أوباما: أميركا الأقوى عالميًا.. وسنهزم «داعش» والسرطان

الجمهوريون يهاجمون خطاب الرئيس ويصفون سياساته بـ«الكارثية»

الرئيس الأميركي باراك أوباما لدى وصوله الى مبنى الكونغرس لإلقاء خطاب الاتحاد ويبدو محاطا بعدد من النواب الديمقراطيين (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي باراك أوباما لدى وصوله الى مبنى الكونغرس لإلقاء خطاب الاتحاد ويبدو محاطا بعدد من النواب الديمقراطيين (أ.ف.ب)
TT

أوباما: أميركا الأقوى عالميًا.. وسنهزم «داعش» والسرطان

الرئيس الأميركي باراك أوباما لدى وصوله الى مبنى الكونغرس لإلقاء خطاب الاتحاد ويبدو محاطا بعدد من النواب الديمقراطيين (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي باراك أوباما لدى وصوله الى مبنى الكونغرس لإلقاء خطاب الاتحاد ويبدو محاطا بعدد من النواب الديمقراطيين (أ.ف.ب)

استقبل الديمقراطيون خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما حول حالة الاتحاد، مساء أول من أمس، بالتهليل والإشادة للإنجازات التي حققتها إدارته خلال السنوات السبع الماضية، بينما انهال الجمهوريون بانتقاداتهم على الخطاب وعلى فشل إدارة أوباما في معالجة المشكلات التي تواجه الولايات المتحدة. وأكد أوباما في خطابه أن أميركا هي الأقوى عالميًا، وستهزم «داعش» ومرض السرطان، مثلما «غزت القمر» في السابق.
وأبدى الجمهوريون اعتراضات كثيرة، سواء على لهجة ونبرة الرئيس في الخطاب، وكذلك محتوى الخطاب، واصفين طريقة أوباما خلال الخطاب بأنه احتوت على الكثير من الغطرسة. وهاجم الجمهوريون سياسات أوباما في التعامل مع «داعش» وتصريحاته خلال الخطاب بأن «داعش» لا يعد تهديدًا للولايات المتحدة، وانتقدوا ترويج أوباما لنجاح الاتفاق النووي مع إيران بينما كانت أزمة البحارة الأميركيين المحتجزين في إيران لا تزال مشتعلة.
وأشار بول راين رئيس مجلس النواب إلى أن أوباما تحاشى مواجهة الواقع، وأن سياساته لا تعمل، واصفًا سياساته بـ«الكارثية»، فيما قال زعيم الأغلبية الجمهورية بمجلس النواب كيفن مكارثي: «المخاطر التي تواجه الولايات المتحدة كبيرة، ونحن نرجع إلى الوراء وما سمعته من الرئيس لمخالف للواقع الذي نشهده الآن».
وفي المقابل، أشاد الديمقراطيون بتصريحات أوباما حول قضايا تغير المناخ والنجاحات التي حققتها إدارته في قانون الرعاية الصحية، وأشادوا بدعوته لنبذ الخلافات الحزبية والتطلع إلى المستقبل. وتحدث الرئيس أوباما في خطاب حالة الاتحاد الأخير في ولايته، داعيًا الأميركيين إلى عدم القلق من التهديدات الإرهابية وعدم الخوف من المستقبل، مشددا على أن الولايات المتحدة هي أقوى دولة في العالم، وأن تنظيم داعش لا يمثل تهديدًا وجوديًا على أمن البلاد.
وقال أوباما: «نحن نركز على تدمير (داعش) والإفراط في القول إن هذه هي الحرب العالمية الثالثة يفيدهم (تنظيم داعش) فبضعة مقاتلين على شاحنات ونياتهم الملتوية تشكل خطرًا على المدنيين، ويجب وقفها لكنها لا تشكل خطرًا وجوديًا علينا». وأكد أن كلا من «القاعدة» و«داعش» مصيرهما الفناء داعيًا الكونغرس إلى الموافقة على استخدام القوة العسكرية ضد «داعش».
