بريطانيا تدعو إلى إنهاء حصار المناطق في سوريا

مصدر في الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»: روسيا تشترك في مسؤولية مضايا

بريطانيا تدعو إلى إنهاء حصار المناطق في سوريا
TT

بريطانيا تدعو إلى إنهاء حصار المناطق في سوريا

بريطانيا تدعو إلى إنهاء حصار المناطق في سوريا

دعت بريطانيا، أمس، إلى إنهاء كل عمليات الحصار المفروضة على مناطق في سوريا، وقال السفير البريطاني لدى الأمم المتحدة ماثيو رايكروفت: «إن تجويع المدنيين تكتيك غير إنساني يستخدمه نظام الأسد وحلفاؤه»، بينما قال مصدر في الخارجية الأميركية إن روسيا تتحمل مسؤولية الجوع في مضايا.
وشدد رايكروفت في بيان على أن «كل عمليات الحصار يجب أن ترفع لإنقاذ أرواح مدنية ودفع سوريا بشكل أقرب إلى السلام». وقال السفير: «هذا أمر غير مقبول».
وبحث مجلس الأمن الدولي في وقت لاحق أمس تقريرا لمسؤول المساعدات لدى الأمم المتحدة ستيفن أوبراين حول قوافل المساعدات إلى مضايا والفوعة وكفريا.
وفي واشنطن، قال مصدر في الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيسين السوري بشار الأسد والروسي فلاديمير بوتين «يتحملان معا» مسؤولية ما يحدث في مضايا، وفي مناطق أخرى في سوريا. وأضاف أن الأحداث «منذ بداية التدخل العسكري الروسي في سوريا للدفاع عن نظام الأسد برهنت على أن هذا التدخل يزيد المآسي في سوريا»، وأنه «لولا الدعم الروسي لما بقي نظام الأسد، ولما وصلت المآسي إلى ما وصلت إليه».
وأشار المصدر إلى أن جون كيربي، المتحدث باسم الخارجية الأميركية، «أعلن مسؤولية بوتين في حصار الجوع وأنها ليست أقل من مسؤولية الأسد»، في إشارة إلى تصريحات كيري يوم الجمعة، حيث دعا الرئيس الأسد لينفذ «فورا» تعهده السابق برفع الحصار عن مضايا، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية. وأيضا، دعا كيري روسيا لأن «تستخدم نفوذها» في سوريا بحكم دعمها الهام لنظام الأسد. ووصف كيربي الوضع في مضايا بأنه «رمز لسلوكيات نظام الأسد». وكان المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش إرنست، قد قال يوم الجمعة إن ما يحدث في مضايا «يثير الغثيان». وبدوره، انتقد كل من حكومتي روسيا وسوريا. كما نشرت صحيفة «واشنطن بوست» مقالة رأي رئيسية تحت عنوان: «حصار مضايا يعرقل جهود سلام سوريا». قالت فيها: «في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قال جون كيري وزير الخارجية: (نعتقد أننا على بعد أسابيع قليلة من تحول كبير في سوريا)، لكن منذ تلك التصريحات تظل بلدة مضايا، في شمال غربي دمشق، محاصرة. وفيها 42,000 شخص يحاولون أن لا يموتوا اعتمادا على وجبات حشائش وأوراق أشجار وقطط».
وانتقدت الصحيفة روسيا، أيضا، وقالت: «يدير السلاح الجوي الروسي كثيرا من الحملات الجوية المؤيدة لحكومة الأسد، والذي، اعتمادا على مصادر موثوق بها، يضرب مناطق بعيدة عن مواقع (داعش). وأيضا، يستخدم قنابل عنقودية، ويستهدف المستشفيات، ومخازن الطعام. وبالتالي يشترك في حرب التجويع هذه». ويوم السبت، نظم ناشطون في نيويورك، مظاهرة ضد تجويع مضايا، وطالبوا المجتمع العالمي بفك الحصار. وفي ميدان «تايمز سكوير» رفع المتظاهرون لافتات وصورا من داخل مضايا. ثم توجهوا إلى مقر سفارة إيران في الأمم المتحدة، وسفارة سوريا في الأمم المتحدة. وكانوا يهتفون: «اخرجوا من سوريا» و«الأسد و(داعش) متساويان».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.