تونس تحتفل بالذكرى الخامسة للثورة.. والرئيس ينفي تهمة التوريث

عودة الاحتجاجات وشعارات «ارحل» أمام وزارة الداخلية

تونسيات يرفعن علم بلادهن أثناء الاحتفال بالذكرى الخامسة للثورة في تونس أمس (إ. ب. أ)
تونسيات يرفعن علم بلادهن أثناء الاحتفال بالذكرى الخامسة للثورة في تونس أمس (إ. ب. أ)
TT

تونس تحتفل بالذكرى الخامسة للثورة.. والرئيس ينفي تهمة التوريث

تونسيات يرفعن علم بلادهن أثناء الاحتفال بالذكرى الخامسة للثورة في تونس أمس (إ. ب. أ)
تونسيات يرفعن علم بلادهن أثناء الاحتفال بالذكرى الخامسة للثورة في تونس أمس (إ. ب. أ)

نفى الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الاتهامات الموجهة إليه بتوريث ابنه حافظ قائد السبسي ليصبح على رأس حزب النداء، الذي أسسه قبل نحو ثلاث سنوات، وقال خلال كلمة ألقاها بمناسبة احتفال تونس بالذكرى الخامسة للثورة «لا توريث لي، وكل تونسي هو واحد من أبنائي، ولا توريث لبورقيبة أو للباجي أو لغيره»، وذلك في محاولة لدحض الاتهامات التي خلفت موجة من الاستقالات داخل الحزب الحاكم، إثر اختيار نجل الرئيس مديرا تنفيذيا للحزب وممثلا قانونيا له.
وأضاف الباجي أنه استقال من حزب النداء منذ توليه الرئاسة، إلا أن الاستقالة لن تمنعه من القيام بدور وطني في حال وجود مشاكل تهدد استقرار الحياة السياسية، والتوازنات التي حكمتها بعد انتخابات 2014.
وألقى الرئيس التونسي كلمة أمس في قصر قرطاج بحضور عدد هام من القيادات السياسية، من بينهم راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الحليف الرئيسي لحزب النداء، وسليم الرياحي رئيس الاتحاد الوطني الحر، أحد الشركاء في الائتلاف الرباعي الحاكم، وشدد على ضرورة التوافق السياسي لإنجاح ما تبقى من مسار الانتقال الديمقراطي.
وبهذه المناسبة نظمت مجموعة من الأحزاب السياسية، من بينها حركة النهضة (حزب إسلامي)، والجبهة الشعبية (تحالف سياسي يساري)، وبعض المنظمات الوطنية المختلفة، مسيرات ومظاهرات وطنية في العاصمة وداخل عدد من المدن، ورفعت شعارات مذكرة بأهداف الثورة، ومن بين أبرزها «شغل.. حرية.. كرامة وطنية»، وهي تقريبا نفس الشعارات التي رفعت في الشوارع التونسية قبل نحو خمس سنوات.
ومن خلال جولة قامت بها «الشرق الأوسط» في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة، لاحظت وجود إحساس جماعي، خاصة لدى الشبان، بصعوبة تحقيق الانتقال الاجتماعي والاقتصادي بعد النجاح النسبي في الانتقال السياسي، حيث تسيطر أجواء من الفتور وعدم جدوى الاحتفال بذكرى الثورة، التي أطاحت بنظام الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي، ما دام أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية لمعظم الفئات الفقيرة ما زالت تراوح مكانها، إن لم تكن قد زادت سوءا نتيجة غلاء المعيشة وتدهور القدرة الشرائية.
وفي مقابل تلك الاحتفالات، قاطع نواب البرلمان الممثلين لحزب «حراك تونس الإرادة» بزعامة المنصف المرزوقي، وحزب التيار الديمقراطي، والجبهة الشعبية، وحركة الشعب، وتيار المحبة وبعض المستقلين، الاحتفال بذكرى ثورة 14 يناير (كانون الثاني) في قصر قرطاج، وذكر غازي الشواشي، القيادي في حزب التيار الديمقراطي والنائب بالبرلمان، أن المقاطعة تأتي على خلفية فشل الأحزاب الحاكمة في تحقيق أهم أهداف الثورة وفي مقدمتها التنمية والتشغيل.
وعلى صعيد متصل، قاطع رجال أمن غاضبون الاحتفالات الرسمية بالذكرى الخامسة لثورة «الياسمين»، ورفعوا من جديد شعار «ارحل» أمام وزارة الداخلية، وفي وجه الهادي المجدوب، وزير الداخلية الذي عين قبل أيام خلفا لمحمد ناجم الغرسلي.
وأوضح مصدر أمني أن وزير الداخلية تعود خلال هذه المناسبة على تكريم عائلات «شهداء» الأمن وقراءة الفاتحة على أرواحهم بساحة «الشهيد» داخل وزارة الداخلية، وبحضور عدد من القيادات الأمنية وعائلات «الشهداء» وبعض النقابيين الأمنيين، إلا أن الوزير لم يكن موجودا أمس، وتوجه إلى قصر قرطاج لحضور الاحتفال الرسمي الذي أقامه الرئيس قائد السبسي، مضيفا أن هذا التصرف أثار حفيظة الأمنيين الذين رفعوا شعار «ارحل»، وأيضا نتيجة إحستسهم بعدم تقدير تضحياتهم في إنجاح الثورة ومكافحة الإرهاب.
في السياق ذاته، تخوض نقابات قوات الأمن الداخلي موجة من الاعتصامات أمام مقرات الأمن في الولايات (المحافظات) تحت شعار «اعتصام الصمود»، منذ بداية هذا الأسبوع، للمطالبة بتنفيذ مجموعة من المطالب المهنية، من بينها المساواة في الأجور مع نظرائهم في المؤسسة العسكرية، وتمكينهم من مجموعة من المنح الخصوصية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.