استهجان عربي وإقليمي لاعتراف إيران بالتدخلات العسكرية في دول المنطقة

اليمن يدعو لتحقيق دولي.. والمعارضة السورية: إيران لم تعد تخجل من دورها السلبي > معسكرات للحرس في باكستان وأفغانستان

جانب من عرض عسكري سابق للحرس الثوري حضره الرئيس الإيراني وقادة عسكريون (أ.ف.ب)
جانب من عرض عسكري سابق للحرس الثوري حضره الرئيس الإيراني وقادة عسكريون (أ.ف.ب)
TT

استهجان عربي وإقليمي لاعتراف إيران بالتدخلات العسكرية في دول المنطقة

جانب من عرض عسكري سابق للحرس الثوري حضره الرئيس الإيراني وقادة عسكريون (أ.ف.ب)
جانب من عرض عسكري سابق للحرس الثوري حضره الرئيس الإيراني وقادة عسكريون (أ.ف.ب)

استهجنت دول عربية وإقليمية التصريحات التي أدلى بها قائد الحرس الثوري الإيراني، محمد علي جعفري، التي أكد فيها وجود نحو 200 ألف مقاتل مرتبطين بـ«الحرس الثوري» في 5 من دول المنطقة هي اليمن وسوريا والعراق وباكستان وأفغانستان، تعمل من أجل حماية ودعم «الولي الفقيه» والجمهورية الإسلامية في إيران، وهو الاعتراف الأول الذي يؤكد أن إيران تعمل على زعزعة استقرار المنطقة.
وفيما أكدت الحكومة اليمنية أن تصريحات قائد الحرس الثوري إقرار رسمي منهم بالعدوان المباشر على اليمنيين وانتهاك سيادة اليمن، رأى رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض خالد خوجة أن كلام جعفري يظهر أن إيران لم تعد تتحفظ في الكلام عن دورها السلبي في المنطقة. وفي حين نفت الحكومة العراقية وجود قوات تابعة للحرس الثوري في أراضيها، أكدت مصادر باكستانية وأفغانية وجود آلاف العناصر على أراضيها تعمل بتوجيهات من طهران.
وقال راجح بادي المتحدث باسم الحكومة لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذا إقرار رسمي منهم بالعدوان المباشر على اليمنيين وانتهاك لسيادة اليمن». وكشف عن اعتزام الحكومة اليمنية مخاطبة المؤسسات الدولية والمنظمات العاملة في إطار الأمم المتحدة بذلك، ومطالبتها بالتحقيق في الأمر ووقف هذا العدوان على بلاده الذي تسبب في تدمير بنية الدولة ومؤسساتها، وقتل وجرح اليمنيين في المدن التي احتلتها ميليشيات الحوثي والمخلوع علي صالح.
وأوضح بادي أن دور طهران في بلاده، يعد مؤشرًا خطيرًا على مدى تغلغل العدوان الإيراني السافر بحق اليمنيين، وذكر أنها استطاعت أن تزرع وتدعم أدواتها في اليمن، وهم الحوثيون وحليفهم صالح، لنشر الفوضى والدمار وإلحاق الضرر بالأمن القومي للمنطقة بأكملها. وأكد أن إيران زودت أتباعها في اليمن بالأسلحة النوعية والمقاتلين والخبراء لتنفيذ انقلابهم على الشرعية والسيطرة على العاصمة صنعاء، ولفت إلى أن الأجهزة الحكومية كانت قد ضبطت الكثير من عمليات التهريب، كان أبرزها السفينة «جيهان 1»، وحذرت من تدخل إيران في الشؤون الداخلية لليمن.
وأضاف بادي أن تدخل قوات التحالف العربي بقيادة السعودية كان بطلب من الرئيس عبد ربه منصور هادي، لصد هذا العدوان، ووقف تدخل إيران التي مارست الكذب طوال الفترة الماضية، وكانت تنفي تدخلها في اليمن.