ورفض الرئيس أوباما إطلاق وصف «مسلمين» على تنظيم داعش، مشددًا على منه تلك التنظيمات الإرهابية من الادعاء بتمثيل الإسلام، وقال: «لا نحتاج إلى أن ندفع حلفاء حيويين في هذه المعركة بعيدًا بترديد كذب (داعش) أنه يمثل واحدًا من أكبر الأديان في العالم. إننا نحتاج إلى أن ندعوهم قتلة ومتعصبين».
وأشار أوباما إلى أن حالة عدم الاستقرار ستستمر في منطقة الشرق الأوسط حتى في حالة اختفاء تنظيم داعش، مع مخاطر أن تضع بعض الأماكن ملاذًا للشبكات الإرهابية أو ضحية للصراع العرقي أو المجاعات، وطالب بالاستفادة من دروس الحرب في فيتنام والعراق وعدم محاولة تولي الأمر وإعادة بناء كل بلد يقع في أزمة.
وأشار أوباما إلى استراتيجيته في الأزمة السورية بأنها النهج الأكثر ذكاءً، موضحا أن نهجه هو التعاون والشراكة مع القوات المحلية وبناء تحالف دولي. وتباهى الرئيس بالاتفاق النووي مع إيران وقيام إيران بالتراجع عن برنامجها النووي وشحن مخزونها من اليورانيوم للخارج قائلا: «إن الاتفاق مع إيران جنّب العالم حربًا أخرى». وتحدث أوباما بتحدٍ في نبرة انتقادات لاذعة للجمهوريين الذين ينتقدون إدارته، وقال: «أي شخص يقول إن الاقتصاد ضعيف هو صاحب خيال يروج للوهم». ودون إشارة إلى المرشحين الجمهوريين، مثل دونالد ترامب وماركو روبيو وتيد كروز، قال أوباما: «من يدعي أن مكانة الولايات المتحدة آخذة في التقلص، أو يثير الخوف من المستقبل واعدًا باستعادة مجد الماضي، أقول له إننا تغلبنا على تلك المخاوف».
وهاجم أوباما تصريحات ترامب لمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة، وقال: «عندما يوجه السياسيين إهانة للمسلمين وعندما يتم تخريب مسجد، هذا لا يجعلنا أكثر أمنًا ويقلل من شأننا في العالم، ويجعل من الصعب تحقيق أهدافنا ويخون قيمنا كدولة»، وأضاف: «إننا بحاجة إلى رفض أي سياسة تستهدف الناس بسبب العرق أو الدين». وأضاف: «هذه ليست مسألة لياقة سياسية». وفور أن اختتم أوباما كلمته في مجلس النواب كتب ترامب تعليقًا على «تويتر» قال فيه: «خطاب (حالة الاتحاد) كان أحد أكثر الخطابات المملة وغير الموضوعية التي سمعتها منذ فترة طويلة».
وتهكم أوباما أيضًا على تصريحات السيناتور تيد كروز بتكثيف القنابل ضد تنظيم داعش وقتل كل شخص في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم.
وركز أوباما على تعافي الاقتصاد الأميركي، وتخفيض الضرائب والتغيير المناخي والتقدم في استثمارات الطاقة النظيفة، والتقدم في مجال أبحاث علاج مرض السرطان، وأهمية إصلاح نظام الهجرة وحث أعضاء الكونغرس على الموافقة على برنامجه للرعاية الصحية والقضاء على الروتين وتشديد قوانين حمل السلاح. وتحاشى التحدث عن طرح سياسات جديدة. والإخفاق الوحيد الذي اعترف به أوباما في خطابه وأشار إلى أنه نادم عليه كان اشتداد الانقسامات بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري خلال ولايته، وقال: «واحد من الأشياء القليلة التي أندم عليها خلال رئاستي هي تزايد الحقد والشك بين الحزبين».
