو إسرائيل وإنما حول مواطنة تنتمي للعالم كله». المسرحية نجحت في لفت نظر العالم لقضية راتشيل كوري وعرضت في أماكن كثيرة وعند محاولة عرضها في نيويورك أدت حملات الجماعات الموالية لإسرائيل لتأخير موعد العرض وهو ما اعتبره ريكمان «رقابة». وأضاف: «أن نقول إن هذه المسرحية قد تأجل عرضها لا يخفي الحقيقة وهي أنها ألغيت، هذه رقابة وليدة الخوف». وفي حديث لصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية قال ريكمان في مقابلة عام 2007: «لم أتخيل أبدا أن تخلق المسرحية هذا الجدل الحاد، هناك الكثير من الشخصيات اليهودية التي دعمتها، المنتج في مسرح نيويورك كان يهوديًا أيضًا، وكنا نقوم بعقد مناقشات بعد كل عرض وشارك في المناقشات فلسطينيون وإسرائيليون ولم يعلُ صوت معترض خلال العروض».
رحيل ريكمان كان مفاجأة للجمهور ولأصدقائه وحتى لجيرانه الذي لم يشعروا بمرضه، وبدا من طوفات الكلمات التي كتبت في رثائه من أصدقاء وزملاء ومعجبين أن هناك الكثير من الجوانب التي لا يعرفها الناس عن آلان ريكمان.
* من أقواله:
«في كل مرة كنت أرتدي ملابس شخصية بروفسور سنيب في (هاري بوتر) شيء غريب كان يتقمصني».
- حول الجوائز:
«الأدوار تفوز بجوائز وليس الممثل».
- حول الموهبة:
«الموهبة هي صدفة جينات.. ومسؤولية».
- حول جي كي رولينغ (مؤلفة «هاري بوتر»)
- أعطتني معلومة صغيرة جدا ساعدتني على التفكير بشخصية سنيب على أنها شخصية معقدة، وأن تسلسل القصة لن يكون متوقعا».
- حول قوة القصص:
«ما دام يحكمنا حمقى وما دمنا لا نستطيع التحكم في أقدارنا، تزيد حاجتنا لأن نحكي قصصًا لبعض: من نحن وأين نعيش ومن أين أتينا وما هو الممكن».