وأوضح المتحدث الحكومي أنهم بصدد مخاطبة مجلس الأمن والمؤسسات الدولية إزاء هذا العدوان، مضيفًا: «نطالبهم بالوقوف بحزم وصرامة لتحمل مسؤوليتهم تجاه اليمن الذي يعيش ظروفا صعبا بسبب الانقلاب على الدولة، ونطالبهم بوقف العدوان الإيراني على اليمن الذي انتهكت سيادته»، وذكر أن ما تقوم بها الميليشيات الإرهابية من الحوثيين وقوات صالح ضد اليمنيين هو بدعم كامل وتنسيق مباشر من إيران وقيادتها العسكرية.
بدوره، قال رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض خالد خوجة إن كلام جعفري يظهر أن إيران لم تعد تتحفظ في الكلام عن دورها السلبي في المنطقة، مشيرًا إلى أن كلام جعفري يأتي بعد كلام مشابه لقائد فيلق القدس قاسم سليماني الذي قال في لقاء مع طلبة إيرانيين إن الإمبراطورية الفارسية عادت مرة جديدة إلى البحر المتوسط. وكشف خوجة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الميليشيات المرتبة بإيران في سوريا وحدها بلغت نحو 50 ألف مقاتل، من دون احتساب «حزب الله» اللبناني، وهذا رقم يعادل تقريبًا عدد جنود جيش النظام (السوري). ورأى أن مجاهرة المسؤولين الإيرانيين بدورهم التخريبي في المنطقة هو في حد ذاته تهديد لدولها، وكأنهم يقولون إنهم قادرون على التدخل في كل مكان»، معتبرًا أن هذا الأمر يجب أن يواجَه بحزم وبقوة من قبل الدول العربية، وعدم ترك السعودية وحيدة في المواجهة، مبديًا أسفه لكون بعض الدول العربية تقف على المسافة نفسها من الإيراني ومن أشقائها العرب، وهذا خطر كبير. وأشاد خوجة بخطوات التقارب السعودي - التركي الأخيرة، معتبرًا أنها خطوة في الاتجاه الصحيح، آملاً أن تتوثق عرى التحالف بسرعة، من أجل مواجهة المشروع الإيراني الخطير في المنطقة الذي يتكامل مع الدور الروسي ومع إسرائيل وحكومة العراق.
وفي إسلام آباد أكدت مصادر قبلية وأخرى من طالبان باكستان أن منطقة بارا تشنار في مديرية كورم القبلية المحاذية لجبال تورا بورا في أفغانستان تشكل قاعدة إمداد بالمقاتلين الشيعة من باكستان، فيما يُسمى لواء زينبيون الذي يقاتل إلى جانب النظام السوري في لبنان. وأشارت مصادر دبلوماسية عربية وأجنبية إلى أن معلومات مؤكدة لديها تفيد بأن مدربين من الحرس الثوري وحزب الله اللبناني جاءوا إلى المنطقة منذ عدة سنوات لاختيار عناصر شيعية باكستانية وتدريبها على السلاح، وأن عددًا كبيرًا منهم ممن أتم تدريباته في الأراضي الباكستانية كانوا يتوجهون إلى إيران والعراق بحجة زيارة المراكز المقدسة لدى الشيعة، ومن هناك انضمت بداياتهم إلى لواء أبي الفضل العباس العراقي، ثم استقلوا بناء على طلب من الحرس الثنوري الإيراني ليصبحوا لواء «زينبيون» الذي يسير على سوق الحميدية في العاصمة السورية دمشق وحي السيدة زينب.
وكانت حركة طالبان باكستان حاصرت منطقة كورم القبلية والطرق المؤدية لها من مديرية أوركزي بعد تنامي عمليات قطع الطرق من قبل المسلحين الشيعة ضد مقاتلي طالبان باكستان وأفغانستان المتجهين من منطقة القبائل إلى أفغانستان. وقال أحد سكان بلدة صدى المجاورة لبارا تشنار (سنّي) إن مقاتلي طالبان أحكموا قبضتهم على كل الطرق المؤدية من بارا تشنار إلى بيشاور وغيرها من المدن الباكستانية، بعد أن علمت طالبان أن مسلحي الشيعة في المنطقة يتلقون دعمًا ماديًا وعسكريا من الحكومة الأفغانية والقوات الأميركية في أفغانستان.
غير أن الحصار تم فكه عن المنطقة بواسطة شبكة حقاني قبل فترة بعد ضمانات قدمها الشيعة في بارا تشنار، بعدم قطع طرق المقاتلين من طالبان باكستان وأفغانستان وعدم تلقي أي مساعدات عسكرية من حكومة كابل.