وأطلق أوباما حملة «لاستئصال» مرض السرطان في الولايات المتحدة، في معركة شبهها بـ«غزو جديد للقمر» وكلف بها نائبه جو بايدن الذي توفي ابنه بسرطان الدماغ. وقال أوباما في خطابه: «هذا المساء أعلن عن جهد وطني جديد لفعل ما يجب فعله في مواجهة السرطان». وأضاف: «من أجل الغالين علينا الذين خسرناهم، ومن أجل العائلات التي ما زال بإمكاننا إنقاذها، فلنجعل من أميركا البلد الذي يستأصل السرطان مرة واحدة وللأبد». وقال الرئيس الأميركي: «لقد كلفت جو بقيادة هذه المهمة»، وسط تصفيق الحاضرين. وفور تكليفه قال بايدن الذي تولى منصب نائب الرئيس خلال ولايتي أوباما، والذي خاض المعترك السياسي منذ أكثر من 40 عاما، في بيان إن «هذه المهمة الوطنية الجديدة» تُعتبر «شخصية جدا».
وانتقد المحللون الخطاب ووصفوه بأنه يبدو كخطاب انتخابي وليس خطابًا يظهر إنجازات سبع سنوات من إدارة الرئيس، وقد حصد أوباما الكثير من التصفيق خلال إلقاء الخطاب الذي استمر لمدة 56 دقيقة. وجاء التصفيق في معظمه من الوزراء ورجال الإدارة ومن أعضاء الحزب الجمهوري، فيما جلس الجمهوريون بشكل صارم في مقاعدهم والمرات القليلة التي صفقوا فيها جاء في إشارات أوباما حول علاج مرض السرطان، والإشادة بجهود القوات المسلحة الأميركية.
وقد اختار الحزب الجمهوري حاكمة ولاية جنوب كارولينا نيكي هالي للرد على خطاب أوباما حيث شنت هجومًا غاضبًا حول طريقة التعامل مع المهاجرين. وأشارت إلى شكاوى الأميركيين من الأداء الضعيف للاقتصاد الأميركي والاضطرابات في الكثير من المدن الأميركية.
وركزت هالي على فتح صفحة جديدة والتطلع للمستقبل مع انتهاء ولاية الرئيس أوباما، مؤكدة أن المستقبل سيكون أكثر إشراقًا مع مجيء رئيس جمهوري. وأشارت حاكمة ولاية جنوب كارولينا في خطابها الذي استمر 9 دقائق على عمل الحزب الجمهوري لوضع حد لقانون الرعاية الصحية والعمل على تخفيض الضرائب.
وحذرت هالي - المنحدرة من أصول من المهاجرين الهنود - من التهديدات الأمنية من تنظيم داعش التي اعتبرتها الأخطر على أمن الولايات المتحدة منذ هجمات 11 سبتمبر، وطالبت بأن تستمر الولايات المتحدة في استقبال المهاجرين الشرعيين، بغض النظر عن عرقهم أو دينهم في إشارة إلى دعوات المرشح الجمهوري دونالد ترامب، لمنع استقبال المهاجرين المسلمين. وفي الوقت نفسه، شددت حاكمة ولاية جنوب كارولينا على رفض دخول اللاجئين غير الشرعيين.
وتعد نيكي هالي (43 عامًا) ثالث امرأة يختارها الحزب الجمهوري للرد رسميًا على خطاب أوباما حول حالة الاتحاد، ويرشحها بعض قادة الحزب لتولي منصب نائب الرئيس المحتمل في الانتخابات الرئاسية المقبلة. ومن المتوقع أن تشهد المناظرة التلفزيونية للمرشحين الجمهوريين مساء الخميس جدلاً ساخنًا وانتقادات لاذعة حول القضايا التي طرحها أوباما في خطاب حالة الاتحاد. وفرصة للمرشحين لانتقاد سياسات أوباما وإظهار الإخفاقات.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.