«داعش» يعود إلى تكتيك «القاعدة» متخطيًا سنوات الزرقاوي

عشرات «الانغماسيين» يتوجهون إلى الجنوب العراقي الهادئ

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي خلال زيارته أمس لمنطقة بغداد الجديدة في العاصمة العراقية التي شهدت أول من أمس هجمات وتفجيرات (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي خلال زيارته أمس لمنطقة بغداد الجديدة في العاصمة العراقية التي شهدت أول من أمس هجمات وتفجيرات (أ.ف.ب)
TT

«داعش» يعود إلى تكتيك «القاعدة» متخطيًا سنوات الزرقاوي

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي خلال زيارته أمس لمنطقة بغداد الجديدة في العاصمة العراقية التي شهدت أول من أمس هجمات وتفجيرات (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي خلال زيارته أمس لمنطقة بغداد الجديدة في العاصمة العراقية التي شهدت أول من أمس هجمات وتفجيرات (أ.ف.ب)

يستعد جيل جديد من انتحاريي «داعش» يسمون بـ«الانغماسيين» للتوجه إلى مدن الجنوب العراقي لشن هجمات، حسبما أكد لـ«الشرق الأوسط» الخبير الأمني المتخصص والأستاذ في معهد النهرين للدراسات الاستراتيجية هشام الهاشمي.
وأضاف الهاشمي أن «نحو 120 انغماسيا وهم الجيل الأخير في سياق التحول العسكري لتنظيم داعش يستعدون الآن للتوجه إلى محافظات الجنوب التي تعد هادئة أمنيا باستثناء الخلافات العشائرية هناك بالقياس إلى المحافظات الغربية المضطربة والساخنة من أجل تنفيذ عمليات هناك كجزء من استراتيجية جديدة يحاول هذا التنظيم الإرهابي اتباعها بعد بدء خسائره الميدانية في مدن المحافظات الغربية وخاصة الرمادي التي تلفظ المعارك فيها أنفاسها الأخيرة لصالح القوات العراقية وبقبول تام من قبل أهالي تلك المناطق بعد أن تمت عملية التحرير من قبل قوات النخبة العراقية».
وتابع الهاشمي معلقا على هجمات بغداد الجديدة شرقي العاصمة أن «هجمات بغداد الجديدة وبالطريقة التي نفذت بها هي بالنسبة لأدبيات (داعش) بمثابة عودة إلى سنوات 2008 و2009 في بغداد التي كانت تجري فيها عمليات ذات طبيعة نوعية أيام (القاعدة) في عهد زعامة أبي عمر البغدادي الذي اغتيل عام 2010، لا سيما تلك التي استهدفت وزارات مهمة مثل الخارجية والمالية والعدل وغيرها وأوقعت مئات القتلى والجرحى».
وأضاف الهاشمي أن «تنظيم داعش يعمل على تجاوز سنوات العنف الطائفي أيام أبي مصعب الزرقاوي (اغتيل عام 2006 بغارة أميركية) لأن ما يهدف إليه اليوم هو إيقاع أكبر قدر من الخسائر ذات الطبيعة الانتقامية والتي يمكن أن تؤدي إلى إرباكات جدية في الوضع الأمني ليس في العاصمة بغداد فقط، بل هذه المرة الاتجاه نحو الجنوب الهادئ إلى حد كبير».
وحسب الهاشمي فإن «تنظيم داعش بدأ يستخدم الآن عنوانا جديدا أطلق عليه الولايات الساندة وهي بغداد وديالى وصلاح الدين وكركوك والجنوب، حيث يقوم بعمليات أمنية واسعة النطاق بما في ذلك تهيئة نحو 120 انغماسيا وهم الجيل الأخير من الانتحاريين الذين يذهبون لتنفيذ العملية حتما دون حساب إمكانية التنفيذ أو الانسحاب في اللحظة الأخيرة من خلال عدم الوصول إلى الهدف أو ربما الكشف عن الخطة، وهو ما يعني أن كل هؤلاء الـ120 سوف ينتحرون حتما في الأماكن التي يتوجهون إليها أو قربها».
وردا على سؤال عما إذا كان ما يتداوله «داعش» على هذا الصعيد حقيقيا أم أن جزءا منه دعاية إعلامية وحرب نفسية، قال الهاشمي: «نستطيع القول طبقا للمعطيات الأمنية بأن نحو 20 في المائة من هذا الكلام حقيقي و80 في المائة منه دعائي ونفسي، لكن السؤال هو كم يؤثر الجانب الدعائي والنفسي على المعنويات بشكل عام سواء لدى المواطنين أو الأجهزة الأمنية». ودعا الهاشمي إلى «أخذ هذه الأمور بعين الاعتبار حتى تتم مواجهة هذا التكتيك الجديد الذي يأتي بعد خسارة التنظيم على الأرض في الرمادي وقبلها في صلاح الدين وديالى».
وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وصف الاعتداء الذي نفذه تنظيم داعش في منطقة بغداد الجديدة شرقي العاصمة أول من أمس وقضى فيه العشرات بأنه «محاولة يائسة» بعد هزيمته في مدينة الرمادي. ونقل بيان لمكتب العبادي عنه قوله لدى زيارته المنطقة أمس إن «العمل الإرهابي الذي قامت به العصابات الإرهابية هو محاولة يائسة بعد الانتصارات التي حققتها قواتنا البطلة في الرمادي وبقية القطاعات»، مضيفا «إننا لن نألو جهدًا في محاربة هذه العصابات وطردها وتحقيق النصر النهائي عليها قريبًا».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.