وكان تنظيم لشكر جنكوي الباكستاني المعادي للشيعة شن عدة عمليات تفجير وقتل لركاب حافلات شيعة في منطقة موستانغ في إقليم بلوشستان وفي مدينة كويتا عاصمة الإقليم، حيث كان المستهدَف في هذه العمليات عشرات من الشبان الشيعة الذين تتراوح أعمارهم ما بين العشرين إلى الثلاثين، كما استهدفت حافلات للشيعة عائدة من إيران في منطقة كوهستان شمال باكستان، وحسب مصادر لشكر جنكوي فإن جميع من استهدفوا كانوا عادوا من دورات تدريبية في العراق وإيران، وشارك بعضهم في القتال في سوريا ضد الجماعات المعارضة لنظام بشار الأسد. واتهمت القيادات الشيعية الباكستانية في كويتا الأجهزة الأمنية الباكستانية بتسريب أخبار عن حركة الحافلات بين زاهدان على الحدود الإيرانية وموستانغ لتنظيم لشكر جنكوي، من أجل القيام بعمليات ضد الشبان الشيعة الذين عادوا من زيارة الأماكن المقدسة كما تقول هذه القيادات.
وفي أفغانستان، قال وزير الحدود الأفغاني إن عشرين شابًا أفغانيًا يقتلون أسبوعيًا على الحدود مع إيران في محاولاتهم الخروج من أفغانستان للبحث عن ملجأ في الدول الأوروبية، ورغبة الحرس الثوري في تجنيد هؤلاء الشبان للقتال في سوريا تحت اسم «لواء فاطميون». وعمدت السلطات الإيرانية إلى تجنيد إجباري للشبان الشيعة في مخيمات اللاجئين الأفغان على الأراضي الإيرانية مهددة من يرفض التوجه إلى سوريا بطرد عائلته من إيران أو سجنهم.
وحسب مصادر باكستانية وأفغانية، فإن السلطات الإيرانية تدفع ما يقدر بمائة وعشرين ألف روبية باكستانية (1200 دولار أميركي تقريبا) شهريًا لكل مقاتل شيعي باكستاني أو أفغاني، وهو ما يشجع عددًا منهم على الانضمام إلى لوائي فاطميون وزينبيون. وكانت السلطات الإيرانية قدمت عدة مليارات من الدولارات للحكومة الأفغانية منذ الإطاحة بطالبان، كما تسعى السلطات الإيرانية لدعم الأقلية الشيعية في أفغانستان (9 في المائة) من مجموع السكان، لشراء أماكن في العاصمة الأفغانية كابل، كما حدث في الضاحية الجنوبية في بيروت، وشراء الأراضي في المنطقة الواقعة ما بين باميان (مركز وجود الشيعة في أفغانستان شمال غربي كابل) ومدينة هيرات، القريبة من الحدود الأفغانية الإيرانية.
وحسب مسؤول في إحدى المحطات التلفزيونية الأفغانية المحلية في هيرات، طلب عدم ذكر اسمه، فإن الحكومة الإيرانية أعطت آلاف المنح الدراسية للطلبة الأفغان للدراسة في قم ومشهد وعدد من المدن الإيرانية، وذلك بغية استقطابهم وضمهم فيما بعد إلى لواء فاطميون أو الاستفادة منهم في أفغانستان في المرحلة المقبلة.
وأضاف المسؤول إن الأسواق في هيرات أُغرقت بالصادرات الإيرانية المدعومة حتى تستهوي السكان الأفغان لتدني سعرها والسيطرة عليهم اقتصاديا.
وكانت السلطات الإيرانية أكدت قيامها بدفن عدد من القتلى الأفغان من لواء فاطميون في الأراضي الإيرانية بعد شعورها بإمكانية حدوث غضب شعبي في أفغانستان إن تم تسليم جثثهم إلى ذويهم.
ويهيمن الشيعة في أفغانستان على عدد من الأحياء غرب العاصمة كابل لا سيما منطقة جامعة كابل والبوليتكنيك. فيما يقول الشيعة الأفغان إن تنظيم داعش في أفغانستان بدأ بالقيام بعمليات ضد الشيعة في منطقة باميان.



إيران «لن تعرقل» مفتشي «الطاقة الذرية»

غروسي يجري محادثات مع محمد إسلامي رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية في فيينا منتصف سبتمبر الماضي (الوكالة الدولية للطاقة الذرية)
غروسي يجري محادثات مع محمد إسلامي رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية في فيينا منتصف سبتمبر الماضي (الوكالة الدولية للطاقة الذرية)
TT

إيران «لن تعرقل» مفتشي «الطاقة الذرية»

غروسي يجري محادثات مع محمد إسلامي رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية في فيينا منتصف سبتمبر الماضي (الوكالة الدولية للطاقة الذرية)
غروسي يجري محادثات مع محمد إسلامي رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية في فيينا منتصف سبتمبر الماضي (الوكالة الدولية للطاقة الذرية)

تعهدت إيران بعدم «عرقلة» مهمة ممثلي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة لتفتيش مواقعها النووية. وقال رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي، السبت، إن إيران لن تعرقل دخول ممثلي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة إلى مواقعها وتفتيشها. ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن إسلامي قوله: «لم ولن نضع أي عقبات أمام عمليات التفتيش والمراقبة التي تنفذها الوكالة (الدولية للطاقة الذرية)».

وأضاف: «نعمل في إطار الضمانات كما تعمل الوكالة وفقاً لضوابط، لا أكثر ولا أقل».

ووفقاً لتقرير صدر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الخميس الماضي، قبلت إيران تشديد الرقابة على منشأة فوردو النووية بعدما سرّعت طهران بشكل كبير من تخصيب اليورانيوم ليقترب من مستوى صنع الأسلحة. وقبل أيام ذكرت الوكالة أن إيران ضاعفت وتيرة تخصيب اليورانيوم في منشأة فوردو إلى درجة نقاء تصل إلى 60 بالمائة، أي قريباً من نسبة 90 بالمائة اللازمة لإنتاج أسلحة.

وأعلنت الوكالة أنها ستناقش الحاجة إلى إجراءات وقائية أكثر صرامة، مثل زيادة عمليات التفتيش في منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم، وهي واحدة من منشأتين تصلان إلى هذا المستوى العالي من التخصيب.

وجاء في التقرير السري الموجه إلى الدول الأعضاء: «وافقت إيران على طلب الوكالة زيادة وتيرة وشدة تنفيذ إجراءات الضمانات في منشأة فوردو، وتساهم في تنفيذ هذا النهج المعزز لضمانات السلامة».

ووفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يمكن لـ«فوردو» الآن إنتاج أكثر من 34 كيلوغراماً شهرياً من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60 في المائة، مقارنة بـ5 إلى 7 كيلوغرامات كانت تنتجها مجتمعة في فوردو ومنشأة أخرى في نطنز فوق الأرض.

ووفقاً لمعايير الوكالة، فإن نحو 42 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة تكفي نظرياً، إذا تم تخصيبها أكثر، لصنع قنبلة نووية. إيران تمتلك بالفعل أكثر من أربعة أضعاف هذه الكمية، بالإضافة إلى ما يكفي لصنع المزيد من الأسلحة عند مستويات تخصيب أقل.

وتؤكد القوى الغربية أنه لا يوجد مبرر مدني لتخصيب إيران إلى هذا المستوى، حيث لم تقم أي دولة أخرى بذلك دون إنتاج أسلحة نووية. فيما تنفي إيران هذه الادعاءات، مؤكدة أن برنامجها النووي ذو أهداف سلمية بحتة.